خطبة عن ( الوصايا الذهبية في السعادة الزوجية)
أبريل 5, 2017خطبة عن (الشَّفَاعَةَ) وحديث (شَفَاعَتِي لأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِى)
أبريل 9, 2017الخطبة الأولى (الدعاء مناجاة المحبين ) (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (60) غافر ،قال تعالى : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186) البقرة ،وروى مسلم في صحيحه : (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُعَلِّمُهُمْ هَذَا الدُّعَاءَ كَمَا يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ ) ،وروى الإمام أحمد في مسنده :(عَنْ أَبِى ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ قَالَ « ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ ابْنَ آدَمَ إِنْ تَلْقَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا لَقِيتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً بَعْدَ أَنْ لاَ تُشْرِكَ بِي شَيْئاً ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ إِنْ تُذْنِبْ حَتَّى يَبْلُغَ ذَنْبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ تَسْتَغْفِرُنِي أَغْفِرْ لَكَ وَلاَ أُبَالِى ».
إخوة الإسلام
الدعاء عبادة من أعظم العبادات ، وقربة من أجل القربات ،شأنه عند الله كبير، و أجره عند الله عظيم، به تستمطر الرحمات ، وتغفر الزلات ، وترفع الدرجات ، وتدفع البلايا ، وتجزل العطايا ، وبه يرد القضاء ، وتستمطر السماء
والدعاء : معناه إظهار الافتقار لله تعالى، والتبرؤ من الحَوْل والقوة، وقد جاءت النصوص الشرعية مبينة أمر الله عز وجل لعباده بالدعاء، وعِظم شأنه وفضله، فهو من أعظم العبادات بل هو العبادة نفسها، ففي سنن أبي داود (عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ (قَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) ». وقال ابن كثير: “وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي} أي: عن دعائي وتوحيدي، {سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ} أي: صاغرين حقيرين”. والدعاء من أعظم أسباب دفع البلاء قبل نزوله، ورفعه بعد نزوله، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ الدعاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نزلَ ومِمَّا لمْ يَنْزِلْ، فَعليكُمْ عِبادَ اللهِ بالدعاءِ» (رواه الطبراني وحسنه الألباني)، والدعاء سبب لانشراح الصدر وتفريج الهم وزوال الغم، وهو مفزع المظلومين وملجأ المستضعفين، ففي حديث معاذ رضي الله عنه الذي رواه البخاري قال صلى الله عليه وسلم: « وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ » ، وقال ابن القيم في كتابه الداء والدواء: “والأدعية والتعوذات بمنزلة السلاح، والسلاح بضاربه، لا بحده فقط، فمتى كان السلاح سلاحًا تامًا لا آفة به، والساعد ساعد قوي، والمانع مفقود، حصلت به النكاية في العدو، ومتى تخلف واحد من هذه الثلاثة تخلف التأثير”. واعلموا أن أعجز الناس من عجز وترك الدعاء، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعجز الناس من عجز عن الدعاء» (رواه الطبراني).
أيها المسلمون
فينبغي للمسلم أن يواظب على الدعاء، وأن يكثر منه، ولا يتساهل فيه، أو يتغافل أو يتكاسل عنه، فالله عز وجل يغضب على عبده الذي لا يدعوه، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ » (رواه الترمذي وحسنه الألباني). وقال ابن القيم: “هذا يدل على أنَّ رضاه في مسألته وطاعته، وإذا رَضِيَ تعالى فكل خير في رضاه، كما أنَّ كل بلاء ومصيبة في غضبه، والدعاء عبادة، وقد قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر:60]، فهو تعالى يغضب على من لم يسأله، واعلموا أن استجابة الدعاء تتنوع، فإما أن يُعْطَى العبد ما سأل، وإما أن يُصْرف عنه من السوء مثله، أو أن يُدَّخَّر له في الآخرة، فعَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « ما مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلاَ قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلاَّ أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاَثٍ إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الآخِرَةِ وَإِمَّا أَنُْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا » . قَالُوا إِذاً نُكْثِرُ. قَالَ « اللَّهُ أَكْثَرُ ». (رواه أحمد وصححه الألباني). وقال ابن عبد البر في التمهيد: “فيه دليل على أنه لا بد من الإجابة على إحدى هذه الأوجه الثلاثة، فكُلُّ دَاعٍ لم يقم به مانع من إجابة الدعاء فإنه يُسْتَجَاب لَهُ، لَكِنْ تَتَنَوَّع الْإِجَابَة: فَتَارَة تَقَع بِعَيْنِ مَا دَعَا بِهِ، وَتَارَة بِعِوَضِه، كما قال ابن حجر”. فاحرص أخي المسلم على استغلال الأوقات والأحوال الشريفة في طاعة ربك، والدعاء والطلب منه سبحانه، وقد وعدك بالاستجابة لك حين تدعوه فقال: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60]، وأكثر من الدعاء لنفسك ووالديك وأولادك وإخوانك، فقد أخرج مسلم في صحيحه قوله صلى الله عليه وسلم: « دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لأَخِيهِ بِخَيْرٍ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلٍ ». قال النووي: “وفي هذا فضل الدعاء لأخيه المسلم بظهر الغيب، ولو دعا لجماعة من المسلمين حصلت هذه الفضيلة، ولو دعا لجملة المسلمين فالظاهر حصولها أيضًا، وكان بعض السلف إذا أراد أن يدعو لنفسه يدعو لأخيه المسلم بتلك الدعوة لأنها تُستجاب ويحصل له مثلها”. فالدعاء استراحة المؤمن من الهموم، وساحة مفتوحة لمن يريد حقه ممن ظلمه، وهو طريق ممهد لمن يطمع في الدرجات العليا في الدنيا والآخرة، وإذا كانت الحاجات كثيرة، والعمل لا يُعين، فكان الدعاء والطلب ممن بيده تدبير الأمور، الذي يكشف الضر والسوء، ويجعل العسير سهلًا، والمستحيل ممكنًا، قال الله تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ المُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [النمل:62].
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (مناجاة المحبين ) (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وعلى المؤمن الداعي أن يقدم بين يدي دعائه الذل والانكسار للعزيز الغفار، وأن يكثر من الصلاة والسلام على حبيبه ومصطفاه ، ورسوله ومجتباه ، ففي سنن الترمذي بسند صحيح ( سَمِعَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلاً يَدْعُو فِي صَلاَتِهِ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « عَجِلَ هَذَا ». ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ « إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ثُمَّ لِيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ لِيَدْعُ بَعْدُ بِمَا شَاءَ ». فيارب : أنتَ أحقُّ مَن ذُكر ، وأنت أحقُّ مَن عُبِد ، وأنصرُ مَن ابتُغِيَ ، وأرأفُ مَنْ ملَكَ ، وأجودُ مَن سُئل ، وأوسعُ مَن أعطى ، يا رب نسألك بأنك أنت الله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ،يا رب نسألك بعزك مع ذلنا.. ، ونسألك بقوتك مع ضعفنا ، وبغَنائك مع فقرنا إليك ، نسألك مسألة المساكين ..ونبتهل إليك ابتهال الخاضعين الذليلين … نسألك سؤال من خضعت لك رقابهم … ورَغِمَت لك أنوفهم .. وفاضت لك بالدمع أعينهم .. أن تعفوا عنا وألا تحرمنا مغفرتك ورحماتك ،فلله الحمدُ ، الذي لا يَنسَى مَن ذكرَه ، ولا يخيبُ مَن دعاه ، ويجزِي بالإحسانِ إحساناً ، يا ذا الجلالِ والإكرام ، يا عزيزُ لا تحيطُ بجلالِه الأوهام ، ويا مَن لا غِنىً لشيءٍ عنه ، وهو الغنيّ عن كُلّ شيءٍ ، يا رب تمّ نورُك فهديتَ فلَكَ الحمدُ ، وعظُمَ حِلمُكَ فعفوتَ فلَكَ الحمدُ ، وبَسطتَّ يدَك فأعطيتَ فلَكَ الحمدُ ، ربَّنا وجهُك أكرمُ الوجُوهِ ، وجاهُك أعظمُ الجاه ، وعطيّتُك أفضلُ العطيّة وأهناها . تُطاعُ ربَّنا فتَشكرُ ، فلكَ الحمدُ ، وتُعْصَى ربَّنا فتَغفرُ ، فلكَ الحمدُ ، وتُجيبُ المُضطَرَّ ، وتَكشِفُ الضُّرَّ ، وتَشفي السقم ، وتَغفرُ الذنبَ ، وتقبلُ التوبةَ ، ولا يجزِي بآلائِك أحدٌ ، ولا يَبلغ مِدحتَك قولُ قائِلٍ . فيا مَن أظهرَ الجميلَ ، وسَترَ القبيح ، ويا مَنْ لا يُؤاخذُ بالجريرةِ ، ولا يَهتِكُ السترَ ، يا حَسنَ التجاوُز ، يا واسعَ المغفرة ، يا باسطَ اليدينِ بالرحمة ، يا صاحِبَ كُلِّ نجوى ، يا مُنتهَى كُلّ شَكوى ، يا كريمَ الصفحِ يا عَظيمَ المنِّ ، يا مُبْتدئ النعمِ قبلَ استحقاقِها ، يا ربَّنا ويا سيّدَنا ، ويا مَولانا ، ويا غايةَ رغبتِنا ، نسألُك يا الله ألاّ تَشوِيَ خَلقنا بالنار . يا رب نحنُ عبيدُكَ الخاضعونَ لهيبتِك ، المتذلّلونَ لعزِّك وعظمتِك ، الراجُون جميلَ رَحمتِك وعَفوِك ، أمرتَنا ففرَّطنا ، ولم تَقطَعْ عنّا نِعمَك ، ونَهيتَنا فعَصينا ولم تَقطَعْ عنّا كرمَك ، وظلَمْنا أنفسَنا مَعَ فقرِنا إليك ، فلم تقطَعْ عنّا غِناكَ يا كريم فيا فارجَ الهمّ ، ويا كاشِفَ الغَمّ ، ويا مُنزِلَ القَطرِ ، ويا مُجيبَ دَعوةِ المضطرّين ، يا رحمَنَ الدنيا والآخرةِ ورَحيمَهما ، يا كاشِفَ كُلّ ضُرّ وبَليّة ، ويا عالمَ كُلِّ خَفيّة ، يا أرحمَ الراحمين اللّهُمَّ إنّكَ تَعلمُ سِرّنا وعَلانِيتنا، فاقبل معذِرتِنا ، وتَعلَم حاجَتنا فأعطِنا سُؤلنا، وتَعلَمُ ما في نفوسِنا فاغفِر لنا ذُنوبنا . وَصَلِّ يَا رَبِّ وَسَلِّم وَبَارِك عَلَى سَيِّدِنا محمَّدٍ ، وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا محمَّدٍ في كل لمحة وكل حين ،
الدعاء