خطبة حول قوله تعالى ( إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى )
أغسطس 15, 2023خطبة عن فضل القرآن وحديث (إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا)
أغسطس 19, 2023الخطبة الأولى (الدلالة على الخير) مختصرة
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
في صحيح مسلم: (عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ إِنِّي أُبْدِعَ بِي فَاحْمِلْنِي فَقَالَ «مَا عِنْدِي». فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أَدُلُّهُ عَلَى مَنْ يَحْمِلُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ». وفي رواية للترمذي «إِنَّ الدَّالَّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ»، وعند ابن حبان (من دل على خير فله مثل أجر فاعله أو عامله).
إخوة الإسلام
لقد حَثَّ الاسلام على فِعْلِ الخيرات، ورغَّبَ فيها، وأعْطَى الثوابَ الجزيلَ لِمَن فعَلَها بنَفْسِه، كما جعَل لِمَن يُرشِدُ إلى الخيرِ أجرًا كأجرِ فاعلِه. فكل خير يدل عليه المسلم فله مثل أجر الفاعل له، وفي صحيح مسلم: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلاَلَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا».
وقد أمرنا الله تبارك وتعالى بالتعاون على البر والتقوى، ومن أكبر ذلك إرشاد الآخرين إلى فعل الخيرات، وفعل المعروف، قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:2]،
أيها المسلمون
وفي قوله صلى الله عليه وسلم « مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ»، تظهر عظمة الإسلام في تشجيع المسلمين على هذه المبادئ الراقية، والمثل الرفيعة، وأما عن صور الدلالة على فعل الخير: فمن صور الدلالة على الخير: دلالة الأغنياء على الفقراء، ودلالة الفقراء على الأغنياء،
ومن أوجه الدلالة على الخير: أن تعلم الجاهل، أو تهدي الضال، أو تدل العباد على ما فيه نجاتهم من عذاب الله، وذلك بدعوتهم إلى الإيمان، والعمل بالكتاب والسنة،
ومن أوجه الدلالة على الخير: أن تحفظ وتعلم شباب المسلمين القرآن، أو تعلمهم العلوم الشرعية والعلوم النافعة،
ومن أوجه الدلالة على الخير: أن تعد برنامجا للدعوة إلى الله عز وجل كبرامج الأذكار، والصلاة، والأذان، واتجاه القبلة، أوَ برامج دعوة غير المسلمين إلى الدخول في الإسلام، أو فكرة في تسهيل حفظ القرآن، وسرعة تذكره ومراجعته.
ومن صور الدلالة على الخير: أن تدل من يرغب في الزواج، إلى الفتاة الصالحة (ذات الدين) التي أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم، وأيضا: أن تدل كل مسلم على ما يتناسب معه: فمن رأيته من أهل الغضب فقل له “لا تغضب”، ومن رأيته قليل الذكر لله، فدله على الإكثار من ذكر الله، ومن رأيته يتخلف عن الصلاة، فدله على المحافظة على الصلاة، وهكذا. ومن صور الدلالة على الخير: أن تدل العاطل إلى عمل، وتدل اليائس إلى عدم القنوط، وتصلح بين الناس،
ومن صور الدلالة على الخير: المشاركة فيما ينفع المسلمين من بناء المساجد، والجمعيات الخيرية، والمشاريع التنموية، والقنوات والمواقع الاسلامية، والكتب التعليمة، والدروس والخطب والوعظ،
ومن صور الدلالة على الخير: الاصلاح بين المتخاصمين، والتقريب بين المتباعدين،
وغيرها الكثير والكثير، فأوجه الخير لا يمكن حصرها وعدها، فما عليك أخي المسلم وأختي المسلمة إلا أن تختار طريقا من طرق أوجه الخير، وتدل إليها الناس ابتغاء وجه الله تعالى، وإنه ليسير على من يسره الله عليه، فإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعَبْدٍ خَيْراً يَفْتَحُ لَهُ عَمَلاً صَالِحاً قَبْلَ مَوْتِهِ ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ
أقول قولي وأستغفر الله العظيم لي ولكم
الخطبة الثانية (الدلالة على الخير)
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
والدلالة على الخير لها أجرٌ كبير، ومقام كريم، وقد بيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الفضلَ في كثير من الأحاديث النبويَّة، ففي سنن الترمذي: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ»، وفي الصحيحين: يقول صلى الله عليه وسلم لعلي وقد بعثه إلى أهل اليمن داعيا: (ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يُهْدَي بِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ»، وقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أجْرِ فَاعِلِهِ». رواه مسلم. وفي صحيح مسلم: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ ».
ألا فكونوا من الدالين على الخير، ليكون لكم هذا الأجر العظيم، والجزاء الكريم، واحذروا من أن تكونوا دعاة إلى الضلاة والفساد، فيكون عليكم من الذنوب والأوزار ما لا يعلمه إلا الله تعالى، فتكونوا من الهالكين.
الدعاء