خطبة عن (الرحلة إلى الدار الآخرة)6 (الشفاعة والخلود)
ديسمبر 12, 2025خطبة عن (الرحلة إلى الدار الآخرة)4 (أهل النار وعذابهم، وحوارات)
ديسمبر 12, 2025الخطبة الأولى (الرحلة إلى الدار الآخرة)5 (الجنة ونعيمها)
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
قَالَ الله تَعَالَى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ) [الحجر:45-48].
وقال تَعَالَى: (الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ) [الزخرف:69-73].
إخوة الإسلام
ونستكمل حديثنا عن الرحلة إلى الدار الآخرة: وموعدنا اليوم مع الجنة ونعيمها: قال تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [الدخان:51-57].
وقال تعالى: (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ) [المطففين:22-28].
وفي الصحيحين: (قَال رسُولُ اللَّهِ ﷺ: قَال اللَّه تَعالَى: أَعْددْتُ لعِبادِيَ الصَّالحِينَ مَا لاَ عيْنٌ رَأَتْ، ولاَ أُذُنٌ سَمِعتْ ولاَ خَطَرَ علَى قَلْبِ بَشَرٍ، واقْرؤُوا إِنْ شِئتُمْ: (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جزَاءً بِما كَانُوا يعْملُونَ) [السجدة:17] وفي صحيح مسلم: (قَالَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَأْكُلُ أَهْلُ الجنَّةِ فِيهَا ويشْرَبُونُ، وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ، وَلاَ يمْتَخِطُونَ، وَلاَ يبُولُونَ، ولكِنْ طَعامُهُمْ ذلكَ جُشَاء كَرشْحِ المِسْكِ يُلهَمُونَ التَّسبِيح وَالتكْبِير، كَما يُلْهَمُونَ النَّفَسَ)، وفي الصحيحين: (قَالَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَوَّلُ زُمْرَةٍ يدْخُلُونَ الْجنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمرِ لَيْلَةَ الْبدْرِ. ثُمَّ الَّذِينَ يلُونَهُمْ علَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً: لاَ يُبولُونَ ولاَ يتَغَوَّطُونَ، ولاَ يتْفُلُونَ، ولاَ يمْتَخِطُون. أمْشاطُهُمُ الذَّهَبُ، ورشْحهُمُ المِسْكُ، ومجامِرُهُمُ الأُلُوَّةُ عُودُ الطِّيبِ أَزْواجُهُم الْحُورُ الْعِينُ، علَى خَلْقِ رجُلٍ واحِد، علَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ سِتُّونَ ذِراعًا فِي السَّماءِ)،
وفي روايةٍ للبُخَارِيِّ ومُسْلِمٍ: (آنيتُهُمْ فِيهَا الذَّهَبُ، ورشْحُهُمْ المِسْكُ، ولِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ يُرَى مُخُّ سُوقِهما مِنْ وراءِ اللَّحْمِ مِنَ الْحُسْنِ، لاَ اخْتِلاَفَ بينَهُمْ، ولا تَبَاغُضَ: قُلُوبهُمْ قَلْبُ رَجُلٍ واحِدٍ، يُسَبِّحُونَ اللَّه بُكْرةَ وَعَشِيًّا).
وتظهر عظمةُ نعيم الجنة بمُقارنته بمتاع الدنيا؛ فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» رواه البخاري. لذا كان دخولُ الجنة والنجاةُ من النار هو الفوز العظيم: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [النساء:13]. وإنَّ السعادة الكبرى في سَوْقِ المتقين مُكرَّمين إلى جنات النعيم؛ قال الله تعالى: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴾ [الزمر:73].
وأوَّلُ بشرٍ دخولاً الجنةَ هو رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم القائِلُ: «أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ» رواه مسلم. وقال أيضاً: «آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَسْتَفْتِحُ، فَيَقُولُ الْخَازِنُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ. فَيَقُولُ: بِكَ أُمِرْتُ، لاَ أَفْتَحُ لأَحَدٍ قَبْلَكَ» رواه مسلم.
وأوَّلُ الأُممِ دخولاً الجنةَ أُمَّته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «نَحْنُ الآخِرُونَ الأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَنَحْنُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ» رواه مسلم.
وقد أخبر النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن أوَّلِ زُمرةٍ تدخلُ الجنةَ بلا حسابٍ، ولا عذاب، فقال: «أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَلِجُ الْجَنَّةَ صُورَتُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، لاَ يَبْصُقُونَ فِيهَا، وَلاَ يَمْتَخِطُونَ، وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ، آنِيَتُهُمْ فِيهَا الذَّهَبُ، أَمْشَاطُهُمْ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَمَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ، وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ، مِنَ الْحُسْنِ، لاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَهُمْ وَلاَ تَبَاغُضَ، قُلُوبُهُمْ قَلْبٌ وَاحِدٌ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا» رواه البخاري ومسلم. وقال عليه الصلاة والسلام: «لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا أَوْ سَبْعُمِائَةِ أَلْفٍ، مُتَمَاسِكِينَ، آخِذٌ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، حَتَّى يَدْخُلَ أَوَّلُهُمْ وَآخِرُهُمُ الْجَنَّةَ، وَوُجُوهُهُمْ عَلَى ضَوْءِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ» رواه البخاري.
فالبعض يدخلون الجنة بلا حِسابٍ عليهم ولا عذاب؛ لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «وَعَدَنِي رَبِّي سُبْحَانَهُ أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا لاَ حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلاَ عَذَابَ، مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعُونَ أَلْفًا، وَثَلاَثُ حَثَيَاتٍ مِنْ حَثَيَاتِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ» رواه الترمذي
وهؤلاء هم السَّابقون المُقرَّبون؛ كما سمَّاهم الله تعالى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾ [الواقعة:10-12].
والفقراء يسبقون الأغنياءَ إلى الجنة؛ لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «قُمْتُ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ؛ فَكَانَ عَامَّةَ مَنْ دَخَلَهَا الْمَسَاكِينُ، وَأَصْحَابُ الْجَدِّ مَحْبُوسُونَ، غَيْرَ أَنَّ أَصْحَابَ النَّارِ قَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ» رواه البخاري. وقال أيضاً: «إِنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ يَسْبِقُونَ الأَغْنِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى الْجَنَّةِ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا» رواه مسلم.
وفي حديث آخَرَ: «فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ بِخَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ» رواه الترمذي. فهؤلاء الفقراءُ لم يكن عندهم شيء يُحاسَبون عليه؛ لذلك سَبَقوا الأغنياءَ إلى الجنة، فعن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو – رضي الله عنهما – قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَعْلَمُ أَوَّلَ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي؟» قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ وَيَسْتَفْتِحُونَ، فيَقُولُ لَهُمُ الْخَزَنَةُ: أَوَ قَدْ حُوسِبْتُمْ؟ قَالُوا: بِأَيِّ شَيْءٍ تُحَاسِبُونَنَا؟ وَإِنَّمَا كَانَتْ أَسْيَافُنَا عَلَى عَوَاتِقِنَا فِي سَبِيلِ اللهِ حَتَّى مِتْنَا عَلَى ذَلِكَ. قَالَ: فَيُفْتَحُ لَهُمْ، فَيَقِيلُونَ فِيهَا أَرْبَعِينَ عَامًا قَبْلَ أَنْ يَدْخلَهَا النَّاسُ» صحيح – رواه الحاكم والبيهقي.
ولا يلزم مِنْ سَبْقِ الفقراءِ للأغنياء في الدخول؛ ارتفاعُ منازلِهم عليهم في الجنة، بل قد يكونُ المُتَأخِّرُ أعلى منزلةً – وإِنْ سَبَقَه غيرُه في الدخول.
أيها المسلمون
وقد أخبر النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن آخِرِ رجلٍ يخرج من النار، ويدخل الجنة، وما جرى من حوارٍ بينه وبين ربِّه تبارك وتعالى، وما أعطاه الله من الكرامة العظيمة؛ بحيث لم يُصدِّق العبد أنَّ الله تعالى أكرمَه بها لِعِظَمِها، ففي الصحيحين:(قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي لأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا وَآخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولاً الْجَنَّةَ: رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ حَبْوًا، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ فَيَأْتِيهَا، فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلأَى، فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ! وَجَدْتُهَا مَلأَى. فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ، فَيَأْتِيهَا، فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلأَى، فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ! وَجَدْتُهَا مَلأَى، فَيَقُولُ اللَّهُ: اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ؛ فَإِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا، وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهَا، أَوْ إِنَّ لَكَ عَشَرَةَ أَمْثَالِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: أَتَسْخَرُ بِي – أَوْ أَتَضْحَكُ بِي – وَأَنْتَ الْمَلِكُ؟» قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ. فَكَانَ يُقَالُ: ذَاكَ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً)،
وفي روايةٍ أُخرى: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «آخِرُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ رَجُلٌ، فَهُوَ يَمْشِي مَرَّةً، وَيَكْبُو مَرَّةً، وَتَسْفَعُهُ النَّارُ مَرَّةً، فَإِذَا مَا جَاوَزَهَا الْتَفَتَ إِلَيْهَا، فَقَالَ: تَبَارَكَ الَّذِي نَجَّانِي مِنْكِ، لَقَدْ أَعْطَانِيَ اللَّهُ شَيْئًا مَا أَعْطَاهُ أَحَدًا مِنَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ. فَتُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ! أَدْنِنِي مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا، وَأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا. فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا ابْنَ آدَمَ! لَعَلِّي إِنْ أَعْطَيْتُكَهَا سَأَلْتَنِي غَيْرَهَا. فَيَقُولُ: لاَ، يَا رَبِّ. وَيُعَاهِدُهُ أَنْ لاَ يَسْأَلَهُ غَيْرَهَا، وَرَبُّهُ يَعْذِرُهُ؛ لأَنَّهُ يَرَى مَا لاَ صَبْرَ لَهُ عَلَيْهِ، فَيُدْنِيهِ مِنْهَا، فَيَسْتَظِلُّ بِظِلِّهَا، وَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا، ثُمَّ تُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ هِيَ أَحْسَنُ مِنَ الأُولَى، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ! أَدْنِنِي مِنْ هَذِهِ لأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا، وَأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا، لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا. فَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ! أَلَمْ تُعَاهِدْنِي أَنْ لاَ تَسْأَلَنِي غَيْرَهَا؟ فَيَقُولُ: لَعَلِّي إِنْ أَدْنَيْتُكَ مِنْهَا تَسْأَلُنِي غَيْرَهَا. فَيُعَاهِدُهُ أَنْ لاَ يَسْأَلَهُ غَيْرَهَا، وَرَبُّهُ تعالى يَعْذِرُهُ؛ لأَنَّهُ يَرَى مَا لاَ صَبْرَ لَهُ عَلَيْهِ، فَيُدْنِيهِ مِنْهَا، فَيَسْتَظِلُّ بِظِلِّهَا، وَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا. ثُمَّ تُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ، هِيَ أَحْسَنُ مِنَ الأُولَيَيْنِ. فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ! أَدْنِنِي مِنْ هَذِهِ لأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا، وَأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا، لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا. فَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ! أَلَمْ تُعَاهِدْنِي أَنْ لاَ تَسْأَلَنِي غَيْرَهَا؟ قَالَ: بَلَى، يَا رَبِّ لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا. وَرَبُّهُ تعالى يَعْذِرُهُ؛ لأَنَّهُ يَرَى مَا لاَ صَبْرَ لَهُ عَلَيْه، فَيُدْنِيهِ مِنْهَا، فَإِذَا أَدْنَاهُ مِنْهَا فَيَسْمَعُ أَصْوَاتَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ! أَدْخِلْنِيهَا. فَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ! مَا يَصْرِينِي مِنْكَ، أَيُرْضِيكَ أَنْ أُعْطِيَكَ الدُّنْيَا وَمِثْلَهَا مَعَهَا؟ قَالَ: يَا رَبِّ! أَتَسْتَهْزِئُ مِنِّي وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ». فَضَحِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: أَلاَ تَسْأَلُونِي مِمَّ أَضْحَكُ؟ فَقَالُوا: مِمَّ تَضْحَكُ؟ قَالَ: هَكَذَا ضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالُوا: مِمَّ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فقَالَ: «مِنْ ضِحْكِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، حِينَ قَالَ: أَتَسْتَهْزِئُ مِنِّي وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ فَيَقُولُ: إِنِّي لاَ أَسْتَهْزِئُ مِنْكَ، وَلَكِنِّي عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ» رواه مسلم.
أيها المسلمون
أما عن حال المؤمنين عند دخول الجنة: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ نَجْمٍ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً ثُمَّ هُمْ بَعْدَ ذَلِكَ مَنَازِلُ لاَ يَتَغَوَّطُونَ وَلاَ يَبُولُونَ وَلاَ يَمْتَخِطُونَ وَلاَ يَبْزُقُونَ أَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ وَمَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ أَخْلاَقُهُمْ عَلَى خُلُقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ عَلَى طُولِ أَبِيهِمْ آدَمَ
سِتُّونَ ذِرَاعًا». [رواه البخاري ومسلم]. ويدخل أهل الجنة يمسك بعضهم ببعض، فعن سهل بن سعد
قال: (قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – «لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِى سَبْعُونَ أَلْفًا أَوْ سَبْعُمِائَةِ أَلْفٍ- شَكَّ فِى أَحَدِهِمَا- مُتَمَاسِكِينَ، آخِذٌ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، حَتَّى يَدْخُلَ أَوَّلُهُمْ وَآخِرُهُمُ الْجَنَّةَ، وَوُجُوهُهُمْ عَلَى ضَوْءِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ»،
وتستقبلهم الخزنة عند دخول الجنة مهنئين لهم ومسلمين عليهم بأجمل تحية وأعذبها، قال تعالى: (سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) [الرعد:24]. وقال تعالى: (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) [النحل:32].وقال تعالى: (وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) [الزمر:73]. وقال تعالى: (دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [يونس:10]. وقال تعالى: (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) [الرعد:23-24].
أما عن أول طعام أهل الجنة: فأول ما يقدم لهم: زيادة كبد الحوت؛ ففي صحيح البخاري: (وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ، فَزِيَادَةُ كَبِدِ الْحُوتِ)، فأول ما يقدم لأهل الجنة من النزل: (زيادة كبد الحوت، وليس كحوت الدنيا، والزيادة هذه تكفيهم جميعًا)
وثاني شيء يقدم لهم: ثور يذبح لهم، وهو ثور في الجنة يأكل من أطرافها، فيعد لإكرام أهل الجنة، ففي صحيح مسلم: (فَجَاءَ حَبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ. فَدَفَعْتُهُ دَفْعَةً كَادَ يُصْرَعُ مِنْهَا فَقَالَ لِمَ تَدْفَعُنِي فَقُلْتُ أَلاَ تَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ الْيَهُودِيُّ إِنَّمَا نَدْعُوهُ بِاسْمِهِ الَّذِي سَمَّاهُ بِهِ أَهْلُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِنَّ اسْمِي مُحَمَّدٌ الَّذِي سَمَّانِي بِهِ أَهْلِي». فَقَالَ الْيَهُودِيُّ جِئْتُ أَسْأَلُكَ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَيَنْفَعُكَ شَيْءٌ إِنْ حَدَّثْتُكَ». قَالَ أَسْمَعُ بِأُذُنَيَّ فَنَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِعُودٍ مَعَهُ. فَقَالَ «سَلْ». فَقَالَ الْيَهُودِيُّ أَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «هُمْ فِي الظُّلْمَةِ دُونَ الْجِسْرِ». قَالَ فَمَنْ أَوَّلُ النَّاسِ إِجَازَةً قَالَ «فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ». قَالَ الْيَهُودِيُّ فَمَا تُحْفَتُهُمْ حِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَالَ «زِيَادَةُ كَبِدِ النُّونِ» قَالَ فَمَا غِذَاؤُهُمْ عَلَى إِثْرِهَا قَالَ « يُنْحَرُ لَهُمْ ثَوْرُ الْجَنَّةِ الَّذِى كَانَ يَأْكُلُ مِنْ أَطْرَافِهَا ». قَالَ فَمَا شَرَابُهُمْ عَلَيْهِ قَالَ «مِنْ عَيْنٍ فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً». قَالَ صَدَقْتَ)،
وقد جعل الله الجنة درجات كثيرة، وفاوت بين أهلها في أماكنهم ومنازلهم ودرجاتهم، ونعيمهم على تفاوت أعمالهم، وهذا من فضله العظيم، ففي صحيح مسلم: (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «أَنَا أَكْثَرُ الأَنْبِيَاءِ تَبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ». وأمة محمد ﷺ أول الأمم دخولا إلى الجنة: ففي صحيح مسلم: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «نَحْنُ الآخِرُونَ الأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَنَحْنُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا)
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الرحلة إلى الدار الآخرة)5
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
ويحدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أول الداخلين إلى الجنة: ففي الصحيحين (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَلِجُ الْجَنَّةَ صُوَرُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لاَ يَبْصُقُونَ فِيهَا وَلاَ يَمْتَخِطُونَ وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ فِيهَا آنِيَتُهُمْ وَأَمْشَاطُهُمْ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَمَجَامِرُهُمْ مِنَ الأَلُوَّةِ وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ يُرَى مُخُّ سَاقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ مِنَ الْحُسْنِ لاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَهُمْ وَلاَ تَبَاغُضَ قُلُوبُهُمْ قَلْبٌ وَاحِدٌ يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا ». وفي سنن الترمذي: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «عُرِضَ عَلَىَّ أَوَّلُ ثَلاَثَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ شَهِيدٌ وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ وَعَبْدٌ أَحْسَنَ عِبَادَةَ اللَّهِ وَنَصَحَ لِمَوَالِيهِ».
وروى الأمام أحمد في مسنده: (عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ «هَلْ تَدْرُونَ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمْ. قَالَ «أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ الْفُقَرَاءُ وَالْمُهَاجِرُونَ الَّذِينَ تُسَدُّ بِهِمُ الثُّغُورُ وَيُتَّقَى بِهِمُ الْمَكَارِهُ وَيَمُوتُ أَحَدُهُمْ وَحَاجَتُهُ فِي صَدْرِهِ لاَ يَسْتَطِيعَ لَهَا قَضَاءً فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ مَلاَئِكَتِهِ ائْتُوهُمْ فَحَيُّوهُمْ. فَتَقُولُ الْمَلاَئِكَةُ نَحْنُ سُكَّانُ سَمَائِكَ وَخِيرَتُكَ مِنْ خَلْقِكَ أَفَتَأْمُرُنَا أَنْ نَأْتِيَ هَؤُلاَءِ فَنُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ قَالَ إِنَّهُمْ كَانُوا عِبَاداً يَعْبُدُونِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَتُسَدُّ بِهِمُ الثُّغُورُ وَيُتَّقَى بِهِمُ الْمَكَارِهُ وَيَمُوتُ أَحَدُهُمْ وَحَاجَتَهُ فِي صَدْرِهِ لاَ يَسْتَطِيعَ لَهَا قَضَاءً. قَالَ فَتَأْتِيهِمُ الْمَلاَئِكَةُ عِنْدَ ذَلِكَ فَيَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) ».
ومن السابقين في دخولهم إلى الجنة: (دخول سبعين ألفا من أمة محمد ﷺ الجنة بغير حساب) ففي الصحيحين: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «عُرِضَتْ عَلَىَّ الأُمَمُ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ وَالنَّبِيَّانِ يَمُرُّونَ مَعَهُمُ الرَّهْطُ ، وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، حَتَّى رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ، قُلْتُ مَا هَذَا أُمَّتِى هَذِهِ قِيلَ هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ. قِيلَ انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ. فَإِذَا سَوَادٌ يَمْلأُ الأُفُقَ، ثُمَّ قِيلَ لِي انْظُرْ هَا هُنَا وَهَا هُنَا فِي آفَاقِ السَّمَاءِ فَإِذَا سَوَادٌ قَدْ مَلأَ الأُفُقَ قِيلَ هَذِهِ أُمَّتُكَ وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ هَؤُلاَءِ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ، ثُمَّ دَخَلَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ فَأَفَاضَ الْقَوْمُ وَقَالُوا نَحْنُ الَّذِينَ آمَنَّا بِاللَّهِ، وَاتَّبَعْنَا رَسُولَهُ، فَنَحْنُ هُمْ أَوْ أَوْلاَدُنَا الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الإِسْلاَمِ فَإِنَّا وُلِدْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَبَلَغَ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – فَخَرَجَ فَقَالَ هُمُ الَّذِينَ لاَ يَسْتَرْقُونَ، وَلاَ يَتَطَيَّرُونَ، وَلاَ يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ». فَقَالَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «نَعَمْ». فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ أَمِنْهُمْ أَنَا قَالَ «سَبَقَكَ عُكَّاشَةُ»،
وفي سنن الترمذي: (أن أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «وَعَدَنِي رَبِّى أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا لاَ حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلاَ عَذَابَ مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعُونَ أَلْفًا وَثَلاَثُ حَثَيَاتٍ مِنْ حَثَيَاتِهِ».
أما عن الشفاعة لدخول الجنة للموحدين الذين ادخلوا النار فنستكمله في اللقاء القادم.
الدعاء
