خطبة عن (لا تكن ليّناً فتُعصر ولا صلباً فتُكسر)
فبراير 18, 2025الخطبة الأولى (الرسول الأمين بين الشدة واللين)
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا) (29) الاسراء، وقال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) البقرة:143، وفي صحيح البخاري: (قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «يَا عَبْدَ اللَّهِ أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ». قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَلاَ تَفْعَلْ، صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا».
إخوة الإسلام
لقد كان رسول الله ﷺ يستخدم الرفق واللين، في الوقت الذى لا ينفع فيه إلا الرفق واللين؛ ويستخدم الشدة والحزم، في المواقف الذى لا يجدي معها إلا الشدة والحزم، ويقول علماء التربية: (لا تأخذ بالرفق واللين وحده، فتكون نتيجته الانفلات، ولا تأخذ بالشدة والحزم وحده فيكون نتيجته العنف والغلظة)، فلكل مقام مقال، ولكل موقف وفعل ردة فعل، والمسلم متوازن في شخصيته، فيجمع بين الشدة والرحمة، وبين اللين والحزم، فمن الحكمة مراعاة كل ظرف بما يناسبه، والتعامل مع كل حالة بما تقتضيها، من الأخذ بقوة، أو بالرفق واللين،
والقرآن الكريم ذاخر بآيات بينات، في مواقف عدة، أكد فيها أن هناك موقفا لا ينفع فيه إلا اللين، وأن هناك موقفا لا ينفع فيه إلا الحزم، ومن تلك المواقف: أن الله تبارك وتعالى استخدام اللين مع مريم، في وقت مخاضها، فقال تعالى: (فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا) (23): (25) مريم، وذاك لأن الموقف موقف معاناة، وولادة عيسى آية من آيات الله تعالى، فكان لابد أن يطمئنها رب العزة، ويهدئ من روعها،
ومن مواقف اللين في القرآن الكريم: قوله تعالى لنبيه محمد ﷺ: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ} التوبة 43، فقدم الله ذكر العفو على اللوم والعتاب، لأنه سبحانه وتعالى يعلم أن نبيه ﷺ ما أراد باجتهاده إلا صالح الدعوة.
ومن مواقف الحزم في القرآن الكريم: حين قال نوح عليه السلام: {رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} هود 45/46، فالقرار هنا حازم، لأن الأمر الإلهي كان متمثلا في البقاء للمؤمنين فحسب، أما الكافرون فلا مناقشة بشأنهم،
ومن مواقف الحزم في القرآن الكريم: قوله تعالى لزكريا عليه السلام حين سأل ربه: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} آل عمران 41، ليعلمنا أنه سبحانه وتعالى أنه إذا شاء الله فالقرار نافذ لا محالة.
أيها المسلمون
ومن هنا علّم رسول الله ﷺ الأمة كيف ومتى نستخدم اللين، وكيف ومتى نستخدم الحزم، فمن المواقف التي علمنا فيها ﷺ الرفق واللين: موقفه مع الرجل الذى بال في المسجد، ففي صحيح مسلم: (قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَامَ يَبُولُ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَهْ مَهْ. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «لاَ تُزْرِمُوهُ دَعُوهُ». فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَالَ. ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ «إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لاَ تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ وَلاَ الْقَذَرِ إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالصَّلاَةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ». أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. قَالَ فَأَمَرَ رَجُلاً مِنَ الْقَوْمِ فَجَاءَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَشَنَّهُ عَلَيْهِ)… فقد استخدم رسول الله ﷺ الرفق واللين مع هذا الرجل، لأن هذا الرجل معذور بجهله، وحديث عهد بالإسلام، ولم يسعفه الوقت ليتعلم آداب المسجد؛ فإذا بمعلم البشرية ﷺ يستخدم معه منتهى الرفق، ثم يعلّمه أهمية تقديس المسجد، وتنزيهه عن القذر.
ومن المواقف التي علمنا فيها الرسول ﷺ الرفق واللين: موقفه مع الصحابي (معاوية السلمى): ففي صحيح مسلم: (عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِىِّ قَالَ بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَقُلْتُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ. فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ فَقُلْتُ وَاثُكْلَ أُمِّيَاهْ مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ. فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ فَوَاللَّهِ مَا كَهَرَنِي وَلاَ ضَرَبَنِي وَلاَ شَتَمَنِي قَالَ «إِنَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ». أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ وَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالإِسْلاَمِ وَإِنَّ مِنَّا رِجَالاً يَأْتُونَ الْكُهَّانَ. قَالَ « فَلاَ تَأْتِهِمْ». قَالَ وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ. قَالَ «ذَاكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ فَلاَ يَصُدَّنَّهُمْ». قَالَ قُلْتُ وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ. قَالَ «كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ». فقد استخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم نفس أسلوب اللين الذي استخدمه صلى الله عليه وسلم مع الرجل السابق، لأن معاوية السلمى حديث عهد بالإسلام، ويجهل أحكام الصلاة، فعلمه ﷺ برفق ولين،
ومن المواقف التي علمنا فيها ﷺ الرفق واللين: موقفه مع قريش حين فتح مكة: وهذا موقف مشهور ومعلوم للجميع، فحين جُمعت له الجموع ﷺ قَالَ “يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ مَا تَرَوْنَ أَنّي فَاعِلٌ بِكُمْ؟ ” قَالُوا: خَيْرًا أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ قَالَ “فَإِنّي أَقُولُ لَكُمْ كَمَا قَالَ يُوسُفُ لِإِخْوَتِهِ {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ الطّلَقَاءُ” [رواه البيهقي]. فقد عفا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم، ورفق بهم، بل طمأن رئيسهم أبا سفيان حين فزع من قول سعد بن عبادة: اليوم يوم الملحمة، فطمأنه رسول الله ﷺ وقال له: “بل اليوم يوم المرحمة”، فالموقف استوجب الرفق واللين منه ﷺ، لأن الهدف هو الفتح، وهو صلى الله عليه وسلم لا يرغب إلا في فتح قلوب هؤلاء للإسلام.
ومن المواقف التي علمنا فيها رسول الله ﷺ الرفق واللين: موقفه مع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، حين سبت اليهود لقولهم السام عليك، ففي صحيح البخاري: (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ الْيَهُودَ أَتَوْا النَّبِيَّ ﷺ فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكَ قَالَ: “وَعَلَيْكُمْ” فَقَالَتْ عَائِشَةُ السَّامُ عَلَيْكُمْ وَلَعَنَكُمْ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْكُمْ.. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “مَهْلًا يَا عَائِشَةُ عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ أَوْ الْفُحْشَ ” قَالَتْ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا ؟! قَالَ: ” أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ). فهو موقف تعليمي رفيع، نتعلم فيه الترفع فوق الصغائر، وعدم مجاراة الجهلاء في جهلهم. قال الله تعالى في صفات المؤمنين: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا) (63) الفرقان
ومن المواقف التي علمنا فيها الرسول ﷺ الرفق واللين: موقفه مع كعب بن زهير: فقد دخل كعب بن زهير، ذلك الشاعر الذي كان يهجو رسول الله ﷺ، دخل الْمَدِينَةَ تائبا، راغبا في الإسلام، فقَامَ إلَى رَسُولِ اللّهِ ﷺ ، حَتّى جَلَسَ إلَيْهِ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِهِ، وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ ﷺ لَا يَعْرِفُهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ إنّ كَعْبَ بْنَ زُهَيْرٍ قَدْ جَاءَ لِيَسْتَأْمِنَك تَائِبًا مُسْلِمًا، فَهَلْ أَنْتَ قَابِلٌ مِنْهُ إنْ أَنَا جِئْتُك بِهِ؟ قَالَ رَسُولُ اللّهِ ﷺ:” نَعَمْ”. قَالَ أَنَا يَا رَسُولَ اللّهِ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ. فوَثَبَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ دَعْنِي وَعَدُوّ اللّهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ ! فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ﷺ: “دَعْهُ عَنْكُ، فَقَدْ جَاءَ تَائِبًا نَازِعًا عَمّا كَانَ عَلَيْهِ”، فَقَالَ قَصِيدَتَهُ اللّامِيّةَ الّتِي أَوّلُهَا: بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِي الْيَوْمَ مَتْبُولُ.. مُتَيّمٌ إثْرَهَا لَمْ يُفْدَ مَكْبُولُ، فانظر إلى هديه ﷺ وتعليمه الأمة أن مَن تاب و نزع عما كان عليه عُفِى عنه، وقابلناه بالصفح الجميل.
ومن المواقف التي علمنا فيها الرسول ﷺ الرفق واللين: موقفه مع الرجل الذى طالبه بديْن، ففي صحيح ابن حبان، وسنن البيهقي: (قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ: إِنَّ اللَّهَ لَمَّا أَرَادَ هُدَى زَيْدِ بْنِ سُعْنَةَ قَالَ زَيْدٌ مَا مِنْ عَلاَمَاتِ النُّبُوَّةِ شَيْءٌ إِلاَّ وَقَدْ عَرَفْتُهَا فِي وَجْهِ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- حِينَ نَظَرْتُ إِلَيْهِ إِلاَّ اثْنَتَانِ لَمْ أَخْبُرْهُمَا مِنْهُ: يَسْبِقُ حِلْمُهُ جَهْلَهُ وَلاَ تَزِيدُهُ شِدَّةُ الْجَهْلِ عَلَيْهِ إِلاَّ حِلْمًا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي مُبَايَعَتِهِ. قَالَ زَيْدُ بْنُ سُعْنَةَ: فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ مَحَلِّ الأَجَلِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي جَنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَلَمَّا صَلَّى عَلَى الْجَنَازَةِ وَدَنَا مِنْ جِدَارٍ لِيَجْلِسَ إِلَيْهِ أَتَيْتُهُ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ بِوَجْهٍ غَلِيظٍ ثُمَّ أَخَذْتُ بِمَجَامِعِ قَمِيصِهِ وَرِدَائِهِ فَقُلْتُ: اقْضِنِي يَا مُحَمَّدُ حَقِّي فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُكُمْ بَنِى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَمِطَالٌ لَقَدْ كَانَ لِي بِمُخَالَطَتِكُمْ عِلْمٌ فَنَظَرْتُ إِلَى عُمَرَ وَعَيْنَاهُ تَدُورَانِ فِي وَجْهِهِ كَالْفَلَكِ الْمُسْتَدِيرِ ثُمَّ رَمَانِي بِبَصَرِهِ فَقَالَ: يَا يَهُودِيُّ أَتَفْعَلُ هَذَا بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَوْلاَ مَا أُحَاذِرُ فَوْتَهُ لَضَرَبْتُ بِسَيْفِي رَأْسَكَ قَالَ وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَنْظُرُ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي سُكُونٍ وَتُؤَدَةٍ وَتَبَسُّمٍ ثُمَّ قَالَ :«يَا عُمَرُ أَنَا وَهُوَ كُنَّا إِلَى غَيْرِ هَذَا مِنْكَ أَحْوَجَ أَنْ تَأْمُرَنِي بِحُسْنِ الأَدَاءِ وَتَأْمُرَهُ بِحُسْنِ التِّبَاعَةِ اذْهَبْ بِهِ يَا عُمَرُ فَاقْضِهِ حَقَّهُ وَزِدْهُ عِشْرِينَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ مَكَانَ مَا رُعْتَهُ». فالرسول ﷺ استخدم الرفق مع هذا الرجل، وكفّ اندفاع عمر، وضبط فورة تحمسه، بل جعله هو نفسه الذى يصحب الرجل إلى بيت المال فيعطيه حقه ويزيده نظير ترويعه إياه، وكانت النتيجة إسلام زيد بن سعنة.
ومن المواقف التي علمنا فيها الرسول ﷺ الرفق واللين: موقفه من أم المؤمنين حين غارت: ففي صحيح البخاري: (عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتِ الَّتِي النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – فِي بَيْتِهَا يَدَ الْخَادِمِ فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ ، فَجَمَعَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – فِلَقَ الصَّحْفَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ وَيَقُولُ «غَارَتْ أُمُّكُمْ»، ثُمَّ حَبَسَ الْخَادِمَ حَتَّى أُتِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا، وَأَمْسَكَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ)
أيها المسلمون
ومن المواقف التي علمنا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم التعامل بالحزم: موقفه من عمر حين وجد معه جوامع من التوراة: ففي مسند أحمد: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي مَرَرْتُ بِأَخٍ لِي مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ فَكَتَبَ لِي جَوَامِعَ مِنْ التَّوْرَاةِ أَلَا أَعْرِضُهَا عَلَيْكَ ؟؟.. قَالَ فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَقُلْتُ لَهُ أَلَا تَرَى مَا بِوَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ؟! فَقَالَ عُمَرُ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ ﷺ رَسُولًا قَالَ فَسُرِّيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ ثُمَّ قَالَ: “وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَصْبَحَ فِيكُمْ مُوسَى ثُمَّ اتَّبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِي لَضَلَلْتُمْ إِنَّكُمْ حَظِّي مِنْ الْأُمَمِ وَأَنَا حَظُّكُمْ مِنْ النَّبِيِّينَ”، لقد استخدم الرسول ﷺ هنا الحزم، لأن الأمر يتعلق بالعقيدة، وقد ختم الله برسوله النبوة، وجعل كتابه القرآن العظيم هو المهيمن، فلا حاجة لنا إلى غيره.
ومن المواقف التي علمنا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم الحزم: موقفه من السائل: ففي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: ” أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا ” فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَسَكَتَ.. حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ” لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ ” ثُمَّ قَالَ: “ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ”، فالرسول صلى الله عليه وسلم يضع أساسا حازم يتمثل في النهى عن كثرة السؤال، وإنما يجب أن يكون شعار المسلمين: “سمعنا وأطعنا”.
ومن المواقف التي علمنا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم الحزم: موقفه مع معاذ حينما أم الناس وأطال بهم الصلاة: ففي الصحيحين: (عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ ﷺ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ مِنْ أَجْلِ فُلَانٍ لِمَا يُطِيلُ بِنَا فِيهَا. قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَطُّ فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَالَ: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُجَوِّزْ فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ”، وفي رواية أخرى: (أن النبي ﷺ قال له مغضبا: “يَا مُعَاذُ أَفَتَّانٌ أَنْتَ أَوْ أَفَاتِنٌ – ثَلَاثَ مِرَارٍ- فَلَوْلَا صَلَّيْتَ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى فَإِنَّهُ يُصَلِّي وَرَاءَكَ الْكَبِيرُ وَالضَّعِيفُ وَذُو الْحَاجَةِ ” وهكذا كان ﷺ حازما مع معاذ حتى لا يستثقل الناس التكاليف الشرعية، وإنما لابد من الرفق بهم وتحبيب الصلاة إليهم.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (بين الشدة واللين)
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
ومن المواقف التي علمنا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم الحزم: موقفه في التعلم والتلقي: ففي صحيح مسلم: (عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: “إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ ثُمَّ قُلْ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ” قَالَ فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَلَمَّا بَلَغْتُ اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ قُلْتُ وَرَسُولِكَ قَالَ لَا وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ). فالرسول صلى الله عليه وسلم يستخدم الحزم، لأن الأمر يتعلق بنقل الحديث عنه، وإنه بحزمه ﷺ يعلم الأمة وخاصة الدعاة منهم، ألا يتساهلوا في نقل حديثه، وإنما يجب أن يُذكر الحديث بحرفيته دون زيادة أو نقصان أو تغيير، فحديثه ﷺ تشريع، فلابد من الاحتياط الكامل، ونحن نقول: قال رسول الله ﷺ.
ومن المواقف التي علمنا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم الحزم: موقفه ممن أغضب أبا بكر: ففي صحيح البخاري: (عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ إِذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ آخِذًا بِطَرَفِ ثَوْبِهِ حَتَّى أَبْدَى عَنْ رُكْبَتِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ” أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ” فَسَلَّمَ وَقَالَ: إِنِّي كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ الْخَطَّابِ شَيْءٌ فَأَسْرَعْتُ إِلَيْهِ ثُمَّ نَدِمْتُ فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي فَأَبَى عَلَيَّ فَأَقْبَلْتُ إِلَيْكَ.. فَقَالَ:” يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ” ثَلَاثًا.. ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ نَدِمَ فَأَتَى مَنْزِلَ أَبِي بَكْرٍ فَسَأَلَ أَثَّمَ أَبُو بَكْرٍ ؟ فَقَالُوا لَا.. فَأَتَى إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَسَلَّمَ فَجَعَلَ وَجْهُ النَّبِيِّ ﷺ يَتَمَعَّرُ حَتَّى أَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ، فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ أَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: “إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ صَدَقَ وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي صَاحِبِي مَرَّتَيْنِ” فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا). فالحزم في هذا الموقف مع عمر كان لابد منه ليعرف الجميع فضل أبى بكر وسبقه إلى الإسلام ومكانته كصدّيق هذه الأمة.
ومن المواقف التي علمنا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم الحزم: موقفه من صناديد قريش: ففي صحيح ابن حبان ومسند أحمد: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِى قَالَ قُلْتُ لَهُ مَا أَكْثَرَ مَا رَأَيْتَ قُرَيْشاً أَصَابَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِيمَا كَانَتْ تُظْهِرُ مِنْ عَدَاوَتِهِ. قَالَ حَضَرْتُهُمْ وَقَدِ اجْتَمَعَ أَشْرَافُهُمْ يَوْماً فِى الْحِجْرِ فَذَكَرُوا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالُوا مَا رَأَيْنَا مِثْلَ مَا صَبَرْنَا عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ قَطُّ سَفَّهَ أَحْلاَمَنَا وَشَتَمَ آبَاءَنَا وَعَابَ دِينَنَا وَفَرَّقَ جَمَاعَتَنَا وَسَبَّ آلِهَتَنَا لَقَدْ صَبَرْنَا مِنْهُ عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ. أَوْ كَمَا قَالُوا. قَالَ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَقْبَلَ يَمْشِى حَتَّى اسْتَلَمَ الرُّكْنَ ثُمَّ مَرَّ بِهِمْ طَائِفاً بِالْبَيْتِ فَلَمَّا أَنْ مَرَّ بِهِمْ غَمَزُوهُ بِبَعْضِ مَا يَقُولُ. قَالَ فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِى وَجْهِهِ ثُمَّ مَضَى فَلَمَّا مَرَّ بِهِمْ الثَّانِيَةَ غَمَزُوهُ بِمِثْلِهَا فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِى وَجْهِهِ ثُمَّ مَضَى ثُمَّ مَرَّ بِهِمْ الثَّالِثَةَ فَغَمَزُوهُ بِمِثْلِهَا فَقَالَ « تَسْمَعُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَمَا وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِالذَّبْحِ». فَأَخَذَتِ الْقَوْمَ كَلِمَتُهُ حَتَّى مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلاَّ كَأَنَّمَا عَلَى رَأْسِهِ طَائِرٌ وَاقِعٌ حَتَّى إِنَّ أَشَدَّهُمْ فِيهِ وَصَاةً قَبْلَ ذَلِكَ لَيَرْفَئُوهُ بِأَحْسَنِ مَا يَجِدُ مِنَ الْقَوْلِ حَتَّى إِنَّهُ لَيَقُولُ انْصَرِفْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ انْصَرِفْ رَاشِداً فَوَاللَّهِ مَا كُنْتَ جَهُولاً).
فهذا الموقف الحازم منه ﷺ كان لرد التطاول والسخرية والاعتداء والإرهاب الذى مارسه أهل الكفر معه ﷺ، وتماديهم في ذلك، فكان لابد من كلمة حازمة؛ (لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِالذَّبْحِ». ومعناها أنكم إن أردتم قتلى وذبحى فسأدافع عن نفسي بنفس سلاحكم القتل والذبح، وتبين أن نهاية الكفر به القتل في سبيل الله.
ومن المواقف التي علمنا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم الحزم: موقفه ممن أكل طعاما به رائحة كريهة: ففي الصحيحين: (عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ قال: قَالَ النَّبِيَّ ﷺ: “مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا فَلْيَعْتَزِلْنَا” أَوْ قَالَ: “فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ”، فهنا أيضا موقف حازم منه ﷺ، بقوله: :”فليعتزلنا ” ” فليعتزل مسجدنا “، لأنه يحرص على وجود الملائكة في المساجد، ووجودها حتما في مصلحة المصلين؛ لأن الملائكة في المسجد تدعو للمصلين ما داموا في مصلاهم، فليحرص المسلم على وجود الملائكة معه في المسجد ليزداد خيرا وبركة؛ لذا كان عليه أن يأتي وريحه طيب، ويبتعد عما يؤذى الملائكة وينفرها.
إخوة الإسلام: فلنستخدم اللين في المواقف التي تتطلب اللين، ولنستخدم الحزم في المواقف التي تتطلب الحزم، فهذا منهج التربية والتعليم النبوي.
الدعاء