خطبة عن (يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ)
يناير 3, 2024خطبة عن (خَيْرِ النَّاسِ) 2
يناير 3, 2024الخطبة الأولى (الرسول خَيْرِ النَّاسِ) 3
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
روى الامام أحمد في مسنده: (جَاءَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ حَتَّى قَامَ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِالسَّيْفِ فَقَالَ مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي قَالَ «اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ». فَسَقَطَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ «مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي». قَالَ كُنْ كَخَيْرِ آخِذٍ. قَالَ «أَتَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ». قَالَ لاَ وَلَكِنِّي أُعَاهِدُكَ أَنْ لاَ أُقَاتِلَكَ وَلاَ أَكُونَ مَعَ قَوْمٍ يُقَاتِلُونَكَ. فَخَلَّى سَبِيلَهُ – قَالَ – فَذَهَبَ إِلَى أَصْحَابِهِ قَالَ (قَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ خَيْرِ النَّاسِ).
إخوة الإسلام
الرسول صلى الله عليه وسلم هو درة تاج الجنس البشري، فهو صلى الله عليه وسلم خير الناس في تواضعه: ففي صحيح البخاري: (أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – كَانَ لَهُ حَصِيرٌ يَبْسُطُهُ بِالنَّهَارِ، وَيَحْتَجِرُهُ بِاللَّيْلِ)،
ورسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس في توكله: ففي صحيح البخاري: (عَنْ أَبِي بَكْرٍ – رضي الله عنه – قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – فِي الْغَارِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا أَنَا بِأَقْدَامِ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ بَعْضَهُمْ طَأْطَأَ بَصَرَهُ رَآنَا. قَالَ «اسْكُتْ يَا أَبَا بَكْرٍ، اثْنَانِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا»، ورسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس في قناعته وورعه: ففي صحيح مسلم: (دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى حَصِيرٍ فَجَلَسْتُ فَأَدْنَى عَلَيْهِ إِزَارَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَإِذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ فَنَظَرْتُ بِبَصَرِي فِي خِزَانَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَإِذَا أَنَا بِقَبْضَةٍ مِنْ شَعِيرٍ نَحْوِ الصَّاعِ وَمِثْلِهَا قَرَظًا فِي نَاحِيَةِ الْغُرْفَةِ وَإِذَا أَفِيقٌ مُعَلَّقٌ – قَالَ – فَابْتَدَرَتْ عَيْنَايَ قَالَ «مَا يُبْكِيكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ». قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَمَا لِي لاَ أَبْكِي وَهَذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِكَ وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ لاَ أَرَى فِيهَا إِلاَّ مَا أَرَى وَذَاكَ قَيْصَرُ وَكِسْرَى فِي الثِّمَارِ وَالأَنْهَارِ وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَصَفْوَتُهُ وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ. فَقَالَ «يَا ابْنَ الْخَطَّابِ أَلاَ تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَنَا الآخِرَةُ وَلَهُمُ الدُّنْيَا». قُلْتُ بَلَى)،
ورسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس في حسن ظنه بالله تعالى، وسلامة قلبه، ففي سنن الترمذي: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «لاَ يُبَلِّغُنِي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِي شَيْئًا فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَخْرُجَ إِلَيْهِمْ وَأَنَا سَلِيمُ الصَّدْرِ ». وفي حديث فيه ضعف: أنه صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال: (أمَّا بعدُ أيُّها الناسُ: فإني أَحمَدُ اللهَ الذي لا إله إلا هو. فمَنْ كنتُ جلدتُ له ظَهرًا فهذا ظهري فَلْيَسْتَقِدْ منه! ومَنْ كنتُ شَتَمْتُ له عِرْضًا فهذا عِرْضِي فَلْيَسْتَقِدْ منه. ألا وإنَّ الشحناءَ لَيْسَتْ مِنْ طبعي ولا مِنْ شأني. ألا وإنَّ أحبَّكم إلَيَّ مَنْ أخذ مِنِّي حَقًّا إن كان له أو أحلَّني منه فَلَقِيتُ اللهَ وأنَا طَيِّبُ النَّفْسِ)،
ورسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس في مراقبته لربه، ففي صحيح البخاري: (أَبَا هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – قَالَ أَخَذَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنهما – تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – «كِخٍ كِخٍ – لِيَطْرَحَهَا ثُمَّ قَالَ – أَمَا شَعَرْتَ أَنَّا لاَ نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ»، وفي مسند أحمد: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ نَائِماً فَوَجَدَ تَمْرَةً تَحْتَ جَنْبِهِ فَأَخَذَهَا فَأَكَلَهَا ثُمَّ جَعَلَ يَتَضَوَّرُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ وَفَزِعَ لِذَلِكَ بَعْضُ أَزْوَاجِهِ فَقَالَ « إِنِّي وَجَدْتُ تَمْرَةً تَحْتَ جَنْبِي فَأَكَلْتُهَا فَخَشِيتُ أَنْ تَكُونَ مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ». ورسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس في صلاته وخشوعه ففي صحيح مسلم: (عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ لَيْلَةٍ فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ فَقُلْتُ يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ. ثُمَّ مَضَى فَقُلْتُ يُصَلِّى بِهَا فِي رَكْعَةٍ فَمَضَى فَقُلْتُ يَرْكَعُ بِهَا. ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا يَقْرَأُ مُتَرَسِّلاً إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ ثُمَّ رَكَعَ فَجَعَلَ يَقُولُ «سُبْحَانَ رَبِّىَ الْعَظِيمِ ». فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ ثُمَّ قَالَ « سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ». ثُمَّ قَامَ طَوِيلاً قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ ثُمَّ سَجَدَ فَقَالَ «سُبْحَانَ رَبِّىَ الأَعْلَى» فَكَانَ سُجُودُهُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِهِ)،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الرسول خَيْرِ النَّاسِ)
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
في الصحيحين: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ – رضي الله عنه – قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – لَيْلَةً، فَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْرِ سَوْءٍ. قُلْنَا وَمَا هَمَمْتَ قَالَ هَمَمْتَ أَنْ أَقْعُدَ وَأَذَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم)،وفي سنن النسائي وصححه الألباني: (عن مطرف عن أبيه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل، يعني يبكي). ورسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس في ذكره لله تعالى: (فقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم أكملَ الخَلْق ذِكْرًا للّه جل جلاله، بل كان كلامُه كله في ذِكر اللَّه، وكان أمرُهُ ونهيُه وتشريعُه للأمة ذِكْرًا لِلَّهِ، وكان إخبارُه عن أسماءِ الربِّ وصِفاتِه، وأحكامِهِ وأفعاله ووعدِه ووعيده ذِكرًا لله، وكان ثناؤُه عليه بآلائه وتمجيدُه وحمدُه وتسبيحُه ذكرًا لله، وكان سؤالُه ودعاؤه إياه ورغبتُه ورهبتُه ذِكرًا لله، بل كان صمتُه ذِكرًا، فكان صلى الله عليه وسلم ذاكرًا للّه في كل أحيانه، وعلى جميع أحواله، وكان ذِكْرُهُ لله يجري مع أنفاسه، قائمًا وقاعدًا وعلى جنبه، وفي مشيه وركوبه ومسيره، ونزولِه وسفره وإقامته). [زاد المعاد]. ويقول ابن عمر رضي الله عنهما: «إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ يَقُولُ مِائَةَ مَرَّةٍ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَتُبْ عَلَيَّ، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» (رواه أحمد)، وقالت عنه زوجه عائشة رضي الله عنها: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أحْيَانِهِ» (رواه مسلم) وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال عن نفسه: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ»، فصلاة ربي وسلامه عليك يا رسول الله، اللهم اجزه عنا خير ما جازيت نبيا عن أمته ورسولا عن دعوته ورسالته، اللهم ارزقنا شفاعته. وأوردنا حوضه. واسقنا من يده الشريفة شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبدا. اللهم كما أمنا به ولم نره، فلا تفرق بيننا وبينه حتى تدخلنا مدخله، آمين
الدعاء