خطبة ( الرياء: خطورته وعلاجه )
يناير 30, 2016خطبة عن قوله تعالى (لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ )
يناير 30, 2016الخطبة الأولى ( الرياء )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله هو خير الخلق وحبيب الحق ورحمة الله للخلق أجمعين .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال تعالى في محكم آياته : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) [ الماعون : 4-7] ، ويقول الله عز وجل : (فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) [الكهف:110] . كما روى مسلم في صحيحه (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِى تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ ». وروى الإمام أحمد في مسنده (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ ». قَالُوا وَمَا الشِّرْكُ الأَصْغَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « الرِّيَاءُ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا جُزِىَ النَّاسُ بِأَعْمَالِهِمْ اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً ». ورأى أبو أمامه الباهلي رجلا في المسجد يبكى في سجوده فقال : أنت أنت لو كان هذا في بيتك .
إخوة الإسلام
الرياء هو أن يعمل الإنسان العمل ليراه الناس ، فالرياء ضد الإخلاص ، لأن الإخلاص : هو أن تقصد بعملك وجه الله ، والرياء محبط للأعمال ، وهو سبب للمقت عند الكبير المتعال ، وأنه من كبائر المهلكات ، ومن أقسام الرياء : الرياء الأكبر ، وهو رياء العقيدة ، وهو من يظهر الإسلام ويبطن الكفر ، وهذا مخرج من الملة ، أما الرياء الأصغر فهو رياء العمل وهو كبيرة من الكبائر ، ولكن لا يخرج صاحبه من الملة ، وينقسم الرياء أيضا إلى جلى وخفي : فالجلي هو الظاهر الواضح، ويعلمه صاحبه ، أما الرياء الخفي فهو الذي قد يخفى على فاعله ، وقد يقع في الرياء وهو لا يدري
أيها المسلمون
الرياء هو أحد أمراض القلوب والتي تحبط الأعمال أو تنقص أجرها ، وفي مسند أحمد وغيره ( خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ :« أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا هَذَا الشِّرْكَ فَإِنَّهُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ ». فَقَالَ لَهُ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ وَكَيْفَ نَتَّقِيهِ وَهُوَ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : « قُولُوا اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ نُشْرِكَ بِكَ شَيْئاً نَعْلَمُهُ وَنَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ نَعْلَمُ » ، وعلى المرء أن يتهم نفسه بالرياء ويفتش عنه في نفسه لأجل السلامة منه، فقد كثر خوف العلماء والعباد من هذه الأمة من الرياء في أعمالهم وكثر اتهامهم لأنفسهم لشدة خفائه وغموضه، والرياء لا يحبط كل الأعمال ، وإنما يحبط العمل الذي حصل فيه الرياء. فاعلم أن المرء إذا عمل العمل لينال ثناء الناس ومدحهم أو ليظهر تميزه على أقرانه أو غيرهم فهذا هو الرياء بعينه، والله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا ًلوجهه الكريم، قال الله تعالى: ( فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) {الكهف:110}، (وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِى تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ ». رواه مسلم وغيره، وفي الصحيحين ( عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا الْقِتَالُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّ أَحَدَنَا يُقَاتِلُ غَضَبًا ، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً . فَرَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ – قَالَ وَمَا رَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا – فَقَالَ : « مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الرياء )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله هو خير الخلق وحبيب الحق ورحمة الله للخلق أجمعين .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
اعلموا أن الرياء والعمل لغير الله أقسام: 1- فتارة يكون الرياء محضاً بحيث لا يراد به سوى مراءاة المخلوقين لغرض دنيوي، كحال المنافقين في صلاتهم، كما قال الله عز وجل: (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ) (النساء 142) ، وهذا الرياء المحض لا يكاد يصدر من مؤمن في فرض الصلاة والصيام، وقد يصدر في الصدقة الواجبة أو الحج، وغيرهما من الأعمال الظاهرة أو التي يتعدى نفعها، فإن الإخلاص فيها عزيز، وهذا العمل لا يشك مسلم أنه حابط، وأن صاحبه يستحق المقت من الله والعقوبة. ، وتارة يكون العمل لله، ولكن يشاركه الرياء: فإن شاركه في أصله، فالنصوص الصحيحة تدل على بطلانه وحبوطه أيضاً. كالحديث السابق: “أنا أغنى الشركاء عن الشرك” ، وروى الترمذي في سننه (عَنْ أَبِى سَعْدِ بْنِ أَبِى فَضَالَةَ الأَنْصَارِيِّ وَكَانَ مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ : « إِذَا جَمَعَ اللَّهُ النَّاسَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ لِيَوْمٍ لاَ رَيْبَ فِيهِ نَادَى مُنَادٍ مَنْ كَانَ أَشْرَكَ فِي عَمَلٍ عَمِلَهُ لِلَّهِ أَحَدًا فَلْيَطْلُبْ ثَوَابَهُ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ » ، وخرج النسائي بإسناد جيد (عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَرَأَيْتَ رَجُلًا غَزَا يَلْتَمِسُ الْأَجْرَ وَالذِّكْرَ مَالَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا شَيْءَ لَهُ فَأَعَادَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا شَيْءَ لَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ ) ، وأما إن كان أصل العمل لله، ثم طرأت عليه نية الرياء، فإن كان خاطراً دفعه، فلا يضره بغير خلاف، وإن استرسل معه، فهل يحبط به عمله أم لا يضره ذلك ويجازى على أصل نيته، ولنا مع الرياء لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء