خطبة عن (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)
أبريل 28, 2024خطبة عن حديث (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ التُّقَى)
أبريل 30, 2024الخطبة الأولى (السَّكِينَةُ)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) (4) الفتح، وقال تعالى: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا) (18) الفتح
إخوة الإسلام
السَّكِينَةُ: هي الطمأنينة والوقار، وهي السكون الذي ينزله الله في قلب عبده المؤمن، عند خوفه واضطرابه، فلا يفزع ولا ينزعج، والسَّكِينَةُ: هي التي نزلت على قلب النبي صلى الله عليه وسلم، وقلوب المؤمنين في كثير من المواقف: (لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ)، فالسكينة هي التي تطمئن وتخشع بها القلوب، وتسكن بها الجوارح، وتدمع بها العيون، وتلين بها الجلود، وبها يعلو المؤمن الوقار، وينطق اللسان بالحكمة، قال ابن عباس رضي الله عنهما: (كنا نتحدث أن السكينة تنطق على لسان عمر وقلبه).
وقد جاء ذكر السكينة والأمر بها في القرآن الكريم، والسنة المطهرة، فقال تعالى: ﴿إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الفتح:26]، وقوله تعالى: ﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا﴾ [التَّوبة:40]، وفي قوله تعالى: ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ﴾ [البقرة:248]، وأما في السنة المطهرة: ففي صحيح البخاري: (عن ابْن عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما – أَنَّهُ دَفَعَ مَعَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – يَوْمَ عَرَفَةَ فَسَمِعَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – وَرَاءَهُ زَجْرًا شَدِيدًا وَضَرْبًا وَصَوْتًا لِلإِبِلِ فَأَشَارَ بِسَوْطِهِ إِلَيْهِمْ وَقَالَ «أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ، فَإِنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بِالإِيضَاعِ»، وفي الصحيحين: (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَلاَ تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ وَأْتُوهَا تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا». وفيهما أيضا: (عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – يَنْقُلُ مَعَنَا التُّرَابَ يَوْمَ الأَحْزَابِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ وَارَى التُّرَابُ بَيَاضَ بَطْنِهِ يَقُولُ «لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا نَحْنُ، وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا، فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا..)، وفي مسند أحمد: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلاَءُ فِي أَهْلِ الإِبِلِ».
ايها المسلمون
ومن خلال تدبرنا لآيات القرآن الكريم، وأقوال الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم، يمكن القول: بأن للسكينة مواطنها وأسبابها الجالبة لها، فمن مواطن السكينة: عند تنزل الوحي، ففي سنن أبي داود: (عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: كُنْتُ إِلَى جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَغَشِيَتْهُ السَّكِينَةُ فَوَقَعَتْ فَخِذُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى فَخِذِي فَمَا وَجَدْتُ ثِقَلَ شَيْءٍ أَثْقَلَ مِنْ فَخِذِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ سُرِّىَ عَنْهُ..)، ومن مواطن تنزل السكينة: عند تلاوة القرآن: ففي صحيح مسلم: (عن أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ «لاَ يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلاَّ حَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ». وفي الصحيحين: (عَنِ الْبَرَاءِ – رضي الله عنه – قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – يَقْرَأُ ، وَفَرَسٌ لَهُ مَرْبُوطٌ فِى الدَّارِ ، فَجَعَلَ يَنْفِرُ ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ فَنَظَرَ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا ، وَجَعَلَ يَنْفِرُ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ « تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ بِالْقُرْآنِ »، ومن مواطن تنزل السكينة: الجهاد في سبيل الله: ففي مسند أحمد: (قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ حُنَيْنٍ – قَالَ – فَوَلَّى عَنْهُ النَّاسُ وَثَبَتَ مَعَهُ ثَمَانُونَ رَجُلاً مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ فَنَكَصْنَا عَلَى أَقْدَامِنَا نَحْواً مِنْ ثَمَانِينَ قَدَماً وَلَمْ نُوَلِّهِمُ الدُّبُرَ وَهُمُ الَّذِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةَ – قَالَ – وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى بَغْلَتِهِ يَمْضِى قُدُماً فَحَادَتْ بِهِ بَغْلَتُهُ فَمَالَ عَنِ السَّرْجِ فَقُلْتُ لَهُ ارْتَفِعْ رَفَعَكَ اللَّهُ. فَقَالَ « نَاوِلْنِى كَفًّا مِنْ تُرَابٍ ». فَضَرَبَ بِهِ وُجُوهَهُمْ فَامْتَلأَتْ أَعْيُنُهُمْ تُرَاباً ثُمَّ قَالَ « أَيْنَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ ». قُلْتُ هُمْ أُولاَءِ. قَالَ « اهْتِفْ بِهِمْ ». فَهَتَفْتُ بِهِمْ فَجَاءُوا وَسُيُوفُهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ كَأَنَّهَا الشُّهُبُ وَوَلَّى الْمُشْرِكُونَ أَدْبَارَهُمْ). وفي الصحيحين: (قَالَ الْبَرَاء: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ الأَحْزَابِ يَنْقُلُ مَعَنَا التُّرَابَ وَلَقَدْ وَارَى التُّرَابُ بَيَاضَ بَطْنِهِ وَهُوَ يَقُولُ « وَاللَّهِ لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا إِنَّ الأُلَى قَدْ أَبَوْا عَلَيْنَا ». ومن مواطن السكينة: عند الإتيان إلى الصلاة، والقيام إليها : ففي الصحيحين: (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَلاَ تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ ، وَأْتُوهَا تَمْشُونَ عَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا ، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا »، وفيهما: (عَنِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « لاَ تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِى ، وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ »، والحياء من أسباب الحصول على السكنة، ففي صحيح البخاري: (أن عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – « الْحَيَاءُ لاَ يَأْتِى إِلاَّ بِخَيْرٍ » . فَقَالَ بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ مَكْتُوبٌ فِى الْحِكْمَةِ إِنَّ مِنَ الْحَيَاءِ وَقَارًا ، وَإِنَّ مِنَ الْحَيَاءِ سَكِينَةً)، كما ورد الأمر بالسكينة في الحج، عند الإفاضة من عرفة إلى مزدلفة، ففي سنن أبي داود: (عَنْ جَابِرٍ قَالَ أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ)، وفي صحيح مسلم: (وَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ الزِّمَامَ حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ وَيَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى « أَيُّهَا النَّاسُ السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ ». وعند رمي الجمرات أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك بالسكينة، كما في مسند الحميدي: (أن سُلَيْمَانَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الأَحْوَصِ يُحَدِّثُ عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَرْمِى الْجَمْرَةَ مِنْ بَطْنِ الْوَادِى وَهُوَ عَلَى بَغْلَةٍ وَهُوَ يَقُولُ :« أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمُ السَّكِينَةَ ، لاَ يَقْتُلْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ، وَعَلَيْكُمْ مِثْلَ حَصَى الْخَذْفِ ». ومن مواطن السكينة:
عند الذكر والدعاء: ففي الصحيحين: (عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فِى سَفَرٍ فَجَعَلَ النَّاسُ يَجْهَرُونَ بِالتَّكْبِيرِ فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِنَّكُمْ لَيْسَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا إِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا وَهُوَ مَعَكُمْ »، وفي رواية الطبراني في المعجم الكبير «عليكم السكينة، فإن الذي تدعونه ليس بأصم، والذي نفسي بيده لهو أقرب إليكم من رءوس دوابكم، وأقرب إليكم من حبل الوريد». ومن مواطن السكينة: عند حمل الجنازة، ففي سنن ابن ماجه: (عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ رَأَى جِنَازَةً يُسْرِعُونَ بِهَا قَالَ « لِتَكُنْ عَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ ». فهذه النصوص النبوية الواردة في السكينة تبعث المسلم على طلب السكينة، والتماسها في مواطنها، وفعل الأسباب المؤدية إليها، وامتثال الأوامر النبوية في التزام السكينة حيث طلبت منه، فقد فقدت السكينة والطمأنينة من الكثير، وعلى المسلم أن يدعو ربه تعالى بأن ينزل عليه سكينته، فإذا ظفر بذلك فقد ظفر بعطاء عظيم، ومنحة كبيرة.
ايها المسلمون
ومن الملاحظ أن قطاعات كثيرة من العالم تعيش فاقدة للسكينة، ويهرع الكثيرون منهم للأدوية الكيمائية، حتى إن العلماء يفترضون أن يكون المرض الأكبر القادم هو الاكتئاب ومرادفاته، والقرآن الكريم هو خير علاج للتوتر، ونزول السكينة والطمأنينة ، والعبد محتاج إلى السَّكِينَة عند الوساوس المعترضة في أصل الإيمان؛ ليثبت قلبه ولا يزيغ، وعند الوساوس والخطرات؛ لئلَّا تقوى وتصير همومًا، وغمومًا، وعند أسباب المخاوف على اختلافها، ليثبت قلبه، ويسكن جَأْشه، وعند أسباب الفرح؛ لئلَّا يطمح به مركبه، فيجاوز الحدَّ الذي لا يُعْبَر، فينقلب ترحًا وحزنًا، وعند هجوم الأسباب المؤلمة، على اختلافها: الظَّاهرة والباطنة، فما أحوجه إلى السَّكِينَة، وما أنفعها له وأجْدَاها عليه، وأحْسَن عاقبتها. والسَّكِينَة في هذه المواطن، علامة على الظَّفَر، وحصول المحبوب، واندِّفاع المكروه، وفقدها علامة على ضدِّ ذلك، لا يخطئ هذا ولا هذا.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (السَّكِينَةُ)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
وأما عن آثار السكينة وفوائدها: فقد قال ابن عثيمين: (الوَقَار والسَّكِينَة- من خير الخصال التي يمنُّ الله بها على العبد؛ لأنَّ ضدَّ ذلك: أن يكون الإنسان لا شخصيَّة له ولا هيبة له، وليس وقورًا ذا هيبة، بل هو مَهِين، قد وضع نفسه ونزَّلها، وكذلك السَّكِينَة ضدُّها أن يكون الإنسان كثير الحركات، كثير التَّلفت، لا يُرَى عليه أثر سَكِينة قلبه، ولا قوله ولا فعله، فإذا مَنَّ الله على العبد بذلك، فإنَّه ينال بذلك خُلُقين كريمين). وقال ابن القيم: (متى نزلت على العبد السَّكِينَة: استقام، وصَلحت أحواله، وصَلح بالُه، وإذا ترحَّلت عنه السَّكِينَة، ترحَّل عنه السُّرور والأمن والدَّعة والرَّاحة وطيب العيش، فمِنْ أعظم نعم الله على عبده: تَـنَـزُّل السَّكِينَة عليه، ومن أعظم أسبابها: الرِّضا عنه. وقال الجاحظ: (إنَّ من صفة النَّاسك السَّكِينَة؛ لغلبة التَّواضع وإتيان القناعة، ورفض الشَّهوات. والسَّكِينَة رداء ينزل فيثبِّت القلوب الطَّائرة، ويهدِّئ الانفعالات الثَّائرة، وتجعل العبد قادرًا على تحمُّل المصيبة إذا نزلت، والمتَحلِّي بالسَّكِينَة يخشع في صلاته، ومن فوائد التخلق بخلق السكينة: الرضا بما قسم الله، فتمنعه السكينة من الشطط والغلو. والسكينة: تثبيت قلوب المؤمنين، وتساعد على زيادة الخشوع. والسَّكِينَة رداء ينزل فيثبِّت القلوب الطَّائرة، ويهدِّئ الانفعالات الثَّائرة. والسَّكِينَة علامة من علامات رضا الله عزَّ وجلَّ. أما عن الوسائل المعينة على التَّخلُّق بخُلق السَّكِينَة: فتلاوة القرآن وتدبره، واقامة الصلاة، والقراءة في كتب السِّيرة النَّبويِّة. والتَّحلِّي بالصَّبر.
الدعاء