خطبة عن الصحابي: (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ)
ديسمبر 30, 2017خطبة عن اسم الله ( الأَوَّلُ وَالآخِرُ )
ديسمبر 30, 2017الخطبة الأولى ( الشباب هم عماد الأمة )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا) (13) ،(14) الكهف ، وروى مسلم في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِى كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجِزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلاَ تَقُلْ لَوْ أَنِّى فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا. وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ ».
إخوة الإسلام
إن الشباب في كلّ أمّة هم عماد حياتها ، وقوّة نهضتها ، وصنّاع حضَارتها ، وهم أملُ الحَاضِر ، وعدّة المستقبل ، بل كلّ المستقبل ، وهُم قادة الغد وحكّامه وقضاته ومعلمو أجياله ، والشباب هم الطاقة والهمة والحماس, وهم الحيوية والتفكير الإبداع ، فتتميّز فترة الشباب في حياة الإنسان بأنَّها أحفل مراحل العمر ؛ لأنَّها مليئة بالمشاعر الحارة ، والعواطف الفيَّاضة ، والقوَّة والفتوّة ، والتوقّد الذهني ، والعطاء الفكري ، ولذلك لابد أن نرعى الشباب ونربيهم وندربهم، فهم في كل الأمم وعبر العصور يشكّلون سياجا واقيا للدول ، في كل معتركات الحياة ومجالاتها المختلفة سياسيا واقتصاديا وتكنولوجيا وعسكريا وغيرها … وهذا هو رسول البشرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يرشدنا لأن نهتم بأولادنا وشباب فـيقول صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين : (وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِىَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ )، وقد عد رسول الله صلى الله عليه وسلم عمل الشاب جهادا في سبيل الله ، ففي سنن البيهقي (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تَبُوكًا فَمَرَّ بِنَا شَابٌّ نَشِيطٌ يَسُوقُ غُنَيْمَةً لَهُ فَقُلْنَا : لَوْ كَانَ شَبَابُ هَذَا وَنَشَاطُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَانَ خَيْرًا لَهُ مِنْهَا فَانْتَهَى قَوْلُنَا حَتَّى بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ :« مَا قُلْتُمْ؟ ». قُلْنَا : كَذَا وَكَذَا. قَالَ :« أَمَا إِنَّهُ إِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى عِيَالٍ يَكْفِيهِمْ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ». والشباب هم العقل المدبر والقيادات المنتجة في كل مجالات حياتنا ومؤسساتنا إذا ما احترمنا آراءهم وعلمناهم البناء الصحيح والمتقن, ومزجنا حكمة الكبار بهمة وقوة الشباب من غير تقليل من شأنهم أو من أفكارهم وقدراتهم، فمن المهم أن نضع لهم اللبِنات الأولى في الجدار، وأن ندربهم التدريب المناسب، ليتابعوا البناء بعد ذلك على أساس سليم ،ولقد كان للشباب المسلم الدور الأعظم في بناء الأمم والشعوب فعلي أكتافهم قامت الحضارات، وكان لهم أثر كبير في نهضة الأمة الإسلامية على مر العصور واختلاف المجالات، فحُق لهم أن يكونوا نماذج حسنة وقدوة صالحة لشباب الأمة في كل العصور. – فالشباب قديما وحديثا هم من واجهوا الباطل وكانوا أسرع إلي قبول الحق لأن أرق قلوبا وأهدأ نفسا وليس لهم أطماع في الحياة كحال الكبراء والسادة كلما جاءهم رسول كذبوه ،والرسول صلى الله عليه وسلم في دعوته نصره الشباب وخذله الشيوخ ، ولما انتصر الجيش الإسلامي على دولة فارس أعتى وأقوى إمبراطورية في العالم آنذاك على الرغم من قلة العدة والعتاد قال قائد الجيش بابتسامة عريضة عن سبب انتصاره (نصرت بالشباب). والشباب هم من تصدوا للباطل بإيمان وثبات كما حدث من سيدنا إبراهيم عليه السلام مع قومه. وكما حدث من أصحاب الكهف مع الملك الظالم. والشباب هم عنوان تقدم الأمة ودعامة نهضتها ، وإذا أردت أن تعرف مستقبل أي أمة فلا تسل عن ذهبها ورصيدها المالي، فانظر إلي شبابها واهتماماته، فإذا رأيت شبابها شباباً ذا خلق ومتديناً وعاملا ومنتجا ، فاعلم أنها أمة جليلة الشأن، قوية البناء، وإذا رأيته شباباً هابط الخلق، منشغلاً بسفاسف الأمور، يتساقط على الرذائل فاعلم أنها أمة ضعيفة مفككة، سرعان ما تنهار أمام عدوها، فالشباب عنوان الأمة، فقد كان الشباب قديمًا وحديثًا في كل أُمَّةٍ عِمَادُ نهضتها، وفي كل نهضةٍ سِرُّ قُوَّتها، وفي كل فكرة حَامِلُ رَايتها، قال تعالى : ﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً ﴾ [الكهف: 13]”. والشباب هم الذين حمَلوا راية الدعوة إلى الله، ورَفَعوا لواءَ الجهاد المقدَّس، فحقَّق الله على أيديهم النصر الأكبر ودولة الإسلام الفتيَّة. ولو تدارسنا السيرة النبوية لوجدنا كل من واجهوا جبابرة مكة وكسري وقيصر هم الشباب، فالسابقون السابقون هم الشباب، فانظر إلي الزبير ابن العوام رضي الله عنه من العشرة المبشرين بالجنة عمره 15 سنة، وطلحة ابن عبيد الله من العشرة المبشرين بالجنة عمره 16 سنة، سعد ابن أب وقاص 17 سنة، والأرقم ابن أبي الأرقم 16 سنة وهو بني مخزوم ، ويجعل بيته مقرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويعلم فيه المسلمين ويربيهم علي الإسلام لمدة 13 سنة ، رغم أن بني مخزوم كانت تنازع بني هاشم الشرف.
أيها المسلمون
ولما كانت مرحلة الشباب هي مرحلة العنفوان والقوّة ، والطّموح والفتوة ، كانت هي أخطر مراحل عمر الإنسان ، فإن لم توجه التَّوجيه الصحيح ، فقد تستغل هذه القوّة والطَّاقة في سبيل الشَّر والرذيلة فتعود بالضَّرر على الفرد نفسه والمجتمع من حوله . إذن فالشابّ في مجتمعه أداة تغيير نحو الخير أو الشرّ ، فهو إمّا أداة بناء في صرح هذهِ الأُمّة أو معول هَدمٍ في جدرانهَا ، وعنصر إفسَاد لأخلاقهَا وقيمهَا . لذا خص الإسلام هذه المرحلة بمزيد عناية ، وجعل السؤال عنها يوم القيامة خاصًّا – أيضًا ،ففي مسند البزار : (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لاَ تَزُولُ قَدْمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ : عَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاهُ ، وَعَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أُنْفَقَهُ ، وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ) ، وقد أوصى النبي – صلى الله عليه وسلم – باغتنام هذه المرحلة المهمّة من مراحل عمر الإنسان ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل و هو يعظه : اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك و صحتك قبل سقمك و غناك قبل فقرك و فراغك قبل شغلك و حياتك قبل موتك) (أخرجه الحاكم في المستدرك ) . فالشباب هم رجال الغد ، وآباء المستقبل ، وعليهم مهمَّة تربية الأجيال القادمة ، وإليهم تؤول قيادة الأمَّة في جميع مجالاتها، فشريحة الشباب هم أكثر من نصف المجتمع ، ولا شكّ أنّ هذا العدد يستحق من يخاطبه، ويحادثه، ويتعرض لقضاياه بصورة خاصة ، ويوجّهه التوجيه الصحيح ، ويأخذ بيديه إلى الطريق المستقيم . لذا فإن ضعف العقيدة ، والجهل بالدين الإسلامي ، وغياب القدوة الحسنة ، والهزيمة النفسية لجيل الشباب هي أحد ركائز الحرب الجديدة لأعداء الدين ، وهي تتمثل في أفكار ضالة تبث عبر وسائل الاعلام المختلفة ، وتحدث بلبلة ، وإحباطًا في الشباب ، وكلّها عوائق تقف أمَام الشَّبَاب المسلم اليوم ، ولا عجب أن نجد أعداء الأمّة يركِّزون على توجيه الشباب لتدمير نفسهِ ووطنه ؛ لأنّ الشباب محل تغيير ، ولم يكتمل نضجهم المعرفيّ بعد ؛ لذا فهو قابلٌ للتشكّل والتَّغَيّر ، لذا فيجب علينا أن نعمل على توجيه شبابنا إلى الخير لينفع نفسه ووطنه وأمّته .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الشباب هم عماد الأمة )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
إنّ الشبَاب المؤمَّل نفعه ، والمرجو خيره هو من تمسك بدينه ، وأحبَّ وطنه ، فصفا فكره واستنار بالحقّ صدره ، فاستقام عمله وظهر خيره وعمّ نفعه ، وعلينا أن نهيئ البيئة المناسبة لتنشئة الشباب ، وإفراغ طاقاتهم ، والأخذ بأيديهم ، ودفعهم للأمام ، مع النَّصيحة بالحسنى من ذوى الخبرة والدُّربة ، وألا نتركهم في مهبِّ الرِّيح ، لأنَّ طاقة الشباب إنما تعطى عطاءَها إذا أحسنَ وضعها في المناخ الطبعي ، وهيئ لها أن تجرى في قنوات لا تصطدم مع الفطرة ، ولا تتجاهل معها طبيعة المرحلة التي يمرّ بها الشباب . وعلينا أن نؤهل الشّباب تربويًّا في مدارسنا وجامعاتنا ومراكز شبابنا ، وعبر وسائل إعلامنا المختلفة ، فالشّاب إذا لم يلق توجيهًا تربويًّا يقوم على دعائم الفضيلة ،والتمسك بآداب الدين فإنه سيذهب بكل عمل نعمله ويهدم كل بناء نبنيه . فحري بنا جميعا أن نقف وقفة جادة معهم بهدايتهم هداية الدلالة لعل الله عز وجل أن يوقظ قلوبهم من غفلتها، ونكون سببا في نجاتهم من مزالق الردى، ولا شك أن هذا الأمر يحتاج إلى صبر ومثابرة وجد ونشاط وتفانٍ وإخلاص وتكاتف وتعاون ما بين المدرسة والبيت ممثلا بولي الأمر وأهل الحي وأئمة المساجد والجهات الرسمية في الدولة التي تهتم بأمر الشباب، وبإذن الله إن وجد ذلك سنجني ثمرات ذلك صلاح أبنائنا جميعا، وقبل ذلك كله لا بد من معرفة الأسباب التي أدت إلى انحراف الشباب قبل البدء في العلاج فكل مرض لابد أن يشخّص ومن ثم يبدأ بعلاجه
الدعاء