خطبة حول :الاعتراف بمزايا الآخرين ومواهبهم وأفضليتهم (وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا)
يناير 9, 2021خطبة عن ( أعمال تمنحك رضا الله )
يناير 16, 2021الخطبة الأولى ( الصحابة يسألون والنبي صلى الله عليه وسلم يجيب )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186) البقرة ،وفي الصحيحين واللفظ للبخاري : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ كُنَّا فِي مَسِيرٍ لَنَا فَنَزَلْنَا فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ فَقَالَتْ إِنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ سَلِيمٌ ، وَإِنَّ نَفَرَنَا غُيَّبٌ فَهَلْ مِنْكُمْ رَاقٍ فَقَامَ مَعَهَا رَجُلٌ مَا كُنَّا نَأْبُنُهُ بِرُقْيَةٍ فَرَقَاهُ فَبَرَأَ فَأَمَرَ لَهُ بِثَلاَثِينَ شَاةً وَسَقَانَا لَبَنًا فَلَمَّا رَجَعَ قُلْنَا لَهُ أَكُنْتَ تُحْسِنُ رُقْيَةً أَوْ كُنْتَ تَرْقِي قَالَ لاَ مَا رَقَيْتُ إِلاَّ بِأُمِّ الْكِتَابِ قُلْنَا لاَ تُحْدِثُوا شَيْئًا حَتَّى نَأْتِيَ – أَوْ نَسْأَلَ – النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ذَكَرْنَاهُ لِلنَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ «وَمَا كَانَ يُدْرِيهِ أَنَّهَا رُقْيَةٌ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ»، وفي صحيح البخاري: (عَنْ جَابِرٍ – رضي الله عنه – قَالَ وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلاَمٌ فَسَمَّاهُ الْقَاسِمَ فَقَالُوا لاَ نَكْنِيهِ حَتَّى نَسْأَلَ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ «سَمُّوا بِاسْمِي ،وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي »
إخوة الإسلام
إن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وزوده بأدوات العلم والمعرفة ،وهي: السمع والبصر والعقل، قال الله تعالى : (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) النحل (78) ،والإسلام دين العلم والمعرفة ،فأول آية نزلت من القرآن، تأمر بالقراءة ،والتي هي مفتاح العلوم ،قال الله تعالى 🙁اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) العلق (1):(5) ،ومن وسائل العلم والتعلم: السؤال ،فالسؤال كلمة تدل على طلب المعرفة، ولذلك كان للسؤال أهمية في حياة الناس ،وقد ورد السؤال في مواضع كثيرة في القرآن الكريم، ليجعل من السؤال أمرا مهما، ومنها: يقول الحق تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم :«وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186:البقرة) ، وفى موضع آخر يقول الحق ردا على أسئلة أخرى سألها الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم ،حيث يقول الحق : « يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ » فجاءت الإجابة من الله: « قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ» (189: البقرة) ، وفى موضع آخر سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن المحيض، قال الله تعالى: «وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ» فيجيبه الحق سبحانه: (قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (222-البقرة) ،
والرسول صلى الله عليه وسلم كان يسمع أسئلة أصحابه من دون ضجر أو كلل أو ملل، ففي الصحيحين : (قَالَ صلى الله عليه وسلم :« مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شَيْءٍ فَلْيَسْأَلْ عَنْهُ ،فَوَاللَّهِ لاَ تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلاَّ أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ ،مَا دُمْتُ في مَقَامِي هَذَا » ولكنه صلى الله عليه وسلم كان يحذرهم من كثرة السؤال عن الأمور التافهة التي لا تزيد علما ،ولا تزيل جهلا، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري 🙁عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما – قَالَ كَانَ قَوْمٌ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – اسْتِهْزَاءً ، فَيَقُولُ الرَّجُلُ مَنْ أَبِي وَيَقُولُ الرَّجُلُ تَضِلُّ نَاقَتُهُ أَيْنَ نَاقَتِي فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ هَذِهِ الآيَةَ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ) حَتَّى فَرَغَ مِنَ الآيَةِ كُلِّهَا) ،وفي الصحيحين : (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ نُهِينَا أَنْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ شَيْءٍ فَكَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ الْعَاقِلُ فَيَسْأَلَهُ وَنَحْنُ نَسْمَعُ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَتَانَا رَسُولُكَ فَزَعَمَ لَنَا أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَكَ قَالَ «صَدَقَ». قَالَ فَمَنْ خَلَقَ السَّمَاءَ قَالَ «اللَّهُ». قَالَ فَمَنْ خَلَقَ الأَرْضَ قَالَ «اللَّهُ». قَالَ فَمَنْ نَصَبَ هَذِهِ الْجِبَالَ وَجَعَلَ فِيهَا مَا جَعَلَ. قَالَ «اللَّهُ». قَالَ فَبِالَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ وَخَلَقَ الأَرْضَ وَنَصَبَ هَذِهِ الْجِبَالَ آللَّهُ أَرْسَلَكَ قَالَ «نَعَمْ». قَالَ وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا خَمْسَ صَلَوَاتٍ في يَوْمِنَا وَلَيْلَتِنَا. قَالَ «صَدَقَ». قَالَ فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ آللَّهُ أَمْرَكَ بِهَذَا قَالَ «نَعَمْ». قَالَ وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا زَكَاةً فِي أَمْوَالِنَا. قَالَ «صَدَقَ». قَالَ فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ آللَّهُ أَمْرَكَ بِهَذَا قَالَ «نَعَمْ». قَالَ وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي سَنَتِنَا. قَالَ «صَدَقَ». قَالَ فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا قَالَ «نَعَمْ». قَالَ وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا حَجَّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً. قَالَ « صَدَقَ». قَالَ ثُمَّ وَلَّى. قَالَ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لاَ أَزِيدُ عَلَيْهِنَّ وَلاَ أَنْقُصُ مِنْهُنَّ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « لَئِنْ صَدَقَ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ ».
أيها المسلمون
هكذا يتبين لنا أن للعلم وسائل يُدرَكُ بها، ومن أهمِّها السؤال ،وأن الصحابة رضي الله عنهم، كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم، أسئلةً تدُلُّ على عمق علمهم، وشدَّة تعلُّق نفوسهم بالآخرة، فإن من يسأل عن شيءٍ، فإنما يسأل عما يهتمُّ به؛ فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :مَا رَأَيْتُ قَوْماً كَانُوا خَيْراً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَا سَأَلُوهُ إِلاَّ عَنْ ثَلاَثَ عَشَرَةَ مَسْأَلَةً حَتَّى قُبِضَ ،كُلُّهُنَّ فِي الْقُرْآنِ مِنْهُنَّ (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ) (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ) قَالَ :مَا كَانُوا يَسْأَلُونَ إِلاَّ عَمَّا يَنْفَعُهُمْ) [أخرجه الدارمي]، فمن تدبُّر أحوال الصحابة (رضي الله عنهم)، اطَّلَع على عِظَمِ اجتهادهم في طلب النجاة، وحرصهم على بلوغ الدرجات، فهذا يسأل عن أركان الدين، وهذا يسأله عن عمل يُقرِّبُهُ من الجنة ،ويُبعِدُه عن النار، وهذا يسأل عن العمل الذي إذا عمله أحبَّه الله، وأحبَّه الناس، وهذا يقول: يا رسول الله أوصني، وهذا يقول: يا رسول الله، (قُل لي قولًا لا أسأل غيرك)، وهذا يسأل عن الأعمال التي تُدخِل الجنة.. إلى غير ذلك، وكان الصحابة (رضوان الله عليهم) يسألون ليعملوا بما علموا، بخلاف ما عليه الناس اليوم من السؤال بدون عمل.
أيها المسلمون
وإليكم بعض أسئلة الصحابة رضي الله عنهم للرسول صلى الله عليه وسلم ،وهي أسئلة تدلُّ على علوِّ همَّتهم، وعمق إيمانهم ،فمن أسئلة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم :السؤال عن العمل المُقتضي لمحبة الله ولمحبة الناس: (فَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :(جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :يَا رَسُولَ اللَّهِ ،دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إذَا عَمِلْته أَحَبَّنِي اللَّهُ ،وَأَحَبَّنِي النَّاسُ ،فَقَالَ :ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّك اللَّهُ ،وَازْهَدْ فِيمَا عِنْدَ النَّاسِ يُحِبَّك النَّاسُ) رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ ،وَسَنَدُهُ حَسَنٌ ،ومن أسئلة الصحابة للرسول صلى الله عليه وسلم : السؤال عن الأعمال التي تدخل الجنة: فالصحابة رضي الله عنهم كانت همَّتُهم عالية، ومطالبهم عالية، فكانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأعمال التي تُدخِلهم الجنة، وتُباعِدهم من النار. ففي سنن الترمذي 🙁عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي سَفَرٍ فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ. قَالَ « لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ تَعْبُدُ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ وَتُؤْتِى الزَّكَاةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ وَتَحُجُّ الْبَيْتَ ». ثُمَّ قَالَ « أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ الصَّوْمُ جُنَّةٌ وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ وَصَلاَةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ ». قَالَ ثُمَّ تَلاَ (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ) حَتَّى بَلَغَ (يَعْمَلُونَ) ثُمَّ قَالَ « أَلاَ أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ كُلِّهِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ ». قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلاَمُ وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ ». ثُمَّ قَالَ « أَلاَ أُخْبِرُكَ بِمَلاَكِ ذَلِكَ كُلِّهِ ». قُلْتُ بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ « كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا ». فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ فَقَالَ « ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ »، ومن أسئلة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم : السؤال عن أحبِّ الأعمال إلى الله: ففي الصحيحين 🙁عن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ « الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا» . قَالَ ثُمَّ أَيُّ قَالَ «ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ» .قَالَ ثُمَّ أَيُّ قَالَ « الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ » . قَالَ حَدَّثَنِي بِهِنَّ وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي ) ،وفيهما : (عَنْ عَائِشَةَ – رضي الله عنها – أَنَّهَا قَالَتْ سُئِلَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – أَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ «أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ»، ومن أسئلة الصحابة :السؤال عن خير خصال الإسلام: ففي الصحيحين : (عَنْ أَبِي مُوسَى – رضي الله عنه – قَالَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ قَالَ «مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ»، ومن أسئلة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم :السؤال عن أفضل الأعمال والعبادات: فقد روى البخاري في صحيحه : (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – سُئِلَ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ فَقَالَ «إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ» . قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ «الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» . قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ «حَجٌّ مَبْرُورٌ»، وفيه أيضا: (عَنْ أَبِي ذَرٍّ – رضي الله عنه – قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ ، قَالَ «إِيمَانٌ بِاللَّهِ ،وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ » قُلْتُ فَأَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ قَالَ «أَغْلاَهَا ثَمَنًا ،وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا» قُلْتُ فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ .قَالَ «تُعِينُ صَانِعًا أَوْ تَصْنَعُ لأَخْرَقَ» . قَالَ فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ .قَالَ «تَدَعُ النَّاسَ مِنَ الشَّرِّ ،فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ تَصَدَّقُ بِهَا عَلَى نَفْسِكَ»، ومنها : السؤال عن خير الناس وأفضلهم: ففي صحيح البخاري 🙁أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ – رضي الله عنه – حَدَّثَهُ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ،أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ» . قَالُوا ثُمَّ مَنْ قَالَ « مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَتَّقِى اللَّهَ ،وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ»، ومنها : السؤال عن أكبر الذنوب وأعظمها عند الله؟ : ففي الصحيحين 🙁عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ».قَالَ قُلْتُ لَهُ إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ. قَالَ قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ «ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ». قَالَ قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ «ثُمَّ أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ».،ومن أسئلة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم : السؤال عن شيءٍ ينتفعُ به: ففي صحيح مسلم : (عن أبي بَرْزَةَ قَالَ قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَنْتَفِعُ بِهِ قَالَ «اعْزِلِ الأَذَى عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الصحابة يسألون والنبي صلى الله عليه وسلم يجيب )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن أسئلة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم :السؤال عن الأشياء التي تُشكل عليهم : فقد ذكر أهل العلم أن العلم خزائن، وأن مفاتيحها السؤال؛ ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم يسألون الرسول صلى الله عليه وسلم عما يُشكل عليهم، فالسؤال يُقصد به معرفة الشيء المسؤول عنه معرفة تامَّة، ففي صحيح البخاري : (أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – كَانَتْ لاَ تَسْمَعُ شَيْئًا لاَ تَعْرِفُهُ إِلاَّ رَاجَعَتْ فِيهِ حَتَّى تَعْرِفَهُ ،وَأَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « مَنْ حُوسِبَ عُذِّبَ» . قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ أَوَ لَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى (فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا) قَالَتْ فَقَالَ «إِنَّمَا ذَلِكَ الْعَرْضُ ، وَلَكِنْ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ يَهْلِكْ»، وفي سنن ابن ماحه : (عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- «إِنِّي لأَرْجُو أَلاَّ يَدْخُلَ النَّارَ أَحَدٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ». قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا) [مريم: 71] ،قَالَ «أَلَمْ تَسْمَعِيهِ يَقُولُ (ثُمَّ نُنَجِّى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا) [مريم: 72]، ومن أسئلة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم :السؤال عن بر الوالدين بعد موتهما: ففي سنن أبي داود : (عَنْ أَبِى أُسَيْدٍ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ السَّاعِدِيِّ قَالَ بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا جَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ بَقِيَ مِنْ بِرِّ أَبَوَيَّ شَيْءٌ أَبَرُّهُمَا بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا قَالَ «نَعَمِ الصَّلاَةُ عَلَيْهِمَا وَالاِسْتِغْفَارُ لَهُمَا وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا مِنْ بَعْدِهِمَا وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي لاَ تُوصَلُ إِلاَّ بِهِمَا وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا »، ومنها :السؤال عن أمر يُعتصمُ به، ويستمسك به :ففي سنن الترمذي 🙁عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَدِّثْنِي بِأَمْرٍ أَعْتَصِمُ بِهِ. قَالَ « قُلْ رَبِّيَ اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقِمْ ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَخْوَفُ مَا تَخَافُ عَلَىَّ فَأَخَذَ بِلِسَانِ نَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ « هَذَا »، ومنها :السؤال عن أدعية وتعوذات : فقد روى الترمذي في سننه : (عَنْ شُتَيْرِ بْنِ شَكَلٍ عَنْ أَبِيهِ شَكَلِ بْنِ حُمَيْدٍ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي تَعَوُّذًا أَتَعَوَّذُ بِهِ. قَالَ فَأَخَذَ بِكَتِفِي فَقَالَ « قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي وَمِنْ شَرِّ بَصَرِي وَمِنْ شَرِّ لِسَانِي وَمِنْ شَرِّ قَلْبِي وَمِنْ شَرِّ مَنِيِّي ». يَعْنِي فَرْجَهُ.)، وفيه أيضا : (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِشَيْءٍ أَقُولُهُ إِذَا أَصْبَحْتُ وَإِذَا أَمْسَيْتُ قَالَ « قُلِ اللَّهُمَّ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ قَالَ قُلْهُ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ وَإِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ »، وفيه : (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا قَالَ « قُولِي اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي »، وفيه أيضا : (عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَسْأَلُهُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ « سَلِ اللَّهَ الْعَافِيَةَ ». فَمَكَثْتُ أَيَّامًا ثُمَّ جِئْتُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَسْأَلُهُ اللَّهَ. فَقَالَ لِي « يَا عَبَّاسُ يَا عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ سَلِ اللَّهَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ».، وفي صحيح مسلم : (أَخْبَرَنَا أَبُو مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَقُولُ حِينَ أَسْأَلُ رَبِّي قَالَ «قُلِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَعَافِنِي وَارْزُقْنِي». وَيَجْمَعُ أَصَابِعَهُ إِلاَّ الإِبْهَامَ «فَإِنَّ هَؤُلاَءِ تَجْمَعُ لَكَ دُنْيَاكَ وَآخِرَتَكَ».
الدعاء