خطبة عن ( اسم الله : ( الْكَبِيرُ )
مارس 26, 2017خطبة عن قوله تعالى (فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)
مارس 28, 2017الخطبة الأولى ( مع الصحابي : ( أَبُو دُجَانَةَ )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح:29]، وروى مسلم في صحيحه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ وَأَنَا أَمَنَةٌ لأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِى مَا يُوعَدُونَ ».
إخوة الاسلام
إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هم – أبر الناس قلوباً، وأعمقهم علماً ، وأحسنهم خلقاً ،واليوم -إن شاء الله- نريد أن نقترب من أولئك الرجال الأبرار ، لنستقبل فيهم أروع نماذج البشرية ، ولنرى في سيرتهم اسمى ما عرفت البشرية من عظمة ونبل ورشاد ، نقترب منهم لنرى إيمانهم ، وثباتهم ، وبطولاتهم ، وولاءهم لله ورسوله
لنرى البذل الذي بذلوا ، والهول الذي احتملوا ، والفوز الذي أحرزوا ، نرى الدور الجليل الذي نهضوا به لتحرير البشرية كلها من وثنية الضمير ، وضياع المصير ، حقا ، إنهم فتية آمنوا بربهم ، فزادهم الله هدى ،واليوم إن شاء الله موعدنا مع صحابي جليل ، إنه الصحابي 🙁 أَبُو دُجَانَةَ ) أما عن نسبه : فهو أبو دُجانة، سِمَاك بنُ خَرَشَة السَّاعديُّ الأنصاريُّ ، وقيل : ابن أوس بن خرشة بن لوذان بن عبدون بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة الأنصاري البياضي الخزرجي الساعدي المشهور بأبي دجانة .. وأمه حزمة بنت حرملة من بني زِعب من بني سليم بن منصور رضيَ الله عنه وأرضاه، وهو عَلَم من أعلام الجهاد، وبطلٍ من أبطال الإسلام، إذا ذُكِرَتْ أُحُدٌ لازم ذِكْرُهُ ذكرها؛ فقد كان بلاؤه فيها عظيمًا، مع حُسْنِ بلائه في بدر وحُنَيْن، وخيبر واليمامة التي كان استشهاده بها. وقد أسلم مبكرًا مع قومه الأنصار, فكان واحدا من السابقين الأولين لدخول الإسلام، فبايع الرسول مبكرا ضمن من بايعه من الأنصار،
وكان من المستقبلين للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم يوم هجرته، وكان مع سعد بن عُبادةَ والمنذر بن عمرو يقولون: “هلمَّ يا رسول الله إلى العزِّ والثَّرْوَة، والقوَّة والجَلَد والعَدَد”، آخذين بخَطَام ناقته؛ لكنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان يقول لهم ولغيرهم: ((خلُّوا سبيلها؛ فإنها مأمورةٌ))، وقد آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين عتبة بن غزوان, وشهد معركة بدر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد اشتهر أبو دجانه كجندي متميزً في ميادين القتال ضد أعداء الإسلام .. ً وكان أحد أربعه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحراسه في الحروب الذين يعملون الزخرف .أي يضعون على رؤوسهم ما يميزهم وقت النزال، وهم : حمزة بن عبد المطلب رضى الله عنه بوضع ريشة نعامه في رأسه .. وعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه بصوفة بيضاء بعصابته .. والزبير بن العوام رضي الله عنه بعصابة صفراء .. وأبو دجانه بعصابة حمراء .. وكان إذا اعتصب في عصبته الحمراء في المعركة أحسن فيها القتال .. فتقول الأنصار أخرج أبو دجانة عصابة الموت .. وكان ينزعها من رأسه ويلوح بها بيده إذا اشتد وطيسها .. وكانت هذه الإشارات من التحدي وترهيب العدو .. وكان يُعرف بين أقرانه بذي المشهرة .. والمشهرة اسم لدرعه الذي كان يلبسه في الحروب .. وعُرف كذلك بذي السيفين .. لمحاربته يوم واقعة أحد بسيفه وسيف النبي صلى الله عليه وسلم
وكان رضي الله عنه يختال في مِشيَتِهِ وقت الحرب أمام الأعداء .. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رَآه يمشي تلكَ المشيَة : إنّ هذه لمشيَة يُبغِضُهَا اللهُ إلا في مثل هذا الموطن ، وشهد أبو دجانة غزوة بدر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ويقال أنه هو من قتل زمعة بن الأسود بن المطلب يوم بدر .. وكان الأسود أبو زمعة من المستهزئين .. فكان هو وأصحابه يتغامزون بالنبي صل الله عليه وسلم وأصحابه .. ويقولون : قد جاءكم ملوك الأرض ومن يغلب على كنوز كسرى وقيصر .. ثم يمكون ويصفرون .. وكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلام شق عليه .. فدعا عليه رسول الله صل الله عليه وسلم أن يعمي الله بصره ويثكله ولده .. فخرج يستقبل ابنه وقد قدم من الشام .. فلما كان في بعض طريقه .. جلس في ظل شجرة .. فجعل جبريل عليه السلام يضرب وجهه وعينيه بورقة من ورقها خضراء .. وبشوك من شوكها .. حتى عمي .. ويقال : إن جبريل عليه السلام أومأ إلى عينيه فعمي فشغل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وكان الأسود بن المطلب يقول : دعوت على محمد أن يكون طريدا في غير قومه وبلده .. واستجيب لي .. ودعا علي بعمى عيني فعميت .. وأن أثكل ولدي .. فثكلتهم .. ولما كان يوم بدر قتل ابنه زمعة بن الأسود .. ويكنى : أبا حكيمة .. قتله أبو دجانة رضي الله عنه .. وقتل أبو دجانة كذلك عاصم بن أبي عوف بن ضبيرة السهمي
أيها المسلمون
ومن مواقف أبي دجانة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم : ففي غزوة أُحُد؛ جرَّد النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم سيفًا باترًا، ونادى أصحابه: ((مَنْ يأخذ هذا السيف بحقِّه؟ فقام إليه رجالٌ يأخذوه؛ منهم: عليُّ بن أبي طالب والزبيرُ بن العوام وعمُر بن الخطاب رضيَ الله عنهم. حتى قام إليه أبو دُجانة؛ فقال: وما حقُّه يا رسول الله؟ قال: ((أن تضرب به وجوه العدو حتى ينحني)). قال: أنا آخذه بحقِّه يا رسول الله. فأعطاه إيَّاه. وفي صحيح مسلم (عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَخَذَ سَيْفًا يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ « مَنْ يَأْخُذُ مِنِّى هَذَا ». فَبَسَطُوا أَيْدِيَهُمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ يَقُولُ أَنَا أَنَا. قَالَ « فَمَنْ يَأْخُذُهُ بِحَقِّهِ ». قَالَ فَأَحْجَمَ الْقَوْمُ فَقَالَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ أَبُو دُجَانَةَ أَنَا آخُذُهُ بِحَقِّهِ. قَالَ فَأَخَذَهُ فَفَلَقَ بِهِ هَامَ الْمُشْرِكِينَ).
فلما أخذ السيف عَصَبَ رأسه بتلك العُصابة ، وأقبل أبو دُجانة معلَّمًا بعُصابته الحمراء، آخذًا سيف رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مصمِّمًا على أداء حقِّه؛ فقاتل حتى أمعن في الناس، وجعل لا يلقى مشركًا إلا قتله. وأخذ يهدُّ صفوف المشركين هدًّا؛ حتى قال الزُّبير بن العوَّام: “وجدتُ في نفسي حين سألتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم السيفَ فمَنَعَنِيه وأعطاه أبا دُجانة، وقلتُ في نفسي: أنا ابن صفيَّة عمَّته، ومن قريش، وقد قمتُ إليه فسألتُه إيَّاه قبله؛ فآتاه إيَّاه وتركني! والله لأنظرنَّ ما يصنع؟ فاتَّبعته، فأخرج عُصابةً له حمراءَ؛ فعصب بها رأسه؛ فقالت الأنصار: أخرج أبو دُجانة عصابة الموت! فجعل لا يلقى أحدًا إلا قتله، ولا يرتفع له شيءٌ إلا هَتَكَه وأَفْراهُ. وكان في المشركين رجلٌ لا يَدَعُ لنا جريحًا إلا ذَفَّف عليه، فجعل كلُّ واحدٍ منهما يدنو من صاحبه، فدعوتُ الله أن يجمع بينهما، فالتقيا فاختلفا ضربتَيْن، فضرب المشركُ أبا دُجانة؛ فاتَّقاه بدَرَقَته، فعضَّت بسيفه، فضربه أبو دُجانة فقتله”. واخترق أبو دُجانة صفوف المشركين يهدّها ويفرِّقها، حتى خلص إلى نسوة قريش. قال رضيَ الله عنه: “رأيتُ إنسانًا يخمش الناس خمشًا شديدًا؛ فصمدتُ له، فلما حملتُ عليه السَّيف وَلْوَلَ، فإذا امرأةٌ، فأكرمتُ سيف رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن أضرب به امرأةً”. فلما رأى الزُّبير رضيَ الله عنه أفاعيل أبي دُجانة في المشركين؛ رضيَ وقال: “الله ورسوله أعلم”
وكان عُبيد بن حاجز العامري من الشجعان، أقبل على المسلمين يعدو كأنه سَبُعٌ ضارٍ، فضرب رجلاً من المسلمين، فجرحه، فوَثَبَ إليه أبو دُجانة؛ فناوشه ساعةً، ثم ذبحه بالسيف ذبحًا ،ولما دارت الدائرة على المسلمين في أُحُد؛ ثَبَتَ أبو دُجانة يدافع عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ثم جعل من جسده تُرْسًا دون رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقع النَّبْل في ظهره وهو منحنٍ على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حتى كَثُرَتْ فيه النَّبْل، ومع كثرة النَّبْل الذي أصابه، والجراح التي أنهكته؛ فإن أبا دُجانة سَلِمَ منَ الموت ،ولقد أثنى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم على قتال أبي دُجانة في أُحُد، حيث أعطى عليٌ فاطمةَ رضيَ الله عنهما سيفه بعد أُحُد، وقال: “هاكِ السيف؛ فإنها قد شَفَتْنِي”. فقال له صلى الله عليه وسلم : ((لئن كنتَ أجدتَ الضرب بسيفكَ، لقد أجاد سَهْل بن حُنَيْف، وأبو دُجانة، وعاصمُ بن ثابت الأقْلَح، والحارث بن الصِّمَة” ، وشارك رضيَ الله عنه في حصار بني النَّضير، ونَدَبَه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مع علي بن أبي طالب وسهل بن حُنَيْف في عشرةٍ من أصحابه لملاحقة اليهود الذين أرادوا أَخْذ المسلمين على حين غِرَّة، فأدركوهم فقتلوهم، وطرحت رؤوسهم في بعض البئار ، وفي خيبر، وحينما حَمِيَتِ المبارزة بين اليهود والصحابة – خرج يهوديٌّ يدعو إلى المبارزة؛ فخرج له رجلٌ من آل جحش، فقتله اليهودي، ثم دعا إلى المبارزة؛ فخرج إليه أبو دُجانة، وقد عصب رأسه بعُصابته الحمراء فوق المِغْفَر، يختال في مشيته، فبَدَرَه أبو دُجانة فضربه، فقطع رجله، ثم ذفَّف وأخذ سَلَبَه: دِرْعَه وسيفه، فجاء به إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ، فنَفَّلَه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ذلك، وأحجم اليهود عن البِراز؛ فكبَّر المسلمون، ثم تحاملوا على حصن اليهود فدخلوه، يَقْدُمُهم أبو دُجانة رضيَ الله عنه حتى فتحوه .
وفي سنن البيهقي (عَنْ أَبِى عُفَيْرٍ : مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ أَبِى حَثْمَةَ قَالَ : لَمَّا تَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى الشِّقِّ يَعْنِى مِنْ خَيْبَرَ خَرَجَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَصَاحَ : مَنْ يُبَارِزُ فَبَرَزَ لَهُ أَبُو دُجَانَةَ قَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ بِعِصَابَةٍ حَمْرَاءَ فَوْقَ الْمِغْفَرِ يَخْتَالُ فِى مِشْيَتِهِ فَضَرَبَهُ فَقَطَعَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ ذَفَّفَ عَلَيْهِ وَأَخَذَ سَلَبَهُ دِرْعَهُ وَسَيْفَهُ فَجَاءَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَنَفَّلَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَاكَ ). وفي حُنَيْن؛ أصابت أبا دُجانة جراحٌ شديدةٌ، وأبلى بلاءً حسنًا، وحضر رضيَ الله عنه غزوة العُسْرَة، وأعطاه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم راية الخزرج
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( مع الصحابي : ( أَبُو دُجَانَةَ )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وتوفى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- راضيًا عن أبى دجانة، فواصل الجهاد فى عهد أبى بكر الصديق – رضى الله عنه- مشاركا فى حروب الردة، وكان على طليعة جيش اليمامة الذى أرسله خليفة رسول الله لحرب مسيلمة الكذاب، الذى ادعى النبوة، وروي عن أنس بن مالك رضيَ الله عنه أنه قال: “رمى أبو دُجانة بنفسه يوم اليمامة إلى داخل الحديقة – وكانت تسمَّى حديقة الموت – فانكسرت رِجْله؛ فقاتل وهو مكسور الرجل حتى قُتل – رضيَ الله عنه وأرضاه” فلله دَرُّه، ما أشجعه وما أقواه، وما أشد رغبته فيما عند الله ، قال تعالى : ﴿ مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ﴾ [الأحزاب:23].
أيها المسلمون
ومع كل هذه القوة والشدَّة؛ فإن أبا دُجانة لم يكن له حظٌّ من الدنيا وافرٌ؛ بل عاش فقيرًا رضيَ الله عنه ولما قسم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أرضَ بني النضير بعد إجلائهم بين المهاجرين، لم يُعْطِ الأنصار شيئًا، سوى سَهْل بن حُنَيْف وأبي دُجانة؛ فإنه أعطاهما لفقرهما رضيَ الله عنهما ، لقد كان أبو دُجانة محلَّ ثقة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وكان أهلاً لتحمُّل المسؤوليات، وورد أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لمَّا خرج إلى حجَّة الوداع؛ استعمله على المدينة وهو أهل لذلك رضيَ الله عنه. ومع هذه المنزلة التي يتبوَّؤها أبو دُجانة من كَسْب ثقة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وجهاده وتضحيَّاته؛ لم يكن مُفاخِرًا بعمله، أو ذاكرًا له؛ بل كان يُزْرِي بنفسه. وقد حباه الله نعمةً أخرى عظيمة، وهي سلامة القلب؛ قال زيد بن أسْلَم: دُخِلَ على أبي دُجانة وهو مريضٌ، وكان وجهه يتهلَّل؛ فقيل له: “ما لوجهك يتهلَّل؟
فقال: ما من عملِ شيء أوثقُ عندي من اثنتين: كنتُ لا أتكلَّم فيما لا يعنيني، والأخرى: فكان قلبي للمسلمين سليمًا” ،
وقد نال أبو دجانة الشهادة كما تمناها، حيث توفى متأثرا بجراحه،
الدعاء