خطبة عن : من أخلاق المسلم :( الاحسان )
أبريل 7, 2018خطبة عن حديث (فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ)
أبريل 7, 2018الخطبة الأولى ( مع الصحابي : (حَبِيبُ بْنُ زَيْدٍ)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح:29]،وروى مسلم في صحيحه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ وَأَنَا أَمَنَةٌ لأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِى مَا يُوعَدُونَ ».
إخوة الاسلام
إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هم – أبر الناس قلوباً، وأعمقهم علماً ، وأحسنهم خلقاً، واليوم إن شاء الله نريد أن نقترب من أولئك الرجال الأبرار ، لنستقبل فيهم أروع نماذج البشرية ، ولنرى في سيرتهم اسمى ما عرفت البشرية من عظمة ونبل ورشاد ،نقترب منهم لنرى إيمانهم ، وثباتهم ، وبطولاتهم ، وولاءهم لله ورسوله ، لنرى البذل الذي بذلوا ، والهول الذي احتملوا ، والفوز الذي أحرزوا ،نرى الدور الجليل الذي نهضوا به لتحرير البشرية كلها من وثنية الضمير ،وضياع المصير ، حقا ، إنهم فتية آمنوا بربهم ، فزادهم الله هدى ، واليوم إن شاء الله موعدنا مع الصحابي الجليل 🙁 حَبِيبُ بْنُ زَيْدٍ ) ، أما عن اسمه ونسبه : فهو حبيب بن زيد بن عاصم بن عمرو الأنصاري المازني, أخو عبدالله بن زيد, وهو أحد السبعين الذين بايعوا المصطفى “صلى الله عليه وسلم” على الإسلام والطاعة عند العقبة ، وأمه نسيبة بنت كعب، إحدى السيدتين اللتين بايعتا النبي صلى الله عليه وسلم , وأما الثانية فهي خالته, ومنذ أسلم الصحابي حبيب بن زيد لازم الرسول صلى الله عليه وسلم, فعاش الصحابي الجليل حبيب بن زيد إلى جوار الرسول – صلى الله عليه وسلم – بعد هجرته إلى المدينة، لا يتخلف عن غزوة أو سرية ولا يتهاون في أمور دينه, وفي السنة التاسعة للهجرةِ جاءت الوفود إلى المدينة للقاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإعلان إسلامهم، ومبايعته ،وكان ضمن هذه الوفودِ وفدُ بني حنيفة القادم من منطقة نجدٍ، وفيهم رجلاً يدعى مُسيلمة بن حبيبِ الحنفي ،كان قد بقي مع أمتعتهم يحرسها، ومضوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأعلنوا إسلامهم بين يديه؛ فأكرم الرسولُ صلوات الله وسلامه عليه وفادتهم، وأمر لكل منهم بعطية ،وأمر كذلك بعطية لمسيلمة الذي تركوه مع رحالهم. وعاد وفد بني حنيفة إلى نجد، وما أن وصل حتى أعلن مسيلمة ارتداده عن الإسلام، والأقبح من هذا أنه ادعى النبوة ،فأعلن في قومه أنه نبيٌ مرسلٌ ،أرسله الله إلى بني حنيفة ، كما أرسل الله سيدنا محمد بن عبد الله إلى قريش، واتبعه بعض قومه حتى ينالوا شرف أن يكون منهم نبي، وعندما شعر مسيلمة أن شوكته قد قويت بقومه أرسل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم برسالة قال فيها: ” من مُسيلمة رسول الله إلى محمدٍ رسول الله، سلامٌ عليك. أما بعد ، فإني قد أشرِكتُ في الأمرِ معك، وإن لنا نصفَ الأرضِ ولقريشٍ نصف الأرض، ولكن قريشاً قومٌ يعتدون”. وبعثَ رسالته مع رجُلين من رجاله فلما قرئت الرسالة للنبيِّ عليه الصلاة والسلام قال للرجلين: “وما تقولان أنتما؟!”. فأجابا: نقولُ كما قال. فقال لهما النبي: “أمَا والله لولا أنَّ الرسلَ لا تقتلُ لضربتُ عنقيكما”، ولما قرئ الكتاب على النبي – عليه الصلاة والسلام – تعجب من جرأة مسيلمة على الله تعالى، فكتب إليه كتابا يقول فيه: «بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب، السلام على من اتبع الهدى، أما بعد فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين». وازداد مسيلمة الكذاب غيًا وضلالًا ، ولكن اقتضت رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يرسل إليه رسالة أخرى، يدعوه فيها إلى الحق ،وينهاه عن الباطل ،لعله أن يعود إلى صوابه ، ثم تلفت النبي صلى الله عليه وسلم حوله ،ينظر في وجوه أصحابه ،يلتمس منهم رجلاً فطناً جريئاً ،يحمل هذه الرسالة إلى مسيلمة الكذاب، ووقع اختياره صلى الله عليه وسلم على الصحابي الجليل (حبيب بن زيد) رضي الله عنه.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( مع الصحابي : (حَبِيبُ بْنُ زَيْدٍ)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
أخذ حبيب بن زيد الرسالة من يد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وانطلق أكثر من ألف ميل إلى اليمامة في نجد ، حتى وصل إلى مسيلمة، فلما دخل على مسيلمة الكذاب ناوله الكتاب، فنظر مسيلمة في الكتاب وغضب، ثم جمع قومه حوله، وأوقف حبيب بن زيد بين يديه وسأله ممن هذا الكتاب؟، فقال حبيب: هو من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ..فقال مسيلمة : أتشهد أن محمداً رسول الله ؟ .. قال حبيب : نعم .. أشهد أن محمداً رسول الله .. قال : وتشهد أني رسول الله ؟ فقال له حبيب مستهزئاً: إن في أذني صمماً عما تقول. فأعاد عليه مسيلمة نفس الأسئلة ولم يتغير رد حبيب عليه. وهنا غضب مسيلمة ،ودعا السياف، وأمره أن يطعن بالسيف في جسد هذا الفتى حبيب ، وهو يكرر عليه نفس السؤال ( أتشهد أني رسول الله ؟)، وفي كل مرة ،لا يسمع إلا جواباً واحداً .. لا يزيده إلا غيظاً وحقداً .. فأمر مسيلمة السياف أن يفتح فم حبيب ويقطع لسانه .. فأمسك به الجنود وفتحوا فمه حتى قطع السياف لسانه الذاكر، ثم أوقفوه بين يدي مسيلمة الكذاب والدماء تسيل من فمه الطاهر ..فصاح به مسيلمة : أتشهد أن محمداً رسول الله ؟ .. فأشار حبيب برأسه : نعم .. قال : وتشهد أني رسول الله ؟ فأشار برأسه : لا .. فأمر مسيلمة سيافه .. فقطع يده .. ثم قطع رجله .. وجدع أنفه .. واحتزّ أذنه ..وأصبح مسيلمة الكذاب يسأل حبيب نفس السؤال وتأتيه نفس الإجابة، وبعد كل إجابة يقطع مسيلمة جزء من جسد حبيب ،وهو ثابت صابر على الحق ،حتى فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها. نعم ،فمن المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه .. وقدموا أروع معاني الصدق والثبات عند المصاعب، في مواقف لا يثبت فيها على الحق إلا المؤمنون المخلصون، ومن هؤلاء صحابي جليل نستطيع أن نصفه بـ “سفير الصدق” الذي أرسله النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، سفيرًا إلى مسيلمة الكذاب عليه لعنة الله.
وبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نبأ استشهاد حبيب وما حل به، فغضب غضبًا شديدًا، وجهز جيشًا لمحاربة مسيلمة الكذاب، ولكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انتقل إلى الرفيق الأعلى قبل توجه الجيش لمحاربته، فلما تولى سيدنا أبو بكر الخلافة من بعده، لاقى مسيلمة في موقعة اليمامة ،وخَرَجَتْ أم حبيب بن زيد (نُسَيْبَةُ) مَعَ الْمُسْلِمِينَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَ الرِّدَّةِ ،فَبَاشَرَتِ الْحَرْبَ بِنَفْسِهَا ، حَتَّى قَتَلَ اللهُ مُسَيْلِمَةَ ،وَرَجَعَتْ وَبِهَا عَشْرُ جِرَاحَاتٍ بَيْنَ طَعْنَةٍ وَضَرْبَةٍ “وهكذا انتصر المسلمون، وقُتل مسيلمة الكذاب وأصحابه، وثأر المسلمون لحبيب بن زيد من هذا الكذاب مدعي النبوة ،فرضي الله عن هذا الصحابي الجليل ، وأسكنه فسيح جناته ، وجمعنا برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام في الفردوس الأعلى من الجنة ، في مقعد صدق عند مليك مقتدر .
الدعاء