خطبة عن اسم الله ( الرشيد، المرشد )
أبريل 14, 2018خطبة عن حديث (فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ)
أبريل 14, 2018الخطبة الأولى ( مع الصحابي : (حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح:29]،وروى مسلم في صحيحه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ وَأَنَا أَمَنَةٌ لأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِى مَا يُوعَدُونَ ».
إخوة الاسلام
إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هم – أبر الناس قلوباً، وأعمقهم علماً ، وأحسنهم خلقاً ،واليوم إن شاء الله نريد أن نقترب من أولئك الرجال الأبرار ، لنستقبل فيهم أروع نماذج البشرية ، ولنرى في سيرتهم اسمى ما عرفت البشرية من عظمة ونبل ورشاد ،نقترب منهم لنرى إيمانهم ، وثباتهم ، وبطولاتهم ، وولاءهم لله ورسوله ، لنرى البذل الذي بذلوا ، والهول الذي احتملوا ، والفوز الذي أحرزوا ،نرى الدور الجليل الذي نهضوا به لتحرير البشرية كلها من وثنية الضمير ،وضياع المصير ، حقا ، إنهم فتية آمنوا بربهم ، فزادهم الله هدى ،واليوم إن شاء الله موعدنا مع صحابي جليل ، إنه الصحابي 🙁 حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ) ، أما عن اسمه نسبه : فهو حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب أبو خالد القرشي الأسدي، هو ابن خال السيدة خديجة بت خويلد، وقد ولد بمكة قبل الرسول عليه الصلاة والسلام بخمس سنوات، وقيل أنه ولد في جوف الكعبة الشريفة، حيث كانت والدته تطوف حول الكعبة المشرفة وهي حامل فيه، فشعرت بآلام الولادة فجأة ولم تستطع أن تغادر المكان، فأحضروا لها قطعة من الجلد وغطوها بها، حتى ولدت حكيم بن حزام في ذلك المكان المقدس ، وقد تأخر رضي الله عنه في دخوله في الإسلام، وقد عاش ستون عاما في الضلال والكفر، وستون عاما في نور الإسلام. وقيل عنه أنه لم يدخل دار الندوة للرأي أحد حتى يبلغ أربعين سنة ،إلا حكيم بن حزام ، فإنه دخل للرأي وهو ابن خمس عشرة ، وقد نشأ حكيم بن حزام في أسرة عريقة النسب، عريضة الجاه، واسعة الثراء، و كان إلى ذلك عاقلا ،سريا ،فاضلا، وقد سوده قومه، وأناطوا به منصب الرفادة ، فكان يخرج من ماله الخاص ،ما يرفد به المنقطعين من حجاج بيت الله الحرام في الجاهلية. وقد اشترى حكيم بن حزام زيد بن حارثة، وكان زيد فيما روي عن أنس بن مالك وغيره مسبيًّا من الشام، سبته خيل من تهامة، فابتاعه حكيم بن حزام بن خويلد، فوهبه لعمته خديجة بنت خويلد ، والتي وهبته بعد ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد كان حكيم صديقا حميما لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه قبل أن يبعث، فهو وإن كان قد ولد قبل النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم – بخمس سنوات، إلا أنه كان يألفه، ويأنس به، و يرتاح إلى صحبته و مجالسته، و كان الرسول – صلى الله عليه وسلم – يبادله ودا بود، وصداقة بصداقة. ثم جاءت آصرة القربى ،فوثقت ما بينهما من علاقة، وذلك حين تزوج النبي – صلى الله عليه وسلم – من عمته خديجة بنت خويلد رضي الله عنها. وقد تعجب بعد كل الذي بسطناه لك من علاقة حكيم بالرسول عليه الصلاة والسلام ، إذا علمت أن حكيما لم يسلم إلا يوم الفتح، حيث كان قد مضى على بعثة الرسول صلوات الله وسلامه عليه ما يزيد على عشرين عاما ، فقد كان المظنون برجل مثل حكيم بن حزام حباه الله ذلك العقل الراجح، و يسر له تلك القربى القريبة من النبي صلوات الله عليه، أن يكون أول المؤمنين به، والمصدقين لدعوته، والمهتدين بهديه ، و لكنها مشيئة الله ،وما شاء كان، وكما نعجب نحن من تأخر إسلام حكيم بن حزام، فقد كان يعجب هو نفسه من ذلك. فما كاد يدخل الإسلام ويتذوق حلاوة الإيمان، حتى جعل يعض بنان الندم على كل لحظة قضاها من عمره وهو مشرك بالله مكذب لنبيه ، فلقد رآه ابنه بعد إسلامه يبكي، فقال: “ما يبكيك يا أبتاه؟!.” ، قال: “أمور كثيرة ، كلها أبكتني يا بني : أولها : بطء إسلامي ،مما جعلني أسبق إلى مواطن كثيرة صالحة ،حتى لو أنني أنفقت ملء الأرض ذهبا لما بلغت شيئا منها ، ثم إن الله أنجاني يوم “بدر” و “أحد” فقلت يومئذ في نفسي: لا أنصر بعد ذلك قريشا على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولا أخرج من مكة، فما لبثت أن جررت إلى نصرة “قريش” جرا. ثم إنني كنت كلما هممت بالإسلام، نظرت إلى بقايا من رجالات قريش لهم أسنان وأقدار متمسكين بما هم عليه من أمر الجاهلية، فأقتدي بهم و أجاريهم..ويا ليت أني لم أفعل.. فما أهلكنا إلا الاقتداء بآبائنا و كبرائنا…فلم لا أبكي يا بني؟!!.”
أيها المسلمون
وكما عجبنا نحن من تأخر إسلام حكيم بن حزام، وكما كان يعجب هو نفسه من ذلك أيضا، فإن النبي صلوات الله وسلامه عليه كان يعجب من رجل له مثل حلم حكيم بن حزام وفهمه ، كيف يخفى عليه الإسلام ،وكان صلى الله عليه وسلم يتمنى له ،وللنفر الذين هم على شاكلته أن يبادروا إلى الدخول في دين الله ، ففي الليلة التي سبقت فتح مكة ،قال عليه الصلاة والسلام لأصحابه:(إن بمكة لأربعة نفر أربأ بهم عن الشرك، وأرغب لهم في الإسلام) قيل: “ومن هم يا رسول الله؟”. قال: (عتاب بن أسيد، وجبير بن مطعم، وحكيم بن حزام، وسهيل بن عمرو). ومن فضل الله عليهم أنهم أسلموا جميعا… وحين دخل الرسول صلوات الله وسلامه عليه مكة فاتحا، أبى إلا أن يكرم حكيم بن حزام فأمر مناديه أن ينادي: “من شهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله فهو آمن.. ومن جلس عند الكعبة فوضع سلاحه فهو آمن. ومن أغلق عليه بابه فهو آمن…ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن…و من دخل دار حكيم بن حزام فهو آمن…”وكانت دار حكيم بن حزام في أسفل مكة، و دار أبي سفيان في أعلاها. فأسلم حكيم بن حزام إسلاما ملك عليه لبه، و آمن إيمانا خالط دمه ومازج قلبه… فآلى على نفسه ،أن يكفر عن كل موقف وقفه في الجاهلية، أو نفقة أنفقها في عداوة الرسول – صلى الله عليه وسلم – بأمثال أمثالها ،وقد بر بقسمه…من ذلك أنه آلت إليه دار الندوة وهي دار عريقة ذات تاريخ… ففيها كانت تعقد قريش مؤتمراتها في الجاهلية، وفيها اجتمع سادتهم وكبراؤهم ليأتمروا برسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، فأراد حكيم بن حزام أن يتخلص منها – وكأنه كان يريد أن يسدل ستارا من النسيان على ذلك الماضي البغيض – فباعها بمئة ألف درهم، فقال له قائل من فتيان قريش: “لقد بعت مكرمة قريش يا عم”. فقال له حكيم: “هيهات يا بني، ذهبت المكارم كلها ،ولم يبق إلا التقوى، وإني ما بعتها إلا لأشتري بثمنها بيتا في الجنة… وإني أشهدكم أنني جعلت ثمنها في سبيل الله عز و جل.”
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( مع الصحابي : (حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وحج حكيم بن حزام بعد إسلامه، فساق أمامه مئة ناقة مجللة بالأثواب الزاهية ثم نحرها جميعها تقربا إلى الله… وفي حجة أخرى وقف في عرفات، ومعه مئة من عبيده ،وقد جعل في عنق كل واحد منهم طوقا من الفضة، نقش عليه: (عتقاء لله عز و جل عن حكيم بن حزام ) . ثم أعتقهم جميعا…وفي حجة ثالثة ساق أمامه ألف شاة – نعم ألف شاة – وأراق دمها كلها في “منى”، وأطعم بلحومها فقراء المسلمين تقربا لله عز و جل. وبعد غزوة “حنين” سأل حكيم بن حزام رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من الغنائم فأعطاه، ثم سأله فأعطاه، حتى بلغ ما أخذه مئة بعير – و كان يومئذ حديث إسلام – ففي صحيح ابن حبان (أن حكيم بن حزام قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني ثم سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم سألت فأعطاني ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ،يا حكيم بن حزام إن هذا المال حلوة خضرة فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع واليد العليا خير من اليد السفلى ،قال حكيم فقلت يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحدا بعدك شيئا حتى أفارق الدنيا قال عروة وسعيد فكان أبو بكر يدعو حكيما فيعطيه العطاء فيأبى ، ثم كان عمر بن الخطاب يعطيه فيأبى فيقول عمر إني أشهدكم يا معشر المسلمين على حكيم بن حزام أني أعرض عليه حقه الذي قسم له من هذا الفيء فيأبى يأخذه ،قال فلم يرزأ حكيم أحدا من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي
أيها المسلمون
ومن بعض مواقف حكيم بن حزام مع الصحابة رضوان الله عليهم : فقد كان له موقف يحسب له يوم قتل عثمان رضي الله عنه حيث قال رجل: يدفن بدير سلع مقبرة اليهود. فقال حكيم بن حزام: والله لا يكون هذا أبدًا وأحد من ولد قصي حي. حتى كاد الشر يلتحم، فقال ابن عديس البلوي: أيها الشيخ، وما يضرك أين يدفن. فقال حكيم بن حزام: لا يدفن إلا ببقيع الغرقد حيث دفن سلفه وفرطه. فخرج به حكيم بن حزام في اثني عشر رجلاً وفيهم الزبير بن العوام، فصلى عليه حكيم بن حزام. وقال الواقدي: الثابت عندنا أنه صلى عليه جبير بن مطعم .
أيها المسلمون
أما عن وفاة الصحابي الجليل حكيم بن حزام : فقد قال البخاري في التاريخ: مات سنة ستين وهو ابن عشرين ومائة سنة، قاله إبراهيم بن المنذر، وقال: مات لعشر سنوات من خلافة معاوية.وقيل أنه كبر حتى ذهب بصره، وبعد أن استقر في البصرة، توفى وهو يقول : (لا إله إلا الله، اللهم قد كنت أخشاك ، فإذا اليوم أرجوك)
الدعاء