خطبة عن (التابلت والآيباد وخطورتها على الأولاد)
سبتمبر 2, 2017خطبة عن قوله تعالى ( وَاللهُ يَعلَمُ وَأنتُمْ لا تَعلَمُونَ)
سبتمبر 2, 2017الخطبة الأولى ( مع الصحابي : (سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح:29]، وروى مسلم في صحيحه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ وَأَنَا أَمَنَةٌ لأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِى مَا يُوعَدُونَ ».
إخوة الاسلام
إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هم – أبر الناس قلوباً، وأعمقهم علماً ، وأحسنهم خلقاً،واليوم إن شاء الله نريد أن نقترب من أولئك الرجال الأبرار ، لنستقبل فيهم أروع نماذج البشرية ، ولنرى في سيرتهم اسمى ما عرفت البشرية من عظمة ونبل ورشاد ،نقترب منهم لنرى إيمانهم ، وثباتهم ، وبطولاتهم ، وولاءهم لله ورسوله لنرى البذل الذي بذلوا ، والهول الذي احتملوا ، والفوز الذي أحرزوا ،نرى الدور الجليل الذي نهضوا به لتحرير البشرية كلها من وثنية الضمير ، وضياع المصير ، حقا ، إنهم فتية آمنوا بربهم ، فزادهم الله هدى ،واليوم إن شاء الله موعدنا مع صحابي جليل ، إنه الصحابي : (سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ ) : أما عن نسبه : فهو سعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهير الأنصاريُّ الخزرجي الحارثي البدريُّ النقيب الشهيد ، وأمه هي ( هزيلة بنت عنبة ) ، وقد نشأ سعد في أسرة عريقة ، فكان أبوه من سادات بني الحارث ،ولما كانت اليهود يعيرون العرب بأنهم أمة أمية ، أرسل الربيع ولده ( سعدا ) ليتعلم القراءة والكتابة ، وأصبح سعد سيدا من سادات الخزرج ، وقد تحلى بالأخلاق والآداب التي يتحلى بها سادات القوم ،وقد أمتن الله عليه بالعقل السليم والفكر الناضج والقلب المحب للخير لكل من حوله
أيها المسلمون
وسعد بن الربيع من أوائل من اعتنقوا الاسلام فقد شهد سعد بن الربيع بيعة العقبة الثانية، وكان أحد نقباء الأنصار يومئذ ،وبعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة آخى النبي بينه وبين عبد الرحمن بن عوف فعزم سعد بن الربيع على أن يعطي أخاه عبد الرحمن بن عوف شطر ماله ،ويطلق له إحدى زوجاته ليتزوج بها ، فامتنع عبد الرحمن عن ذلك ودعا له بالخير ،فقد روى البخاري في صحيحه قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ – رضى الله عنه – لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ آخَى رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ إِنِّي أَكْثَرُ الأَنْصَارِ مَالاً ، فَأَقْسِمُ لَكَ نِصْفَ مَالِي ، وَانْظُرْ أَيَّ زَوْجَتَيَّ هَوِيتَ نَزَلْتُ لَكَ عَنْهَا ، فَإِذَا حَلَّتْ تَزَوَّجْتَهَا . قَالَ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لاَ حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ ، هَلْ مِنْ سُوقٍ فِيهِ تِجَارَةٌ قَالَ سُوقُ قَيْنُقَاعَ . قَالَ فَغَدَا إِلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، فَأَتَى بِأَقِطٍ وَسَمْنٍ – قَالَ – ثُمَّ تَابَعَ الْغُدُوَّ ، فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَيْهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « تَزَوَّجْتَ » . قَالَ نَعَمْ . قَالَ « وَمَنْ » . قَالَ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ . قَالَ « كَمْ سُقْتَ » . قَالَ زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ . فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ » .ولما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة .. ودارت المعارك بين المسلمين والمشركين شهد سعْد بن الربيع غزوة بدر وأبلى فيها بلاء حسناً.. وكانت نفسه تتطلع لنيل الشهادة في سبيل الله تعالى ولكن (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ).. ثم تمضي الأيام.. وتجيء غزوة “أُحُد”.. ولمَّا فر بعض المسلمين من أرض المعركة.. كان سعد بن الربيع قد ثبت كالجبل العظيم.. يدافع عن دينه وعن نبيه صلى الله عليه وسلم .. يصول ويجول كالأسد الضاري في أرض المعركة.. يضرب بسيفه ويطعن يميناً وشمالاً وفي كل اتجاه تصل إليه يداه ،ويزداد القتال ضراوة ويزداد سعد بن الربيع صلابة.. وأحسَّ المشركون بخطورة وجوده.. فأحاطوا به.. وأثخنوه بالجراح فسقط على أرض القتال يعالج آلامه.. وتتطلع آماله إلى رحمة الله تعالى.. ولما انجلى غبارُ المعركة.. وانتهت أحداثها.. ورغم عِظَم المصاب.. وشدة القرح الذي أصاب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لم ينس رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن الربيع.. فقد جاء في كتب السير (عن عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الْمَازِنِيّ أَخُو بَنِي النّجّارِ قال : (قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ هل مِنْ رَجُلٍ يَنْظُرُ لِي مَا فَعَلَ سَعْدُ بْنُ الرّبِيعِ ؟ أَفِي الْأَحْيَاءِ هُوَ أَمْ فِي الْأَمْوَاتِ ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ : أَنَا أَنْظُرُ لَك يَا رَسُولَ اللّهِ مَا فَعَلَ سَعْدٌ فَنَظَرَ فَوَجَدَهُ جَرِيحًا فِي الْقَتْلَى وَبِهِ رَمَقٌ . قَالَ فَقُلْت لَهُ إنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَمَرَنِي أَنْ أَنْظُرَ أَفِي الْأَحْيَاءِ أَنْتَ أَمْ فِي الْأَمْوَاتِ ؟ قَالَ أَنَا فِي الْأَمْوَاتِ فَأَبْلِغْ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَنّي السّلَامَ وَقُلْ لَهُ إنّ سَعْدَ بْنَ الرّبِيعِ يَقُولُ لَك : جَزَاك اللّهُ عَنّا خَيْرَ مَا جَزَى نَبِيّا عَنْ أُمّتِهِ وَأَبْلِغْ قَوْمَك عَنّي السّلَامَ وَقُلْ لَهُمْ إنّ سَعْدَ بْنَ الرّبِيعِ يَقُولُ لَكُمْ إنّهُ لَا عُذْرَ لَكُمْ عِنْدَ اللّهِ إنْ خُلِصَ إلَى نَبِيّكُمْ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَمِنْكُمْ عَيْنٌ تَطْرِفُ . قَالَ ثُمّ لَمْ أَبْرَحْ حَتّى مَاتَ قَالَ فَجِئْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَأَخْبَرْته خَبَرَهُ ) فقال: “رحمه الله نصح لله حيًّا وميتًا . فانظروا إلى مدى حب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لِنَبِيِّهِمْ!! ومدى حرصهم على وجوده معافى.. وليس سعد وحده هو صاحب هذا الموقف بل شاركه الكثير من الرجال والنساء على السواء . وهكذا استشهد سعد بن الربيع في غزوة أحد في السنة الثالثة من الهجرة. وانتقل سعد بن الربيع إلى جوار ربه.. ونال ما تمناه.. وترك ذرية من بعده..
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( مع الصحابي : (سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ويروي لنا أبو بكر الزبيري: أن رجلا دخل على أبي بكر الصديق، وبنت لسعد بن الربيع جارية صغيرة على صدره يقبّلها؛ فقال له الرجل: مَنْ هذه؟ قال: هذه بنتُ رجل خير مني ،وروى الطبراني بسند فيه ضعف: عن أم سعد بنت سعد بن الربيع أنها دخلت على أبي بكر الصدِّيق رضي الله عنه فألقى لها ثوبا حتى جلست، فدخل عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا خليفة رسول الله من هذه؟ قال: “هذه بنتُ من هو خير مني ومنك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، رجل قُبض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، تبوَّأ مقعده من الجنة، وبقيتُ أنا وأنت”. وكان لسعد من الولد أم سعد وابنة أخرى أمها عمرة بنت حزم أخت عمارة بن حزم. فقد روى الترمذي : (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةُ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ بِابْنَتَيْهَا مِنْ سَعْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَاتَانِ ابْنَتَا سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ قُتِلَ أَبُوهُمَا مَعَكَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا وَإِنَّ عَمَّهُمَا أَخَذَ مَالَهُمَا فَلَمْ يَدَعْ لَهُمَا مَالاً وَلاَ تُنْكَحَانِ إِلاَّ وَلَهُمَا مَالٌ. قَالَ « يَقْضِى اللَّهُ فِي ذَلِكَ ». فَنَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى عَمِّهِمَا فَقَالَ « أَعْطِ ابْنَتَيْ سَعْدٍ الثُّلُثَيْنِ وَأَعْطِ أُمَّهُمَا الثُّمُنَ وَمَا بَقِىَ فَهُوَ لَكَ ». وفي مسند أحمد (مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلِ بْنِ أَبِى طَالِبٍ قَالَ َخَلْتُ عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ .. فَسَأَلْنَاهُ عَنِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ مِنَ الطَّعَامِ فَقَالَ َرَجْتُ أُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي مَسْجِدِهِ فَلَمْ أَجِدْهُ فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقِيلَ لِي هُوَ بِالأَسْوَافِ عِنْدَ بَنَاتِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ أَخِي بَلْحَارِثِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ يَقْسِمُ بَيْنَهُنَّ مِيرَاثَهُنَّ مِنْ أَبِيهِنَّ – قَالَ – وَكُنَّ أَوَّلَ نِسْوَةٍ وَرِثْنَ مِنْ أَبِيهِنَّ فِي الإِسْلاَمِ – قَالَ – فَخَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ الأَسْوَافَ وَهُوَ مَالُ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي صُورٍ مِنْ نَخْلٍ قَدْ رُشَّ لَهُ فَهُوَ فِيهِ – قَالَ – فَأُتِىَ بِغَدَاءٍ مِنْ خُبْزٍ وَلَحْمٍ قَدْ صُنِعَ لَهُ فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَكَلَ الْقَوْمُ مَعَهُ – قَالَ – ثُمَّ بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِلظُّهْرِ وَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ مَعَهُ – قَالَ – ثُمَّ صَلَّى بِهِمُ الظُّهْرَ – قَالَ – ثُمَّ قَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي بَعْضِ مَا بَقِىَ مِنْ قِسْمَتِهِ لَهُنَّ حَتَّى حَضَرَتِ الصَّلاَةُ وَفَرَغَ مِنْ أَمْرِهِ مِنْهُنَّ – قَالَ – فَرَدُّوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَضْلَ غَدَائِهِ مِنَ الْخُبْزِ وَاللَّحْمِ فَأَكَلَ وَأَكَلَ الْقَوْمُ مَعَهُ ثُمَّ نَهَضَ فَصَلَّى بِنَا الْعَصْرَ وَمَا مَسَّ مَاءً وَلاَ أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ.
الدعاء