خطبة عن الالحاد (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ)
فبراير 12, 2019خطبة عن حديث (الدِّينُ النَّصِيحَةُ)
فبراير 16, 2019الخطبة الأولى ( مع الصحابي : ( سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح:29]، وروى مسلم في صحيحه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ وَأَنَا أَمَنَةٌ لأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِى مَا يُوعَدُونَ ».
إخوة الاسلام
إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هم – أبر الناس قلوباً، وأعمقهم علماً ، وأحسنهم خلقاً ، واليوم إن شاء الله نريد أن نقترب من أولئك الرجال الأبرار ، لنستقبل فيهم أروع نماذج البشرية ، ولنرى في سيرتهم اسمى ما عرفت البشرية من عظمة ونبل ورشاد ،نقترب منهم لنرى إيمانهم ، وثباتهم ، وبطولاتهم ، وولاءهم لله ورسوله ، لنرى البذل الذي بذلوا ، والهول الذي احتملوا ، والفوز الذي أحرزوا ،نرى الدور الجليل الذي نهضوا به لتحرير البشرية كلها من وثنية الضمير ،وضياع المصير ، حقا ، إنهم فتية آمنوا بربهم ، فزادهم الله هدى ، واليوم إن شاء الله موعدنا مع صحابي جليل ، إنه الصحابي : ( سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو ) ،أما عن اسمه ونسبه : فهو سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود القرشي العامري، ويكنى أبا يزيد. وأمه حبي بنت قيس الخزاعية. وقد وقع سهيل بن عمرو أسيرا بأيدي المسلمين في غزوة بدر كافراً، فقال عمر بن الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا رسول الله دعني أنزع ثنيتي سهيل بن عمرو حتى لا يقوم عليك خطيبا بعد اليوم ” فأجابه رسول الله: “لا أمثل بأحد، فيمثل الله بي، وإن كنت نبيا ” ثم أدنى عمر منه وقال : ” يا عمر لعل سهيلاً يقف غدا موقفاً يسرك ” وفي صلح الحديبية ارسلت قريش سهيل بن عمرو إلى الرسول كمفاوض، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حين رآه: “قد سَهُلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ” ، ودعا الرسول علي بن أبي طالب ليكتب الصلح ففي مسند أحمد (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِالْحُدَيْبِيَةِ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ الَّتِي قَالَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ وَكَانَ يَقَعُ مِنْ أَغْصَانِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَعَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِعَلِىٍّ « اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ». فَأَخَذَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو بِيَدِهِ فَقَالَ مَا نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ اكْتُبْ فِي قَضِيَّتِنَا مَا نَعْرِفُ. قَالَ « اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ ». فَكَتَبَ هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَهْلَ مَكَّةَ فَأَمْسَكَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو بِيَدِهِ وَقَالَ لَقَدْ ظَلَمْنَاكَ إِنْ كُنْتَ رَسُولَهُ اكْتُبْ فِي قَضِيَّتِنَا مَا نَعْرِفُ. فَقَالَ « اكْتُبْ هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ ». فَكَتَبَ ،فرضيت قريش بما صنع سهيل، وأقام سهيل على دين قومه حتى كان فتح مكة. وقال سُهَيْل بن عَمْرو: لما دخل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مكة اقْتَحَمْتُ بيتي، وغلقت عَلَيَّ بابي، وأرسلت إلى ابني عبد الله بن سُهَيْل أن اطلب لي جِوارًا من محمد فإني لا آمن أن أُقْتل، فذهب عبد الله إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ،فقال: يا رسول الله أَبِي تُؤَمِّنه؟ قال: “نعم، هو آمِنٌ بأمان الله فليظهر”، ثم قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لمن حوله: “من لقي سهيل بن عمرو فَلاَ يُشد النَّظَرَ إليه، فلعَمري إِن سهيلًا له عقل وشرف، وما مثل سُهَيْل جَهل الإسلام”، فخرج عبد الله بن سهيل إلى أبيه فخبره بمقالة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فقال سهيل: كان والله بَرًّا، صغيرًا، وكبيرًا! فكان سهيل يُقبل ويُدبر آمنًا، وخرج إلى حُنين مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وهو على شركه، حتى أسلم بالجِعِرّانة، فأعطاه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يومئذ من غنائم حُنَيْن مائة من الإبل وكتَب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى سُهَيْل بن عمرو “أن أَهْدِ لنا من ماء زمزم ولا تتركنَّه”، قال: فأرسل إليه بمزادتين مَمْلُوءَتَيْن من ماء زمزم.
ويوم جاء نعي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى مكة تقلّد سهيل السيف، ثم خطب في الناس بخطبة أبي بكر التي خطب بالمدينة كأنه سمعها فقال: يا أيها الناس مَن كان يعبدُ محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومَن كان يعبدُ الله فإن الله حي لا يموت، وقد نَعى الله نبيكم إليكم وهو بين أظهركم ونَعَاكم إلى أنفسكم، فهو الموت حتى لا يبقى أحد، ألم تعلموا أن الله قال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [ الزمر: 30]، ثم قال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [ آل عمران: 144]، وقال: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [الأنبياء: 35]، ثم تلا: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88] ،فاتقوا الله واعتصموا بدينكم، وتوكّلوا على ربكم، فإن دين الله قائم، وكلمة الله تامة، وإن الله ناصر مَن نَصَره، ومُعز دينه، وقد جمعكم الله على خيركم، فلما بلَغ عُمر كلام سُهيل بمكة قال: أشهد أن محمدًا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وأن ما جاء به حق، هذا هو المقام الذي عني رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حين قال لي: “يقوم مقامًا لا تكرهه”. وقيل أنه لم يكن أحد من كُبراء قريش الذين تأخَّر إسلامهم فأسلَموا يوم فتح مكة، أكثر صلاةً ولا صومًا ولا صَدقة، ولا أَقبلَ على ما يَعنيه من أمر الآخرة، من سُهَيل بن عمرو، حتى إن كان لقد شحب وتغيّر لونه، وكان كثير البكاء رقيقًا عند قراءة القرآن. وروي أن سهيل بن عمرو قال: والله لا أدَعُ موقفًا وقفْتُهُ مع المشركين إلاّ وقفت مع المسلمين مثله، ولا نفقة أنفقتها مع المشركين إلا أنفقْتُ على المسلمين مثلها، لعل أمْرِي أن يتلو بعضه بعضًا. ولقد رُئِي سهيل يختلف إلى مُعاذ بن جَبَل يُقْرِئُه القرآن وهو بمكة، حتى خرج مُعاذ من مكة، وحتى قال له ضِرَار بن الخطاب: يا أَبا يزيد: تختلف إلى هذا الخزرجي يقرئك القرآن! ألا يكون اختلافك إلى رجل من قومك من قريش؟ فقال: يا ضرار، هذا الذي صنع بنا ما صنع حتى سبقنا كل السبق، إني لعمري أَخْتَلِف إليه، فقد وضع الإسلام أمر الجاهلية، ورفع الله أقوامًا بالإسلام كانوا في الجاهلية لا يذكرون، فليتنا كنا مع أولئك فَتَقَدّمنا، وإني لأذكر ما قسم الله لي في تَقَدُّم إسلام أهل بيتي، الرجال والنساء ومولاي عُمَيْر بن عوف فأَسرّ به وأحمد الله عليه، وأرجو أن يكون الله نفعني بدعائهم ألا أكون مت على ما مات عليه نظرائي وقتلوا، وقد شهدت مواطن كلها أنا فيها مُعَانِد للحق: يوم بدر ويوم أُحد والخندق، وأنا وُلِّيت أَمْر الكتاب يوم الحديبية، يا ضِرار، إني لأذكر مراجعتي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يومئذ، وما كنتُ ألط به من الباطل، فأستحيي من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وأنا بمكة وهو بالمدينة، ولكن ما كان فينا من الشرك أعظم من ذلك، وانظر إلى ابني عبد الله ومولاي عُمير بن عوف قد فرّا مني فصارا في حيز محمد، وما عمي عليَّ يومئذ من الحق لما أنا فيه من الجهالة، وما أراد بهما الله من الخير، ثم قتل ابني عبد الله بن سهيل يوم اليمامة شهيدًا، عزاني به أبو بكر وقال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: “إن الشهيد ليشفع لسبعين من أهل بيته”، فأنا أرجو أن أكون أول من يشفع له. وروى أبو سعيد بن أبي فَضَالة الأنصاري قال: اصطحبتُ أنا وسُهَيل بن عمرو إلى الشام ليالي أغزانا أبو بكر الصديق، فسمعتُ سُهيلًا يقول: سمعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: “مقام أحدكم في سبيل الله ساعة خير من عَمَله عُمْرَه في أهله”،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( مع الصحابي : ( سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى جرير بن حازم، عن الحسن، قال: حضر الناس باب عمر بن الخطاب، (رضي الله عنه)، وفيهم سهيل بن عمرو، وأبو سفيان بن حرب، والحارث بن هشام، وأولئك الشيوخ من مسلمة الفتح، فخرج آذنه، فجعل يأذن لأهل بدر كصهيب، وبلال، وعمار، وأهل بدر، وكان يحبهم، فقال أبو سفيان: ما رأيت كاليوم قط، إنه ليؤذن لهؤلاء العبيد ونحن جلوس لا يلتفت إلينا، فقال سهيل بن عمرو (قال الحسن: ويا له من رجل، ما كان أعقله! ) : فقال: أيها القوم، إني والله قد أرى ما في وجوهكم، فإن كنتم غضاباً فاغضبوا على أنفسكم، دعي القوم ودعيتم، فأسرعوا وأبطأتم، أما والله لما سبقوكم به من الفضل أشد عليكم فوتاً من بابكم هذا الذي تنافسون عليه. ثم قال: أيها الناس إن هؤلاء سبقوكم بما ترون، فلا سبيل، والله، إلى ما سبقوكم إليه، فانظروا هذا الجهاد فالزموه، عسى الله أن يرزقكم الشهادة، ثم نفض ثوبه، فقام، فلحق بالشام. قال الحسن: صدق والله عبداً أسرع إليه كعبد أبطأ عنه.وقد دخل سهيل على أمير المؤمنين عمر يسأله عن أمر يستدرك به ما فاته وما سبقه به إخوانه المسلمون، فأشار عليه عمر بالجهاد في سبيل الله على حدود الروم، فلم يتوان سهيل عن ذلك، وعزم على أن يقضى باقي عمره مجاهدًا لله ورسوله،
أيها المسلمون
ومن القصص والنوادر : قيل أن سهيل بن عمرو كان على سفر هو وزوجته.. وفي أثناء الطريق.. اعترضهم قطاع الطرق.. وأخذوا كل ما معهم من مال وطعام.. كل شئ ،وجلس اللصوص يأكلون ما حصلوا عليه من طعام وزاد.. فانتبه سهيل بن عمرو.. أن قائد اللصوص لا يشاركهم الاكل فسأله.. لماذا لا تأكل معهم ؟! فرد عليه : إني صائم.. فدهش سهيل فقال له.. تسرق وتصوم قال… له.. إني أترك بابا بيني وبين الله لعلي أدخل منه يوما ما.. وبعدها بعام أو عامين.. رأه سهيل في الحج وقد تعلق بأستار الكعبة.. وقد أصبح زاهدا.. عابدا.. فنظر إليه وعرفه.. فقال له : أو علمت.. من ترك بينه وبين الله بابا.. دخل منه يوما ما.. سبحان الله العظيم فعلا.. فإياك أن تغلق جميع الأبواب بينك وبين الله عز وجل حتى ولو كنت عاصياً وتقترف معاصيَ كثيرة، فعسى باب واحد أن يفتح لك أبوابً أما عن وفاته ، فقد قيل: أنه استشهد باليرموك وهو على كردوس، وقيل: بل استشهد يوم الصفر، وقيل: مات في طاعون عمواس،
الدعاء