خطبة عن (وقفات مع النفس، ووصايا على الطريق)
فبراير 3, 2018خطبة عن ( من أسرار الصلاة وثمراتها )
فبراير 3, 2018الخطبة الأولى ( عن الصحابي : (ضِرَارُ بْنُ الأَزْوَرِ)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح:29]، وروى مسلم في صحيحه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ وَأَنَا أَمَنَةٌ لأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِى مَا يُوعَدُونَ ».
إخوة الاسلام
إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هم – أبر الناس قلوباً، وأعمقهم علماً ، وأحسنهم خلقاً ،واليوم إن شاء الله نريد أن نقترب من أولئك الرجال الأبرار ، لنستقبل فيهم أروع نماذج البشرية ، ولنرى في سيرتهم اسمى ما عرفت البشرية من عظمة ونبل ورشاد ،نقترب منهم لنرى إيمانهم ، وثباتهم ، وبطولاتهم ، وولاءهم لله ورسوله ، لنرى البذل الذي بذلوا ، والهول الذي احتملوا ، والفوز الذي أحرزوا ،نرى الدور الجليل الذي نهضوا به لتحرير البشرية كلها من وثنية الضمير ، وضياع المصير ، حقا ، إنهم فتية آمنوا بربهم ، فزادهم الله هدى ، واليوم -إن شاء الله- موعدنا مع صحابي جليل ، إنه الصحابي : (ضِرَارُ بْنُ الأَزْوَرِ ) : أما عن نسبه : فهو ضرار بن الأزور وهو مالك بن أوس بن جذيمة بن ربيعة بن مالك بن ثعلبة بن أسد بن دودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، الأسدي .وكان يقال له أبا بلال ، وكان من الأثرياء، ولكنه ترك كل أمواله ،وذهب للجهاد ، وقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام يحبه ويثق به ، ولما قدم على رسول الله كان له ألف بعير برعاتها فأخبره بما خلف، ففي مسند أحمد (عَنْ ضِرَارِ بْنِ الأَزْوَرِ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقُلْتُ امْدُدْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ عَلَى الإِسْلاَمِ. قَالَ ضِرَارٌ ثُمَّ قُلْتُ : تَرَكْتُ الْقِدَاحَ وَعَزْفَ الْقِيَانِ وَالْخَمْرَ تَصْلِيَةً وَابْتِهَالاً وَكَرِّى الْمُحَبَّرَ فِي غَمْرَةٍ وَحَمْلِي عَلَى الْمُشْرِكِينَ الْقِتَالاَ فَيَا رَبِّ لاَ أُغْبَنَنَّ صَفْقَتِي فَقَدْ بِعْتُ أَهْلِي وَمَالِي ابْتِدَالاَ فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « مَا غُبِنَتْ صَفْقَتُكَ يَا ضِرَارُ ». هكذا كان يصنع صحابة رسول الله بأموالهم، كانوا ينفقونها في سبيل الله، يبيعون الدنيا ويشترون الآخرة، يبيعون الفاني ويشترون الباقي. وقال ضرار: أهديت لرسول الله لقحة، فأمرني أن أحلبها فجهدت حلبها، ففي مسند أحمد : (عَنْ ضِرَارِ بْنِ الأَزْوَرِ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- مَرَّ بِهِ وَهُوَ يَحْلِبُ فَقَالَ ،« دَعْ دَاعِىَ اللَّبَنِ » ،ورغم أن ضرار بن الأزور أسلم بعد فتح مكة، إلا أنه برز بين الصحابة بسرعة كبيرة، بسبب قُدراتِه العسكرية القيادية الفذة، وتضحياتِه الكبرى. فكان ضرارٌ من المحاربين الأشداء، وكانتْ له مكانة عند النبي صلى الله عليه وسلم. وقد أرسله ذاتَ مرة ليوقفَ هجومَ بني أسد. وبعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام ، شارك ضرار في حروب الردة ، وشارك أيضا في معركة اليرموك ، في السنة الثالثة عشرة للهجرة ، والتي ألحق المسلمين فيها بالروم هزيمة شديدة . وقد كان سببًا في تثبيت المسلمين في معركة اليمامة ، وهي من حروب الردة في عام 12 للهجرة بقيادة عكرمة بن أبي جهل ، وقد قاتل هناك قتلًا شديدًا حتى أصيب في ساقيه الاثنتين ولكنه استكمل القتال على ركبتيه ولكنه تعافى بعد ذلك .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( عن الصحابي : (ضِرَارُ بْنُ الأَزْوَرِ)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وفي معركة أجنادين بقيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه ، أظهر وردان شجاعة في القتال وقد تبعته كتيبة من 30 مقاتل ، فخلع درعه من صدره ، ورمى الترس من يده وخلع قميصه ، وأصبح عاري الصدر حتى يخف وزنه ، وأخذ يقتل في الروم فقتل معظمهم ، وفر الباقون ، وأطلقوا عليه لقب الشيطان عاري الصدر . وكان الروم في أجنادين بقيادة وردان ، وحاول وردان دعوة خالد بن الوليد للتفاوض ، ولكنه أعد حيلة لقتلة لكن هذه الحيلة لم تدخل على المسلمين ، فجهز خالد مجموعة من المسلمين بقيادة ضرار بن الأزور فهجموا على جنود وردان وقتلوهم ، وارتدي ضرار درع الروم ووصل إلى خيمة وردان ، وخلع خوذته فعرف وردان أنه (الشيطان عاري الصدر ) وقتل ضرار وردان قائد الروم وأخذ يصيح الله أكبر ، وكانت أجنادين هي المقدمة لفتح بلاد الشام . وفي معركة مرج دهشور قابل ضرار أحد قادة الروم ، ويدعى بولص كان يريد الثأر لوردان ، وبدأت المعركة بينهما ، فحين وقع سيف ضرار على رقبة بولص نادى على خالد بن الوليد ، وقال له يا خالد أقتلني أنت ، ولا تدعه يقتلني ، فقال له خالد بل هو قاتلك وقاتل الروم . وفي معركة اليرموك ، كان ضرار أول من بايع عكرمة بن أبي جهل ، وذهب مع أربعمائة من المسلمين ، استشهدوا جميعا إلا ضرار ، وقد ذهب ضرار مع كتيبة من المسلمين لمعرفة أخبار الروم ، فقاتل الروم ويقال قتل منهم أربعة مائة ولكنه وقع أسيرا ، فبعث المسلمين كتيبة لتحريره ومن معه ، وبالفعل حرروهم وعادوا معهم . ومن شعره في قتال الروم :
لك الحمد يا مولاي في كل ساعة مفرج أحزاني وهمي وكربتي
نلت ما أرجوه من كل راحة وجمعت شملي ثم أبرأت علتي
سأفني كلاب الروم في كل معركة وذلك والرحمن أكبر همتي
ويل كلب الروم إن ظفرت يدي به سوف أصليه الحسام بنقمتي
وأتركهم قتلى جميعاً على الثرى كما رمة في الأرض من عظم ضربتي
أيها المسلمون
وقد شارك أيضًا في فتح دمشق مع خالد بن الوليد رضي الله عنه ، ثم توفى ضرار بن الأزور في منطقة غور الأردن ، ويرجح أنه مات في طاعون عمواس ، ودُفن هناك وسميت المدينة باسمه . وفي سنن البيهقي : (بَعَثَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فِي جَيْشٍ فَبَعَثَ خَالِدٌ ضِرَارَ بْنَ الأَزْوَرِ فِي سَرِيَّةٍ فِي خَيْلٍ فَأَغَارُوا عَلَى حَيٍّ مِنْ بَنِى أَسَدٍ فَأَصَابُوا امْرَأَةً عَرُوسًا جَمِيلَةً فَأَعْجَبَتْ ضِرَارًا فَسَأَلَهَا أَصْحَابَهُ فَأَعْطُوهَا إِيَّاهُ فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَلَمَّا قَفَلَ نَدِمَ وَسُقِطَ فِي يَدِهِ فَلَمَّا دُفِعَ إِلَى خَالِدٍ أَخْبَرَهُ بِالَّذِي فَعَلَ قَالَ خَالِدٌ فَإِنِّي قَدْ أَجَزْتُهَا لَكَ وَطَيَّبْتُهَا لَكَ قَالَ لاَ حَتَّى تَكْتُبَ بِذَلِكَ إِلَى عُمَرَ فَكَتَب عُمَرُ : أَنِ ارْضَخْهُ بِالْحِجَارَةِ فَجَاءَ كِتَابُ عُمَرَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَدْ تُوُفِّىَ فَقَالَ مَا كَانَ اللَّهُ لِيُخْزِى ضِرَارَ بْنَ الأَزْوَرِ). فرضي الله عن أصحاب رسول الله أجمعين ، وجمعنا بهم في جنات النعيم ، مع من أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين
الدعاء