خطبة عن ( عبد الله بن مسعود: من أقرَأ الصَّحابةِ للقرَآنِ)
مارس 9, 2016خطبة عن (الحقوق) (لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ)
مارس 10, 2016الخطبة الأولى ( عبد الله بن مسعود )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح:29]، وروى مسلم في صحيحه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ وَأَنَا أَمَنَةٌ لأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِى مَا يُوعَدُونَ ».
إخوة الإسلام
روى البخاري في صحيحه : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ « اسْتَقْرِئُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِى حُذَيْفَةَ ، وَأُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ » ، فإذا أراد المرء منا أن يرتقي أو يتقدم أو يفوز بعلو الدنيا وعلو الآخرة فلابد من أن يستضيء بنور أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهم الذين عضوا بالنواجذ على سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وتتجلى روعة أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أنهم رأوا في الإسلام المنهج السامي الذي يحقق لهم الحياة مثلى في دنياهم وأخرتهم، فتمثلوا بمبادئ الإسلام وتعاليمه إلى أرض الواقع، وحققوها في أنفسهم وفيمن حولهم، فحوت سيرتهم العطرة دروسا وعبرا وحلولا لجل المشاكل التي تعصف بالأمة الإسلامية اليوم .. إنه الماضي الذي نسيناه وأخذنا في خضم الأزمات نبحث عن مخرج في آراء مفكري الغرب تارة والشرق تارة أخرى رغم أن الحل في إسلامنا وما هو منا ببعيد. واليوم إن شاء الله نريد أن نقترب من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في خشوع وغبطة ،نقترب منهم لنرى إيمانهم ، وثباتهم ، وبطولاتهم ، وولاءهم لله ورسوله ،نرى البذل الذي بذلوا ، والهول الذي احتملوا ، والفوز الذي أحرزوا ، نرى الدور الجليل الذي نهضوا به لتحرير البشرية كلها من وثنية الضمير ، وضياع المصير ،فللإسلام رجال بذكرهم توقظ الهمم، وتحيا القلوب، وفي قصصهم عبر ،و موعدنا اليوم إن شاء الله مع الصحابي الجليل : ( عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ) : فهو عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب، أبو عبد الرحمن الهذلي المكي المهاجري البدري، حليف بني زهرة. وكناه النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا عبدالرحمـن مات أبوه في الجاهلية، وأمُّه هي أم عبد بنت عبد وُدّ بن سُوَيٍّ، من بني زهرة وأسلمت أمه وصحبت النبي – صلى الله عليه وسلم- لذلك كان ينسب إلى أمه أحيانا فيقال: (ابن أم عبد)… وأم عبد كنية أمه -رضي الله عنهما-. كان قصيرًا جدًّا، طوله نحو ذراع، خفيف اللحم، . نحيل الجسم دقيق الساق وكان لطيفًا فطنًا ومعدودًا في أذكياء العلماء. وقد شهد له النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- بأن ساقه الدقيقة أثقل في ميزان الله من جبل أحد، وقد بشره الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- بالجنة. فقد روى الإمام أحمد في مسنده (عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَجْتَنِى سِوَاكاً مِنَ الأَرَاكِ وَكَانَ دَقِيقَ السَّاقَيْنِ فَجَعَلَتِ الرِّيحُ تَكْفَؤُهُ فَضَحِكَ الْقَوْمُ مِنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مِمَّ تَضْحَكُونَ ». قَالُوا يَا نَبِىَّ اللَّهِ مِنْ دِقَّةِ سَاقَيْهِ. فَقَالَ « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَهُمَا أَثْقَلُ فِى الْمِيزَانِ مِنْ أُحُدٍ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( عبد الله بن مسعود )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وكان أول شىء علمه عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ذكره الذهبي في سيره وغيره، عن لسان ابن مسعود أنه قال: قدمت مكة مع أناس من قومي نبتاع منها، فأرشدونا إلى العباس بن عبد المطلب فإذا هو جالس عند زمزم، فبينا نحن كذلك إذ أقبل رجل من باب الصفا عليه ثوبان أبيضان، كأنه القمر ليلة البدر، يمشي على يمينه غلام حسن الوجه، تقفوهم امرأة قد سترت محاسنها، حتى قصد الحجر فاستلم واستلم الغلام واستلمت المرأة، ثم طافوا البيت سبعًا، ثم استقبل الركن فرفع يده، وكَبَّر وقام ثم ركع ثم سجد ثم قام، فأقبلنا على العباس نسأله فقال: هذا ابن أخي محمد بن عبد الله، والغلام علي بن أبي طالب، والمرأة خديجة بنت خويلد امرأته. أما والله ما على وجه الأرض أحد نعلمه يعبد الله بهذا الدين إلا هؤلاء الثلاثة. ويقول – رضي الله عنه – عن سبب إسلامه وعن أول لقاء له مع الرسول – صلى الله عليه وسلم كما في صحيح بن حبان وسنن الإمام أحمد (عَنْ زِرٍّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ كُنْتُ أَرْعَى غَنَماً لِعُقْبَةَ بْنِ أَبِى مُعَيْطٍ فَمَرَّ بِى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَبُو بَكْرٍ فَقَالَ « يَا غُلاَمُ هَلْ مِنْ لَبَنٍ ». قَالَ قُلْتُ نَعَمْ وَلَكِنِّى مُؤْتَمَنٌ قَالَ « فَهَلْ مِنْ شَاةٍ لَمْ يَنْزُ عَلَيْهَا الْفَحْلُ ». فَأَتَيْتُهُ بِشَاةٍ فَمَسَحَ ضَرْعَهَا فَنَزَلَ لَبَنٌ فَحَلَبَهُ فِى إِنَاءٍ فَشَرِبَ وَسَقَا أَبَا بَكْرٍ ثُمَّ قَالَ لِلضَّرْعِ « اقْلِصْ ». فَقَلَصَ. قَالَ ثُمَّ أَتَيْتُهُ بَعْدَ هَذَا فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِى مِنْ هَذَا الْقَوْلِ – قَالَ – فَمَسَحَ رَأْسِى وَقَالَ « يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَإِنَّكَ غُلَيِّمٌ مُعَلَّمٌ ». ونستكمل إن شاء الله تعالى
الدعاء