خطبة عن (عبد الله بن مسعود: علمه وفقهه وجهاده)
مارس 9, 2016خطبة عن ( عبد الله بن مسعود: من أقرَأ الصَّحابةِ للقرَآنِ)
مارس 9, 2016الخطبة الأولى (عبد الله بن مسعود: أول من جهر بالقرآن عند الكعبة)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري في صحيحه : ( عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ ، قَالَ سَأَلْنَا حُذَيْفَةَ عَنْ رَجُلٍ قَرِيبِ السَّمْتِ وَالْهَدْىِ مِنَ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – حَتَّى نَأْخُذَ عَنْهُ فَقَالَ مَا أَعْرِفُ أَحَدًا أَقْرَبَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلاًّ بِالنَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – مِنِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ )
إخوة الإسلام
الصحابي الجليل (عبد الله بن مسعود) -رضي اللـه عنه- أول من جهر بالقرآن الكريم عند الكعبة بعد رسول اللـه -صلى الله عليه وسلم-، فقد اجتمع يوماً أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: (والله ما سمعت قريشُ هذا القرآن يُجهرُ لها به قط، فمَنْ رجلٌ يُسمعهم؟)… فقال عبد الله بن مسعود: (أنا)… فقالوا: (إنّا نخشاهم عليك، إنّما نريدُ رجلاً له عشيرة تمنعه من القوم إن أرادوه)… فقال: (دعوني فإنّ الله سيمنعني)… فغدا عبد الله حتى أتى المقام في الضحى وقريش في أنديتها، حتى قام عبد الله عند المقام فقال رافعاً صوته. بسم الله الرحمن الرحيم: {الرّحْمن، عَلّمَ القُرْآن، خَلَقَ الإنْسَان، عَلّمَهُ البَيَان}… فاستقبلها فقرأ بها، فتأمّلوا فجعلوا يقولون ما يقول ابن أم عبد، ثم قالوا: (إنّه ليتلوا بعض ما جاء به محمد)… فقاموا فجعلوا يضربونه في وجهه، وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ، ثم انصرف إلى أصحابه وقد أثروا بوجهه، فقالوا: (هذا الذي خشينا عليك)… فقال: (ما كان أعداء الله قط أهون عليّ منهم الآن، ولئن شئتم غاديتهم بمثلها غداً؟!)… قالوا: (حسبُكَ قد أسمعتهم ما يكرهون). وأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن مسعود أن يقرأ عليه القرآن ، ففي الصحيحين (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « اقْرَأْ عَلَىَّ » . قَالَ قُلْتُ أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ قَالَ « إِنِّى أَشْتَهِى أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِى » . قَالَ فَقَرَأْتُ النِّسَاءَ حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ ( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا ) . قَالَ لِى « كُفَّ – أَوْ أَمْسِكْ – » . فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَذْرِفَانِ . ) وفي رواية مسلم (رَفَعْتُ رَأْسِى أَوْ غَمَزَنِى رَجُلٌ إِلَى جَنْبِى فَرَفَعْتُ رَأْسِى فَرَأَيْتُ دُمُوعَهُ تَسِيلُ. ) ، فكان ابن مسعود من علماء الصحابة -رضي الله عنهم- وحفظة القرآن الكريم البارعين، فيه انتشر علمه وفضله في الآفاق بكثرة أصحابه والآخذين عنه الذين تتلمذوا على يديه وتربوا، وقال أيضاً: كما في الصحيحين (عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ – رضى الله عنه – وَاللَّهِ الَّذِى لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلاَّ أَنَا أَعْلَمُ أَيْنَ أُنْزِلَتْ وَلاَ أُنْزِلَتْ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلاَّ أَنَا أَعْلَمُ فِيمَ أُنْزِلَتْ ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنِّى بِكِتَابِ اللَّهِ تُبَلِّغُهُ الإِبِلُ لَرَكِبْتُ إِلَيْهِ ) ،وقال أيضاً: كما في البخاري ومسلم واللفظ لمسلم (عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ ( وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) ثُمَّ قَالَ عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ تَأْمُرُونِى أَنْ أَقْرَأَ فَلَقَدْ قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً وَلَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنِّى أَعْلَمُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَلَوْ أَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا أَعْلَمُ مِنِّى لَرَحَلْتُ إِلَيْهِ. قَالَ شَقِيقٌ فَجَلَسْتُ فِى حَلَقِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَرُدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلاَ يَعِيبُهُ. )، وقد كان يقول: (أخذت من فم رسـول اللـه -صلى اللـه عليه- سبعين سورة لا ينازعني فيها أحد)… وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين (عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو – رضى الله عنهما – سَمِعْتُ النَّبِىَّ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « اسْتَقْرِئُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِى حُذَيْفَةَ ، وَأُبَىٍّ ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( عبد الله بن مسعود )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وفي مسند أحمد وغيره (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ بَشَّرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضاًّ كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَقْرَأَهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ ». وفي سنن الترمذي (عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اسْتَخْلَفْتَ. قَالَ « إِنِ اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْكُمْ فَعَصَيْتُمُوهُ عُذِّبْتُمْ وَلَكِنْ مَا حَدَّثَكُمْ حُذَيْفَةُ فَصَدِّقُوهُ وَمَا أَقْرَأَكُمْ عَبْدُ اللَّهِ فَاقْرَءُوهُ » ، وحين أخذ عثمان بن عفان من عبد الله مصحفه، وحمله على الأخذ بالمصحف الإمام الذي أمر بكتابته، فزع المسلمون لعبد الله ففي مسند أحمد (عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَسَّانَ عَنْ فُلْفُلَةَ الْجُعْفِىِّ قَالَ فَزِعْتُ فِيمَنْ فَزِعَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ فِى الْمَصَاحِفِ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ إِنَّا لَمْ نَأْتِكَ زَائِرِينَ وَلَكِنْ جِئْنَاكَ حِينَ رَاعَنَا هَذَا الْخَبَرُ . فَقَالَ إِنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ عَلَى نَبِيِّكُمْ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ سَبْعَةِ أَبْوَابٍ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ – أَوْ قَالَ حُرُوفٍ – وَإِنَّ الْكِتَابَ قَبْلَهُ كَانَ يَنْزِلُ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ ) . ونستكمل الموضوع ان شاء الله تعالى
الدعاء