خطبة عن (عثمان بن عفان أميرا للمؤمنين)
فبراير 25, 2016خطبة عن (عثمان بن عفان مهاجرا إلى الله ورسوله)
فبراير 25, 2016الخطبة الأولى ( من مناقب عثمان بن عفان ومواقفه)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في سنن الترمذي : ( عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَبَّابٍ قَالَ شَهِدْتُ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يَحُثُّ عَلَى جَيْشِ الْعُسْرَةِ فَقَامَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَىَّ مِائَةُ بَعِيرٍ بِأَحْلاَسِهَا وَأَقْتَابِهَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ. ثُمَّ حَضَّ عَلَى الْجَيْشِ فَقَامَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَىَّ مِائَتَا بَعِيرٍ بِأَحْلاَسِهَا وَأَقْتَابِهَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ. ثُمَّ حَضَّ عَلَى الْجَيْشِ فَقَامَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِلَّهِ عَلَىَّ ثَلاَثُمِائَةِ بَعِيرٍ بِأَحْلاَسِهَا وَأَقْتَابِهَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ. فَأَنَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَنْزِلُ عَنِ الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَقُولُ « مَا عَلَى عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ هَذِهِ مَا عَلَى عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ هَذِهِ ».
إخوة الإسلام
حديثنا اليوم -إن شاء الله تعالى- عن سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه ،وعن عطائه ومسارعته في الخيرات طلبا لرضا الله والجنة ،ففي مسند أحمد ( جَاءَ عُثْمَانُ يَمْشِى فَقَالَ أَهَا هُنَا عَلِىٌّ قَالُوا نَعَمْ. قَالَ أَهَا هُنَا الزُّبَيْرُ قَالُوا نَعَمْ. قَالَ أَهَا هُنَا طَلْحَةُ قَالُوا نَعَمْ. قَالَ أَهَا هُنَا سَعْدٌ قَالُوا نَعَمْ. قَالَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُو لَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ يَبْتَاعُ مِرْبَدَ بَنِى فُلاَنٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ » فَابْتَعْتُهُ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقُلْتُ إِنِّي قَدِ ابْتَعْتُهُ فَقَالَ « اجْعَلْهُ فِي مَسْجِدِنَا وَأَجْرُهُ لَكَ ». قَالُوا نَعَمْ. قَالَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُو لَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ يَبْتَاعُ بِئْرَ رُومَةَ ».فَابْتَعْتُهَا بِكَذَا وَكَذَا فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقُلْتُ إِنِّي قَدِ ابْتَعْتُهَا – يَعْنِى بِئْرَ رُومَةَ – فَقَالَ « اجْعَلْهَا سِقَايَةً لِلْمُسْلِمِينَ وَأَجْرُهَا لَكَ ». قَالُوا نَعَمْ. قَالَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ يَوْمَ جَيْشِ الْعُسْرَةِ فَقَالَ « مَنْ يُجَهِّزُ هَؤُلاَءِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ». فَجَهَّزْتُهُمْ حَتَّى مَا يَفْقِدُونَ خِطَاماً وَلاَ عِقَالاً. قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ. قَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ اللَّهُمَّ اشْهَدْ اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثُمَّ انْصَرَفَ ).
أيها المسلمون
فما أجمل صنيع هؤلاء الرجال ، وما أعظم إيمانهم ، وما أروع سخاءهم ، لقد قدموا للتاريخ نماذج وصورا رائعة ، إنها صور لرجال أحبوا الله فأحبهم ، وأخلصوا له العمل فقربهم ، وبذلوا في حبه المال والأرواح فرفع درجاتهم عالية ، في جنة عالية ، قطوفها دانية ، يقول سيدنا عثمان: ( حُبب إليَّ من الدنيا ثلاث: إشباع الجوعان، وكسوة العريان، وتلاوة القرآن )، وقال: ( لو طهرت قلوبنا لما شبعت من كلام الله عز وجل. وقال: إني لأكره أن يأتي عليَّ يوم لا أنظر فيه إلى عهد الله ) (يعني المصحف). وقال: ( أربعة ظاهرهن فضيلة وباطنهن فريضة: مخالطة الصالحين فضيلة والاقتداء بهم فريضة، وتلاوة القرآن فضيلة والعمل به فريضة، وزيارة القبور فضيلة والاستعداد للموت فريضة، وعيادة المريض فضيلة واتخاذ الوصية منه فريضة )، وقال – رضي الله عنه -: ( أضيع الأشياء عشرة: عالم لا يُسْأل عنه، وعلم لا يعمل به، ورأي صواب لا يقبل، وسلاح لا يستعمل، ومسجد لا يصلى فيه، ومصحف لا يقرأ فيه، ومال لا ينفق منه، وخيل لا تُرْكب، وعلم الزهد في بطن من يريد الدنيا، وعمر طويل لا يتزود صاحبه فيه لسفره ) .ومن الأخلاق التي عرف بها سيدنا عثمان وميزته عن غيره : خلق الحياء ، فكان حياؤه مضرب الأمثال ، بل وشهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، فقد روى الترمذي وابن حبان وابن ماجة واحمد (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَرْحَمُ أُمَّتِى بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلاَلِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَقْرَؤُهُمْ أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من مناقب عثمان بن عفان ومواقفه)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن المواقف التي شهد له فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحياء ما رواه مسلم في صحيحه (أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِي كَاشِفًا عَنْ فَخِذَيْهِ أَوْ سَاقَيْهِ فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَتَحَدَّثَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَتَحَدَّثَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَسَوَّى ثِيَابَهُ – قَالَ مُحَمَّدٌ وَلاَ أَقُولُ ذَلِكَ فِى يَوْمٍ وَاحِدٍ – فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ عَائِشَةُ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ فَقَالَ « أَلاَ أَسْتَحِى مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِى مِنْهُ الْمَلاَئِكَةُ ».
أيها الموحدون
وبعد أن انتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى ، وتولى الخلافة سيدنا أبو بكر الصديق ، كان عثمان في خلافته جنديا من جنود الإسلام ، يقدم روحه ، وماله في سبيل الله ، ولا يبخل بشيء مما أعطاه الله ، قال ابن عباس : ( قحط الناس في زمان الخليفة أبي بكر ، فقال لهم الخليفة : إن شاء الله ، لا تمسون غدا حتى يأتيكم فرج الله ، فلما كان صباح الغد ، قدمت قافلة لعثمان ، فغدا عليه التجار ، فخرج عليهم ، وعليه ملاءة قد خالف بين طرفيها على عاتقه ، وسألوه أن يبيعهم قافلته ، فسألهم ، كم تربحوني ؟ قالوا : العشرة اثني عشر ، قال : قد زادني ، قالوا فالعشرة خمسة عشر ، قال : قد زادني ، قالوا من زادك ، ونحن تجار المدينة ؟ ، قال إنه الله ، زادني بكل درهم عشرا ، فهل لديكم أنتم مزيد ، فانصرف التجار عنه ، وهو ينادي : ( اللهم إني وهبتها فقراء المدينة بلا ثمن وبلا حساب ) ،نعم ، لقد قال الله تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ) البقرة 245، وقال تعالى : (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ) الانعام 160، إنهم رجال صدقوا الله ، فربحت تجارتهم ونستكمل الحديث في لقاء آخر إن شاء الله
الدعاء