خطبة عن: (الخيانة) لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ)
ديسمبر 30, 2017خطبة عن ( الشباب هم عماد الأمة )
ديسمبر 30, 2017الخطبة الأولى ( مع الصحابي : (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح:29]،وروى مسلم في صحيحه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ وَأَنَا أَمَنَةٌ لأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِى مَا يُوعَدُونَ ».
إخوة الاسلام
إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هم – أبر الناس قلوباً، وأعمقهم علماً ، وأحسنهم خلقاً ،واليوم إن شاء الله نريد أن نقترب من أولئك الرجال الأبرار ، لنستقبل فيهم أروع نماذج البشرية ، ولنرى في سيرتهم اسمى ما عرفت البشرية من عظمة ونبل ورشاد ،نقترب منهم لنرى إيمانهم ، وثباتهم ، وبطولاتهم ، وولاءهم لله ورسوله لنرى البذل الذي بذلوا ، والهول الذي احتملوا ، والفوز الذي أحرزوا ،نرى الدور الجليل الذي نهضوا به لتحرير البشرية كلها من وثنية الضمير ، وضياع المصير ، حقا ، إنهم فتية آمنوا بربهم ، فزادهم الله هدى ، واليوم إن شاء الله موعدنا مع صحابي جليل ، إنه الصحابي 🙁 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ) : أما عن نسبه : فهو عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ بن رئاب من بني خزيمة، وهو ابنُ عمِّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمه أميمة بنت عبد المطلب ، وهي عمة النبي صلى الله علية وسلم . وهو صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخته زينب بنت جحش كانت زوجةً للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهو أولُ من عُقِد له لواءٌ في الإسلام، وهو أول من دُعِي أمير المؤمنين، وقد أسلم الصحابي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم وقد دعاه أبو بكر إلى الإسلام فأسلم ، ولما أذن النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالهجرة إلى المدينة ، فرارا بدينهم من أذى قريش ، كان عبد الله بن جحش رضي الله عنه ثاني المهاجرين إذ لم يسبقه إلى هذا الفضل إلا أبو سلمة. وفي المدينة: نَزَل عَلَى مُبَشِّرِ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ. وآخى رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ وَعَاصِمِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الأَفْلَحِ. والهجرة إلى الله ، ومفارقة الأهل والوطن في سبيله ، لم تكن أمرا جديدا على عبد الله بن جحش رضي الله عنه ، فقد هاجر هو وبعض ذويه قبل ذلك إلى الحبشة. ولكن هجرته هذه المرة كانت أشمل وأوسع ، فقد هاجر معه أهله وذووه ، وسائر بني أبيه رجالا ونساء ، فقد كان بيته بيت إسلام ، وقبيلته قبيلة إيمان. فما أن فصلوا عن مكة حتى بدت ديارهم حزينة كئيبة ، وجعل أبو جهل يتصرف فيها وفي متاعها كما يتصرف المالك في ملكه. فلما بلغ عبد الله بن جحش رضي الله عنه ما صنع أبو جهل بداره ، ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال :” ألا ترضى يا عبد الله ، أن يعطيك الله بها دارا في الجنة ؟ ” قال رضي الله عنه : ( بلى يا رسول الله ) قال صلى الله عليه وسلم : ” فذلك لك “ فطابت نفس عبد الله رضي الله عنه وقرت عينه. وما كاد عبد الله بن جحش رضي الله عنه يستقر في المدينة بعدما ناله من أذى على يد قريش ، حتى شاء الله أن يتعرض لأقسى امتحان عرفه في حياته ، وأن يعاني أعنف تجربة لقيها منذ أسلم. فقد انتدب الرسول صلى الله عليه وسلم ثمانية من أصحابه للقيام بأول عمل عسكري في الإسلام ، فيهم عبد الله بن جحش وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما ، وقال : ” لأؤمرن عليكم أصبركم على الجوع والعطش ” ثم عقد لواءهم لعبد الله بن جحش رضي الله عنه فكان أول أمير أمر على طائفة من المؤمنين. وحدد الرسول صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن جحش وجهته وأعطاه كتابا ، وأمره ألا ينظر فيه إلا بعد مسيرة يومين. فلما انقضى على مسيرة السرية يومان نظر عبد الله رضي الله عنه في الكتاب فإذا فيه : ” إذا نظرت في كتابي هذا فامض حتى تنزل نخلة بين الطائف ومكة ، فترصد بها قريشا ، وقف لنا على أخبارهم “وما إن أتم عبد الله رضي الله عنه الكتاب حتى قال : سمعا وطاعة لنبي الله ) ثم قال لأصحابه : ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أمضي إلى ( نخلة ) لأرصد قريشا حتى آتيه بأخبارهم ، وقد نهاني عن أن أستكره أحدا منكم على المضي معي ، فمن كان يريد الشهادة ويرغب فيها فليصحبني ، ومن كره ذلك فليرجع غير مذموم ) فقال القوم : سمعا وطاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، إنما نمضي معك حيث أمرك نبي الله. ثم سار القوم حتى بلغوا ( نخلة ) وطفقوا يجوسون خلال الدروب ليترصدوا أخبار قريش. وفيما هم كذلك أبصروا عن بعد قافلة لقريش فيها أربعة رجال هم عمرو ابن الحضرمي ، والحكم بن كيسان ، وعثمان بن عبد الله ، وأخوه المغيرة ومعهم تجارة لقريش فيها جلود وزبيب ونحوها مما كانت تتجر به قريش . عند ذلك أخذ الصحابة يتشاورون فيما بينهم ، وكان اليوم آخر يوم من الأشهر الحرم ، فقالوا : إن قتلناهم فإنما نقتلهم في الشهر الحرام ، وفي ذلك ما فيه من أهدار حرمة هذا الشهر والتعرض لسخط العرب جميعا ، وإن أمهلناهم حتى ينقضي هذا اليوم دخلوا في ارض الحرم وأصبحوا في مأمن منا . وما زالوا يتشاورون حتى أجمعوا رأيهم على الوثوب عليهم وقتلهم وأخذ ما في أيديهم غنيمة .وفي لحظات قتلوا واحدا منهم وأسروا اثنين ، وفر الرابع من أيديهم. استاق عبد الله بن جحش رضي الله عنه وصحبه الأسيرين والعير متوجهين إلى المدينة ، فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ووقف على ما فعلوه استنكره أشد الاستنكار ، وقال لهم : ” والله ما أمرتكم بقتال ، وإنما أمرتكم أن تقفوا على أخبار قريش ، وأن ترصدوا حركتها ” وأوقف الأسيرين حتى ينظر في أمرهما … وأعرض عن العير فلم يأخذ منها شيئا. عند ذلك سقط في أيدي عبد الله بن جحش وأصحابه رضي الله عنهم ، وأيقنوا أنهم هلكوا بمخالفتهم لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومما زاد عليهم الأمر ضيقا أن إخوانهم من المسلمين طفقوا يكثرون عليهم من اللوم ، ويزورون عنهم كلما مروا بهم ويقولون : خالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد ازدادوا حرجا على حرج حين علموا أن قريشا اتخذت من هذه الحادثة ذريعة للنيل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والتشهير به بين القبائل ، فكانت تقول : إن محمدا قد استحل الشهر الحرام ، فسفك فيه الدم ، وأخذ المال ، وأسر الرجال .. فحزن عبد الله بن جحش وأصحابه رضي الله عنهم على ما فرط منهم ،ولا عن خجلتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أوقعوه فيه من الحرج. ولما اشتد عليهم الكرب وثقل عليهم البلاء ، جاءهم البشير يبشرهم بأن الله سبحانه قد رضي عن صنيعهم ، وأنه أنزل على نبيه في ذلك قرآنا . طفق الناس يقبلون عليهم معانقين مبشرين مهنئين وهم يتلون ما نزل في عملهم من قرآن مجيد، قال الله تعالى : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: 217], والمعنى : أي إن كنتم قاتلتم في الشهر الحرام فهم قد صدوكم عن سبيل الله مع الكفر به وعن المسجد الحرام وإخراجكم منه وأنتم أهله أكبر عند الله من قتل من قتلتم منهم {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: 217], أي قد كانوا يفتنون المسلم عن دينه ،حتى يردوه إلى الكفر بعد إيمانه ،فذلك أكبر عند الله من القتل، ثم هم مقيمون على أخبث ذلك وأعظمه ،غير تائبين ولا نازعين ، ولهذا قال الله تعالى: {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 217]. فلما نزلت الآيات الكريمات ،طابت نفس الرسول صلى الله عليه وسلم ، فأخذ العير وفدى الأسيرين ، ورضي عن صنيع عبد الله بن جحش ، وأصحابه رضي الله عنهم ،إذ كانت غزوتهم هذه حدثا كبيرا في حياة المسلمين ، فغنيمتها أول غنيمة أخذت في الإسلام ، وقتيلها أول مشرك أراق المسلمون دمه ، واسيراها أول أسيرين وقعا في أيدي المسلمين ، ورايتها أول راية عقدتها يد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأميرها عبد الله بن جحش رضي الله عنه أول من دعي بأمير المؤمنين. قال ابن إسحاق فلما تجلى عن عبد الله بن جحش وأصحابه ما كانوا فيه حين نزل القرآن طمعوا في الأجر فقالوا: يا رسول الله : أنطمع أن تكون لنا غزوة نعطى فيها أجر المجاهدين؟ فأنزل الله فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 218], فوصفهم الله من ذلك على أعظم الرجاء
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( مع الصحابي : (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وقد شهد عبد الله بن جحش رضي الله عنه بدر فأبلى فيها من كريم البلاء ما يليق بإيمانه. ثم جاءت أحد فكان لعبد الله بن جحش وصاحبه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما معها قصة لا تنسى ..ويروي سعد رضي الله عنه قصته وقصة صاحبه قائلا 🙁 لما كانت أحد لقيني عبد الله بن جحش وقال : ألا تدعو الله ؟ فقلت : بلى .فخلونا في ناحية فدعوت فقلت : يا رب إذا لقيت العدو فلقني رجلا شديدا بأسه ، شديدا حرده أقاتله ويقاتلني ، ثم ارزقني الظفر عليه حتى اقتله وآخذ سلبه ،فأمن عبد الله بن جحش رضي الله عنه على دعائي ، ثم قال : اللهم ارزقني رجلا شديدا حرده شديدا باسه أقابله فيك ويقاتلني ثم يأخذني فيجدع أنفي وأذني فإذا لقيتك ..قلت : فيم جدع أنفك وأذنك ؟ فأقول : فيك وفي رسولك فتقول : صدقت ،قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : لقد كانت دعوة عبد الله بن جحش خيرا من دعوتي ، فلقد رايته آخر النهار، وقد قتل ومثل به ، وإن أنفه وأذنه لمعلقان على شجرة بخيط ) وقال الزبير: كان يقال له: المُجدع في الله، وكان سيفه انقطع يوم أحد، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم عرجونًا، فصار في يده سيفًا، فكان يسمى العرجون،
أيها المسلمون
ويوم أحد التقى عبد الله بن جحش وضرار بن الخطاب فلما عرفه ضرار قال : إليك يا ابن جحش ،فقال له عبد الله بن جحش : ما كان دمك يا عدو الله أعجب إلي منه الآن حين جمعت كفرا وعصبة ،فنادى ضرار : يا معشر قريش أكفوني ابن جحش ، فانتظموه برماحهم. واستجاب الله دعوة عبد الله بن جحش رضي الله عنه ، فأكرمه بالشهادة ،كما أكرم بها خاله سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه ، وكان عمره نيفا وأربعين سنة.. وفي سنن ابن ماجة (عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهَا قُتِلَ أَخُوكِ. فَقَالَتْ رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. قَالُوا قُتِلَ زَوْجُكِ. قَالَتْ وَاحُزْنَاهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ لِلزَّوْجِ مِنَ الْمَرْأَةِ لَشُعْبَةً مَا هِيَ لِشَيْءٍ ».
الدعاء