خطبة عن ( الصحابي مصعب بن عمير يعلم أهل المدينة الاسلام)
مارس 8, 2016خطبة عن ( الصحابي معاذ بن جبل: مواعظه وحكمه)
مارس 9, 2016الخطبة الأولى ( الصحابي: مصعب بن عمير )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح:29]، وروى مسلم في صحيحه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ وَأَنَا أَمَنَةٌ لأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِى مَا يُوعَدُونَ ».
إخوة الإسلام
في سنن الترمذي : (عَنْ خَبَّابٍ قَالَ هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَبْتَغِى وَجْهَ اللَّهِ فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ فَمِنَّا مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدُبُهَا وَإِنَّ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ إِلاَّ ثَوْبًا كَانُوا إِذَا غَطَّوْا بِهِ رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلاَهُ وَإِذَا غُطِّىَ بِهَا رِجْلاَهُ خَرَجَ رَأْسُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « غَطُّوا رَأْسَهُ وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ الإِذْخِرَ ». فإذا أراد المرء منا أن يرتقي أو يتقدم أو يفوز بعلو الدنيا وعلو الآخرة فلابد من أن يستضيء بنور أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهم الذين عضوا بالنواجذ على سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وتتجلى روعة أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أنهم رأوا في الإسلام المنهج السامي الذي يحقق لهم الحياة مثلى في دنياهم وأخرتهم، فتمثلوا بمبادئ الإسلام وتعاليمه إلى أرض الواقع، وحققوها في أنفسهم وفيمن حولهم، فحوت سيرتهم العطرة دروسا وعبرا وحلولا لجل المشاكل التي تعصف بالأمة الإسلامية اليوم .. إنه الماضي الذي نسيناه وأخذنا في خضم الأزمات نبحث عن مخرج في آراء مفكري الغرب تارة والشرق تارة أخرى رغم أن الحل في إسلامنا وما هو منا ببعيد.
واليوم إن شاء الله نريد أن نقترب من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في خشوع وغبطة ،نقترب منهم لنرى إيمانهم ، وثباتهم ، وبطولاتهم ، وولاءهم لله ورسوله ،نرى البذل الذي بذلوا ، والهول الذي احتملوا ، والفوز الذي أحرزوا ،نرى الدور الجليل الذي نهضوا به لتحرير البشرية كلها من وثنية الضمير ، وضياع المصير ، فللإسلام رجال بذكرهم توقظ الهمم، وتحيا القلوب، وفي قصصهم عبر ،وموعدنا اليوم إن شاء الله مع الصحابي الجليل: ( مصعب بن عمير رضي الله عنه ) ،فهو مصعب بن عمير (أو مصعب الخير (كما سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم ) بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي القرشي أحد السابقين إلى الإسلام ،أسلم قديما والنبي صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم ، وكان محببا إلى والديه يغدقان عليه بما يشاء من أسباب الراحة والترف والنعيم ولهذا كان من أنعم فتيان مكة ، فكان فتى مكة شبابا وجمالا وتيها، فهو غُرّة فتيان قريش وأوفاهم بهاءً وجمالا وشباباً، وأمه (خُنَاس بنت مالك) تتمتع بقوة فذة في شخصيتها وكانت تُهاب الى حد الرهبة، وكانت أمه غنية كثيرة المال تكسوه أحسن ما يكون من الثياب وأرقه، وكان أعطر أهل مكة، وحين أسلم مصعب خاف أمه وقرر أن يكتم إسلامه حتى يقضي الله أمراً، ولكن أبصره (عثمان بن طلحة) وهو يدخل الى دار الأرقم ،ثم مرة ثانية وهو يصلي صلاة محمد، فأسرع عثمان الى أم مصعب ينقل لها النبأ الذي أفقدها صوابها، ووقف مصعب أمام أمه وعشيرته وأشراف مكة المجتمعين يتلو عليهم القرآن الذي يطهر القلوب، فهمَّت أمه أن تُسْكِتُه بلطمة ولكنها لم تفعل، وإنما حبسته في أحد أركان دارها وأحكمت عليه الغلق،
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( مصعب بن عمير )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ولكن هل منع مصعب ما كان فيه من الراحة والنعمة ألا يدخل في الإسلام بعد أن سمع به؟ ، كلا لم يحدث شيء من هذا بل لما سمع بالإسلام دخل فيه مباشرة وكان يعلم أنه سيسلب النعيم الذي هو فيه وسوف يتبدل حاله من العز إلى الذل ومن السعة إلى الضيق، ومن النعيم إلى الجحيم ومن الراحة إلى التعب، ومن الغنى إلى الفقر، ولكنه آثر الآخرة على الدنيا، إنه الإسلام، ذلك الدين الذي ما إن لامس قلب الشاب الغض اليافع، حتى وجد لديه قبولاً سريعًا ولما عَلِم أن هناك من المسلمين من يخرج الى الحبشة، فاحتال على أمه ومضى الى الحبشة ، وهاجر الهجرة الأولى .فعن ليلى بنت أبي حثمة قالت لما اجتمعوا على الخروج -أي إلى الحبشة- جاءنا رسول الله فقال: إن مصعب بن عمير قد حبسته أمه وهو يريد الخروج الليلة ، قال عامر بن ربيعة: فنحن ننتظره ولا نغلق بابًا دونه فلما هدأت الرجل جاءنا مصعب بن عمير فبات عندنا وظل يومه ،حتى إذا كان الليل خرج متسللاً ووعدناه فلحقه فيه وأدركناه فاصطحبناه قال: وهم يمشون على أقدامهم وأنا على بعير لنا, وكان مصعب بن عمير رقيق البشر ليس بصاحب رجله, ولقد رأيت رجليه يقطران دمًا من الرقة فرأيت عامر خلع حذاءه فأعطاها ، فركبنا السفينة وهاجرنا إلى الحبشة، وعاد الى مكة ثم هاجر الهجرة الثانية الى الحبشة. وكان رسول الله يذكره ويقول: ما رأيت بمكة أحسن لِمّة ولا أرق حُلّة ولا أنعم نعمة من مصعب بن عمير، ونظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى مصعب بن عمير، وعليه إهاب – جلد – من كبش، قد تمنطق به، فقال: “انظروا إلى هذا الذي قد نور الله قلبه، لقد رأيته بين أبويه يغذيانه بأطايب الطعام والشراب، ولقد رأيت عليه حلة شراها أو شريت له بمائتي درهم، فدعاه حب الله ورسوله إلى ما ترون”. ونستكمل الحديث عنه في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء