خطبة عن الوفاء بالعقود وقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)
أغسطس 13, 2022خطبة عن (نحن في زمن الفتن ،فما النجاة منها؟)
أغسطس 15, 2022الخطبة الأولى ( أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
رُوي في الصحيحين واللفظ للبخاري : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ : « أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ ، يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسًا ، مَا تَقُولُ ذَلِكَ يُبْقِى مِنْ دَرَنِهِ » قَالُوا لاَ يُبْقِى مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا . قَالَ « فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ ، يَمْحُو اللَّهُ بِهَا الْخَطَايَا »
إخوة الإسلام
لقد كان النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم من عادَته تَقريبُ العِلْمِ للنَّاس بِضَرْبِ الأمثالِ، وفي هذا الحديثِ النبوي الكريم ، يَضْرِبُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم مَثَلًا لِمَحْوِ الخَطايا بالصَّلَواتِ الخَمْسِ، حيثُ مَثَّلَ الصَّلواتِ الخَمْسَ بنَهْرٍ على بابِ الإنسانِ ،يَغتَسِلُ فيه كلَّ يومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، فكما أنَّ دَرَنَه ووَسَخَه يذهَبُ حتَّى لا يَبْقى من ذلك شيءٌ، فكذلك أيضًا الصَّلواتُ الخمسُ في كلِّ يومٍ؛ تمحو الذُّنوبَ والخَطايا ، حتى لا يبقى منها شيءٌ. ووَجْهُ التَّمثيلِ: أنَّ المرءَ كما يتدَنَّسُ بالأقذارِ المحسوسَةِ في بَدَنه وثيابِه، ويُطَهِّرُه الماءُ الكثيرُ، فكذلك الصَّلواتُ تُطَهِّرُ العبدَ مِنْ أَقْذارِ الذُّنوبِ ،حتى لا تُبقِيَ له ذنبًا إلَّا أسقَطَتْه وكَفَّرَتْه، وتمثيله – صلى الله عليه وسلم – بالنهر هو مبالغة في إنقاء الدرن ; فإن النهر الجاري يذهب الدرن الذي غسل فيه ولا يبقى له فيه أثر ، بخلاف الماء الراكد ; فإن الدرن الذي غسل فيه يمكث في الماء ، وربما ظهر مع كثرة الاغتسال فيه على طول الزمان ، ومن المعلوم أنه ليس هذا هو الحديث الوحيد الذي يبين فيه الرسول صلى الله عليه وسلم أن الصلاة تمحو الذنوب ، وتكفر المعاصي ، فهناك أحاديث أخرى كثيرة بينت فضل الصلاة، ومن بين هذه الأحاديث التي توضح أن الصلوات الخمس تحط خطايا ابن آدم ، ما رواه مسلم في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « الصَّلاَةُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ ».، كما روى الطبراني في معجمه : (عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه و سلم قال تحترقون تحترقون فإذا صليتم الفجر غسلتها ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم الظهر غسلتها ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العصر غسلتها ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم المغرب غسلتها ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العشاء غسلتها ثم تنامون فلا يكتب عليكم شيء حتى تستيقظوا) ، فالصلاة الخمس كالماء الكثير يمحو الله بها الخطايا، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم، كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عند الطبراني :«أرأيتم أن لو أن رجلاً كان له معتمل وبينه وبين منزله خمسة أنهار – فإذا ذهب إلى معتمه فأصابه عرق أو وسخ وكان بينه وبين منزله خمسة أنهار فمر بالنهر الأول اغتسل فيه، ثم بالنهر الثاني فاغتسل فيه، ثم بالنهر الثالث فاغتسل فيه، ثم بالنهر الرابع فاغتسل، فيه ثم بالنهر الخامس فاغتسل فيه هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا، قال: مثل الصلوات الخمس»،
أيها المسلمون
فالصلاة هي عماد الدين، فمن تركها فقد ضيع الدين، وهو لما سواها أضيع، كما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: [ إن من ضيع الصلاة فهو لما سواها أضيع، وهي عماد الدين وأس الإسلام ] أي أساسه الأول بعد توحيد الله جل وعلا، فقد بني الإسلام على خمس، وأول ركن من أركانه هو التوحيد ،والركن الثاني هو الصلاة ، فالصلاة فضلها عظيم وخطرها جسيم ،قال الله تعالى : -: ﴿ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ [النساء: 103]، وقال الله تعالى : ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى ﴾ [البقرة: 238]، وقال الله تعالى -: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [العنكبوت: 45]. وفي مسند أحمد : (عَنْ عَلِىٍّ قَالَ كَانَ آخِرُ كَلاَمِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « الصَّلاَةَ الصَّلاَةَ اتَّقُوا اللَّهَ فِيمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم ْ».، وفي سنن الترمذي : ( أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلاَتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ فَإِنِ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِى مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ »، وقد كانت الصلاة هي قرَّة عين النبي (صلى الله عليه وسلم) وصحابته (رضوان الله عليهم أجمعين) ، إلا أن الأجيال التي خلفت بعد ذلك أضاعت الصلاة، فتوعدهم الله تعالى بقوله: {فَخَلَفَ مِن بَعدِهِم خَلفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ واتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوفَ يَلْقَونَ غَيًّا} (مريم:59).
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وهكذا هي الصلوات الخمس في حق من حافظ عليها ،يمحو الله بهن الخطايا والسيئات، والله يقول جل وعلا: ( وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ، أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ ، الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [المؤمنون:9-11] ، ومن رحمة الله أن جعل المحافظة عليها والعناية بها من أسباب تكفير السيئات ،وحط الخطايا ،لمن لم يصر على كبيرة، ولهذا روى مسلم في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَقُولُ « الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ ».، وفي الصحيحين واللفظ للبخاري : (عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ – رضى الله عنه – أَنَّ رَجُلاً أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ ( وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ) . قَالَ الرَّجُلُ أَلِيَ هَذِهِ قَالَ « لِمَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ أُمَّتِى »، فكل من تاب بعد الذنب تاب الله عليه ،وجعل الصلوات كفارة له، المهم أن يبادر بالتوبة والإقلاع عن الذنب، والله يتوب على التائبين كما قال سبحانه: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور:31]، وقال جل وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا) [التحريم:8] ، وأعظم الذنوب الشرك، فإذا تاب الإنسان وأسلم ،محا الله عنه الشرك، وهكذا المعاصي ، كل من تاب منها توبة صادقة محاها الله عليه.
أيها المسلمون
ومن الفوائد التي يرشد إليها هذا الحديث: فضل الصلاة وأنها سبب لتكفير الخطايا والسيئات. وعلى المسلم العناية بهذه الفريضة العظيمة، والحرص على أدائها مستوفية الشروط والأركان والواجباب وما استطاع من المستحبات، حتى يتعاظم أثرها في تطهير المسلم من الذنوب والخطايا. وأن يحرص المسلم على الأعمال الصالحة حتى تكفر ذنوب
الدعاء