خطبة عن ( في رحاب شهر رمضان )
مارس 9, 2024خطبة عن (مع القرآن في رمضان)
مارس 9, 2024الخطبة الأولى ( إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا ) مختصرة
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
رُوي في صحيح البخاري :(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ،وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» ،وفي رواية له :«مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»
إخوة الإسلام
في هذه الأحاديث النبوية الشريفة ،يبشر الرسول صلى الله عليه وسلم أمته بمغفرة الذنوب لمن صام رمضان وقامه 🙁إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا)،والسؤال :كيف نصوم رمضان، ونقوم رمضان، وليلة القدر(إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا) بداية أقول إن الإيمان: هو التصديق والإقرار والإذعان ،والانقياد ،والاستسلام ؛فيصوم الصائم حين يصوم ،ويقوم القائم مصليا بين يدي الله ،إقرارا منه بأن الله تعالى هو الرب المعبود، وأن العبد هو الضعيف المخلوق، وأن عبوديته لله تعالى حتم لا مفر له منها، وأنه يشرف بهذه العبودية ويحبها ويرضاها ويفرح بها، فصيام رمضان وقيامه ،وقيام ليلة القدر ما هي إلا مظهر من مظاهر هذه العبودية، واقرار منه بأن الله سبحانه قد شرع الصيام والقيام ،على لسان رسوله محمد عليه الصلاة والسلام ،فنحن نصوم رمضان ونقوم رمضان، وليلة القدر(إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا) فلا يصوم المسلم حين يصوم، ولا يقوم حين يقوم؛ تقليدا لآبائه وأجداده، ولا مسايرة لأسرته ومجتمعه، ولا إرضاء لمخلوق يحبه ،أو يرجوه أو يخاف منه، ولا يصوم لحفظ بدنه من كثرة الطعام، أو ليُشفى من بعض الأمراض والأسقام ،بل يصوم ويقوم مخلصا لله تعالى، ولو أدركه رمضان في أرض ليس فيها غيره ،لصام وحده ،وقام وحده؛ لأنه مؤمن ومُقر ومذعن ومنقاد بأن صوم رمضان فرض عليه ،وفي هذا القيام بين يدي ربه قربى وطاعة؛ ولذا كانت النية شرطا لصحة الصوم، فلو أمسك المسلم عن المفطرات بلا نية فلا صوم له؛ لأنه لم يصم إيمانا وانقيادا واحتسابا، فنحن نصوم رمضان ،ونقوم رمضان ،وليلة القدر 🙁إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا)، بأن يحتسب المسلم صيامه وقيامه عند الله تعالى فهو يريد به الأجر والثواب منه، والنجاة من العقاب المرتب على تركه ،أو الإخلال به، بمعنى: أنه يصوم ويقوم راجيا خائفا، راجيا رحمة الله تعالى وعفوه ومغفرته ورضوانه، خائفا من غضبه وعذابه وانتقامه، فمن عبد الله بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن؛ قال الله تعالى في وصف عباده المؤمنين: {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} [الإسراء: 57] وقال الله تعالى في مدح بعض رسله عليهم السلام :{وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} [الأنبياء: 90] وذكر الإيمان والاحتساب في الصيام والقيام دليل على أن الأعمال من الإيمان، وأن الإيمان بلا عمل إيمان غير صحيح، ولا حجة لصاحبه عند الله تعالى، ولا ينجيه من عذابه يوم القيامة .
أيها المسلمون
فمن رحمة الله تعالى بنا، ومن نصح النبي صلى الله عليه وسلم لنا أنه نبه على قضية الإيمان والاحتساب في الصيام والقيام. وكل الأعمال لا تقبل إذا خلت من الإيمان أو الاحتساب، ولكن جاء التنبيه على ذلك فيما مظنته ذهول العبد وغفلته عن الإيمان والاحتساب فيه؛ فمثلا جاء الأمر بالصبر والاحتساب في المصائب التي لا يد للإنسان فيها؛ ففي البخاري:(أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنَ الأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ ،وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ»لأنه قد يغيب عنه في هذه اللحظات استحضار الإيمان والاحتساب المفضي إلى الرضا والصبر، وعدم الجزع والسخط.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا )
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ونبه الاسلام على شرط الإيمان والاحتساب في صيام رمضان وقيامه وقيام ليلة القدر؛ لأن الصيام سرٌّ بين الله تعالى وبين العبد؛ ولأن الإنسان بطبعه يسير مع الناس حيث ساروا، فقد يغفل الصائم والقائم عن نية الاحتساب، فيقع في المحذور من حيث إنه يصوم لأن الناس يصومون، ويقوم لأنهم يقومون، ومن هنا كان لزاما على المؤمن أن يستحضر شرط الإيمان والاحتساب في الصيام والقيام، فهو يصوم ويقوم إيمانا بما يجب الإيمان به واحتسابا لمثوبة الصيام والقيام.(إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا)إن التحقق بهذين الوصفين يورث المسلم التقوى المرجوة ، ومغفرة الذنب الموعودة ،فالمؤمن يتمثل هاتين الكلمتين وهو صائم ،فهو يلحظ الماء البارد في شدة الحر، وتداعب أنفه رائحة الطعام الشهي وهو جائع، ويصف قدميه مصليا، هو متعب، فيتذكر إيمانا واحتسابا فيحيل جوعه وعطشه وتعبه، وسهره، حلاوةً إيمانية، ونعيماً روحانياً. وفي الحديث: (قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ) ،فمن يستحضر الإيمان والاحتساب في صيامه وقيامه، وذكَّر نفسه بهما كل حين فإنه سيجد نشاطا عجيبا في الصيام والقيام، ومحبة لرمضان يمتلئ بها قلبه، فيحب رمضان لأنه موسم للعبودية والقرب من الله تعالى، وسيجد لذة للقرآن وللصلاة والدعاء وسائر الذكر والإحسان، ولن يمل من أعمال الخير مهما تكاثرت عليه واستغرقت وقته، ولن يجد في قلبه محلا للغفلة والهوى، ولا في وقته سعة لمجالس الباطل واللهو والزور لأن راحته في عبوديته لله لأنه صام وقام إيمانا واحتسابا،
الدعاء