خطبة عن ( التربية الإيمانية وأهميتها )
ديسمبر 18, 2021خطبة عن (اللّهُمّ إلَيْك أَشْكُو ضَعْفَ قُوّتِي وَقِلّةَ حِيلَتِي)
ديسمبر 25, 2021الخطبة الأولى ( الصَّلَاةُ الْوُسْطَى )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) (238) البقرة
إخوة الإسلام
لقد أمر الله تعالى عباده المؤمنين بالمحافظة على فريضة الصلاة ، وإقامة الصلوات الخمس في أوقاتها ، بجميع شروطها وأركانها، وواجباتها وسننها، فقال تعالى : {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} ، والمحافظة على الصلاة هي المداومة والمواظبة عليها ، وبالمحافظة على الصلوات تتحقق المحافظة على العبادات الأخرى ، وترك المنهيات، لأن من فوائد وثمار الصلاة النهي عن الفحشاء والمنكر ،خصوصًا إذا أكملها المسلم كما أمر الله؛ لقوله تعالى : { وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} (45) العنكبوت ، قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: “من لم تأمره صلاته بالمعروف ، وتنهه عن المنكر ، لم يزدد من الله إلا بعدا ” ، ومن صفات المؤمنين الوارثين الفردوس : أنهم يحافظون على صلواتهم في أوقاتها حيث ينادى بها؛ لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (9) :(11) المؤمنون ، وقد ذم الله -سبحانه وتعالى- وتوعد من لم يحافظ عليها في آيات كثيرة؛ منها قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ الصلاة واتبعوا الشهوات فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً} مريم (59). وقال الله تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} الماعون (4) (5). فالمحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها جماعة من أحب الأعمال إلى الله -سبحانه وتعالى- ففي الصحيحين البخاري ومسلم : (أن أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ يَقُولُ أَخْبَرَنَا صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ – وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ – قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ« الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا » . قَالَ ثُمَّ أَيُّ قَالَ « ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ » .قَالَ ثُمَّ أَيّ قَالَ « الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ » . قَالَ حَدَّثَنِي بِهِنَّ وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي) ، ثم خص الله سبحانه وتعالى الصلاة الوسطى عن بقية الصلوات بمزيد من الاهتمام والعناية، فقال: {والصَّلاَةِ الْوُسْطَى} أي الفضلى؛ والوسطى تأنيث الأوسط ووسط الشيء خيره وأعدله ومنه؛ قوله تعالى : {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} البقرة (143). وتحديد الصلاة الوسطى الواردة في قوله تعالى : ( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ) البقرة 238 ، من المسائل الخلافية المشهورة بين العلماء ، والتي تنوعت فيها الأقوال ، وأقوى هذه الأقوال قولان : القول الأول : أنها صلاة الصبح . “وهو قول أبي أمامة ، وأنس ، وجابر ، وأبي العالية ، وعبيد بن عمير ، وعطاء ، وعكرمة ، ومجاهد ، وغيرهم ، وهو أحد قولي ابن عمر وابن عباس . القول الثاني : أنها صلاة العصر . وهذا قول أكثر أهل العلم ، لدلالة السنة الصحيحة عليه “وهو قول علي بن أبي طالب ، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري : (عَنْ عَلِىٍّ – رضى الله عنه – قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ الأَحْزَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « مَلأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا ، شَغَلُونَا عَنِ الصَّلاَةِ الْوُسْطَى حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ » وفي رواية مسلم : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَبَسَ الْمُشْرِكُونَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ صَلاَةِ الْعَصْرِ حَتَّى احْمَرَّتِ الشَّمْسُ أَوِ اصْفَرَّتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « شَغَلُونَا عَنِ الصَّلاَةِ الْوُسْطَى صَلاَةِ الْعَصْرِ مَلأَ اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا ». أَوْ قَالَ « حَشَا اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا ».وهناك زيادة في رواية أحمد : (قَالَ ثُمَّ صَلاَّهَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ مَرَّةً يَعْنِى بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ)
أيها المسلمون
وقد ذهب فريق من العلماء إلى رأي آخر في معنى الصلاة الوسطى ، فقالوا : قد يكون مراد القرآن بالصلاة الوسطى (الفُضلى)، وأنه يحثّ المصلي ويدعوه أن يجعل صلاته وسطى، فالقرآن لعله يوجهنا أن نجعل صلواتنا كلها وسطى، أي عندما نصلي أي صلاة مفروضة ينبغي أن نصليها (وسطى أداء وكيفية ، ووسطى تامة ومعتدلة ومستوفية أركانها ). فالمصلي هو الذي يجعل صلاته وسطى إذا صلاها كما ينبغي، وإلا فلن تكون وسطى. فالآية (والصَّلاَةِ الْوُسْطَى)، كأنها حض وحث وترغيب وتشجيع وتحفيز على أن تكون كل صلواتنا وسطى ، لا أن الصلاة الوسطى هي صلاة محددة بعينها دون سواها ، فالصلاة تصبح وسطى بسبب المصلي، لا أنها وسطى بطبيعتها ، فبعض المصلين ، تكون صلاتهم وسطى ومعتدلة ومستوفية أركانه ، وبعضهم لا تكون صلاتهم وسطى، فيسرق في صلاته ، ولا يتم ركوعها وسجودها وأركانها ، ففي مسند أحمد وغيره : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَسْوَأُ النَّاسِ سَرِقَةً الَّذِى يَسْرِقُ مِنْ صَلاَتِهِ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَسْرِقُ مِنْ صَلاَتِهِ قَالَ « لاَ يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَلاَ سُجُودَهَا ». أَوْ قَالَ « لاَ يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ». وفي سنن أبي داود : (عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنَّ الرَّجُلَ لَيَنْصَرِفُ وَمَا كُتِبَ لَهُ إِلاَّ عُشْرُ صَلاَتِهِ تُسْعُهَا ثُمُنُهَا سُبُعُهَا سُدُسُهَا خُمُسُهَا رُبُعُهَا ثُلُثُهَا نِصْفُهَا ». وثبت في الصحيحين عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – دَخَلَ الْمَسْجِدَ ، فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فَرَدَّ وَقَالَ « ارْجِعْ فَصَلِّ ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ » . فَرَجَعَ يُصَلِّى كَمَا صَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ « ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ » ثَلاَثًا . فَقَالَ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ فَعَلِّمْنِي . فَقَالَ « إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا ، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ، وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا » ، وفي سنن النسائي : (عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ رَأَى رَجُلاً يُصَلِّى فَطَفَّفَ فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ مُنْذُ كَمْ تُصَلِّى هَذِهِ الصَّلاَةَ قَالَ مُنْذُ أَرْبَعِينَ عَامًا. قَالَ مَا صَلَّيْتُ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَلَوْ مِتَّ وَأَنْتَ تُصَلِّى هَذِهِ الصَّلاَةَ لَمِتَّ عَلَى غَيْرِ فِطْرَةِ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ قَالَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيُخَفِّفُ وَيُتِمُّ وَيُحْسِنُ.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الصَّلَاةُ الْوُسْطَى )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وفي سنن أبي داود وغيره : (عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تُجْزِئُ صَلاَةُ الرَّجُلِ حَتَّى يُقِيمَ ظَهْرَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ». فهذا نص عن النبي صلى الله عليه وسلم في أن من صلى ولم يُقم ظهره بعد الركوع والسجود كما كان ، فصلاته باطلة ، وهذا في صلاة الفرض ، وكذا الطمأنينة أن يستقر كل عضو في موضعه . وفي مسند أحمد وغيره : (عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ فِيهِ إِلَى فِيَّ لاَ أَقُولُ حَدَّثَنِي فُلاَنٌ وَلاَ فُلاَنٌ « خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ فَمَنْ لَقِيَهُ بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئاً لَقِيَهُ وَلَهُ عِنْدَهُ عَهْدٌ يُدْخِلُهُ بِهِ الْجَنَّةَ وَمَنْ لَقِيَهُ وَقَدِ انْتَقَصَ مِنْهُنَّ شَيْئاً اسْتِخْفَافاً بِحَقِّهِنَّ لَقِيَهُ وَلاَ عَهْدَ لَهُ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ » ، فقول الله تعالى : (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ)، أي: على الصلوات الخمس. وقوله تعالى : (والصَّلاَةِ الْوُسْطَى)، أي: اجعلوا كل صلاة من الصلوات الخمس مثالية كاملة خاشعة مطمئنة. وقوله تعالى : (وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ)، أي: اخشعوا واسكنوا فلا تنصرفوا لشيء أثناء الصلاة. فالله يطلب منا ثلاثة أشياء: الأول: المحافظة على الصلاة. والثاني: أن تكون الصلاة وسطى (تامة مثالية خاشعة فضلى وافية، وفي أكمل وجه وأتقنه وأحسنه وأخيره وأصحّه). والثالث: القنوت (خشوع وخضوع وتقديس وإجلال وسكينة وسكون).
الدعاء