خطبة عن ( إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ)
ديسمبر 23, 2017خطبة عن الصحابي: (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ)
ديسمبر 23, 2017الخطبة الأولى (الصِّدْق مَعَ اللَّهِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) التوبة (119) ،وروى مسلم في صحيحه (أَنَّ سَهْلَ بْنَ أَبِى أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ ».
إخوة الإسلام
من أراد النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة ،فعليه بالصدق مع الله جل جلاله بقلبه وعمله، قال الله تعالى: ( فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ) (محمد :21) ، فالصدق مع الله من أجل أنواع الصدق ، ويكون المسلم صادقاً مع ربِّه تعالى ، إذا حقَّق الصدق في جوانب ثلاثة : الإيمان والاعتقاد الحسَن ، والطاعات ، والأخلاق ، فليس الإيمان بالتمني ، ولكن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل ، والصادق في إيمانه ، هو من حقق الإيمان على الوجه الذي أراده الله ، ومنه :الصدق في اليقين ، والصدق في النية ، والصدق في الخوف منه تعالى ، والصدق في الاخلاص ، وأن يكون ظاهره وباطنه على الوجه الذي يحبه الله تعالى .قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (ليس شيء أنفع للعبد من صدق ربه في جميع أموره، مع صدق العزيمة، فيصدقه في عزمه وفي فعله ، قال الله تعالى: { طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} (محمد :21). وقد بَينَّ الله تعالى أحوال وأفعال الصادقين في آية واحدة ، وهي قوله عز وجل : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) البقرة (177) ، فالصادقون مع الله تعالى ، لهم كل الخير في الدنيا والآخرة، وفي قصة كعب بن مالك (رضي الله تعالى عنه) ،عندما تخلف عن غزوة تبوك شاهد على ذلك، ففي الصحيحين : يقول كعب بن مالك: (…فَجِئْتُهُ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ ، ثُمَّ قَالَ « تَعَالَ » . فَجِئْتُ أَمْشِى حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَقَالَ لِي « مَا خَلَّفَكَ أَلَمْ تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ » . فَقُلْتُ بَلَى ، إِنِّي وَاللَّهِ لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ، لَرَأَيْتُ أَنْ سَأَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ ، وَلَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلاً ، وَلَكِنِّى وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ الْيَوْمَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى بِهِ عَنِّى لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يُسْخِطَكَ عَلَىَّ ، وَلَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ تَجِدُ عَلَىَّ فِيهِ إِنِّي لأَرْجُو فِيهِ عَفْوَ اللَّهِ ، لاَ وَاللَّهِ مَا كَانَ لِي مِنْ عُذْرٍ ، وَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى وَلاَ أَيْسَرَ مِنِّى حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ ، فَقُمْ حَتَّى يَقْضِىَ اللَّهُ فِيكَ »…فأنزل الله توبته وإن كانت بعد مدة، يقول الله تعالى: { لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117) وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} التوبة (117): (119)، وقال الشيخ السعدي في تفسيره عن قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ): أي: “في أقوالهم ،وأفعالهم وأحوالهم ،الذين أقوالهم صدق وأعمالهم وأحوالهم لا تكون إلا صدقا خالية من الكسل والفتور ،سالمة من المقاصد السيئة، مشتملة على الإخلاص والنية الصالحة ،فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة “.
أيها المسلمون
وفي الصدق مع الله تعالى نجاة من الشدائد ، وتفريج للكروب والهموم ، ودفع للمضار ، ففي قصة الثلاثة الذين أُغلق عليهم الغار، والتي رواها البخاري في صحيحه (عَنِ ابْنِ عُمَرَ – رضى الله عنهما – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « بَيْنَمَا ثَلاَثَةُ نَفَرٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يَمْشُونَ إِذْ أَصَابَهُمْ مَطَرٌ ، فَأَوَوْا إِلَى غَارٍ ، فَانْطَبَقَ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إِنَّهُ وَاللَّهِ يَا هَؤُلاَءِ لاَ يُنْجِيكُمْ إِلاَّ الصِّدْقُ ، فَلْيَدْعُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ صَدَقَ فِيهِ ….. ) ، فتوسل أحدهم بعفته، والآخر بأمانته، والآخر ببره بوالديه (.. فَفَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَخَرَجُوا » ،وفي قصة الخليل إبراهيم عليه السلام ،حين صدق مع الله في تنفيذ الرؤيا بذبح ولده، فإنه لما شرع في تنفيذ الأمر، كان الفرج ، وكانت العطايا والخيرات العظام من الله ، قال تعالى : (فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ).(الصافات: 103- 107). وهذا الإمام أحمد رحمه الله تعالى ،حين صدق مع الله تعالى في فتنة المعتزلة ،بالقول بخلق القرآن ، وثبت على عقيدة أهل السنة ، أن القرآن كلام الله تعالى ،وابتلي في الله فصبر ،وثبت وصدق ،فنجاه الله وكتب له الذكر الجميل وصار يعرف بإمام أهل السنة، وهكذا لما صدَق أهل الإيمان مع ربهم جل جلاله تكفَّل الله بحفظهم ، ودفع عنهم الشرور ، وأيضا في قصة الأعرابي التي رواها الإمام النسائي في سننه وصححها الشيخ الألباني- (عَنْ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَعْرَابِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ ثُمَّ قَالَ أُهَاجِرُ مَعَكَ. فَأَوْصَى بِهِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بَعْضَ أَصْحَابِهِ فَلَمَّا كَانَتْ غَزْوَةٌ غَنِمَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- سَبْيًا فَقَسَمَ وَقَسَمَ لَهُ فَأَعْطَى أَصْحَابَهُ مَا قَسَمَ لَهُ وَكَانَ يَرْعَى ظَهْرَهُمْ فَلَمَّا جَاءَ دَفَعُوهُ إِلَيْهِ فَقَالَ مَا هَذَا قَالُوا قِسْمٌ قَسَمَهُ لَكَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-. فَأَخَذَهُ فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ مَا هَذَا قَالَ « قَسَمْتُهُ لَكَ ». قَالَ مَا عَلَى هَذَا اتَّبَعْتُكَ وَلَكِنِّى اتَّبَعْتُكَ عَلَى أَنْ أُرْمَى إِلَى هَا هُنَا – وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ بِسَهْمٍ – فَأَمُوتَ فَأَدْخُلَ الْجَنَّةَ. فَقَالَ « إِنْ تَصْدُقِ اللَّهَ يَصْدُقْكَ ». فَلَبِثُوا قَلِيلاً ثُمَّ نَهَضُوا فِي قِتَالِ الْعَدُوِّ فَأُتِىَ بِهِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُحْمَلُ قَدْ أَصَابَهُ سَهْمٌ حَيْثُ أَشَارَ ،فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « أَهُوَ هُوَ ». قَالُوا نَعَمْ. قَالَ « صَدَقَ اللَّهَ فَصَدَقَهُ ». ثُمَّ كَفَّنَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِي جُبَّةِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ قَدَّمَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ فَكَانَ فِيمَا ظَهَرَ مِنْ صَلاَتِهِ « اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُكَ خَرَجَ مُهَاجِرًا فِي سَبِيلِكَ فَقُتِلَ شَهِيدًا أَنَا شَهِيدٌ عَلَى ذَلِكَ ». وفي قصة أنس بن النضر (رضي الله عنه) فقد خرج لطلب الرعي ولما رجع علم بما كان من غزوة بدر والقتال الذي دار بين المسلمين والمشركين، فحزن حزنا شديدا وعاهد الله تعالى لئن أحياه حتى يلقى رسول الله المشركين ليرين الله ما يصنع، ففي صحيح مسلم (عَنْ ثَابِتٍ قَالَ قَالَ أَنَسٌ عَمِّىَ الَّذِى سُمِّيتُ بِهِ لَمْ يَشْهَدْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بَدْرًا – قَالَ – فَشَقَّ عَلَيْهِ قَالَ أَوَّلُ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- غُيِّبْتُ عَنْهُ وَإِنْ أَرَانِيَ اللَّهُ مَشْهَدًا فِيمَا بَعْدُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَيَرَانِيَ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ – قَالَ – فَهَابَ أَنْ يَقُولَ غَيْرَهَا – قَالَ – فَشَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ أُحُدٍ – قَالَ – فَاسْتَقْبَلَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ لَهُ أَنَسٌ يَا أَبَا عَمْرٍو أَيْنَ فَقَالَ وَاهًا لِرِيحِ الْجَنَّةِ أَجِدُهُ دُونَ أُحُدٍ – قَالَ – فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ – قَالَ – فَوُجِدَ فِي جَسَدِهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ مِنْ بَيْنِ ضَرْبَةٍ وَطَعْنَةٍ وَرَمْيَةٍ – قَالَ – فَقَالَتْ أُخْتُهُ عَمَّتِيَ الرُّبَيِّعُ بِنْتُ النَّضْرِ فَمَا عَرَفْتُ أَخِي إِلاَّ بِبَنَانِهِ. وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) قَالَ فَكَانُوا يُرَوْنَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ وَفِى أَصْحَابِهِ ) .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الصِّدْقُ مَعَ اللَّهِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
والصدق مع الله أنواع ، فمن أنواع الصدق مع الله : الصدق في الأقوال ، والصدق في الأعمال، والصدق في الأحوال . وقد أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يسأله الصدق في جميع أحواله ، فقال الله تعالى : ﴿ وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا) (80) الإسراء، وهذا خليل الله سيدنا إبراهيم عليه السلام ، يسأل الله أن يهبه لسان صدق في الآخرين ، فقال الله تعالى على لسانه : (وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ﴾ الشعراء: 84 ، وبشر الله عباده المؤمنين بأن لهم عنده قدم صدق ،ومقعد صدق ،فقال تعالى: ﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ ﴾ يونس: 2 ، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ﴾ (54) ،(55) القمر
أيها المسلمون
فعلى المسلم أن يكون صادقاً مع الله ،ومع نفسه ، ومع النّاس ، فالصّدق مع الله بإخلاص الأعمال كلّها لله ، وصدقه مع نفسه ألا يخادع ولا يخون ، وأمّا مع النّاس فلا يكذب على أحد (وعَنْ نَوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « كَبُرَتْ خِيَانَةً تُحَدِّثُ أَخَاكَ حَدِيثاً هُوَ لَكَ مُصَدِّقٌ وَأَنْتَ بِهِ كَاذِبٌ ».. رواه أحمد .والصادقون ، يصبرون على حكم الله ، ويطيعونه في كل أوامره ، ويبتعدون عن نواهيه ، ويكون همهم الدار الآخرة ، ولا تكون الحياة الدنيا هي اهتماماتهم ، فقد ترفعوا عن مكاسب الدّنيا ، والصادقون يرغبون في رحمة الله وطاعته ؛ ويسارعون في عمل الخيرات ، ويسابقون الى مجالس العلم ، وقراءة القرآن ، وقيام اللّيل وغيرها من الطاعات ، أما عن جزاء الصادقين مع الله يوم القيامة ، فقد قال الله عز وجل: { قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } المائدة (119)
الدعاء