خطبة عن (رَأَيْتُ اللَّهَ)
فبراير 15, 2025خطبة عن (لا تكن فارغا)
فبراير 17, 2025الخطبة الأولى (الطمأنينة)
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته:{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ألا بذكر اللَّه تطمئن القلوب} (الرعد:28)
إخوة الإسلام
الإنسان بطبعه بحاجة إلى الإحساس بالاستقرار والأمان والطمأنينة وراحة البال، ليحفظ عليه تماسكه، والطمأنينة: هي سكون القلب واستقراره ورضاه وعدم الشعور بالقلق، وفي سنن الترمذي وغيره: (عن الْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ قَالَ حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ»، والطمأنينة منحة ربانية، يلقيها الله في قلوب عباده المؤمنين الراضين، فيدفعها إلى قوة الإيمان، وقوة اليقين والثبات، فالرِّضَا يُوجِبُ الطُّمَأْنِينَةَ، وَالسُّخْطَ يُوجِبُ اضْطِرَابَ القَلْبِ، وَرَيْبَتَهُ وَانْزِعَاجَهُ، وَعَدَمَ قَرَارِهِ.
ومن المعلوم أنه مما يعين المؤمن على الطمأنينة (ذكر الله تعالى)، قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ألا بذكر اللَّه تطمئن القلوب} (الرعد:28)، وفي صحيح مسلم: (يقول صلى الله عليه وسلم: (وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ)،
وذكر الله هو تذكره، واستحضار جلاله وعظمته وقدرته، وكل ما له- سبحانه- من صفات الكمال والجلال، فإذا ذكر الإنسان ربّه، واستحضر جلاله وعظمته، كان في ظلّ ظليل، وفي حمّى لا يُنال من حمايته ورعايته، وفى عزة تصغر أمامها عزة كل عزيز في هذه الدنيا،
فالذي يذكر الله تعالى وهو موقن به سبحانه، طامع في رحمته، معتصم بجلاله، محتّم بحماه، لائد بفضله، عائد به من هموم الدنيا، ومن ظلم الظالمين، وبغى الباغين، يجد ربا قريبا منه، سامعا دعاءه مستجيبا له، قال تعالى: {وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} غافر:60، وقال تعالى: {وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (البقرة:186).
وليس ذكر الله الذي تطمئن به القلوب، هو هذا الذكر الذي تردّده الألسنة ترديدا آليا، دون أن يكون منبعثا من القلب، دافئا بحرارة الإيمان، منطلقا بقوة اليقين- فمثل هذا الذكر- لا يعدو أن يكون أصواتا مرددة، أشبه بالجثث الهامدة، لا روح فيها، فلا يطمئن به قلب، ولا ينشرح به صدر، فذكر الله الذي تطمئن به القلوب، هو الذكر الذي ينبعث عن إيمان، فتهتزّ له المشاعر، وتدفأ به الصدور، فإذا ذكر المؤمن بالله ربّه، غرّدت في نفسه بلابل البهجة، حتى ليكاد يكون كلّه عاطفة، ترفرف روحه بجناحي الصبابة والوجد، وتحلّق في سماوات عالية، مشرقة بنور الحق،
وأيضا: لا يكون الذكر لله ذكرا يطمئن به القلب، إلا إذا انبعث من قلب عارف بالله، مدرك لما ينبغي له سبحانه، من صفات الكمال والجلال، فذلك هو الذي يفيض على القلب خشية عند ذكر الله، وهو الذي يستثير مشاعر الولاء لله، والإخبات له، فتقشعر الجلود، وتدمع العيون، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } (الأنفال:2)، وقوله سبحانه: {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} (الحج:34 – 35)، وقوله جلّ شأنه: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ} (الزمر:23)، فإذا ذكر المؤمن ربه، وقد تلبست به تلك الحال، واستولت عليه هذه المشاعر، قرب من الله، ودنا من مواقع رحمته، وأحسّ ببرد السكينة يغمر قلبه، ووجد ريح الأمن والطمأنينة تهبّ عليه، فإذا كان الذاكر لله في هذا المقام، معرضا عن كل ما عدا الله، ومستخفّا بكل ما هو سواه، وموقن بأن ما هو فيه من خير أو شر، هو مما قضى الله، وأنه لا يكشف الضرّ إلا هو سبحانه، ولا يسوق الخير إلا هو جل شأنه، قال سبحانه: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (الأنعام:17)، فإذا ذكر المؤمن ربّه بهذه الحالة، فإن هذا الذكر يدنيه من ربه، فلا يأسى على فائت، ولا يطير فرحا، ولا يأشر بطرا، بما يقع ليديه من حطام هذه الدنيا، وهذا هو الاطمئنان الذي يسكن به القلب وتقرّ العين، حيث لا حزن، ولا جزع، ولا خوف، لأن الداء الذي يغتال أمن الناس، ويقضّ مضاجعهم- هو ما يدخل عليهم من هموم الدنيا، وما يشغلهم من توقعات الأمور فيها، وإنه لا دواء لهذا الداء إلا باللّجوء إلى الله، والفزع إليه، بذكره وتذكّر سلطانه المبسوط على هذا الوجود، وأمره القائم على كل موجود، قال تعالى: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ } (الأعراف:54).
وروى مسلم في صحيحه: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ حَيْثُ يَذْكُرُنِي وَاللَّهِ لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ يَجِدُ ضَالَّتَهُ بِالْفَلاَةِ وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَإِذَا أَقْبَلَ إِلَىَّ يَمْشِي أَقْبَلْتُ إِلَيْهِ أُهَرْوِلُ». فإذا ذكر المسلم ربه، فإنه سبحانه يفيض على الذاكر أنوارا من جلاله، فإذا هو في حمّى عزيز لا ينال، وفى ضمان وثيق من أن يهون أو يذلّ لغير الله الواحد القهار، فذكر الله يملأ قلوبهم جلالا وخشية لله، حيث يشهدون من كمالات الله ما لا يشهده إلا المقربون، الذي رضى الله عنهم ورضوا عنه، يقول سبحانه وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا } (مريم:96)، فهذا الودّ إنما يناله أولئك الذين يذكرون الله فيذكرهم الله، ويعرفونه فيعرفهم: { الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ربنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا} (آل عمران: 191)، فهذا ذكر المستبصر، الذي يضيء له الطريق، فيرى قدرة الخالق وجلاله، وعظمته، فيخشع قلبه، وتسكن روحه، وتطمئن نفسه، فذكر الله إنما هو نبضات قلب معمور بالإيمان بالله، وخفقات وجدان ريّان بالرجاء في الله، والطمع في فضله وإحسانه،
وحسن أن يحسن العبد ظنه بربه، بل وأن يبالغ ما شاء في هذا الظن، ولكن شريطة أن يكون ذلك الظن نابعا من الإيمان بالله، ومستندا على ما يجد العبد من شواهد القرب من ربه، فهنا يحق له أن يتمنى على ربه، وأن يدلّ دلال المحبوب مع محبوبه، وفي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «رُبَّ أَشْعَثَ مَدْفُوعٍ بِالأَبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ». وفي سنن الترمذي: (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «كَمْ مِنْ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ لاَ يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ مِنْهُمُ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ».
لذا كان المسلمون إذا اشتدت عليهم الحرب في قتال المشركين، يقولون: (يا براء أقسم على ربك فيقسم على ربه فينتصرون)،
فالدعاء هو ذكر الله حيث يوجّه الداعي وجهه إلى الله، طالبا اللجأ إليه، والمدد من إحسانه وفضله، يقول ابن قيم الجوزية: إن الدعاء هو ذكر للمدعو سبحانه، متضمن للطلب منه، والثناء عليه بأسمائه وأوصافه، فهو- أي الدعاء- ذكر وزيادة كما أن الذكر سمىّ دعاء لتضمنه الطلب، كما قال ﷺ: ”أفضل الدعاء: الحمد لله»، فسمّى الحمد دعاء، وهو ثناء محض، لأن الحمد يتضمن الحب والثناء، والحب أعلى أنواع الطلب للمحبوب!. ثم يقول ابن القيم: «وتأمل كيف قال تعالى في آية الذكر: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً} (الأعراف :205) وفي آية الدعاء: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} (الأعراف:55) فذكر التضرع فيهما معا، وهو التذلل والتمسكن، والانكسار، وهو روح الذكر والدعاء، وخص الذكر بالخفية لحاجة الذكر إلى الخوف، فإن الذكر يستلزم المحبة ويثمرها ولا بدّ، فمن أكثر من ذكر الله أثمر له ذلك محبته، والمحبة ما لم تقترن بالخوف، فإنها لا تنفع صاحبها، بل تضره، لأنها توجب الإدلال والانبساط وربما آلت بكثير من الجهال المغرورين إلى أنهم استغنوا بها عن الواجبات، ولهذا قال بعض السلف: «من عبد الله بالحب وحده، فهو زنديق، ومن عبده بالخوف وحده، فهو حروري، ومن عبده بالرجاء وحده، فهو مرجئ ، من عبده بالحب والخوف والرجاء، فهو مؤمن»، وقد جمع الله تعالى هذه المقامات الثلاثة في قوله سبحانه: {أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ } (الإسراء: 57) فابتغاء الوسيلة هو محبته الداعية إلى التقرب إليه.. ثم ذكر بعدها الرجاء والخوف، فذكر الله بالقلب واللسان، هو خير زاد يتزود به الإنسان في رحلة الحياة، وخير رفيق يؤنسه في طريقه الموحش، حيث يجد ي جوار الله الأنس، حين يستوحش الناس، ويجد الشبع والريّ إذا أجدب الناس، والله سبحانه وتعالى يقول: { فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى } (طه: 123 -124) .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الطمأنينة)
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
ومما لا شك فيه أن الإكثار من ذكر الله والاستغفار والصلاة والسلام على رسول الله هي من أعظم الأسباب في طمأنينة القلوب وراحتها، وفي السكون إلى الله تعالى والأنس به سبحانه، وزوال الوحشة والذبذبة والحيرة من القلب، وإذا تسلل شيء من الحزن، أو الخوف من المجهول إلى قلب المسلم، فينبغي أن يطمئن قلبه بذكر الله، والأنس به، ويدعو الله تعالى بهذا الدعاء الذي أرشدنا إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى الإمام أحمد: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَا أَصَابَ أَحَداً قَطُّ هَمٌّ وَلاَ حَزَنٌ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجَلاَءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي. إِلاَّ أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجاً». قَالَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ نَتَعَلَّمُهَا فَقَالَ «بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا ».
وعليك أخي المسلم، وأختي المسلمة: أن تحافظ على الفرائض، وما استطعت من النوافل، وأعمال الخير، وتبتعد عن كل ما لا يرضي الله تعالى، فإن ذلك من أهم وسائل طمأنينة القلب وسعادة النفس في الدارين، قال الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل:97].
هذا وقد وردت الكثير من الأحاديث في ذكر الله، ففي الصحيحين: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلاَّ أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ»، وفي الصحيحين: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ»، وفي صحيح مسلم: (عَنْ جُوَيْرِيَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى وَهِىَ جَالِسَةٌ فَقَالَ «مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا». قَالَتْ نَعَمْ. قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- «لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ». وفي صحيح مسلم: (عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «أَحَبُّ الْكَلاَمِ إِلَى اللَّهِ أَرْبَعٌ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ. لاَ يَضُرُّكَ بَأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ). وفي الصحيحين: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «لأَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ». وفي مسند أحمد: (أن عثمان بن عفان سئل: فَمَا الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ يَا عُثْمَانُ قَالَ هُنَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ). وفي الصحيحين: (قَالَ صلى الله عليه وسلم: «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ». فَقُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «قُلْ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ». فينبغي الإكثار من هذه الأذكار التي تطمئن بها القلوب، وتستقيم بها الأحوال، مع الإكثار من الأعمال الصالحات، والتوبة النصوح من جميع السيئات، مع تقوى الله، والاستقامة على دينه، والحذر من المعاصي.
الدعاء