خطبة ( خطورة التهاون في العبادة التعاملية)
يناير 30, 2016خطبة عن تزكية النفس ،وقوله تعالى ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ )
يناير 31, 2016الخطبة الأولى ( العبادة التعاملية ) 1
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله هو خير الخلق وحبيب الحق ورحمة الله للخلق أجمعين .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) الذاريات (56) ، وقال الله سبحانه ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) الأنبياء ( 35)
إخوة الاسلام
الآيات السابقة تبين لنا الحكمة من خلق الإنسان .. ألا وهي عبادة الله تبارك وتعالى . والسؤال الذي قد يخطر على البال .. هل يحتاج الله تعالى عبادتنا.. والإجابة لا.. فإن الله تعالى غني عن العالمين.. فالعبادة لا تزيده ولا تنقصه مثقال ذرة.. لأنه سبحانه غني بذاته غنى مطلقا.. فلا يحتاج إلى شيء مما في الوجود. بل كل ما في الوجود محتاج إليه..قال الله تعالى { يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ . وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } فاطر ( 15)، فثمرة العبادة إنما ترجع إلى الشخص العابد نفسه ..إذ هو المحتاج إلى الله تعالى ..والمفتقر إليه.استعانة وتوكلا كما قال الله تعالى{ مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ..وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا } الاسراء (15) ، والعبد المؤمن يعبد ربه لانه يحبه ..فكيف لا يحب العبد ربه ولا يتعبده.. وهو القائم سبحانه على شؤون خلقه، المسلم منهم والكافر بالرزق والحفظ والحياة ..أمر آخر نوضحه ..إذا كان الله قد خلقنا لعبادته .. فما هي العبادة ؟ ، هل العبادة مقصورة على الصلاة والصوم والحج والزكاة؟.. فأقول هذا فهم قاصرة للعبادة ..فالعبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه.. من الأقوال. والأعمال الباطنة والظاهرة فالصلاة والزكاة والصيام والحج عبادة وصدق الحديث وأداء الأمانة وبر الوالدين وصلة الأرحام والوفاء بالعهود عبادة.. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجهاد الكفار والمنافقين عبادة ..والإحسان للجار واليتيم والمسكين وابن السبيل عبادة.. والدعاء والذكر وتلاوة القرآن عبادة.. و حب الله ورسوله والإنابةُ إليه عبادة.. والصبر على بلائه والشكر لنعمائه والرضا بقضائه والرجاء لرحمته والخوف من عذابه كل ذلك عبادة..بل والرحمة بالحيوان عبادة
.أيها الموحدون
وقد صنف بعض العلماء العبادة الى صنفين ..شعائرية ..وتعاملية.. فالشعائرية.. هي التي تحتوي على الشعائر التي يؤديها العبد المؤمن من ( صلاة و صوم وحج ).. أما العبادة التعاملية..فهي تشمل تعاملك مع الآخرين من ( تعاملك مع الوالدين والزوجة أو الزوج والأولاد ..وتعاملك مع الصديق والجار والزميل في العمل .. وتعاملك في البيع والشراء ..وفي الزراعة والصناعة والتجارة..وفي تعاملك مع الناس في الطريق ووسائل المواصلات .. وتعاملك مع الحيوانات ..كل ذلك عبادات تعاملية …ومن الملاحظ أن الكثير من الناس مهتمون بالعبادات الشعائرية ( فيؤدون الصلاة ويصومون رمضان ويحجون ويعتمرون وهذا أمر جميل ومطلوب ..ولكنهم مفرطون ومتساهلون ومتهاونون في العبادات التعاملية.. ظنا منهم أن العبادات التعاملية ليست ذات قيمة أو أنها لا تؤثر في مصيره ونهايته.. لذا..تجد البعض منا لا يحسن معاملة الآخرين حتى وهو داخل المسجد.. وهو في طوافه في الحرم.وهو صائم رمضان تجد بعض المسلمين مصلياً صائماَ قارئاً للقرآن ثم لا يتورع أن يغش أو يظلم..وتجد المرأة المصلية الصائمة ثم لا تتورع أن تخالف الشرع باختلاطها وزينتها المحرمة.. وآخر تراه مصلياً صائماَ قارئاً للقرآن ولكنه عاق لوالديه قاطع لرحمه ..آكل لحقوق ورثته ..يؤذي جاره ويغتاب الآخرين . تراه مصلياً صائماَ..حاجا ومعتمرا ومتصدقا .. ولكنه يتعامل بالربا ..رغم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت أول كلماته في الدعوة الى الله ..حسن التعامل بين الناس فيقول ابو سفيان حينما سئل عن رسول الله :(وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعَفَافِ وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ ) ، ويقول صلى الله عليه وسلم :«خَيْرُكُمْ إِسْلاَماً أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاَقاً ) ويقول صلى الله عليه وسلم :(خَيْرُكُمْ مَنْ يُرْجَى خَيْرُهُ وَيُؤْمَنُ شَرُّهُ وَشَرُّكُمْ مَنْ لاَ يُرْجَى خَيْرُهُ وَلاَ يُؤْمَنُ شَرُّهُ »
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (العبادة التعاملية ) 1
الحمد لله رب العالمين واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين..
أما بعد أيها المسلمون
بكل صراحة نقولها : نحن ..(المسلمين) .اذا كنا قد نجحنا في أداء العبادات الشعائرية ..فقد فشلنا فشلا زريعا في العبادات التعاملية .. وأخشى على نفسي وعليكم من عاقبة ذلك ..فالتهاون في العبادات التعاملية قد يكون سببا في ضياع أجر الصلاة والصوم والصدقة والحج والعمرة ..وتكون النهاية الى الإفلاس ثم إلى النار أعاذنا الله منها ..وخير شاهد مارواه مسلم (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ :« أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ »قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ. فَقَالَ « إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِى يَأْتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِى قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِى النَّارِ)
وماذا عن العبادات التعاملية ؟ نستكمل الموضوع في لقاء قادم إن شاء الله .
الدعاء