خطبة عن: عمارة المساجد، وحديث ( أَيْنَ عُمَّارُ الْمَسَاجِدِ؟ )
يناير 18, 2023خطبة حول معنى قوله تعالى ( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ )
يناير 24, 2023الخطبة الأولى العلم سلاح ذو حدين :( سَلُوا اللَّهَ عِلْمًا نَافِعًا، وَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى ابن ماجه في سننه : (عَنْ جَابِرٍ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« سَلُوا اللَّهَ عِلْمًا نَافِعًا وَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ »، وفي مسند أحمد وغيره : (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ الْفَجْرِ :« اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْماً نَافِعاً وَعَمَلاً مُتَقَبَّلاً وَرِزْقاً طَيِّباً »
إخوة الإسلام
العلم من أعظم الأمور التي شرف الله تعالى بها بني آدم ،وأكرمهم بها، فالعلم النافع من أحسن ما يحصله المسلم في دينه ودنياه؛ فبالعلم صلاح الدين والدنيا معًا، وقد عظم الله تعالى شأن العلماء العالمين بشرعه، فقال جل وعلا: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} الزمر 9، . وقال الله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} المجادلة 11، ولقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على العلم والاستزادة منه، ولذا كان يكثر صلى الله عليه وسلم من الدعاء به ، وذلك امتثالا لأمر ربه تبارك وتعالى (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) طه (114)، ولم يكتف النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه في الاعتناء بالعلم ،بل حرص على أن يتعلم المسلمون ويتزودوا به، فاتخذ الخطوات الايجابية نحو تحقيق هذا الهدف، ومن ذلك أنه أصدر قرارا في عقب غزوة بدر ، يحدد فيه فداء الرجل المشرك الأسير الذي لديه قدر من التعليم أن يعلم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة حتى يفك قيده من الأسر.
واذا كان للعلم قداسة وتعظيم يحظى به من الشعب والفرد، فكذلك يظفر المتعلم بإجلال واحترام وعلو في القدر، ورفعة في المنزلة، ونرى ذلك واضحا في آيات القرآن الكريم ، وفي السنة النبوية ، ففي القرآن الكريم نقرأ تمييز الله تبارك وتعالى بين العلماء والجهلاء، ويعلم رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك ،ويأمره بتبليغ العلم للناس ،فيقول الله تعالى : {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} الزمر 9، ، كما نبصر فيه اختصاص العلماء بالذكر مع انهم مذكورون ضمنا بين المؤمنين، كل هذا لاظهار مكانتهم، ومنزلتهم العالية، قال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} المجادلة 11 ، وترى السنة النبوية الشريفة توضح هذا الشرف الذي حظي به العلماء، ففي سنن الترمذي وغيره ،يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ ».
أيها المسلمون
والعلم سلاح ذو حدين ، فإذا كان العلم يُعَدُّ من أهم منجزات العصر الحديث ، ومظهراً لحضارة الإنسان ورقيّه، فهناك من يستغل العلم بشكلٍ إيجابي، فينتفع به في كافة ميادين الحياة، ممّا يؤثر إيجاباً على الفرد والمجتمع والأمة بشكل عام، وهناك من يستغله بشكلٍ سلبي وخاطئ، مما يؤثر سلباً على المجتمع والأمّة بشكلٍ عام، وإذا كان الله تعالى قد مدح وأثنى على العلم والعلماء ،فقال الله تعالى : (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) (28) فاطر ، فقد ذم الله تعالى أولئك الذين فتنوا بالعلم ، وجعلوه إلها يعبد من دون الله، فقال الله تعالى عن قارون وهو رمز من رموز الكفر الذين فتنوا بالعلم والمال والجاه : (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) القصص (78) ، وقال الله تعالى : (فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (83) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ) (83) : (85) غافر ، فالعلم سلاح ذو حدين ، أحدهما فيه نفع ، والآخر فيه ضر وبلاء ، ولذا قال صلى الله عليه وسلم : « سَلُوا اللَّهَ عِلْمًا نَافِعًا وَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ »،وقال صلى الله عليه وسلم 🙁 اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْماً نَافِعاً ) ،
فعلى هذا فالعلم ينقسم إلى قسمين باعتبار نفعه وضره : إما علمٌ نافع فيشمل العلوم الدينية والعلوم الدنيوية المفيدة، وعلمٌ ضار كتعلم الأمور التي تلحق الضرر بالإنسان ،وكتعلم السحر ، وتعلم صناعة الأشياء التي حرمها الله تعالى ،كتعلم صنع الخمر ،وتراكيب المخدرات والسموم التي يراد بها ضُر الإنسان بغير وجه حق، وهذا من العلم الضار الذي ذمه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم؛ وكما قال تعالى: {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ} البقرة 102؛
أيها المسلمون
فمن سلبيات العلم والتقدم التكنولوجي ، والتي أثرت سلبا على العالم : التفنن في إنتاج الأسلحة، ولا سيَّما أسلحة الدمار الشامل، وكذا جوانب الانحلال والفساد التي تحملها مواقع الإنترنت، وأشكال الإعلام الذي يهدف إلى نشر الانحراف الأخلاقي، وكذلك التلوُّث الناجم عن مفرزات العلم في مجال الصناعة، وانتشار الجريمة بكل صورها، فالتلوث البيئي أسهمت الاختراعات المتتالية في إحداث التلوث بكافة أنواعه السمعي، والبصري، والإشعاعي ، الأمر الذي ينعكس سلبًا على الكثير من جوانب الحياة وأهمها الجانب الصحي، فالتلوث البيئي ساهم في ارتفاع نسبة الإصابة بسرطان الجهاز التنفسي، والربو، وضيق التنفس إلى غير ذلك من الأمراض المزعجة، ومن سلبيات العلم أيضا : المساهمة في الحروب والكوارث ، فبفضل العلم تمكّن الإنسان من اختراع المعدّات العسكرية، والأسلحة النووية الفتاكة بالشعوب، والقنابل بأنواعها المتعددة، واستخدام الإنسان لهذه المعدّات ضد أخيه الإنسان أسهم في اشتعال فتيل الحروب، وتسبّب في الكثير من الكوارث الإنسانية.
أيها المسلمون
وأما عن إيجابيات العلم : فقد ساعد العلم الإنسان على النهوض بالعديد من المجالات الحياتيّة المختلفة؛ كالمجال الصحي، والتعليميّ، والاجتماعيّ، والاقتصاديّ، وما إلى ذلك. كما سهّل حياة الناس إلى أقصى درجة ممكنة، من خلال اختراع وسائل النقل الحديثة، ووسائل الاتصالات، والأجهزة الإلكترونية والكهربائية، وغيرها، وقرب العلم الناس من بعضهم البعض، وزاد من تلاحمهم بشكل أكبر من قبل، فصار سكان الكرة الأرضية وكأنهم شعب واحد، يعرفون عن بعضهم البعض تماماً كما يعرفون عن أنفسهم، واستطاع العلم أن يوفر العديد من الحلول لمشاكل كانت مستعصية على الناس فيما مضى ،وإلى عهد قريب، كمشاكل المياه، وقلة الغذاء، وقلة الدواء، وانعدام النظافة، وغيرها، ومما يُحسب للعلماء العرب والمسلمين أنّهم أبدعوا في تسخير العلم لخدمة الدين، فقد كانت الغاية من العلم الوصول إلى الله تعالى، واكتشاف سننه الكونية، خدمةً للإنسان،
ومن خلال ذلك يتبين لنا أن للعلم فوائد متعدّدة ، ومنها : نيل رضا الله تعالى والسعادة في الدنيا والآخرة: فالرسالات السماوية حثت على العلم والتعلّم، والإنسان الساعي في سبيل العلم يمهد له طريقًا إلى الجنة إذا أخلص النية وأتقن العمل، ونفع الناس بعلمه، ونيل محبة الناس وتحقيق المكانة المرموقة في المجتمع، كما يضفي العلم على صاحبة هالة من الهيبة والاحترام، فالإنسان المتعلّم يُحترم لعلمه ودوره في بناء المجتمع وتقدّمه ،وفيه تحقيق الاستقرار النفسي والسعادة الداخلية للإنسان، لذا كان الانشغال بالعلم والحرص على استثمار الوقت في العلم والتعلّم أمران بالغا الأهمية في تحقيق السعادة الداخلية للإنسان التي تأتي من شعور الإنسان بقيامه بعمل ذي قيمة ويعود بالنفع عليه وعلى من حوله. والعلم يجعل الإنسان أكثر انفتاحًا على تجارب الآخرين، والاستفادة منها، وقراءة الكتب المتنوعة تُساعد الإنسان في إيجاد حلول للمشكلات التي تواجهه، كما تجعله أكثر قدرة على تخطي العقبات، وفي العلم تسهيل إيجاد فرص عمل، وخلق فرص عمل جديدة، حيث يمكن لشخص مقيم في قارة آسيا أن يجد عملًا في قارة أوروبا بسهولة ويُسر عبر صفحات التوظيف المنتشرة إلكترونيًا،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية: العلم سلاح ذو حدين :( سَلُوا اللَّهَ عِلْمًا نَافِعًا، وَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وإن العلم النافع هو السلاح القوي الذي يعيد لنا ديننا وأرضنا وثقافتنا وعزَّتنا، والعلم أرضٌ خصبة لإنباتِ رجال يعرفون ما لهم وما عليهم، من خلال أحكامٍ، وحدودٍ، وأوامرَ، ونواهٍ، فهؤلاء الرجال سيكونون قادرين على تغيير هذا الواقع الأليم، وإعادة الانتصارات من جديد؛ كما كان الإسلام أيام العزة، وهؤلاء الرجال لديهم القدرة على مواجهة الأفكار الفاسدة، والثقافات الضالة التي تأتي من الأعداء من خلال العلم الصحيح الذي يساعد على تصحيح العقول الفاسدة، وهداية القلوب الضالة، ويمد الإنسان بدلائل الخير والإرشاد، ويفتح لنا مجالات النعيم في الدنيا قبل الآخرة، ويعيننا على قضاء حوائجنا دون إفراط أو تفريط، ويوجِّهنا إلى الطريق المستقيم والقوة المستديمة، ويكشف الحقائق الزائفة للمتكلمين والذين يدَّعون بأن الدين لا يتناسب مع الواقع، ويزعمون أن العقيدة السليمة لا تأتي إلا من العقل والمنطق والمصلحة
فمن واجبنا أن نولي العلم الاهتمام المناسب، وذلك بالاستفادة من العلم بالشكل الصحيح ، وبما يحقق المصلحة لنا ولغيرنا، وذلك بأن نسلك السبل الصحيحة في طلب العلم وتحصيله، ونطرق كلّ أبواب العلم والمعرفة، ونستفيد منها بشكل إيجابي، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ الإنسان هو من يقرر الوجهة الصحيحة لطلب العلم، وطريقة الاستفادة منه، فبإمكانه الاستفادة من الجوانب المضيئة فيه، فيستخدمها لما فيه خير ذاته ،وخير الناس من حوله، وبإمكانه أيضاً استغلال الجوانب السيئة فيضرُّ نفسه، وينتقل ضرره حتى يطال الآخرين حوله. ، ولابد أن يكون لدى كل واحد فينا دافع لاستخدام العلم بشكل مفيد ، ومعرفة كل واحد فينا الضرر المترتب علينا وعلى الأمة من الاستخدام السلبي للعلم ومخرجاته ، لذلك يجب على كل واحد فينا أن يكون واعيا بهذه الأمور ،وأن يرشد الناس إلى الاستخدام الايجابي ، وتعريفهم بأضرار الاستخدام السلبي للعلم
الدعاء