خطبة عن تسمية الولد وحديث (إِنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُمْ إِلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ)
يوليو 17, 2022خطبة عن (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ)
يوليو 17, 2022الخطبة الأولى ( مَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عُلِّمْتَ؟ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الامام الترمذي في سننه : (قال أَبُو هُرَيْرَةَ : حَدَّثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَنْزِلُ إِلَى الْعِبَادِ لِيَقْضِىَ بَيْنَهُمْ وَكُلُّ أُمَّةٍ جَاثِيَةٌ فَأَوَّلُ مَنْ يَدْعُو بِهِ رَجُلٌ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَرَجُلٌ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَرَجُلٌ كَثِيرُ الْمَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ لِلْقَارِئِ أَلَمْ أُعَلِّمْكَ مَا أَنْزَلْتُ عَلَى رَسُولِي قَالَ بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عُلِّمْتَ قَالَ كُنْتُ أَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ. فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ كَذَبْتَ وَتَقُولُ لَهُ الْمَلاَئِكَةُ كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ إِنَّ فُلاَنًا قَارِئٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ…)
إخوة الإسلام
لقاؤنا اليوم -إن شاء الله- مع هذا الأدب النبوي الكريم ، وسوف أتناول فيه عبارة هامة قالها الله تعالى لمن أوتي العلم، وهي قوله تعالى في الحديث القدسي : (فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عُلِّمْتَ؟؟ ) ، فتأملوا قول الله تعالى في الحديث للقارئ : “فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عَلِمْتَ؟” فذلك يؤكد أن لفظة قارئ ، أو جامع القرآن، تستلزم العمل به، وأن مَن لم يعمل بالقرآن فليس له بجامع أو قارئ. ويحاسب على ترك العمل بما علم ، فالسؤال يوم القيامة لن يكون عن مقدار المحفوظ ، أو كم المعلومات ،أو جودتهما ، وإنما سيكون عن العمل بالمحفوظ والمقروء والمجموع والمعلوم. ، فمراد الله منا أن يكون الحفظ مع الفهم والعمل ، يقول المحاسبي: “فغدا نَقدُم على الله جل وعز فنلقاه، ويُسائلنا عن كتابه الذي أُنزل إلينا ،مخاطبا لنا به، وكيف فهمنا عنه ،وكيف عملنا به، وهل أجْلَلْناه ورَهِبْناه، وهل قمنا بحقه الذي أمرنا به ،وجانبنا ما نهانا عنه؟ قال الله عز وجل: (أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ ) [المؤمنون : 105]”، وهل تعلم أخي المؤمن وأختي المؤمنة أن ما عرَفتَه ولم تطبِّقه قد يكون شاهدًا عليكَ يوم القيامة؟! يقول أبو الدرداء رضي الله عنه: “لا أخافُ أنْ يُقالَ لي يوم القِيامةِ: يا أبا الدَّرْداءِ، ما عَمِلْتَ فِيما جَهِلْتَ؟ ولكن أخافُ أنْ يُقالَ لي: يا عُوَيْمِرُ ما عَمِلْتَ فِيما عَلِمْتَ؟ “. فما نقرؤه من العلم نوعان: فهناك من العلم ما لا يَسَع المسلم جهله، فيجب أن يسعى لتعلُّمِه، وإذا تعلَّمَه وجب عليه تطبيقه فورًا، وهناك ما هو فَضْل، إن عملنا به فهو خيرٌ وأجْر وفلاحٌ، وإن تركنا تطبيقَه لم يضُرَّنا. جاء في الموسوعة الفقهية: “تعلُّم العلم تعتريه الأحكام الآتية: قد يكون التعلُّم فَرْضَ عَيْنٍ، وهو تعلُّم ما لا بُدَّ منه للمسلم؛ لإقامة دينه وإخلاص عمله لله تعالى، أو معاشرة عباده، فقد فُرِضَ على كل مُكَلَّفٍ ومُكلَّفة – بعد تعلُّمِه ما تصِحُّ به عقيدتُه من أصول الدين – تعَلُّمُ ما تصِحُّ به العبادات والمعاملات، من الوضوء والغُسْل والصلاة والصوم، وأحكام الزكاة، والحج لمن وجب عليه، وإخلاص النية في العبادات لله. وقد قال الله -عز وجل- معاتبًا المؤمنين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ) [الصف: 2- 3]. وفي سنن الترمذي : (عَنْ أَبِى بَرْزَةَ الأَسْلَمِىِّ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَا فَعَلَ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ ». كما روى مسلم في صحيحه : (عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « يُؤْتَى بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُ بَطْنِهِ فَيَدُورُ بِهَا كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِالرَّحَى فَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ أَهْلُ النَّارِ فَيَقُولُونَ يَا فُلاَنُ مَا لَكَ أَلَمْ تَكُنْ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ فَيَقُولُ بَلَى قَدْ كُنْتُ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلاَ آتِيهِ وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ ». وكان بعض السلف يقول: أخشى ألا تبقى آية في كتاب الله -تعالى- آمرة أو زاجرة إلا جاءتني تسألني فريضتها، فتسألني الآمرة هل ائتمرت؟ والزاجرة هل ازدجرت؟ فأعوذ بالله من علم لا ينفع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعاء لا يسمع ، وقد كانت أم المؤمنين (عائشة) -رضي الله عنها- حريصة على تأصيل هذا المفهوم في نفوس بعض أهلها ، ومن يسألها، وهي قضية أن الإنسان لا ينتقل إلى تعلم شيء جديد إلا بعد أن يعمل بما علم، ولا يستكثر من المعلومات دون عمل، فعن عطاء: “كان فتى يختلف إلى أم المؤمنين عائشة، فيسألها وتحدثه، فجاءها ذات يوم يسألها فقالت: يا بني هل عملت بعد بما سمعت مني؟ فقال: لا والله يا أمه، فقالت: يا بني فبما تستكثر من حجج الله علينا وعليك؟” ، وليكن معلوما أن الإنسان لا ينهى عن التعلم ، والازدياد من العلم، ولكن ينهى عن ترك العمل بالعلم، فإذا علم شيئًا سعى إلى تطبيقه وتنفيذه، وهذه سمات المخلصين الصادقين. ولذلك يرفه العلم في آخر الزمان حينما لا يعمل به ، ففي صحيح ابن حبان ومسند البزار : (عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ ، فَقَالَ : هَذَا أَوَانُ يُرْفَعُ الْعِلْمُ ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَكَيْفَ يُرْفَعُ الْعِلْمُ ، وَقَدْ أُثْبِتَ وَوَعَتْهُ الْقُلُوبُ ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِنْ كُنْتُ لأَحْسَبُكَ مِنْ أَفْقَهِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ ضَلالَةَ الْيَهُودِ ، وَالنَّصَارَى عَلَى مَا فِي أَيْدِيهِمْ فِي كِتَابِ اللهِ). يقول راوي الحديث : (فلقيت شداد بن أوس فحدثته بحديث عوف بن مالك فقال: صدق عوف ألا أخبرك بأول ذلك يرفع؟ قلت: بلى، قال: الخشوع حتى لا ترى خاشعًا” ، وجاء في بعض المواعظ: “ويلكم يا عبيد الدنيا ماذا يغني عن الأعمى سعة نور الشمس وهو لا يبصرها، كذلك لا يغني عن العالم كثرة علمه إذا لم يعمل به، ما أكثر أثمار الشجر وليس كلها ينفع ولا يؤكل، وما أكثر العلماء وليس كلكم ينتفع بما علم فاحتفظوا” يعني انتبهوا “من العلماء الكذبة الذين عليهم لباس الصوف، منكسين رؤوسهم إلى الأرض، قولهم مخالف لفعلهم، متى يجتنى من الشوك العنب، ومن الحنظل التين، كذلك لا يثمر قول العالم الكذاب إلا زورًا، وإن الزرع لا يصلح إلا بالماء والتراب، وكذلك لا يصلح الإيمان إلا بالعلم والعمل، ويلكم يا عبيد الدنيا إن لكل شيء علامة يعرف بها وتشهد له أو عليه، وإن للدين ثلاث علامات يعرف بهن: الإيمان والعلم والعمل”
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( مَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عُلِّمْتَ؟ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال رجل لإبراهيم بن أدهم: فما بالنا ندعو فلا يستجاب لنا؟ فقال له إبراهيم: من أجل خمسة أشياء، قال: وما هي؟ قال: عرفتم الله فلم تؤدوا حقه، وقرأتم القرآن فلم تعملوا بما فيه، وقلتم نحب الرسول ﷺ وتركتم سنته، وقلتم نلعن إبليس وأطعتموه، والخامسة: تركتم عيوبكم وأخذتم في عيوب الناس” ، (وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( مثل العالم الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه كمثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه) رواه الطبراني في الكبير ، وعن سهل بن عبد الله التستري قال: “الناس كلهم سكارى إلا العلماء، والعلماء كلهم حيارى إلا من عمل بعلمه”. وكان بعض الحكماء يقول: “نفعنا الله وإياكم بالعلم، ولا جعل حظنا منه الاستماع والتعجب” ، وهذه وصية عالمٍ حبر يرسلها من بغداد يقال له الخطيب البغدادي.. فيقول: إني موصيك يا طالب العلم بإخلاص النية في طلبه.. وإجهاد النفس على العمل بموجبه.. فإن العلم شجرة والعمل ثمرة.. وليس يُعَدُّ عالما من لم يكن بعلمه عاملا.. وقيل العلم والد والعمل مولود.. والعلم مع العمل والرواية مع الدراية.. فلا تأنس بالعمل ما دمت مستوحشا من العلم.. ولا تأنس بالعلم ما كنت مقصراً في العمل.. ولكن اجمع بينهما وإن قلَّ نصيبك منهما.. وما شيء أضعف من عالم ترك الناس علمه لفساد طريقته وجاهل أخذ الناس بجهله لنظرهم إلى عبادته.. والقليل من هذا مع القليل من هذا أنجى في العاقبة إذا تفضل الله بالرحمة وتمم على عبده النعمة.. والعلم يراد للعمل ،كما العمل يراد للنجاة.. ونعوذ بالله من علم عاد كلاًّ ،وأورث ذلاًّ ،وصار في رقبة صاحبه غلا ”
الدعاء