خطبة عن اسم الله ( الوَاسِعُ )
فبراير 10, 2018خطبة عن (حرمة وخطورة الاعتراض على شرع الله وأحكامه)
فبراير 10, 2018الخطبة الأولى ( العين الباكية ) (وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين :(إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا) (107):(109) الاسراء ،وروى الترمذي في سننه :(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « عَيْنَانِ لاَ تَمَسُّهُمَا النَّارُ عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ » ، وفي رواية لأحمد : « حُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ دَمَعَتْ أَوْ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَحُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ سَهِرَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ».
إخوة الاسلام
إن البكاء من خشية الله تعالى هو أصدق بكاء تردده النفوس، وأقوى مترجم عن حياة القلوب الرحيمة الرقيقة الوجلة الخائفة، والعين التي تذرف الدمع من خشية الله هي عين لن تمسها النار، لأن العين تتبع القلب، فإذا رقّ القلب دمعت العين، وإذا قسى القلب قحطت العين، والبكاءَ مِن خشية الله تعالى – مقامٌ عظيم، وهو مقامُ الأنبياء والصالحين، إنَّه مقام الخُشُوع ، وإراقة الدُّموع خوفًا منَ الله، وإنَّه التعبير عن حُزن القلب، وانكسار الفؤاد. والبكاء من خشية الله عبادة يحبها الله تعالى، ويرغّب فيها، ويعطي عليها الأجر العظيم، لأنها تتحقق بها العبودية الكاملة لله سبحانه، ويتحقق بها الخشوع والخضوع والانكسار والتذلل بين يديه جل وعلا، وفي سنن الترمذي (عَنْ أَبِى أُمَامَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لَيْسَ شَىْءٌ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ قَطْرَتَيْنِ وَأَثَرَيْنِ قَطْرَةٌ مِنْ دُمُوعٍ فِي خَشْيَةِ اللَّهِ وَقَطْرَةُ دَمٍ تُهَرَاقُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَأَمَّا الأَثَرَانِ فَأَثَرٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَثَرٌ فِي فَرِيضَةٍ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ » ، وقال الإمام ابن القيّم رحمه الله: “ومتى أقحطت العين من البكاء من خشية الله تعالى، فاعلم أن قحطها من قسوة القلب، وأبعد القلوب من الله: القلب القاسي”.
أيها المسلمون
وللبكاء من خشية الله فضائل جمة ، وثمار متعددة ،فمن فضائل البكاء من خشية الله تعالى : – أن البكاء من خشية الله من دلائل وعلامات محبة الله تبارك وتعالى كما في الحديث المتقدم – وأن البكاء من خشية الله : من دلائل رقة القلب وزيادة الإيمان والخشوع، لقوله تعالى: (وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا) الاسراء (109) – ومن فضائل البكاء من خشية الله : الاستظلال بظل العرش يوم القيامة، لقوله صلى الله عليه وسلم: « سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ …( وذكر منهم ) «وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ » . – ومن فضائل البكاء من خشية الله : أنه يكون مع الذين أنعم الله عليهم وهداهم واجتباهم لقوله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا) (58) مريم – ومن فضائل البكاء من خشية الله : العلم بالله وخشيته، لقوله تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) فاطر 28، وقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين : (يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَلَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً ) ،– ومن فضائل البكاء من خشية الله :النجاة من النار: لقوله صلى الله عليه وسلم كما في سنن الترمذي: « عَيْنَانِ لاَ تَمَسُّهُمَا النَّارُ عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ »، وفي سنن الترمذي : عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ يَلِجُ النَّارَ رَجُلٌ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ ) ، – ومن فضائل البكاء من خشية الله : نيل بركة دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم بدخول الجنة، لقوله صلى الله عليه وسلم : “طوبى لمن ملك لسانه، ووسعه بيته، وبكى على خطيئته” رواه الطبراني ، وقيل : (طوبى: شجرة في الجنة).
أيها المسلمون
ولما كان هذا هو شأن ومنزلة البكاء من خشية الله ، لذا قد كان البكاء من خشية الله سمة من سمات أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أجمعين ، وذلك اقتداء برسولهم صلى الله عليه وسلم ، فمما ورد من بكاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكذا التابعين من بعدهم : ما في البخاري عن عائشة:” وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلاً بَكَّاءً ،لاَ يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ ” وقال عبد الله بن عيسى: كان في وجه عمر بن الخطاب خطان أسودان من البكاء. وفي صحيح البخاري :(عَنْ أَنَسٍ – رضى الله عنه – قَالَ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – خُطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ ، قَالَ « لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا » . قَالَ فَغَطَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – وُجُوهَهُمْ لَهُمْ خَنِينٌ ،..) ، وعن أبي سفيان عن أشياخه قال : قدم سعد على سلمان يعوده ، قال : فبكى ، فقال سعد : ما يبكيك يا أبا عبد الله ؟ توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راض وترد عليه الحوض وتلقى أصحابك ، فقال : ما أبكي جزعا من الموت ولا حرصا على الدنيا ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلينا عهداً قال : ” لتكن بلغة أحدكم من الدنيا كزاد الراكب ” وحولي هذه الأساود قال وإنما حوله إجانة وجفنة ومطهرة فقال يا سعد اذكر الله عند همك إذا هممت وعند يديك إذا قسمت وعند حكمك إذا حكمت ) رواه الحاكم في المستدرك . وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَحِيرٍ أَنَّهُ سَمِعَ هَانِئًا مَوْلَى عُثْمَانَ قَالَ كَانَ عُثْمَانُ إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ بَكَى حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ فَقِيلَ لَهُ تُذْكَرُ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَلاَ تَبْكِى وَتَبْكِى مِنْ هَذَا فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ« إِنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنَازِلِ الآخِرَةِ فَإِنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ ». قَالَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَطُّ إِلاَّ وَالْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ » رواه الترمذي ، وبكى معاذ رضي الله عنه بكاء شديدا فقيل له ما يبكيك ؟ قال : لأن الله عز وجل قبض قبضتين واحدة في الجنة والأخرى في النار ، فأنا لا أدري من أي الفريقين أكون . وبكى الحسن فقيل له : ما يبكيك ؟ قال : أخاف أن يطرحني الله غداً في النار ولا يبالي .وعن تميم الداري رضى الله عنه أنه قرأ هذه الآية : { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) (21) الجاثية ، فجعل يرددها إلى الصباح ويبكي . وكان حذيفة رضي الله عنه يبكي بكاءً شديداً ، فقيل له : ما بكاؤك ؟ فقال : لا أدري على ما أقدم ، أعلى رضا أم على سخط ؟ . وروى البخاري في صحيحه : (عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أُتِىَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ – رضى الله عنه – يَوْمًا بِطَعَامِهِ فَقَالَ قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ – وَكَانَ خَيْرًا مِنِّى – فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ إِلاَّ بُرْدَةٌ ، وَقُتِلَ حَمْزَةُ أَوْ رَجُلٌ آخَرُ خَيْرٌ مِنِّى فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ إِلاَّ بُرْدَةٌ ، لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ قَدْ عُجِّلَتْ لَنَا طَيِّبَاتُنَا فِي حَيَاتِنَا الدُّنْيَا ، ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِى . وقال سعد بن الأخرم : كنت أمشي مع ابن مسعود فمَّر بالحدَّادين و قد أخرجوا حديداً من النار فقام ينظر إلى الحديد المذاب ويبكي ، وما هذا البكاء إلا لعلمهم بأن الأمر جد والحساب قادم ولا يغادر صغيره ولا كبيره إلا أحصاها ، وخطب أبو موسى الأشعري رضي الله عنه مرة الناس بالبصرة : فذكر في خطبته النار ، فبكى حتى سقطت دموعه على المنبر ! وبكى الناس يومئذ بكاءً شديداً . وقرأ ابن عمر رضي الله عنهما : { وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ } [المطففين :1 ] فلما بلغ : { يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } [المطففين :6 ] بكى حتى خرَّ وامتنع عن قراءة ما بعده .(وعَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ مَا كَانَ بَيْنَ إِسْلاَمِنَا وَبَيْنَ أَنْ عَاتَبَنَا اللَّهُ بِهَذِهِ الآيَةِ (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ) إِلاَّ أَرْبَعُ سِنِينَ ) رواه مسلم ،وقال مسروق رحمه الله : ” قرأت على عائشة هذه الآيات : { فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ } [ الطور / 27 ] ، فبكت ، وقالت ” ربِّ مُنَّ وقني عذاب السموم ” .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( العين الباكية )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وبكى أبو هريرة رضي الله عنه في مرضه . فقيل له : ما يبكيك ؟! فقال : ” أما إني لا أبكي على دنياكم هذه ، ولكن أبكي على بُعد سفري ، وقلة زادي ، وإني أمسيت في صعود على جنة أو نار ، لا أدري إلى أيتهما يؤخذ بي !! ” . وكان عبد الله بن رواحة رضي الله عنه واضعاً رأسه في حجر امرأته فبكى فبكت امرأته : فقال ما يبكيك فقالت رأيتك تبكي فبكيت قال إني ذكرت قول الله عز وجل : { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً } [ مريم / 71 ] ،فلا أدري أأنجو منه أم لا . وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ لأُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ « إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُقْرِئَكَ الْقُرْآنَ » قَالَ آللَّهُ سَمَّانِى لَكَ قَالَ « نَعَمْ » . قَالَ وَقَدْ ذُكِرْتُ عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ « نَعَمْ » . فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ) رواه البخاري ، وقال عبد الرحمن بن مهدي: مات سفيان الثوري، فلما اشتد به جعل يبكي فقال له رجل: يا أبا عبد الله أتراك كثير الذنوب؟ فرفع رأسه وأخذ شيئا من الأرض فقال: والله لذنوبي أهون عندي من هذا، إني أخاف أن أسلب الإيمان قبل أن أموت. وقال جعفر بن سليمان: اشتكى ثابت البناني عينيه، فقال له الطبيب: أضمن لي خصلة تبرأ عينك، فقال وما هي؟ قال: لا تبك. قال: وأي خير في عين لا تبكي؟
أيها المسلمون
فالبُكاء مِن خشية الله نعمةٌ، ما وُجِدَتْ على الأرض أجَلّ وأعظم منها، وما مِن قلب يُحْرَمُ هذه النِّعمة إلاَّ كان صاحبه مَوْعودًا بعذاب الله؛ قال – تعالى -: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ [الزمر: 22]؛ لذلك ما مِن مؤمنٍ صادقٍ في إيمانه؛ إلاَّ وهو يَتَفَكَّر: كيف أرقِّق قلبي لِذِكْر الله ومحبته؟ ، فمن الأسباب التي تعين المسلم على البكاء من خشية الله : معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله : فمن عرف الله خافه ورجاه ، ومن خافه ورجاه رق قلبه ودمعت عينه ، ومن جهل ربه قسى قلبه وقحطت عينه . ومن الأسباب التي تعين المسلم على البكاء من خشية الله : قراءة القرآن الكريم وتدبر آياته ،قال الله تعالى – في وصف عباده العلماء الصالحين : { إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلاْذْقَانِ سُجَّدًا . وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبّنَا لَمَفْعُولاً . وَيَخِرُّونَ لِلاْذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا } [ الإسراء :107-109 ] . ومن الأسباب التي تعين المسلم على البكاء من خشية الله : كثرة ذكر الله عز وجل ،فإذا ما ذكر العبد ربه ، واستشعر عظمة الله فاضت عيناه ، فاستحق أن يكون تحت ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله . ومن الأسباب التي تعين المسلم على البكاء من خشية الله : أكل الحلال ، فقد سئل بعض الصالحين : بم تلين القلوب ؟ قال : بأكل الحلال . ومن الأسباب التي تعين المسلم على البكاء من خشية الله : الابتعاد عن المعاصي ، قال مكحول رحمه الله : ” أرقُّ الناس قلوباً أقلهم ذنوباً ” . ومن الأسباب التي تعين المسلم على البكاء من خشية الله : سماع المواعظ : فالخطبة المؤثرة ، والموعظة البليغة ، تكون سببا لوجل القلوب ، وتذرف معها العيون ،ومن الأسباب التي تعين المسلم على البكاء من خشية الله : التفكر عند رؤية ما يُعتبَر: كرؤية النار في الدنيا ، فعن مغيرة بن سعد بن الأخرم قال : ما خرج عبد الله بن مسعود إلى السوق فمر على الحدادين فرأى ما يخرجون من النار إلا جعلت عيناه تسيلان . ومن الأسباب التي تعين المسلم على البكاء من خشية الله : الدعاء : وقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من القلب الذي لا يخشع ، فكان يقول كما في صحيح مسلم : (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ وَمِنْ قَلْبٍ لاَ يَخْشَعُ وَمِنْ نَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ وَمِنْ دَعْوَةٍ لاَ يُسْتَجَابُ لَهَا ».
الدعاء