خطبة عن ( العلاج من مرض الغيبة، وجزاء المغتابين)
فبراير 18, 2016خطبة عن (الغيبة : صورها وأسبابها وعقوبتها)
فبراير 18, 2016الخطبة الأولى ( أسباب الوقوع في الغيبة )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان ..ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام….. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة .. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ) (12) الحجرات
إخوة الإسلام
لعل من أهم الأسباب الدافعة والباعثة على الغيبة ما يأتي: 1) التشفي والغيظ : فكلما هاج غضب شخص على آخر تشفى بغيبته وهذا كثير جداً. 2) ومن الأسباب الدافعة إلى الغيبة : تأثير قرناء السوء ومجاملتهم فكثيراً ما يغتاب الشخص غيره بسبب مجالسة أصدقائه ومجاملتهم وهذا يكثر في صفوف الشباب. قال الله على لسان أهل النار : { وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ } [المدثر:45]. 3) وبعض الناس يتنقص غيره من أجل رفعة نفسه وهذا مركب نقص عند بعض الناس بحيث يظن أنه إذا حط من قدر فلان فإنه يكبر في أعين الآخرين. 4) ومن الأسباب الدافعة إلى الغيبة الحسد الذي يأكل قلوب بعض الناس فمتى رأوا أن شخصاً محبوباً عند الناس قاموا بالقدح فيه وهمزه ولمزه من أجل حط قدره عند هؤلاء، وما علم هؤلاء أن الله جل وعلا هو الذي بيده هذا الأمر يعز من يشاء ويذل من يشاء. قال ابن تيمية: ومنهم من يحمله الحسد على الغيبة فيجمع بين أمرين قبيحين: الغيبة والحسد ، وإذا أثني على شخص أزال ذلك عنه بما استطاع من تنقصه في قالب دين وصلاح أو في قالب حسد وفجور وقدح ليسقط ذلك عنه . قال ابن عبد البر: والله لقد تجاوز الناس الحد في الغيبة والذم . . . وهذا كله بحمل الجهل والحسد . 5) ومن الأسباب الدافعة إلى الغيبة ضعف الورع والإيمان يجعل المرء يستطيل في أعراض الناس من غير روية ،قال الفضل بن عياض: أشد الورع في اللسان . قال الفقيه السمرقندي: الورع الخالص أن يكف بصره عن الحرام ويكف لسانه عن الكذب والغيبة ، ويكف جميع أعضائه وجوارحه عن الحرام . 6- ومن الأسباب الدافعة إلى الغيبة الهزل والمراح: قال ابن عبد البر: “وقد كره جماعة من العلماء الخوض في المزاح لما فيه من ذميم العاقبة ومن التوصل إلى الأعراض ” .
إخوة الإسلام
كيف يتخلص المسلم من هذا الداء ؟وكيف يعالج نفسه من هذا المرض ؟ أقول : عليك أن تلزم نفسك أمورا ومنها : تقوى الله عز وجل والاستحياء منه: ويحصل هذا بسماع وقراءة آيات الوعيد والوعد وما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من أحاديث تحذر من الغيبة ومن كل معصية وشر، ومن ذلك قوله تعالى : {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } [الزخرف:80].وما رواه أحمد في مسنده (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ « اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَقَّ الْحَيَاءِ ». قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَسْتَحِى وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. قَالَ « لَيْسَ ذَلِكَ وَلَكِنْ مَنِ اسْتَحَى مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ فَلْيَحْفَظِ الرَّأْسَ وَمَا حَوَى وَلْيَحْفَظِ الْبَطْنَ وَمَا وَعَى وَلْيَذْكُرِ الْمَوْتَ وَالْبِلَى وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَقَّ الْحَيَاءِ »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( أسباب الوقوع في الغيبة )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان ..ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام….. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة .. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
أما بعد أيها المسلمون
وللعلاج من داء الغيبة : تذكر مقدار الخسارة التي يخسرها المسلم من حسناته ويهديها لمن اغتابهم من أعدائه وسواهم. فقد روى مسلم في صحيحه (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ ». قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ. فَقَالَ « إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِى يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ ». وروي أن الحسن قيل له: إن فلاناً اغتابك، فبعث إليه الحسن رطباً على طبق وقال : بلغني أنك أهديت إلي من حسناتك فأردت أن أكافئك عليها، فاعذرني، فإني لا أقدر أن أكافئك على التمام . 3- وللعلاج من داء الغيبة : فعلى المغتاب أن يتذكر عيوبه وينشغل بها عن عيوب نفسه ، وأن يحذر من أن يبتليه الله بما يعيب به إخوانه. قال أنس بن مالك: “أدركت بهذه البلدة – المدينة – أقواماً لم يكن لهم عيوب ، فعابوا الناس ، فصارت لهم عيوب ،وأدركت بهذه البلدة أقواماً كانت لهم عيوب فسكتوا عن عيوب الناس ، فنسيت عيوبهم” .قال الحسن البصري : كنا نتحدث أن من عير أخاه بذنب قد تاب إلى الله منه ابتلاه الله عز وجل به .قال أبو هريرة: يبصر أحدكم القذى في عين أخيه ولا يبصر الجذع في عين نفسه، وللعلاج من داء الغيبة : فعليك بمجالسة الصالحين ومفارقة مجالس السوء: ففي البخاري ومسلم (قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْمِسْكِ ، وَكِيرِ الْحَدَّادِ ، لاَ يَعْدَمُكَ مِنْ صَاحِبِ الْمِسْكِ إِمَّا تَشْتَرِيهِ ، أَوْ تَجِدُ رِيحَهُ ، وَكِيرُ الْحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ أَوْ ثَوْبَكَ أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَةً » ونواصل الحديث في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء