خطبة عن آداب المجلس وحديث: مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ)
سبتمبر 21, 2019خطبة عن حديث (إِنْ تَغْفِرِ اللَّهُمَّ تَغْفِرْ جَمَّا وَأَيُّ عَبْدٍ لَكَ لاَ أَلَمَّا)
سبتمبر 21, 2019الخطبة الأولى ( إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ) (17) التغابن
إخوة الإسلام
القرآن الكريم : هو كتاب الله ، فيه نبأ ما قبلكم ، وخبر ما بعدكم ،وحكم ما بينكم ، هو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أذله الله ، وموعدنا اليوم إن شاء الله مع آية من كتاب الله ، نتلوها ، ونتفهم معانيها ، ونسبح في بحار مراميها ، ونعمل إن شاء الله بما جاء فيها ، مع قوله تعالى : (إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ) (17) التغابن ، يقول ابن كثير في تفسيرها : أي : مهما أنفقتم من شيء فهو يخلفه ، ومهما تصدقتم من شيء فعليه جزاؤه ، ونزل ذلك منزلة القرض له ، كما ثبت في صحيح مسلم : أن (أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« يَنْزِلُ اللَّهُ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا لِشَطْرِ اللَّيْلِ أَوْ لِثُلُثِ اللَّيْلِ الآخِرِ فَيَقُولُ : مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ أَوْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ. ثُمَّ يَقُولُ مَنْ يُقْرِضُ غَيْرَ عَدِيمٍ وَلاَ ظَلُومٍ » وأما الإمام الطبري فيقول في تفسيره : المعنى : وإن تنفقوا في سبيل الله، فتحسنوا فيها النفقة، وتحتسبوا بإنفاقكم الأجر والثواب يضاعف ذلك لكم ربكم، فيجعل لكم مكان الواحد سبعمائة ضعف إلى أكثر من ذلك مما يشاء من التضعيف (يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) فيصفح لكم عن عقوبتكم عليها مع تضعيفه نفقتكم التي تنفقون في سبيله (وَاللَّهُ شَكُورٌ) أي : ذو شكر لأهل الإنفاق في سبيله، بحسن الجزاء لهم على ما أنفقوا في الدنيا في سبيله (حَلِيمٌ) أي : حليم عن أهل معاصيه بترك معاجلتهم بعقوبته ، وفي تفسير (أضواء البيان)، يقول: (أصل القرض في اللغة : القطع ، وفي الشرع قطع جزء من المال يعطيه لمن ينتفع به ثم يرده ، أي : أن الله تعالى يرد أضعافا ، وقد سمى معاملته مع عبيده قرضا وبيعا وشراء وتجارة ) .
ويسأل سائل : لماذا قال الله تعالى : (إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ) ، والله سبحانه وتعالى صاحب الفضل ، وإنما جعلنا مستخلفين في هذا المال، وهو الذي يعطي ويهب؟ قال فريق من أهل العلم: إن القرض أطلق هنا؛ لأن الله وعد برده مضاعفاً ،وبالإثابة عليه، فلذلك جرت الصدقة مجرى القرض ،وقد شبه تعالى عطاء المؤمن في الدنيا بما يرجو ثوابه في الآخرة بالقرض، كما شبه بذل النفوس والأموال في الجنة بالبيع والشراء ،وفي الموطإ : عَنْ أَبِى الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ – وَلاَ يَقْبَلُ اللَّهُ إِلاَّ طَيِّبًا – كَانَ إِنَّمَا يَضَعُهَا فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ يُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّى أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ » ،وفي سنن ابن ماجة : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ وَلاَ يَقْبَلُ اللَّهُ إِلاَّ الطَّيِّبَ إِلاَّ أَخَذَهَا الرَّحْمَنُ بِيَمِينِهِ وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً فَتَرْبُو فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ حَتَّى تَكُونَ أَعْظَمَ مِنَ الْجَبَلِ وَيُرَبِّيهَا لَهُ كَمَا يُرَبِّى أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ ». وإنما جعل الله تعالى القرض ” حَسَنًا ” لأن المعطي يعطي ذلك عن ندب الله إياه، وحثه له عليه، احتساباً منه، فهو لله طاعة، وللشياطين معصية، وليس ذلك لحاجة بالله إلى أحد من خلقه ،وقوله : (وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ ) : فشكر الله لعبده هو مجازاته له بالأجر الجزيل على العمل القليل ،ومن شكره لعبده ما جاء في الحديث القدسي: (وَمَا تَقَرَّبَ إِلَىَّ عَبْدِى بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِى يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِى يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِى بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ ) ، ومن معاني شكر الله أنه عليم بأعمال العباد، فهو لا يضيعها ويعطي المتحملين لأجله، الدائبين في الأعمال جزيل الثواب ،وواسع الإحسان ،يغفر لعباده السيئات ،ويقبل منهم القليل من الحسنات ، وضاعفها لهم ،وأعطاهم من فضله ما لم تبلغه أعمالهم، فبشكره لهم نجاهم من كل مكروه. وقوله : (حَلِيمٌ) ، أي : لا يعجل بالعقوبة ،بل يستر ويتجاوز عن ذنوب .
أيها المسلمون
ومن أكثر أساليب القرآن تأثيرا في الدعوة للصدقة ،أن يجعلها القرآن الكريم قرضا لله تعالى , وأن الله تعالى يرد ذلك القرض مضاعفا , وقد تكرر هذا الأسلوب كثيرا في القرآن ، والمعروف أن الله تعالى يضاعف الأجر على الصدقة في الدنيا قبل الآخرة , يقول تعالى : (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) ، سبأ : 39 ، والله يضاعف الرزق ويخلفه ليس فقط في المال ،ولكن في الصحة ،والسعادة ،والأولاد، والطمأنينة النفسية والاجتماعية . وهكذا ، فإن حساب الثواب الدنيوي لا يقتصر على الرزق الظاهر ولكن الأهم منه هو الرزق الخفي ،الذي لا ينتبه له الكثيرون. وبعض العلماء قد قصر القرض الوارد في القرآن الكريم على ما ينفقه العبد على وجه التقرب إلى الله من وجوه الإنفاق المختلفة ،التي لا يسعى المنفق فيها إلى استرداد ما أنفق، بحيث يكون العوض منه سبحانه وتعالى يوم القيامة : كالهبات ،والصدقات ،وتجهيز الجيوش والغزاة في سبيل الله. إلا أنه لا يجب قصرها على هذا النوع من القربات فحسب ، بل يدخل فيها ما يقدمه المسلم لأخيه المسلم من القرض الحسن ،إذا فعل ذلك بنية التقرب إلى الله ،بالتيسير على أخيه المسلم. ويعضد هذا القول الحديث القدسي الذي رواه مسلم : ( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي. قَالَ يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ. قَالَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِى فُلاَنًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي. قَالَ يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ. قَالَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِى فُلاَنٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي. قَالَ يَا رَبِّ كَيْفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ اسْتَسْقَاكَ عَبْدِى فُلاَنٌ فَلَمْ تَسْقِهِ أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي ». ونلحظ أن اللفظ القرآني ورد بلفظ القرض الحسن ،ولم يرد بلفظ الإنفاق ،أو الصدقة ،مع أن القرآن مليء بالآيات الواردة بهذين اللفظين وأمثالهما ،التي تحث على الإنفاق في سبيل الله كقوله تعالى: (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (39) سبأ ،وذلك لمعنى زائد فيه ،وهو حث المسلمين على تقديم القرض الحسن لإخوانهم ،على سبيل التقرب إلى الله وطلب الأجر منه ، لأنه من عقود الارتفاق، حيث إن المقرض لا يعود عليه من قرضه نفعا ،سوى الأجر والمثوبة من الله، بل إن القرض الحسن في الإسلام أفضل من الصدقة كما جاء بذلك الحديث الذي رواه أبو ماجة وصححه الألباني : (عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِي عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ مَكْتُوبًا الصَّدَقَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا وَالْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ. فَقُلْتُ يَا جِبْرِيلُ مَا بَالُ الْقَرْضِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ. قَالَ لأَنَّ السَّائِلَ يَسْأَلُ وَعِنْدَهُ وَالْمُسْتَقْرِضُ لاَ يَسْتَقْرِضُ إِلاَّ مِنْ حَاجَةٍ ». ومع أهمية القرض الحسن في الإسلام ،وما رتب الله عليه من الأجر ،إلا أننا لا نجد له أثرا في ثقافة الصيرفة الإسلامية اليوم ،مع أنه يمكن أن يصنف ضمن المسؤولية الاجتماعية لهذه الصناعة، حيث إنه يعتبر أحد الروافد التي حث عليها الإسلام ،لسد الفجوة بين الفقراء والأغنياء ،ونقل الثروة من ذوي الفائض إلى المحتاجين، كما أنه يساهم في زيادة الإنتاجية في المجتمع، حيث إن قنوات التمويل للفئات ذات الدخل المحدود تكاد تكون مسدودة ،نظرا لعدم وجود الضمانات الكافية لديهم.
أيها المسلمون
وثواب وأجر القرض الحسن عظيم وكبير وهو الجنة ،فضلا عن محو السيئات ، ومغفرة الذنوب، والحق سبحانه وتعالى جعل لنا في هذا الإنفاق مراحل : ففرض الزكاة و جعلها ركنا من أركان الإسلام ،رعاية لحق الفقير ،واستبقاء الحياة للعاجز عن العمل ،وقد عبر القرآن الكريم عن الزكاة فقال الله تعالى : {والّذِين فِي أمْوالِهِمْ حقٌّ معْلُومٌ؛ لِلسّائِلِ والْمحْرُومِ} [المعارج: 24-25] ،وعبر عن الانفاق في غير الزكاة فقال الله تعالى : {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات:19] ،فالمعلوم هو الزكاة الواجبة ،والمطلق هو الصدقة ،وهى مقام الإحسان ،وتلك الزيادة في الانفاق قرضا؛ والقرض الحسن هو الذي تعطيه طيبة بها نفسك ،وأن يكون من مال حلال، وكسب حلال ،لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ، وأن تعطيه وأنت تحب العطاء ، قال تعالى : {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا. إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} [الإنسان: 8-9] ، وأن تتصدق في خفاء كما بين سيدنا محمد صل الله عليه وسلم في الحديث : «حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ» (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)؛وأنت حينما تقرضه ،تحمى المحتاج، وترحم وجهه من مذلة المسألة ،وطلب الصدقة ،فحين تعطيه على سبيل القرض، تخفف عنه المسألة ،وبعد ذلك إن قدر على الأداء فبها ونعمت ، وإن لم يقدر فإنك أمام أمرين: قال الله تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ ۚ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة:280].
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ولا يجوز أن يهدى من استقرض هدية للمقرض ،ولا يحل للمقرض قبولها ،إلا أن تكون عادتهما ذلك وبهذا جاءت السنة. سئل أنس بن مالك عن الرجل منا يقرض أخاه المال فيهدى إليه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: « إِذَا أَقْرَضَ أَحَدُكُمْ قَرْضًا، فَأُهْدِيَ إِلَيْهِ طَبَقًا فَلا يَقْبَلْهُ، أَوْ حَمَلَهُ عَلَى دَابَّةٍ فَلا يَرْكَبْهَا إِلا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَبْلَ ذَلِكَ» (رواه ابن ماجه). والقرض من المال الذى لديك يتناقص فلذلك الله يعطيك أضعاف مضاعفه وذلك مناسبا لقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة:245] ،أي أن المال الذى تقرض منه ينقص في ظاهر الأمر ،ولكن الله تعالى يزيده ويبسطه أضعافاً مضاعفه ،وفي الآخرة يكون الجزاء جزيلاً.
أيها المسلمون
فطب أيها المقرض نفسا، وثق بأن قرضك هذا مضمون عند الله، يضاعفه أضعافاً كثيرة، يضاعفه في الدن يا مالاً وبركة، وسعادة وراحة، ويضاعفه في الآخرة نعيماً ومتاعاً، ورضى وقربى من الله. وروى مسلم في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ) ، وإذا كان الإسلام قد ندب إلى هذا العمل الجليل وحبب فيه بالنسبة للدائن أو المقرض فإنه أباحه للمقترض المستدين لأنه يأخذ الدين أو القرض إلى أجل مسمى لينتفع به في قضاء حوائجه ثم يرد مثله. وانظر أخي المسلم إلى سرعة الصحابة في استجابة هذا النداء، ففي مسند البزار :(عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ، قَالَ أَبُو الدَّحْدَاحٍ : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَإِنَّ اللَّهَ يُرِيدُ مِنَّا الْقَرْضَ ؟ قَالَ : نَعَمْ يَا أَبَا الدَّحْدَاحِ ، قَالَ : فَإِنِّي قَدْ أَقْرَضْتُ رَبِّي حَائِطِي ، حَائِطًا فِيهِ سِتُّ مِائَةِ نَخْلَةٍ ، ثُمَّ جَاءَ يَمْشِي حَتَّى أَتَى الْحَائِطَ وَفِيهِ أُمُّ الدَّحْدَاحِ فِي عِيَالِهَا فَنَادَاهَا : يَا أُمَّ الدَّحْدَاحِ ، قَالَتْ : لَبَّيْكَ ، قَالَ : اخْرُجِي ، فَإِنِّي أَقْرَضْتُ رَبِّي حَائِطًا فِيهِ سِتُّ مِائَةِ نَخْلَةٍ )
الدعاء