خطبة عن (العزلة عند فساد الزمان) مختصرة
يناير 3, 2024خطبة عن (اللَّهُ ذُو فَضْلِ عَظِيمِ) مختصرة
يناير 3, 2024الخطبة الأولى (القصاص) مختصرة
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يَقْتَصُّ الْخَلْقُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، حَتَّى الْجَمَّاءُ مِنْ الْقَرْنَاءِ، وَحَتَّى الذَّرَّةُ مِنْ الذَّرَّةِ) رواه أحمد وصححه الألباني
إخوة الإسلام
من صفات الله وأفعاله: العدل والانصاف، ومن العدل والانصاف أن يستوفي كل ذي حق حقه، وأن يقتص المظلوم من الظالم، في الدنيا أو في الآخرة، ولهذا جاء في السلسلة الصحيحة للألباني: قال صلى الله عليه وسلم: (الظلم ثلاثة، فظلم لا يتركه الله، وظلم يغفر، وظلم لا يغفر، فأما الظلم الذي لا يغفر ،فالشرك لا يغفره الله، وأما الظلم الذي يغفر، فظلم العبد فيما بينه وبين ربه، وأما الظلم الذي لا يترك، فظلم العباد، فيقتص الله بعضهم من بعض)، والقصاص يوم القيامة يكون بين جميع الخلائق، فيكون بين المؤمن والكافر، وبين المؤمن والمؤمن، وبين الانسان والحيوان، وبين الحيوان والحيوان، ففي مسند أحمد: (أن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ- أَوْ قَالَ الْعِبَادُ- عُرَاةً غُرْلاً بُهْماً». قَالَ قُلْنَا َمَا بُهْماً قَالَ «لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مِنْ قُرْبٍ أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الدَّيَّانُ وَلاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ وَلَهُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَقٌّ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ وَلاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَلأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عِنْدَهُ حَقٌّ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ حَتَّى اللَّطْمَةُ». قَالَ قُلْنَا كَيْفَ وَإِنَّا إِنَّمَا نَأْتِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عُرَاةً غُرْلاً بُهْماً. قَالَ «بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ»،
ومما جاء في القصاص بين المؤمن والكافر، ما جاء في سنن أبي داود:( يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا أَوْ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)،
والقصاص بين المؤمن والمؤمن: ففي صحيح البخاري:(عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ النَّارِ حُبِسُوا بِقَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيَتَقَاصُّونَ مَظَالِمَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا نُقُّوا وَهُذِّبُوا أُذِنَ لَهُمْ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ)،
أما عن القصاص بين الانسان والحيوان، ففي الصحيحين: (عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا، فَلَمْ تُطْعِمْهَا، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خِشَاشِ الأَرْضِ»،
أما عن القصاص بين الحيوان والحيوان: ففي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ»، وفي مسند أحمد (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَأَى شَاتَيْنِ تَنْتَطِحَانِ فَقَالَ «يَا أَبَا ذَرٍّ هَلْ تَدْرِي فِيمَ تَنْتَطِحَانِ». قَالَ لاَ. قَالَ «لَكِنَّ اللَّهَ يَدْرِى وَسَيَقْضِى بَيْنَهُمَا»،
والقصاص في الدماء والقتل هو أول ما يقضى به بين الناس يوم القيامة، ففي الصحيحين: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ»، وفي سنن الترمذي : (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « يَجِيءُ الْمَقْتُولُ بِالْقَاتِلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَاصِيَتُهُ وَرَأْسُهُ بِيَدِهِ وَأَوْدَاجُهُ تَشْخُبُ دَمًا يَقُولُ يَا رَبِّ هَذَا قَتَلَنِي حَتَّى يُدْنِيَهُ مِنَ الْعَرْشِ»،
وأما قصاص الدائن من المدين الذي بخسه حقه، :(قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دِينَارٌ أَوْ دِرْهَمٌ؛ قُضِيَ مِنْ حَسَنَاتِهِ، لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ» رواه ابن ماجه. وأما قصاص المملوك من سيده: ففي سنن الترمذي: (أَنَّ رَجُلاً قَعَدَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي مَمْلُوكَيْنِ يُكْذِبُونَنِي وَيَخُونُونَنِي وَيَعْصُونَنِي، وَأَشْتُمُهُمْ وَأَضْرِبُهُمْ، فَكَيْفَ أَنَا مِنْهُمْ؟ قَالَ: «يُحْسَبُ مَا خَانُوكَ وَعَصَوْكَ وَكَذَبُوكَ، وَعِقَابُكَ إِيَّاهُمْ، فَإِنْ كَانَ عِقَابُكَ إِيَّاهُمْ بِقَدْرِ ذُنُوبِهِمْ؛ كَانَ كَفَافًا لاَ لَكَ وَلاَ عَلَيْكَ. وَإِنْ كَانَ عِقَابُكَ إِيَّاهُمْ دُونَ ذُنُوبِهِمْ؛ كَانَ فَضْلاً لَكَ. وَإِنْ كَانَ عِقَابُكَ إِيَّاهُمْ فَوْقَ ذُنُوبِهِمُ؛ اقْتُصَّ لَهُمْ مِنْكَ الْفَضْلُ» فَتَنَحَّى الرَّجُلُ فَجَعَلَ يَبْكِي وَيَهْتِفُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَمَا تَقْرَأُ كِتَابَ اللَّهِ: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ [الأنبياء: 47]. فَقَالَ الرَّجُلُ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَجِدُ لِي وَلِهَؤُلاَءِ شَيْئًا خَيْرًا مِنْ مُفَارَقَتِهِمْ،أُشْهِدُكُمْ أَنَّهُمْ أَحْرَارٌ كُلَّهُمْ »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( القصاص)
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
فإذا كنت أيها المسلم وأيتها المسلمة مظلوما فلا تحزن، فإن لم تستوف حقوقك في الدنيا فسوف تقتص ممن ظلمك في الآخرة، وأنت يا من للناس عليك حقوق، اعلم أنه سوف يقتص منك ملك الملوك الحاكم العدل،
والسؤال: ما النجاة من القصاص؟، والجواب: برد الحقوق إلى أصحابها والتحلل منها اليوم قبل الغد: ففي صحيح البخاري (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لأَحَدٍ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ ، قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ »، وفي سنن الترمذي: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا كَانَتْ لأَخِيهِ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ فِي عِرْضٍ أَوْ مَالٍ فَجَاءَهُ فَاسْتَحَلَّهُ قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ وَلَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ حَسَنَاتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ حَمَّلُوا عَلَيْهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِمْ». وفي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ كُنْتُ أَضْرِبُ غُلاَمًا لِي فَسَمِعْتُ مِنْ خَلْفِي صَوْتًا «اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ ». فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ. فَقَالَ « أَمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ لَلَفَحَتْكَ النَّارُ أَوْ لَمَسَّتْكَ النَّارُ». فيجب على كل مسلم أن يرد المظالم إلى أهلها، حتى يأتي يوم القيامة لا له ولا عليه، فلا يطلبه خصيم، ولا يأخذ حسناته مظلوم، فيعرض نفسه للنار.
الدعاء