خطبة عن (العلم والخشية)
يوليو 11, 2023خطبة: من دروس الهجرة (كتمان السر)
يوليو 15, 2023الخطبة الأولى (القول الحسن)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ البقرة (83)، وقال سبحانه: ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ الاسراء (53)
إخوة الإسلام
ينبغي للمسلم أن يتعهد لسانه، وألا يقول إلا خيرا، وصدق الله العظيم القائل في محكم آياته : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) (النساء:114).
والقرآن الكريم بيّن لنا أهمية القول الحسن، والكلمة الطيبة، وعظيم أثرها واستمرار خيرها، كما بين لنا خطورة الكلمة الخبيثة، وعظيم ضررها، وضرورة اجتثاثها، فقال الله تعالى: { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم:24-27].
والقول الحسن، والكلم الطيب، من أعظم أسباب زيادة الحسنات، ورفعة الدرجات، وحط الخطيئات، وعلو المنزلة، عند رب الأرض والسموات؛ لذا فقد حث الشرع المطهر الناس على انتقاء الألفاظ طيبة، التي تدخل السرور على الآخرين، فقال تعالى:(وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) (البقرة: 83). ولم يبح الله عز وجل لعباده الجهر بالسوء من القول، إلا في أحوال قليلة ومحددة، كحالة الظلم، والتظلم، فقال تعالى: (لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً) (النساء:148). وقد كان الصالحون يتعهدون ألسنتهم، فيحرصون على اختيار الألفاظ والكلمات التي لا يندمون عليها، فرأينا منهم عجبا، فهذا الأحنف بن قيس: يخاصمه رجل فيقول للأحنف: (لئن قلت واحدة لتسمعن عشرا، فقال الأحنف: لكنك والله لو قلت عشرا ما سمعت واحدة).
أيها المسلمون
فعلى المسلم أن يراقب الله تبارك وتعالى في أقواله وفي أفعاله، وليعلم الإنسان أنه سَيُسأل عن كل كلمة يقولها، فعليه أن يختار من الكلام أحسنه، والذي ينتفع به يوم الدين، قال تعالى: (مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) «ق: 18»، فكل قول سيُكتب في صحائف الأعمال، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، ففي صحيح البخاري: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لاَ يُلْقِي لَهَا بَالاً، يَرْفَعُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لاَ يُلْقِي لَهَا بَالاً يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ »، وفي الصحيحين: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ».
والشريعة الإسلامية أخبرتنا أن اللسان نعمة من أجل وأعظم نعم الله علينا، فبه النطق والبيان، وبه التسبيح والتهليل، وتنزيه الله تعالى عن النقائص، وذكره، واللسان كما أنه سبب في دخول النار، كذلك هو سبب في دخول الجنة، ففي سنن الترمذي: (عَنْ عَلِىٍّ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا ». فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « لِمَنْ أَطَابَ الْكَلاَمَ وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ وَأَدَامَ الصِّيَامَ وَصَلَّى لِلَّهِ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ »،
كما حث النبي صلى الله عليه وسلم الناس على أن يتقوا النار ولو بكلمة طيبة، لمن لا يجد ما يتصدق به، ففي الصحيحين: (عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « اتَّقُوا النَّارَ » . ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ ، ثُمَّ قَالَ « اتَّقُوا النَّارَ » . ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ ثَلاَثًا، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ « اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ»
أيها المسلمون
والكلم الطيب، وحسن القول، يكون بذكر الله تعالى ودعائه، والتذكير بنعمه، وحقه تعالى على عباده، والدعوة إليه، وتلاوة كلامه، والتبليغ عن نبيه – صلى الله عليه وسلم – رسالته، وهديه، وسنته، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، والتواصي بالمرحمة، وكل قول يتحقق به الإصلاح بين الناس، وقطع دابر الفتن والشرور، وكل قول يستحسنه ذووا العقول الراجحة، والفطرة السليمة، ويتحقق به صلاح القلوب، وسلامة الصدور، وطيب النفوس ، وتلاوة الآيات، والأحاديث النبوية الصحيحة.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (القول الحسن)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
ومن صور الكلم الطيب وحسن عاقبته على أهله في العاجلة والآجلة قوله – صلى الله عليه وسلم – كما في مسند أحمد: «أَفْشِ السَّلاَمَ وَأَطِبِ الْكَلاَمَ وَصِلِ الأَرْحَامَ وَقُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلِ الْجَنَّةَ بِسَلاَمٍ »، وفي الصحيحين: (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ ». قَالَ قِيلَ وَمَا الْفَأْلُ قَالَ « الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ »، وفي مسند أحمد: (عن جندب رضي الله عنه عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «أَرْبَعٌ مِنْ أَطْيَبِ الْكَلاَمِ وَهُنَّ مِنَ الْقُرْآنِ لاَ يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ ». وفي الصحيحين: (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ ، سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ » الدعاء