خطبة عن (الْوَسِيلَةُ)
أكتوبر 28, 2024خطبة عن (الإِسْرَافُ وَصَوَرَهُ)
أكتوبر 30, 2024الخطبة الأولى (المرأة المسلمة)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
روى ابن ماجه في سننه: (عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ «مَا اسْتَفَادَ الْمُؤْمِنُ بَعْدَ تَقْوَى اللَّهِ خَيْرًا لَهُ مِنْ زَوْجَةٍ صَالِحَةٍ إِنْ أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ وَإِنْ نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ وَإِنْ أَقْسَمَ عَلَيْهَا أَبَرَّتْهُ وَإِنْ غَابَ عَنْهَا نَصَحَتْهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهِ».
إخوة الإسلام
جاء في سنن أبي داود وغيره: قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ)، فالمرأة في الإسلام هي شقيقة الرجل، ولها ما له من الحقوق، وعليها من الواجبات ما يلائم تكوينها الفطري، وفي سنن الترمذي: (عَنْ أُمِّ عُمَارَةَ الأَنْصَارِيَّةِ أَنَّهَا أَتَتِ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ مَا أَرَى كُلَّ شَيْءٍ إِلاَّ لِلرِّجَالِ وَمَا أَرَى النِّسَاءَ يُذْكَرْنَ بِشَيْءٍ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) [الأحزاب:35]. وفي مسند أحمد: (عن أُمَّ سَلَمَةَ – قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَنَا لاَ نُذْكَرُ فِي الْقُرْآنِ كَمَا يُذْكَرُ الرِّجَالُ قَالَتْ فَلَمْ يَرُعْنِي مِنْهُ يَوْماً إِلاَّ وَنِدَاؤُهُ عَلَى الْمِنْبَرِ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ». قَالَتْ وَأَنَا أُسَرِّحُ رَأْسِي فَلَفَفْتُ شَعْرِي ثُمَّ دَنَوْتُ مِنَ الْبَابِ فَجَعَلْتُ سَمْعِي عِنْدَ الْجَرِيدِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ والْمُؤْمِنَاتِ» الآيَةَ.
والإسلام أعطى المرأة حقوقها بعد أن عانت في الجاهلية من ضياع أهم حق من حقوقها، وهو الحق في الحياة، فكانت تدفن في التراب وهي حية، فانصفها الاسلام، وأعطاها حقوقها ،لتشمل حق الحياة والميراث، والتملك، والزواج، والنفقة، وحقوقًا أخرى كثيرة، كما نهى الاسلام عن الإساءة للنساء، وأمر بمعاملتهن بالحسنى والرحمة، وفي الصحيحين: (قال صلى الله عليه وسلم: (وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا». وفي سنن الترمذي: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ خُلُقًا»، وفي سنن ابن ماجه: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ». أي عاملوهما برفق وشفقة، ولا تكلفوهما ما لا يطيقانه، ولا تقصِّروا في حقهما الواجب والمندوب، فالمرأة في الإسلام هي الأم، والأخت، والابنة، والعمة، والخالة، والجدة، والزوجة، وشريكة الرجل في تَحَمُّل مسؤوليات الحياة، وقد كلَّفها الله مع الرجل في النهوض بمهمة الاستخلاف في الأرض، وتربية الأبناء وتنشئتهم تنشئة سوية، وجعلها على درجة واحدة مع الرجل في التكريم والإجلال.
أيها المسلمون
وإذا كان الاسلام قد أنصف المرأة وكرمها، لذا كان من الواجب على المرأة المسلمة أن تتخلق بأخلاق الإسلام، وأن تكون مستجيبة لله ورسوله فيما أمر ونهى، فمن أخلاق وصفات المرأة المسلمة: التزامها بحجابها الشرعي، فلا تكشِف شيئاً من بدنها، قال الله تعالى: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (31) النور، ومن صفات وأخلاق المرأة المسلمة: محافظتها على صلاتها، ففي الصحيحين: (عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ – رضى الله عنه – أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ «الصَّلاَةُ لِوَقْتِهَا ،وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ، ثُمَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»، ومن صفات وأخلاق المرأة المسلمة: طاعتها لزوجها في المعروف، وتأدية حقوقه كاملة فيما يرضي الله تعالى، فحق الزوج على زوجته عظيم، قَالَتِ امْرَأَةُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: “مَا كُنَّا نُكَلِّمُ أَزْوَاجَنَا إِلَّا كَمَا تُكَلِّمُوا أُمَرَاءَكُمْ”، وكذلك فإنَّ المرأة لا تصوم نافلة وزوجها شاهد إلا بإذنه، قال -صلى الله عليه وسلم-: “لاَ تَصُومُ المَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ” (متفق عليه).
ومن صفات وأخلاق المرأة المسلمة: حسن تربيتها لأبنائها، ليصبحوا لَبناتٍ صالحة في المجتمع المسلم. ومن صفات وأخلاق المرأة المسلمة: قرارها في بيتها، وعدم خروجها منه إلا لحاجة أو ضرورة، فقد أمر الله نساء النبي بقوله تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) (33) الاحزاب،
ومن صفات وأخلاق المرأة المسلمة: ألا تخرج من بيتها متعطرة متزينة، ففي صحيح مسلم: (عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَتْ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْمَسْجِدَ فَلاَ تَمَسَّ طِيبًا». وقال -صلى الله عليه وسلم-: “أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ” (أخرجه ابن حبان والحاكم، وصححه الألباني).
ومن صفات المرأة المسلمة: غَضُّ بصرها عما حرَّم الله عليها، ولا تبدي زينتها ولا ترفع صوتها عند غير محارمها. ومن صفات وأخلاق المرأة المسلمة: كتمان أسرار بيتها؛ وفي سنن أبي داود: (أَقْبَلَ صلى الله عليه وسلم عَلَى الرِّجَالِ فَقَالَ «هَلْ مِنْكُمُ الرَّجُلُ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ فَأَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ وَأَلْقَى عَلَيْهِ سِتْرَهُ وَاسْتَتَرَ بِسِتْرِ اللَّهِ». قَالُوا نَعَمْ. قَالَ «ثُمَّ يَجْلِسُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَقُولُ فَعَلْتُ كَذَا فَعَلْتُ كَذَا». قَالَ فَسَكَتُوا، قَالَ فَأَقْبَلَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ «هَلْ مِنْكُنَّ مَنْ تُحَدِّثُ». فَسَكَتْنَ فَجَثَتْ فَتَاةٌ – قَالَ مُؤَمَّلٌ فِي حَدِيثِهِ فَتَاةٌ كَعَابٌ – عَلَى إِحْدَي رُكْبَتَيْهَا وَتَطَاوَلَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِيَرَاهَا وَيَسْمَعَ كَلاَمَهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُمْ لَيَتَحَدَّثُونَ وَإِنَّهُنَّ لَيَتَحَدَّثْنَهْ فَقَالَ «هَلْ تَدْرُونَ مَا مَثَلُ ذَلِكَ». فَقَالَ «إِنَّمَا ذَلِكَ مَثَلُ شَيْطَانَةٍ لَقِيَتْ شَيْطَانًا فِي السِّكَّةِ فَقَضَى مِنْهَا حَاجَتَهُ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ)، ومن صفات وأخلاق المرأة المسلمة: أن تخلص عباداتها وأعمالها الصالحة لله تعالى، وليكن الهدف منها وجه الله والدار الآخرة، قال تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) البينة (5)، وقال تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (162)، (163) الانعام
ومن صفات وأخلاق المرأة المسلمة: أن تحقق الإيمان الكامل، فاعتقدي بوحدانية الله في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله وألوهيته اعتقاداً جازماً لا شك فيه، وآمني بأصول الإيمان الستة بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره. واحرصي على تصحيح عقيدتك وتنقيتها من جميع وسائل الشرك، قال تعالى: (وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّك) يونس (106)، ومن صفات وأخلاق المرأة المسلمة: أنها لا تأتي السحرة والكهنة والعرافين، فإياكِ والذهاب إليهم مهما حصل لك من البلاء والفتنة، فإن هذا العمل كفر في الدين، ونقص في العقيدة وسوء ظن برب العالمين، وفي صحيح مسلم: (عَنْ صَفِيَّةَ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً». ومن صفات وأخلاق المرأة المسلمة: أنها متمسكة بالكتاب والسنة في جميع أحوالها، قال تعالى {وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} الحشر (7), وفي صحيح مسلم: (رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلاَفُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ». ومن صفات وأخلاق المرأة المسلمة: أن تتعلم من العلم الشرعي ما تصح به عباداتها، فاعتني بتحصيل العلم الشرعي، وتفقهي في دين الله، ففي الصحيحين: (قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ»، ومن أعظم ما يعينك على ذلك حضور مجالس العلم وحلق القرآن الكريم والمواظبة على ذلك. ومن صفات وأخلاق المرأة المسلمة: أن تزهد في الدنيا، قال تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا} القصص (77).
أيها المسلمون
ومن صفات وأخلاق المرأة المسلمة: أن تحفظ جوارحها، فصوني سمعك وبصرك وجميع جوارحك عن الحرام، قال تعالى: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) (36) الاسراء، ومن صفات وأخلاق المرأة المسلمة: أن تتحلى بمكارم الأخلاق، فتحلي بالأخلاق الفاضلة، والسجايا الحسنة، من صدق الحديث، وأداء الأمانة، والحلم، والأناة والتؤدة، وغير ذلك من مكارم الأخلاق، ففي سنن الترمذي: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ»، ومن صفات وأخلاق المرأة المسلمة: ألا تخلو بالرجال الأجانب، فإياكِ والخلوة برجل أجنبي لا يحل لك، فصوني نفسك ولا تتهاوني في هذا الأمر، ففي الصحيحين: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما – أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ «لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ ، وَلاَ تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلاَّ وَمَعَهَا مَحْرَمٌ»، وتعظم الفتة على المرأة بدخول أحد أقارب الزوج عليها، وخلوته بها، ففي الصحيحين: (عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ». فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ قَالَ «الْحَمْوُ الْمَوْتُ». ومن صفات وأخلاق المرأة المسلمة: تجنب الاختلاط بالرجال، فلا تختلطي بالرجال الأجانب اختلاطك بالمحارم، وتجنبي الذهاب إلى الأماكن المشبوهة، فالاختلاط من أعظم وسائل الفتنة، وإقامة العلاقات المحرمة، ومن صفات وأخلاق المرأة المسلمة: حسن معاملة الجيران، فأدي حقوق الجيران، فقد أوصى بهم الشرع الحكيم، ففي الصحيحين: (عَنِ ابْنِ عُمَرَ – رضي الله عنهما – قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ»، فتفقديهم بالسلام والسؤال والزيارة المتعددة، وإهداء الطعام لهم، وستر عوراتهم، والتغافل عن عيوبهم، واحتمال أذاهم، وبذل الإحسان لهم وإجابة دعوتهم، وإرشادهم وتعليمهم، والسعي في صلاحهم.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (المرأة المسلمة)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
ومن صفات وأخلاق المرأة المسلمة: الاقتصاد في النفقة، وعدم الاسراف والتبذير، قال تعالى {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} الفرقان (67)، وفي سنن النسائي: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «كُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلاَ مَخِيلَةٍ». ومن صفات وأخلاق المرأة المسلمة: التزام الحق والعدل، فقولي الحق دائماً ولو على نفسك، قال تعالى (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبى) الانعام (152)، واحرصي على إصلاح باطنك كما تصلحين ظاهرك، واعتني بقلبك عناية فائقة، ففي الصحيحين: (قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أَلاَ إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ، أَلاَ وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ. أَلاَ وَهِيَ الْقَلْبُ»، وعليك بحسن الظن في أخواتك المسلمات، وأحسني العشرة في تعاملك مع الآخرين، واجعلي قلبك واسعاً يحتمل الزلات والهفوات، ومن صفات وأخلاق المرأة المسلمة: الدعوة إلى الله، فتشرفي بالدعوة إلى الله، والتحقي بركب الداعيات المصلحات، قال تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ) فصلت (33)، وفي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلاَلَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا». وعليك بالصحبة الصالحة، ورفقة أخوات الصدق والأمانة والاستقامة، فإن صحبة الصالحات تصلح القلب، وتسر الخاطر، وتهذب الروح، وتحمل المرأة على التمسك بالشرع، ولزوم الاستقامة ،وفي الصحيحين: (عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً».
هذه بعض صفات وأخلاق المرأة المسلمة، ألا فتخلقي بها، وكوني من أهل التقوى والصلاح
الدعاء