خطبة عن (قصة طَالُوتَ وجالوت والدروس المستفادة)
أكتوبر 7, 2017خطبة عن (من وصايا الآباء والأمهات للبنات
أكتوبر 7, 2017الخطبة الأولى ( المرأة .. تُذْهِبُ لُبَّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ »
إخوة الإسلام
لقد وهب الله سبحانه وتعالى النساء ذكاء في استخدام الحيل والأساليب التي تنال بها من الرجال ما تريد ، ولو كان هذا الرجل رجلا حازقا ، وبصيرا ثاقبا ، وذا عقل مفكر ومدبر، فالمرأة تستطيع أن تستحوذ على عقل وقلب الرجال ، وهذا لجاذبيتها وعطفها وأسلوبها في الحوار ، وما لها من قدرة كبيرة على استمالة الرجال وهذا هو ما بينه صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق بقوله : (مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ »، وهو أيضا ما شهد به عزيز مصر على زوجته في قصة يوسف حين قال الله على لسانه : ( إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ) (28) يوسف ،وهو ما قصده رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال في مرضه « مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّى بِالنَّاسِ » .
قَالَتْ عَائِشَةُ قُلْتُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ . فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ قُولِي لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ . فَفَعَلَتْ حَفْصَةُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم –« مَهْ ، إِنَّكُنَّ لأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ » رواه البخاري
أيها المسلمون
وقد ذكر الشيخ الشعراوي في تفسيره قصة ، تبين طبيعة هذه المرأة التي تجعل الرجل الحازق ذا اللب والعقل والبصيرة ، يتنازل عن رأيه ، ويستجيب لطلبها ، فقال : (ومما رُوى في هذا الصدد قصة بهيثة بنت أوس بن حارثة الطائي والحارث بن عوف، وهو سيد من سيادات بني مُرَّة، وكان للحارث ابن عوف صديق اسمه ابن سنان،وفي ليلة جلس الحارث يتسامر مع صديقه ابن سنان فقال له: ترني لو أنني خطبتُ إلى أحد من العرب ابنته أيردّني؟ قالها وهو مُعْتَزٌّ بنفسه فخور بسيادته على قومه. فلما رآه صاحبه على هذه الحالة قال له: نعم هناك مَنْ يردُّك، قال: مَنْ؟ قال: أوس بن حارثة الطائي، فنادي الحارث على غلامة وقال: أحضر المراكب، وهيا بنا إلى أوس بن حارثة الطائي، فذهبوا إليه، فوجدوه جالساً في فناء بيته، فلما رآه أوس قال له: ما الذي جاء بك يا حارث، وتركه على دابته
قال: جئتُك خاطباً لابنتك، فقال له: لستَ هنك – يعني لستَ أهْلاً لها – فلوى الحارث زمام دابته منصرفاً، في حين بدا على ابن سنان الارتياح ؛ لأن كلامه صدق في صاحبه. فلما دخل أوس على امرأته سألتْه: مَنْ رجلٌ وقف معك فلم يُطل ولم ينزل؟ قال: إنه الحارث بن عوف سيد من سادات بني مُرَّة، فقالت: ولماذا لم تستنزله عندك؟ قال: لقد استحمق – يعني: ارتكب حُمْقاً – قالت: وكيف هذا؟ قال: إنه جاء يخطب ابنتي، قالت: عجباً أو لا تريد أن تُزوِّج بناتك؟ قال: بلى، قالت: فإذا كنتَ لا تُزوِّجهن من سادات العرب، فمَنْ تُزوِّجهن؟ ثم قالت : يا أوس، اذهب فتدارك الأمر، قال: كيف وقد فرطَ مني ما فرط؟ قالت: الحقْ به، وقُلْ له: إنك جئتني وأنا مُغْضب من أمر لا دخْلَ لك فيه، ولما راجعتُ نفسي جئتُك معتذراً أطلب منك أنْ تعود، ولك عندي ما تحب. فذهب الرجل، فلم يجد الركْبَ، فشدَّ على راحلته، حتى صار بينهما في الركْب، فالتفت ابنُ سنان، وقال: ابن عوف، هذا أوس يلحق بنا، فقال: وماذا أصنع به امْضِ،
فناداه أوس: يا حارث: اربع عليَّ ساعة، يعني: انتظرني – ولك عندي ما تحب، ففرح يا حارث وعاد معه. عاد أوس إلى بيته، وقال لامرأته: ادْعي ابنتك الكبرى، فجاءت، فقال: يا بُنيَّة إن الحارث بن عوف سيد بني مرة جاء ليخطبك
فقالت: لا تفعل يا أبي، فقال: ولم؟ قالت: إنني امرأة في وجهي ردّة – يعني قُبْح يردُّ مَنْ يراني – وفي خُلُقي عُهْدة – أي عيب – وليس بابن عم لي فيرعى رحمي، ولا بجَار لك في بلدك فيستحي منك، وأخاف أنْ يكره مني شيئاً، فيُطلِّقني فيكون عليَّ فيه ما تعرف. فقال لها: قُومي، بارك الله فيك. ثم قال لامرأته: ادْعِي ابنتك الوُسْطى فجاءتْ، فقال لها ما قال لأختها، فقالت: لا تفعل يا أبي، قال: ولم؟ قالت: أنا امرأة خرقاء – يعني: لا تُحسِن عملاً – وليست لي صناعة، وأخاف أنْ يرى مني ما يكره فيُطلِّقني، ويكون فيَّ ما يكون ، فقال لها: قومي بارك الله فيك، وادْعِي أختك الصغرى، وكانت هذه هي بُهَيْثة التي نضرب بها المثل في هذا الموقف. فلما عرض عليها أبوها الأمر قالت: افعل ما ترى يا أبي، قال: يا بُنيَّتي، لقد عرضتُه على أُختيك فأبتَاهُ، قالت: لكني أنا الجميلة وجهاً الصَّناع يداً، الرفيعة خُلُقاً، فإنْ طلَّقني فلا أخلفَ اللهُ عليه، فقال: بارك الله فيك. ثم قام إلى الحارث وقال: بُورِكَ لك يا حارث، فإنِّي زوَّجتك ابنتي بهيثة، فبارك الله لكما، قال: وأنا قبلتُ زواجها. ( ونستكمل القصة بعد قليل )
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( المرأة .. تُذْهِبُ لُبَّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ثم قال أوس لامرأته: هَيِّئي ابنتك، واصنعي لها فُسْطاطاً بفناء البيت، ولما صُنع الفسطاط حُملت إليه بهيثة، ودخل عليها الحارث، لكنه لم يلبث طويلاً حتى خرج، فسأله ابنُ سنان: أفرغتَ من شأنك؟ قال: لا والله، يا بن سنان، قال: ولم؟ قال: جئتُ لأقترب منها. فقالت: أعند أبي وإخوتي؟ والله لا يكون ذلك أبداً، فخرجتُ. فقال: ما دامتْ لا ترضى وهي عند أبيها وإخوتها، فهيَّا بنا نرحل، فأمر بالرحيل، وسار الركب بهم طويلاً، ثم قال: يا بن سنان تقدَّم أنت – يعني: أعطنا الفرصة – فتقدَّم ابن سنان بالركْبِ، وانحاز الحارث بزوجته إلى ناحية من الطريق ونصب خيمته، ثم دخل عليها ،فقالت له: ما شاء الله، أتفعل بي كما يُفعل بالسَّبِيَّة الأخيذة، والأَمَة الجليبة؟ والله لا يكون ذلك حتى أذهب إلى أهلك وبلدك، وتذبح لي الذبائح، وتدعو سادة العرب، وتصنع ما يصنعه مثلك لمثلي. وفعلاً تمَّ لها ما أرادت، وذُبِحَتْ لها الذبائح، ودُعي لها سادات العرب، فلما دخل عليها وحاول الاقتراب منها، قالت: لقد ذكرتَ لي شرفاً ما رأيتُ فيك شيئاً منه، فقال: ولم؟ قالت: أتفرغُ لأمر النساء والعرب يقتلُ بعضُهم بعضاً – تريد الحرب الدائرة وقتها بين عبس وذبيان – اذهب فأصلح بينهما، ثم عُدْ لأهلك، فلن يفوتك مني شيء، فذهب الحارث وابن سنان، وأصلحا بين عبس وذُبْيان، وتحمَّلا ديات القتلى ثلاثة آلاف بعير يُؤدُّونها في ثلاث سنوات، ثم عاد إليها، فقالت له: الآن لك ما تريد.
الدعاء