خطبة عن (المُناجاةُ)
أبريل 6, 2025الخطبة الأولى (المِنْحَة في ثوب المِحْنَةِ)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (216) البقرة، وقال تعالى: (فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) (19) النساء، وقال تعالى: (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (140) آل عمران.
إخوة الإسلام
الإنسان لا يدري أين الخير والشر، فلعل الخير فيما يكره، ولعل الشر فيما يحب، كما قال تعالى: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) {البقرة:216}، والله تعالى كتب وقدر للإنسان ما يصيبه من المنافع والمصائب في هذه الدنيا، لحكمة يعلمها سبحانه، فقال تعالى: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) الحديد: (22)، (23)،
وما من محنة ولا مصيبة تصيب المؤمن، إلا ووراءها منحة، وما من شِدة يقع فيها المؤمن، إلا ووراءها فرج من الله، ومن المواقف التي يتجلى فيها ذلك: لما أصاب المسلمين ما أَصَابَهُمْ مِنَ الْهَزِيمَةِ وَالْقَتْلِ يوم أُحُدٍ، أصابهم الْغَمُّ، وسيطرَ عليهم الحزنُ، ولَمَّا سَمِعُوا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قُتِلَ، زادَ غمهم، واستحوذ عليهم الحزن، حتى ألقوا السلاح، فلما تبيَّنوا سلامةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم من القَتْلَ، هان عليهم ما فاتهم من الغنائم والنصر، وما أصابهم من الجراح والقتل، فرحًا بنجاة رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وفي القرآن الكريم قصص كثيرة تشير إلى هذا المعنى، ومن ذلك: قصة نبي الله يوسف (عليه السلام)، حيث مرَّ بمحن متوالية، ابتداءً من إلقائه في الجب، إلى محنته مع امرأة العزيز، ثم السجن الذي مكث فيه بضع سنين، وفي النهاية كانت المنحة: بأن صار نبي الله يوسف سيدا لمصر، ووزيرا لخزائنها، وجاء الله تعالى بوالديه وإخوته الذين ألقوه في الجبّ ،فأجابهم بقوله: [إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ] {يوسف:90}.
وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقد أصبح مهموما مذعورا بعد أن نزل عليه الوحي، ففي الصحيحين: (فَجِئَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ اقْرَأْ. قَالَ «مَا أَنَا بِقَارِئٍ – قَالَ – فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ. قَالَ قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ – قَالَ – فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّى الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ. فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي. فَقَالَ (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)». فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ فَقَالَ «زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي». فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ ثُمَّ قَالَ لِخَدِيجَةَ «أَيْ خَدِيجَةُ مَا لِي». وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ قَالَ «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي». قَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ كَلاَّ أَبْشِرْ فَوَاللَّهِ لاَ يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا وَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِى الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ. فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَهُوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخِي أَبِيهَا وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِيَّ وَيَكْتُبُ مِنَ الإِنْجِيلِ بِالْعَرَبِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ. فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ أَيْ عَمِّ اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ. قَالَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَبَرَ مَا رَآهُ فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِى أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى -صلى الله عليه وسلم- يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا يَا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ». قَالَ وَرَقَةُ نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلاَّ عُودِيَ وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا».
وعندما كانت المحنة عظيمة، واشتد بلاؤه في يوم الطائف: فقد كان يوم الطائف أشد ما أتى على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما جاء في الصحيحين: (أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ فَقَالَ «لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلاَّ بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِي فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ قَالَ فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ. ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَأَنَا مَلَكُ الْجِبَالِ وَقَدْ بَعَثَنِي رَبُّكَ إِلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بِأَمْرِكَ فَمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ». فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا». وهكذا تعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذه المحنة العظيمة، ولكن كان من ورائها منحة وفرج، كان وراءها نبوة ورسالة، وفتح عظيم، كان وراءها النصر والتمكين، واقامة الملة الحنيفية، وانتشار الدين، فقد دخل مكة فاتحاً منتصراً، ومحطماً للأصنام حول الكعبة، فنتعلم من ذلك أنه بعد المحن تأتي المنح، وبعد الشدة يأتي الفرج، وبعد العسر يأتي اليسر.
أيها المسلمون
فيجب علينا أن نأخذ الدروس والعبر، وأن نعلم يقينا أن من وراء المحنة منحة، فيصيب الله تعالى بالمحن ويعقبها بالمنح، ليختبر الله صدق إيمانك، وقوة تحملك وصبرك، وهل تدوم على شكرك لله عز وجل في أيام المحن، وعلى ما أسبغ الله عليك من منح، أم أنك تعرض عن الله عز وجل؟، وإذا ما جاءت أيام المحن: فهل تكون صابراً لأنك تعيش في أمل كبير، لما تحمل لك هذه المحن من منح عاجلة بإذن الله تعالى، أم تدخل في حالة اليأس والقنوط؟، فالإنسان المؤمن يروِّض نفسه على هذه السنة الربانية: (بعد المحن تأتي المنح)، وهكذا يتقلب المسلم في الحياة الدنيا، من منحة إلى محنة، ومن محنة إلى منحة، حتى يلقى الله عز وجل، فالمسلم بين الشكر والصبر يتقلب، وفي صحيح مسلم: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ)،
فإذا داهمتك الابتلاءات، فانظر في الجانب المشرق منها، وإذا ناولك أحدهم كوب ليمون، فأضف إليه حفنة من السكر، وإذا أهدى لك ثعبانا، فخذ جلده الثمين، واترك باقيه، فواجب عليك أن تتكيف مع ظروفك، لتخرج منها منتصرا، ناجحا ظافرا، وانظر إلى الوجه الآخر للمأساة، لأن الشر المحض ليس موجودا، بل هناك خير ومكسب وفتح واجر من ورائه، فافزع إلى الله، قال الله تعالى: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ) (62) النمل،
فالله تعالى يفزع اليه المكروب، ويستغيث به المنكوب، وتصمد إليه الكائنات، وتسأله المخلوقات، وتلهج بذكره الالسن، وتألهه القلوب، لأنه الله الذي لا إله إلا هو، وحق علينا أن ندعوه في الشدة والرخاء، والسراء والضراء، ونفزع اليه في الملمات، ونتوسل اليه في الكربات، وننطرح على عتبات بابه سائلين باكين ضارعين منيبين، وحينها يأتي مدده، ويصل عونه، ويسرع فرجه، ويحل فتحه، فينجي الغريق، ويرد الغائب، ويعافي المبتلي، وينصر المظلوم، ويهدي الضال، ويشفي المريض، ويفرج عن المكروب.
فإذا نزلت بك النوازل، وألمت بك الخطوب، فالهج بذكره، واهتف باسمه، واطلب مدده، واسأله فتحه ونصره، ومرغ الجبين لتقديس اسمه، لتحصل على تاج الحرية، وارغم الأنف في طين عبوديته، لتحوز وسام النجاة، مد يديك، وارفع كفيك، وأطلق لسانك، وأكثر من طلبه، وبالغ في سؤاله، وألح عليه، والزم بابه، وانتظر لطفه، وترقب فتحه، وأحسن ظنك فيه، وانقطع إليه، وتبتل إليه تبتيلأ، حتى تسعد وتفلح، فالمحن قد تكون منح بقدر الله ورحمته وعلمه، وتوسل إلى الله تعالى بالدعاء بعد الصلاة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِين} البقرة:153. وقال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} غافر:60.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (المِنْحَة في ثوب المِحْنَةِ)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
فأقبل على الله تعالى أيها المسلم، فإنك إذا جعلت من تلك المحنة بابا للتقرب إلى الله، ومحاسبة النفس، والتفكر في حقارة الدنيا، والاستعداد ليوم الرحيل، فحينئذ تتحول المحنة إلى منحة، فالصبر على البلاء، وعلى قدر الله، خيره وشره، حلوه ومره، موجب لحصول ما أعد الله للصابرين، الذين مدحهم الله، وأثنى عليهم في كثير من آيات القرآن، قال تعالى: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة:155- 157]. وقال ابن الجوزي: “من نزلت به بلية، فأراد تمحيقها، فليتصورها أكثر مما هي تهن، وليتخيل ثوابها، وليتوهم نزول أعظم منها، ير الربح في الاقتصار عليها”
وتذكر دائما: أن هذه الدنيا دار ابتلاء واختبار، يمر فيها الإنسان بأنواع من الاختبارات، والعاقل من عرف قيمة الدنيا، وأنها مهما كثرت منغصاتها، وعظمت مصائبها، فلا تستحق أن يتألم الإنسان من أجلها، فإنما هي دار ممر لا دار مقر، ودار عبور لا دار حبور، قال الله تعالى: (يَاقَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ) (39)، (40) غافر، وقال تعالى: (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (64) العنكبوت.
الدعاء