خطبة عن ( النذر لا يرد قضاء، ولا يدفع شرا، ولا يجلب خيرا)
فبراير 22, 2016خطبة عن ( الآثار السيئة للمغالاة في المهور، وتكاليف الزواج )
فبراير 22, 2016الخطبة الأولى ( النذر وحكمه)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ) الانسان 7، ويقول سبحانه (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) الحج 29 ،وقال تعالى: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ ﴾ [البقرة: 270]، وروى البخاري ( عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلاَ يَعْصِهِ »
إخوة الإسلام
النذر هو التزام قربة غير لازمة في أصل الشرع ، وهو عبادة قديمة ، ودليل ذلك أن السيدة مريم قالت (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا ) مريم 26، وهو في الإسلام وارد في الكتاب والسنة ، فقال تعالى في وصف عباده المؤمنين ، (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ) الانسان 7 ،و في السنة قوله صلى الله عليه وسلم « مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلاَ يَعْصِهِ » ، فالنذر لا يصح ولا ينعقد إلا إذا كان فيه قربة يتقرب بها العبد إلى الله ، وعند ذلك يجب الوفاء به ، أما إن كان فيه معصية لله ومخالفة للشرع فلا يفي به وعليه كفارة يمين وفي صحيح مسلم ( عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ كَانَتْ ثَقِيفُ حُلَفَاءَ لِبَنِى عُقَيْلٍ فَأَسَرَتْ ثَقِيفُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَسَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلاً مِنْ بَنِى عُقَيْلٍ وَأَصَابُوا مَعَهُ الْعَضْبَاءَ فَأَتَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهْوَ فِي الْوَثَاقِ قَالَ يَا مُحَمَّدُ. فَأَتَاهُ فَقَالَ « مَا شَأْنُكَ ». فَقَالَ بِمَ أَخَذْتَنِي وَبِمَ أَخَذْتَ سَابِقَةَ الْحَاجِّ فَقَالَ إِعْظَامًا لِذَلِكَ « أَخَذْتُكَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكَ ثَقِيفَ ». ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ فَنَادَاهُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَحِيمًا رَقِيقًا فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ « مَا شَأْنُكَ ». قَالَ إِنِّي مُسْلِمٌ. قَالَ « لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَكَ أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلاَحِ ». ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَادَاهُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ. فَأَتَاهُ فَقَالَ « مَا شَأْنُكَ ». قَالَ إِنِّي جَائِعٌ فَأَطْعِمْنِي وَظَمْآنُ فَأَسْقِنِي. قَالَ « هَذِهِ حَاجَتُكَ ». فَفُدِىَ بِالرَّجُلَيْنِ – قَالَ – وَأُسِرَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَأُصِيبَتِ الْعَضْبَاءُ فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ فِي الْوَثَاقِ وَكَانَ الْقَوْمُ يُرِيحُونَ نَعَمَهُمْ بَيْنَ يَدَىْ بُيُوتِهِمْ فَانْفَلَتَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنَ الْوَثَاقِ فَأَتَتِ الإِبِلَ فَجَعَلَتْ إِذَا دَنَتْ مِنَ الْبَعِيرِ رَغَا فَتَتْرُكُهُ حَتَّى تَنْتَهِىَ إِلَى الْعَضْبَاءِ فَلَمْ تَرْغُ قَالَ وَنَاقَةٌ مُنَوَّقَةٌ فَقَعَدَتْ فِي عَجُزِهَا ثُمَّ زَجَرَتْهَا فَانْطَلَقَتْ وَنَذِرُوا بِهَا فَطَلَبُوهَا فَأَعْجَزَتْهُمْ – قَالَ – وَنَذَرَتْ لِلَّهِ إِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا فَلَمَّا قَدِمَتِ الْمَدِينَةَ رَآهَا النَّاسُ. فَقَالُوا الْعَضْبَاءُ نَاقَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. فَقَالَتْ إِنَّهَا نَذَرَتْ إِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا. فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ « سُبْحَانَ اللَّهِ بِئْسَمَا جَزَتْهَا نَذَرَتْ لِلَّهِ إِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا لاَ وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةٍ وَلاَ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ الْعَبْدُ ». وَفِى رِوَايَةِ ابْنِ حُجْرٍ « لاَ نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ ». وفي رواية الدارقطني (عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةُ أَبِى ذَرٍّ عَلَى رَاحِلَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْقَصْوَاءِ حِينَ أُغِيرَ عَلَى لِقَاحِهِ حَتَّى أَنَاخَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ إِنِّي نَذَرْتُ إِنْ نَجَّانِى اللَّهُ عَلَيْهَا لآكُلَنَّ مِنْ كَبِدِهَا وَسَنَامِهَا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لَبِئْسَمَا جَزَيْتِيهَا لَيْسَ هَذَا نَذْرًا إِنَّمَا النَّذْرُ مَا ابْتُغِىَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ ». وعلى هذا فمن نذر أن يشرب خمرا ، أو يقاطع أرحامه ، أو يترك عبادة ، فكل ذلك لا يجب الوفاء به لأن فيه معصية لله .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( النذر وحكمه )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في مسند أحمد (عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَدْرَكَ رَجُلَيْنِ وَهُمَا مُقْتَرِنَانِ يَمْشِيَانِ إِلَى الْبَيْتِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا بَالُ الْقِرَان ِ ».قَالاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَذَرْنَا أَنْ نَمْشِىَ إِلَى الْبَيْتِ مُقْتَرِنِينَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لَيْسَ هَذَا نَذْراً ». فَقَطَعَ قِرَانَهُمَا. قَالَ سُرَيْجٌ فِي حَدِيثِهِ « إِنَّمَا النَّذْرُ مَا ابْتُغِىَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ » وفيه (عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَظَرَ إِلَى أَعْرَابِيٍّ قَائِماً فِي الشَّمْسِ وَهُوَ يَخْطُبُ فَقَالَ « مَا شَأْنُكَ ». قَالَ نَذَرْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ لاَ أَزَالَ فِي الشَّمْسِ حَتَّى تَفْرُغَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لَيْسَ هَذَا نَذْراً إِنَّمَا النَّذْرُ مَا ابْتُغِىَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ». وفي البخاري (عَنْ أَنَسٍ – رضى الله عنه – أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – رَأَى شَيْخًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ قَالَ « مَا بَالُ هَذَا » . قَالُوا نَذَرَ أَنْ يَمْشِىَ . قَالَ « إِنَّ اللَّهَ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ لَغَنِىٌّ » وفي البخاري (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بَيْنَا النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – يَخْطُبُ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا أَبُو إِسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلاَ يَقْعُدَ وَلاَ يَسْتَظِلَّ وَلاَ يَتَكَلَّمَ وَيَصُومَ . فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَقْعُدْ وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ » ، وقال العلماء أن النذر المشروط مكروه عند بعض الأئمة ، ولكن يجب الوفاء به إذا تحقق ، وماذا عمن تقرب بنذره لغير الله ؟ ، وهل يرد النذر القضاء ؟ وماذا عمن مات وعليه نذر ؟ذلك ما نتناوله في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء