خطبة عن ( احذر أن تكون من شَرّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَة)
ديسمبر 30, 2017خطبة عن (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ)
ديسمبر 30, 2017الخطبة الأولى ( النميمة والنمام )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) (10)، (11) القلم ، وروى مسلم في صحيحه : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ إِنَّ مُحَمَّدًا -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ مَا الْعَضْهُ هِيَ النَّمِيمَةُ الْقَالَةُ بَيْنَ النَّاسِ »
إخوة الإسلام
النَّمِيمَةُ : هِيَ نقل الكلام بين طرفين بغرض الإفساد ، وإيقاع العداوةِ والبغضاءِ بينهم ، كما تقول: فلان كان يتكلم فيك بكذا وكذا. وليست النميمة مختصة به، بل حدها كشف ما يكره كشفه، سواء كرهه المنقول عنه أو المنقول إليه، أو كرهه ثالث، وسواء كان الكشف بالقول أو بالكتابة أو بالرمز أو بالإيماء، وسواء كان المنقول عن الأعمال أو من الأقوال، وسواء كان ذلك عيبا ونقصا في المنقول عنه أو لم يكن، والنميمة محرمة بإجماع المسلمين وقد تظاهرت على تحريمها الأدلة الصريحة من الكتاب والسنة وإجماع الأمة ، وهي كبيرة من كبائر الذنوب. وحقيقة النَّميمة إفشاء السر وهتك الستر عما يُكره كشفه، بل كل ما رآه الإنسان من أحوال الناس مما يُكره فينبغي أن يسكت عنه، إلا ما في حكايته فائدةٌ لمسلم أو دفعٌ لمعصية؛ كما إذا رأى مَن يتناول مال غيره؛ فعليه أن يشهد به مراعاة لحق المشهود له، فأما إذا رآه يُخفي مالاً لنفسه فذكره فهو نميمة وإفشاءٌ للسر، ومن الأمور الباعثة على النَّميمة: إما إرادة السوء للمحكي عنه، أو إظهار الحب للمحكيِّ له، أو التفرُّج بالحديث والخوض في الفضول والباطل”. وأشد أنواع النَّميمة حرمة وإثمًا هي: النَّميمة لدى السلطان، وتسمَّى سِعَاية أو وِشاية، وتَكمُن خطورتها في كون السلطان قادرًا على البطش والانتقام بما لا يَقدر عليه غيره.
أيها المسلمون
والنمام هو إنسان ذو وجهين يقابل كل من يعاملهم بوجه، فهو كالحرباء يتلون بحسب الموقف الذي يريده ، وقد حذر النبي من أمثال هؤلاء ، ففي صحيح البخاري : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « تَجِدُ مِنْ شَرِّ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ ذَا الْوَجْهَيْنِ ، الَّذِى يَأْتِي هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ » ويترتب على النميمة آثار سيئة ، وعواقب وخيمة ، ومن الآثار المترتبة على النميمة: الفرقة بين الناس، والكراهية والبغضاء في القلوب ، وهي حاملة على التجسُّس لمعرفة أخبار الناس، وقد تكون حاملة على القتل، وعلى قَطْع أرْزَاق النَّاس، وواجب على المسلم أن يصون سمعه من سماع النميمة ، وإن لم يستطع منعها ، فعليه أن يفارق مجلسها ، ويكره ذلك بقلبه، قال الله تعالى : ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) الانعام 68. ،وفي صحيح مسلم أن (رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ ». فينبغي على كل مسلم ومسلمة أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلاّ كلاما تظهر المصلحة فيه، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة، فالسنَّة الإِمساك عنه، لأنّه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه، بل هذا كثير أو غالب في العادة. وفي الصحيحين (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا ، أَوْ لِيَصْمُتْ ) ،وقال الإمام الشافعي: “إذا أراد الكلام فعليه أن يفكر قبل كلامه، فإن ظهرت المصلحة تكلم وإن شك لم يتكلم حتى يظهر”.
أيها المسلمون
والنمام إن لم يتب ويرجع إلى ربه فجزاؤه عظيم ، وعقابه أليم : فالنميمة من الأسباب التي توجب عذاب القبر ، ففي البخاري ومسلم (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضى الله عنهما – قَالَ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ « إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ ، أَمَّا هَذَا فَكَانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ ، وَأَمَّا هَذَا فَكَانَ يَمْشِى بِالنَّمِيمَةِ » . ثُمَّ دَعَا بِعَسِيبٍ رَطْبٍ ، فَشَقَّهُ بِاثْنَيْنِ ، فَغَرَسَ عَلَى هَذَا وَاحِدًا وَعَلَى هَذَا وَاحِدًا ثُمَّ قَالَ « لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا ، مَا لَمْ يَيْبَسَا » . والنمام من شرار الخلق ، ففي مسند أحمد: (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- « خِيَارُ عِبَادِ اللَّهِ الَّذِينَ إِذَا رُءُوا ذُكِرَ اللَّهُ وَشِرَارُ عِبَادِ اللَّهِ الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ الْمُفَرِّقُونَ بَيْنَ الأَحِبَّةِ الْبَاغُونَ الْبُرَآءَ الْعَنَتَ ». والنمام لا يدخل الجنة لما جاء في الحديث الذي رواه مسلم : عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلاً يَنِمُّ الْحَدِيثَ فَقَالَ حُذَيْفَةُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( النميمة )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
أما عن الوقاية والعلاج من هذا المرض العضال فيمكن بتباع الآتي : 1 – المبادرة بعدم تصديق النمام، بل زجره، وتخويفه الله والدار الآخرة، 2 – بغض النمام في الله بغضاً ينعكس على السلوك، وعلى طريقة المعاملة، فإن ذلك له أثر كبير في الإقلاع عن هذه الآفة، ولا سيما عند من لديهم بقية من خير أو ذرة من نور . 3 – تربية ملكة تقوى الله، ومراقبته في النفس، فإن هذه الملكة لها دور كبير في التخلص من العيوب والآفات ومن بينها النميمة، ثم التحلي بالفضائل والمنجيات . 4 – نقاء الوسط الذي يعيش فيه النمام، سواء أكان قريباً كالبيت، أم بعيدا كالمجتمع، فإن المرء ابن بيئته، وكم من أناس طهرت قلوبهم، وزكت جوارحهم واستقاموا على الطريق، بسبب عيشهم في وسط نقي نظيف . 5 – اليقين التام بأن ما عند الله لا ينال ل بالمعصية، والوقيعة أو الإفساد بين الناس، وإنما ينال بالطاعة والاستقامة ، قال تعالى : { وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} (النساء: 66-68). 6 – دوام النظر في سيرة السلف، ومنهجهم في مقاومة النميمة ومعالجة النمامين، فإن ذلك له دور كبير في الاقتداء والتأسي، 7 – التذكير بعواقب النميمة والنمامين ، وخير مذكر بذلك دوام النظر في كتاب الله – عز وجل – وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، 8 – مقاطعة النمام إن أصر على هذا الخلق الذميم، ولم تنفع معه الأساليب المتقدمة،
الدعاء