خطبة عن قوله تعالى (لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ)
فبراير 9, 2019خطبة عن (النهي عن الكسب الحرام)
فبراير 10, 2019الخطبة الأولى (النهي عن الكسب الحرام)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الإمام مسلم في صحيحه : عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا ،وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ : ( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) ، وَقَالَ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ) ، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ ، أَشْعَثَ أَغْبَرَ ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ ، يَا رَبِّ ، يَا رَبِّ ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ ”
أيها المسلمون
تناولت معكم في اللقاء السابق تحذير الإسلام المسلمين من الكسب الحرام ، وبينت لكم الأسباب والدوافع التي تجعل الانسان يكتسب المال الحرام ، واليوم إن شاء الله أتناول معكم النتائج والأضرار التي تنتج عن الكسب الحرام : فأولها : أن الكسب الحرام سبب لظلمة القلب ،وكسل الجوارح عن الطاعة ، فالكسب الحرام يؤدي إلى ظلمة القلب ،وكسل الجوارح عن طاعة الرب , ونزع البركة من الرزق والعمر، وفي سنن الترمذي :(يقول صلى الله عليه وسلم : يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ إِنَّهُ لاَ يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلاَّ كَانَتِ النَّارُ أَوْلَى بِهِ » ، وقال ابن عباس رضي الله عنه: ‘إن للحسنة نوراً في القلب، وضياء في الوجه، وقوة في البدن، وزيادة في الرزق، ومحبة في قلوب الخلق. وإن للسيئة سواداً في الوجه، وظلمة في القلب، ووهنا في البدن، ونقصاً في الرزق وبغضاً في قلوب الخلق’ . ثانيا : من أضرار الكسب الحرام : أنه يورث غضب الجبار ودخول النار ، ففي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ ». فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ ». وروى البخاري 🙁عَنْ خَوْلَةَ الأَنْصَارِيَّةِ – رضى الله عنها – قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم يَقُولُ « إِنَّ رِجَالاً يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ ، فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » ، ثالثا : من أضرار الكسب الحرام :عدم قبول الدعاء : فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: تليت هذه الآية عند رسول الله: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّبًا } . فقام سعد بن أبي وقاص فقال: يا رسول الله : ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة ، فقال له النبي: «يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، والذي نفس محمد بيده إن العبد ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه عمل أربعين يومًا وأيما عبد نبت لحمه من سحت فالنار أولى به» .أخرجه الطبراني ،وفي صحيح مسلم : (ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِىَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ » ،رابعا : من أضرار الكسب الحرام : عدم قبول العمل الصالح : فعن ابن عباس والذي نفس محمد بيده، إن الرجل ليَقْذفُ اللقمة الحرام في جَوْفه ما يُتَقبَّل منه أربعين يومًا، وأيّما عبد نبت لحمه من السُّحْت والربا فالنار أولى به” . المعجم الأوسط للطبراني ، وقال ابْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُونَ فُلاَنٌ شَهِيدٌ وَفُلاَنٌ شَهِيدٌ حَتَّى مَرُّوا بِرَجُلٍ فَقَالُوا فُلاَنٌ شَهِيدٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « كَلاَّ إِنِّي رَأَيْتُهُ يُجَرُّ إِلَى النَّارِ فِي عَبَاءَةٍ غَلَّهَا اخْرُجْ يَا عُمَرُ فَنَادِ فِي النَّاسِ إِنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ الْمُؤْمِنُونَ ». فَخَرَجْتُ فَنَادَيْتُ إِنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ الْمُؤْمِنُونَ ) رواه ابن حبان واحمد ، ولقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : ” اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ ، وَمِنْ قَلْبٍ لاَ يَخْشَعُ ، وَمِنْ نَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لاَ يُسْتَجَابُ لَهَا ) . أخرجه أحمد
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (أضرار الكسب الحرام)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
إن باب التوبة مفتوح لمن يعترفون بذنوبهم ويتراجعون عنها حتى طلوع الشمس من مغربها، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها، تاب الله عليه”. فلو انغمس الفرد في التكسب بالمال الحرام ، ثم أراد أن يتوب، فعليه أن يتعامل مع أصل المال ،والربح الناتج عن استثماره وفقاً لما يقرره الشرع، ومن لوازم التوبة أن يرد الحقوق لأصحابها، فإن لم يردّ هذا الحق في الدنيا فسوف يُؤخَذ منه في الآخرة. ولو كان المال ناتجاً عن تجارة المحرمات، فعلى صاحبه أن يتخلص منه، وأن يبتعد عن الأكل منه هو ومن يعولهم ، ولا يكون التخلص من المال بالتصدق به أو استخدامه في أعمال الخير كبناء مسجد؛ وذلك لأن الله طيب لا يقبل إلا الطيب، وإنما يمكن توجيه المال نحو أعمال تخدم المجتمع ، وإذا كان أصل المال حراماً، فالربح الناتج عنه لا يُعدّ ملكاً للشخص ، فهو حرام ، أما إذا كان أصل المال حراماً، وتم استثماره في أمور جائزة، وتولّدت عنه أرباح، فيمكن لمن شغّل المال أن يقدّر ما يستحقه نظير الجهد في العمل، وهذا القدر فقط هو ما يكون جائزاً له، ومن اكتسب مالاً بطريق محرم، كالرشوة والكهانة وشهادة الزور ونحو ذلك من الأعمال المحرمة ، ثم تاب إلى الله تعالى وندم على ما فعل، فإن كان قد أنفق المال، فلا شيء عليه، وإن كان المال في يده، فيلزمه التخلص منه ،
الدعاء