خطبة عن (المرأة الْمُجَادِلَةُ) مختصرة
أبريل 17, 2024خطبة عن (الوفاء في حياة الرسول)
أبريل 17, 2024الخطبة الأولى (الهداية) مختصرة
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) (71) الانعام، وفي صحيح مسلم: (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: «يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ)
إخوة الإسلام
إن من أعظم نعم الله تعالى على عباده: (نعمة الهداية)، فهي طريق السلامة والنجاة، والمؤمن يطلب الهداية ممن يملك الهداية، وهو الله تبارك وتعالى، قال تعالى: (لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء) البقرة (272)، وفي صحيح مسلم: «يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ)، ومن عظيم رحمة الله تعالى بنا أن جعل طلب الهداية في سورة الفاتحة، التي نكررها سبع عشرة مرة في اليوم والليلة. قال تعالى: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) (6) الفاتحة،
فنعمة الهداية من أجل النعم، فهي نعمة الهداية إلى الإسلام، ونعمة الهداية إلى الإيمان، ونعمة الهداية إلى معرفة الحنان المنان؛ ونعمة الهداية إلى الطاعة والأخلاق الكريمة، والقيم النبيلة، وأعظم ما امتن الله به علينا: نعمة الهداية للإيمان، قال تعالى: ﴿يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ الحجرات: 17 ،ومن هداه الله تعالى في الدنيا إلى طاعته، ووفقه إلى عبادته، هداه في الآخرة إلى جنته، ومن هُدى في الدنيا إلى الصراط المستقيم، هُدى في الآخرة للسير على الصراط المنصوب على متن جهنم، وقد امتن الله تعالى على أهل الجنة بهذه النعمة، قال سبحانه: ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ﴾ [الأعراف : 43]. ألا فعلينا أن نشكر الله تعالى على نعمة الهداية، والشكر ليس باللسان فحسب، بل بالقول والعمل، قال تعالي: (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) (13) سبأ، فنشكر الله تعالى بعبادته، والمحافظة على نعمه، والدعوة إليه،
كما يجب علينا أن نأخذ بأسباب الهداية، فالهدية لها أسباب، فمن أخذ بها، رزقه الله الهداية، ووفقه إليها، فمن أسباب الهداية: التوحيد: فالتوحيد من أعظم أسباب الهداية، فمن وحد الله هُدي، ومن عرف الله تعالى بأسمائه وصفاته أحبه، ومن رجاه وخافه واتقاه، وعمل على عبادته وتعظيمه وخشيته، هداه الله، قال سبحانه: “وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ” التغابن (11)،
ومن أسباب الهداية: الاعتصام بالله، ودعاؤه ورجاؤه على الدوام، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [آل عمران: 101]
ومن أسباب الهداية: طاعة الله وتجنب معاصيه: ففي مسند احمد: (عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً صِرَاطاً مُسْتَقِيماً وَعَلَى جَنْبَتَيِ الصِّرَاطِ سُورَانِ فِيهِمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ وَعَلَى الأَبْوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ وَعَلَى بَابِ الصِّرَاطِ دَاعٍ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ادْخُلُوا الصِّرَاطَ جَمِيعاً وَلاَ تَتَفَرَّجُوا وَدَاعِى يَدْعُو مِنْ جَوْفِ الصِّرَاطِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُفْتَحَ شَيْئاً مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ قَالَ وَيْحَكَ لاَ تَفْتَحْهُ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ وْالصَّرِاطُ الإِسْلاَمُ وَالسُّورَانِ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى وَالأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ مَحَارِمُ اللَّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ الدَّاعِي عَلِى رَأْسِ الصِّرَاطِ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالدَّاعِي مِنْ فَوْقِ الصِّرَاطِ وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ»
ومن أسباب الهداية: الصحبة الصالحة: فتصحب رجلاً يذكرك بالله إذا نسيت، ويعينك على ذكر الله إذا ذكرته، ففي سنن الترمذي: (أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «لاَ تُصَاحِبْ إِلاَّ مُؤْمِنًا وَلاَ يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلاَّ تَقِىٌّ»، فالصحبة الصالحة من أعظم أسباب الهداية.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الهداية)
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
وقد تعترض طريق الهداية بعض العوائق، فتمنع الوصول إليها، ومنها: الاحتجاج بالمشيئة: فيقولون هذه مشيئة الله، ولو شاء الله لهدانا، هؤلاء قال تعالى: (وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ) (الزخرف:20). فاحذر أن تقع في ذلك الفخ الشيطاني؛ فإنه يحول بينك وبين سلوك طريق الهداية.
ومن هذه العوائق : القنوط من رحمة الله: فالبعض يظن أن الله -عز وجل- لا يمكن أن يغفر له، ولاشك أن هذا من أبطل الباطل، بل هو سوء ظن بالله، فالله يقول: (قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (53) الزمر، وفي سنن الترمذي: (أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «قَالَ اللَّهُ يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلاَ أُبَالِي يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِي يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً»،
ومن العوائق: التسويف وتأخير التوبة: وهذا من أعظم العوائق التي تمنع من الهداية؛ خاصة الشباب، فكثير منهم يقع في المعصية بحجة أنه الآن صغير ،وأنه لما يكبر سوف يتوب إلى الله، ونقول: وما أدراك أنك سوف تعيش إلى أن تتمكن من التوبة، فإن الموت يأتي بغتة،
ومن العوائق: الاتكال على سعة رحمة الله: فإذا ناصحت أحدًا أو نهيته عن منكر أو معصية؛ قال لك: “إن الله غفور رحيم”، قال تعالى: (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ) (الحجر:49-50)، فلماذا تذكر أن الله غفور رحيم، وتنسى أنه شديد العقاب، وأن عذابه هو العذاب الأليم،
الدعاء