خطبة عن قوله تعالى (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً)
ديسمبر 28, 2019خطبة عن حديث (الْعَارِيَةُ مُؤَدَّاةٌ وَالزَّعِيمُ غَارِمٌ وَالدَّيْنُ مَقْضِىٌّ)
ديسمبر 29, 2019الخطبة الأولى ( لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْر وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ) (49) فصلت
إخوة الإسلام
لقد دعا الله عز وجل عباده إلى تدبر القرآن ، فقال الله تعالى : {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29]، وفي نفس الوقت ،فقد أنكر الله على من أعرض عن تدبر القرآن ، فقال الله تعالى :{أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آَبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ} [المؤمنون: 68]، واليوم إن شاء الله موعدنا مع آية من كتاب الله ، نتدبرها ، ونسبح في بحار معانيها ، ونرتشف من رحيقها المختوم ، مع قوله تعالى : (لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ) (49) فصلت ، فمما جاء في تفسيرها ، يقول الطبري : لا يمل الكافر بالله من دعاء الخير, يعني من دعائه بالخير, ومسألته إياه ربه، والخير في هذا الموضع: المال وصحة الجسم ، وإن ناله ضرّ في نفسه من سُقم أو جهد في معيشته, أو احتباس من رزقه ( فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ ) أي ذو يأس من روح الله وفرجه, وقنوط من رحمته, ومن أن يكشف ذلك الشرّ النازل به عنه. ، وفي تفسير الوسيط لطنطاوي، قال : يبدو أن المراد بالإنسان في هذه الآية وأمثالها جنسه الغالب، وإلا فهناك مؤمنون صادقون، إذا رزقهم الله النعم شكروا، وإذا ابتلاهم بالمحن صبروا، والمراد بالخير ما يشمل المال والصحة والجاه والسلطان وما إلى ذلك مما يشتهى. ، والمعنى : لا يسأم الإنسان ولا يمل ولا يهدأ من طلب الخير والسعة في النعم ، وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ من عسر أو مرض فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ أي: فهو كثير اليأس والقنوط من رحمة الله- تعالى- وفضله، بحيث تنكسر نفسه، ويظهر ذلك على هيئته ، وهكذا تتحدث الآية عن صنف من الناس يفتقر إلى اليقين والثقة بالله تعالى، وبناء على ذلك فهو غير متوازن في حياته، ولا يجيد التعامل مع متغيرات الحياة، فهو متفائل عند الخير فقط، فلا يملّ من دعائه ربه بالخير بجميع أصناف، لكنه متشائم قنوط، يصاب باليأس بمجرد حصول مصيبة أو فقر أو أذى، فييأس من الحياة ويظن أن هذا الأذى وهذه المصيبة دائمة لن تزول، ولن يحصل له خير بعدها أبداً، ونسي الانسان أن الحياة الدنيا متقلبة، فهذا طبعها مع جميع الناس؛ فالأيام دول، ودوام الحال فيها من المحال ، فهي دار ابتلاء ، وليست دار نعيم واستقرار .
أيها المسلمون
هذه هي طبيعة الإنسان ، وتلك أحواله , فهو لا تنتهي مطامعه ، ودائماً ينتظر المزيد , ولا يقبل أي نقص ، ولا يتصبر عند وقوع ضرر, وإن أزيل الضرر أرجع الفضل لنفسه ونسي ربه ، ومفرج همه وكربه , وظن أن من أعطاه ، إنما أعطاه لفضيلته الذاتية ، ولميزات نفسه ، وأنه كما أعطاه في الدنيا ، فسيزيد له في الآخرة ، حتى وإن لم يشكر وإن كفر، هكذا ديدن الإنسان إلا من رحم الله : فلا صبر في الضراء، ولا شكر في الرخاء. وقد ذكر القرآن الكريم ثلاث صور للنفس البشرية حين تعيش بعيدة عن هداية الخالق ، فهي مضطربة في التصورات والأحكام : الصورة الأولى في قوله تعالى : (لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ) فصلت (49) ، فالآية تخبر أن الإنسان لا يمل من طلب الخير ،فهو يبذل كل ما يستطيعه من أسباب، ويطلب من الله أن يهب له ما يحب من الأموال والأولاد والقوة ، وكلما حصل شيئا من ذلك ،تمنى الزيادة وطلبها ، فإذا ما مسه الشر في أي جانب من جوانب الحياة ،تراه يائساً قانطاً من تغير الحال ،فهي النهاية عنده ،لا يرجو بعد ذلك خيرا ،ولا يؤمل في عافية من بلاء. وأما الصورة الثانية : فهي في قوله تعالى :(وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى) فصلت 50 ، فهذه الآية تبين حال ذلك الشخص في الصورة الأولى في موقف آخر حين يكشف الله الضر عنه مع يأسه وقنوطه وعدم رجائه انكشاف الضر عنه كيف يحكم على الأمور؟ ، إنه يقول هذا لي : أي أنا مستحق لهذا ،وجدير به ،ولولا أني أستحق ما أُعطيت هذا ،ثم هو في نفس الوقت لا يؤمن بالآخرة ،ويظن أن الدنيا هي نهاية المطاف ، ثم إنه يقدم تصورا آخر ،كيف سيكون وضعه فيما لو صح أن هناك بعثا وحسابا وجزاء، فإن الجنة ستكون مدخرة له عند ربه ،فهو عنده استحقاق آخر مبني على تصوره ،لسبب النعمة التي هو فيها.
وأما الصورة الثالثة : فهي في قوله تعالى: (وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ) فصلت (51) ، وهذه صورة أخرى من طبيعة النفس البشرية حين لا تهتدي بنور الإيمان ،فهي تتصرف في النعم التي أنعم الله بها عليها تصرف المعرض المتكبر المغرور بما أعطاه الله ، فتجده لا ينسب النعمة إلى مسديها ،ولا يشكرها ،ولا يقوم بحق الله فيها ، فإذا ما قدر الله وسُلبت من هذه النعمة ،فتراه حينها يتذكر أن للنعمة واهبا ،وأنه إذا شاء سلبها ،وأنه لا يقدر على ردها إلا هو ،فتراه يتضرع ويدعو ،ويكثر من الدعاء ، إنه صنف لا يعرف الله إلا في الشدة. وفي كل هذه الصور الثلاث نجد أن الإنسان مضطرب في تصوراته وأحكامه وسلوكه ، ولا يمكن تصحيح هذه التصورات والأحكام والسلوكيات إلا من خلال الإيمان ،حينها يحصل التوازن في النفس البشرية ،تصورا وأحكاما وسلوكا ، ويلخص لنا ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيقول :”عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ” رواه مسلم ، وفي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ مَا طَمِعَ بِجَنَّتِهِ أَحَدٌ وَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ مَا قَنِطَ مِنْ جَنَّتِهِ أَحَدٌ ».
أيها المسلمون
ولليأس والقنوط آثار سلبية ، ومخاطر متعددة ، فمن آثار اليأْس والقنوط : أولا : أن اليأْس والقنوط من صفات الكافر والضال : فقد قال الله تعالى :” قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ ” [الحجر: 56] . وقال الله تعالى : ” إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ” [يوسف: 87] . ثانيا : ومن آثار اليأس والقنوط : أن فيه تكذيب لله ولرسوله : قال ابن عطية : (اليأْس من رحمة الله، وتفريجه من صفة الكافرين، إذ فيه إمَّا التكذيب بالربوبية، وإمَّا الجهل بصفات الله تعالى) ، ثالثا : أن اليأْس سبب في الوقوع في الكفر والهلاك والضلال : قال القاسمي : في قوله تعالى : ” وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَؤُوسًا” [الإسراء: 83] ، فالآية فيها إشارة إلى السبب في وقوع هؤلاء الضالين في أودية الضلال، وهو حب الدنيا وإيثارها على الأخرى، وكفران نعمه تعالى، بالإعراض عن شكرها، والجزع واليأْس من الفرج عند مسِّ شر قضى عليه) ، فلهذا فقد أجمع العلماء على تحريم اليأْس والقنوط، ومن اليأْس والقنوط ما يخرج من الملة، ومنه ما لا يخرج من الملة، وإنما هو من الكبائر، بل أشد تحريمًا من الكبائر الظاهرة ، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :(الكبائر أربع : الإشراك بالله، والقنوط من رحمة الله، واليأْس من روح الله، والأمن من مكر الله) ، واليأْس ليس مذمومًا في كل الأحوال بل قد يحمد في بعض المواضع، ومنها : ما رواه الحاكم في مستدركه ووافقه الذهبي : (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أوصني وأوجز فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : عليك بالإياس مما في أيدي الناس وإياك والطمع فإنه الفقر الحاضر وصل صلاتك وأنت مودع وإياك وما تعتذر منه) ، وقال ابن القيم :(لا يجتمع الإخلاص في القلب ومحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس، إلا كما يجتمع الماء والنار، والضب والحوت، فإذا حدثتك نفسك بطلب الإخلاص، فأقبل على الطمع أولًا فاذبحه بسكين اليأْس، وأقبل على المدح والثناء فازهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة، فإذا استقام لك ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح سهل عليك الإخلاص)
أيها المسلمون
وصور اليأْس والقنوط في حياتنا كثيرة ومتعددة، ومنها : اليأْس والقنوط من مغفرة الله للذنوب ، اليأْس والقنوط من زوال الشدائد وتفريج الكروب ، واليأْس من التغيير للأفضل في أمر من أمور الدنيا كجاه أو مال أو زوجة أو أولاد وغيرهم ، واليأْس من نصر الإسلام، وارتفاع الذُّل والمهانة عن المسلمين .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْر وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن الوسائل المعينة على التخلص من اليأْس والقنوط : أولا : الإيمان بأسماء الله وصفاته: فالعلم والإيمان بأسماء الله وصفاته، وخاصة التي تدلُّ على الرحمة، والمغفرة، والكرم، والجود، تجعل المسلم لا ييأس من رحمة الله وفضله، فإذا علم العبد، وآمن بصفات الله من الرحمة، والرأفة، والتَّوْب، واللطف، والعفو، والمغفرة، والستر، وإجابة الدعاء؛ فإنه كلما وقع في ذنب؛ دعا الله أن يرحمه ويغفر له ويتوب عليه، وطمع فيما عند الله من سترٍ ولطفٍ بعباده المؤمنين، فأكسبه هذا رجعة وأوبة إلى الله كلما أذنب، ولا يجد اليأْس إلى قلبه سبيلًا، ثانيا : من الوسائل المعينة على التخلص من اليأْس والقنوط: حسن الظن بالله ورجاء رحمته : قال السفاريني : (حال السلف رجاء بلا إهمال، وخوف بلا قنوط. ولابد من حسن الظن بالله تعالى) ، وفي الصحيحين : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ :قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِي ، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي ، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِى ، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا ، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِى أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً » ، وقال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « قَالَ اللَّهُ يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلاَ أُبَالِى يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِى يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً ». [صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي] . ثالثا : من الوسائل المعينة على التخلص من اليأْس والقنوط: الزهد في الدنيا : فمن أسباب اليأْس والقنوط الأساسية، تعلق القلب بالدنيا والفرح بأخذها، والحزن والتأسف على فواتها بكل ما فيها، من جاه، وسلطان، وزوجة، وأولاد، ومال، وعافية.. فاعلم أنَّ الله سبحانه يعطي الدنيا لمن لا يحب ومن يحب، ولا يعطي الآخرة إلا لمن أحب، وقد منع أحب الخلق إليه، وأكرمهم عليه، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الدنيا وما فيها، فخرج وما ملأ بطنه من خبز البر ثلاث أيام متواليات، وأنَّ المرء لن يأخذ أكثر مما قدر له فلا ييأس ولا يقنط لفوات شيء . رابعا : من الوسائل المعينة على التخلص من اليأْس والقنوط: الصبر عند حدوث البلاء : وذلك أن الله سبحانه ذم اليائسين من رحمته عند حصول البلاء، واستثنى من الذم الصابرين على البلاء، وجعل لهم الثواب العظيم ، فقال تعالى : ” وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَـئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ” [هود: 9-11] . ونهى النَّبي صلى الله عليه وسلم عن تمني الموت بسبب البلاء، ففي الصحيحين : (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ – رضى الله عنه – قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « لاَ يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ مِنْ ضُرٍّ أَصَابَهُ ، فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ فَاعِلاً فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي ، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي » .
الدعاء