خطبة عن (الشعور بالملل والضيق) مختصرة
مايو 17, 2022خطبة عن (الله الحفيظ والحافظ) مختصرة
مايو 17, 2022الخطبة الأولى (الْعَبْدَ التَّقِىَّ الْغَنِىَّ الْخَفِيَّ) مختصرة
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى مسلم في صحيحه: (قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ :سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ ».
إخوة الإسلام
في هذا الحديث النبوي الكريم يرغب الرسول صلى الله عليه وسلم أمته في مكارم الأخلاق ، وجميل الصفات، ويرشدهم إلى ما يحبه الله تعالى من عباده المؤمنين، فيقول صلى الله عليه وسلم ،«إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِىَّ ) ، والعبد التقي: هو العبد المؤمن الذي قد جعل بينه وبين عذاب الله وقاية، بفعل ما أمر ،وترك ما نهى، فهو يفعل المأمورات، ويترك المحظورات، والتقوى: هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل). والتقوى : أن يطاع الله فلا يُعصي ،وأن يُذكر فلا يُنسى، وأن يُشكر فلا يُكفر. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : تمام التقوى أن يتقي الله العبد حتى يتقيه من مثقال ذرة ،وحتى يترك بعض ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حراما ،فيكون حجابا بينه وبين الحرام، فإن الله قد بين للعباد الذي يصيرهم إليه، فقال الله تعالى :(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) الزلزلة ( 7، 8) فالمتقون: تنزهوا عن أشياء من الحلال ،مخافة أن يقعوا في الحرام، فسماهم الله متقين. قال الله تعالى :(يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ) الأعراف 62 أيها المسلمون
ثم نأتي إلى قوله صلى الله عليه وسلم : « إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِىَّ (الْغَنِىَّ) ،فبعد أن تعرفنا على معنى التقوى وأحوال المتقين، نأتي إلى معنى : (الْغَنِىَّ ): فالغني المقصود هنا :هو غني النفس ،ففي الصحيحين: (أن النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ، وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ»، والعبد الغني: هو الذي يستغني عن الناس ،ويقنع بما رزقه الله، فهو غني بالله عزّ وجلّ عمن سواه، ولا يسأل الناس شيئاً، فكم من الناس عنده من أصناف المال الكثير ولكنه يعيش فقرا حقيقيا، فتراه دائما خائفا مهموما، يسعى في زيادة ماله خوفا من الفقر، ويبخل بالنفقة في أوجه الخير حتى لا يقل ماله، بل ربما قطع رحمه، كما تراه متطلعا إلى ما عند الآخرين ،فمثل هذا يعيش فقرا دائما ملازما له؛ لأنه لم يرض بما قسمه الله تعالى له، ولأن الدنيا في قلبه قد استقرت. وفي مسند أحمد، يقول صلى الله عليه وسلم 🙁وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ) ،وفي الصحيحين 🙁 عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَعْطَاهُمْ ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا عِنْدَهُ قَالَ «مَا يَكُنْ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ وَمَنْ يَصْبِرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ وَمَا أُعْطِىَ أَحَدٌ مِنْ عَطَاءٍ خَيْرٌ وَأَوْسَعُ مِنَ الصَّبْرِ». وفي صحيح مسلم 🙁 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ ». وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم 🙁اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ وَمِنْ قَلْبٍ لاَ يَخْشَعُ وَمِنْ نَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ وَمِنْ دَعْوَةٍ لاَ يُسْتَجَابُ لَهَا ». رواه مسلم
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الْعَبْدَ التَّقِىَّ الْغَنِىَّ الْخَفِيَّ)
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
مازال حديثنا موصولا عن قوله صلى الله عليه وسلم « إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِىَّ الْغَنِىَّ الْخَفِيَّ» وبعد أن تعرفنا على العبد التقي والعبد الغني، تعالوا بنا نتعرف على الصفة الثالثة لذلك العبد الذي يحبه الله وهي في قوله صلى الله عليه وسلم:(الْخَفِيَّ) ،ولها معان كثيرة: منها :الخفي: أي المنقطع إلى عبادة الله، والاشتغال بأمور نفسه، والخفي :هو الذي يبتعد عن مواضع الظهور والشهرة، روى البخاري في صحيحه من حديث سهل رضي الله عنه قال: مر رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا؟» قَالُوا: حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ يُسْتَمَعَ، قَالَ: ثُمَّ سَكَتَ، فَمَرَّ رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: «مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا؟» قَالُوا: حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لَا يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لَا يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ لَا يُسْتَمَعَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الْأَرْضِ مِثْلَ هَذَا» ،وفي صحيح مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رُبَّ أَشْعَثَ مَدْفُوعٍ بِالْأَبْوَابِ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ» وعند ابن ماجه: (أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: … إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الأَبْرَارَ الأَتْقِيَاءَ الأَخْفِيَاءَ الَّذِينَ إِذَا غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا وَإِنْ حَضَرُوا لَمْ يُدْعَوْا وَلَمْ يُعْرَفُوا قُلُوبُهُمْ مَصَابِيحُ الْهُدَى يَخْرُجُونَ مِنْ كُلِّ غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ ». فالله يحب العبد الخفي الذي إن غاب لم يفقد، وإن حضر لم يعرف ؛ ولا يتظاهر بالخير وإظهار العلم والعمل، ولا يطلب الجاه في قلوب الخلق؛ ويقنع باطلاع الله على طاعته دون اطلاع الخلق، ويقنع بحمد الله وحده دون حمد الناس .فهو خفي في شأنه، وفي حاله قد شغل بذنوبه وبطاعة ربه ولا يشعر به الناس، وفي الصحيحين :«سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ) 🙁وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ) فإذا أرادت أخي أن يحبك الله تعالى ويقربك إليه، فكن عبدا مؤمنا تقيا غنيا خفيا ،فهذه من صفات المقربين، وأخلاق الصالحين، وعلامات المفلحين الفائزين
الدعاء