خطبة عن (اللَّهُ مَعَنَا)
مايو 1, 2024خطبة عن ( احذروا عقوبات المعاصي والذنوب )
مايو 4, 2024الخطبة الأولى (الْعَفْوُ وَالْعَافِيَةُ)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
رُوي في صحيح الأدب للبخاري، وسنن ابن ماجة: (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ أَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ قَالَ «سَلْ رَبَّكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ». ثُمَّ أَتَاهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ قَالَ «سَلْ رَبَّكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ». ثُمَّ أَتَاهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ قَالَ «سَلْ رَبَّكَ الْعَفْوَ وَالَعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَإِذَا أُعْطِيتَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَقَدْ أَفْلَحْتَ».
إخوة الإسلام
نتوقف اليوم -إن شاء الله تعالى- قليلا عند قوله صلى الله عليه وسلم: «سَلْ رَبَّكَ الْعَفْوَ وَالَعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَإِذَا أُعْطِيتَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَقَدْ أَفْلَحْتَ». وبداية: فإن العفو معناه: التجاوز عن الذنوب، وعدم العقاب عليها، فيتجاوز الله تعالى عن العبد، ويمحو ذنوبَه وخطاياه وسيِّئاته، أما العافية فمعناها: السَّلامة من الآفات الدِّينية والدُّنيوية، فالسلامة في الدين من الفتن، وفي البدن من الأسقام، وفي الأهل والمال من جميع الابتلاءات، وأن يُلهم الصَّبر على ما ينزل به، ويرضى بقضاء الله تبارك وتعالى، فتكون هذه السَّلامة لما يحصل له من الصَّبر والرِّضا بالقضاء، وأن يسلم من الجرأة على الله تعالى، والإساءة في حقِّه، ويسلم من الموبقات والمدنسات، ويسلم من جرائرها في الدنيا من العقوبات المعجَّلة، ويسلم من الفضيحة والخزي في الدنيا، فالعافية: كلمة جامعة في تأمين اللَّه تعالى للعبد، وأن يدفع عنه كل نقمة، ومحنة، وشرٍّ وبلاء.
فهذا دعاء مبارك، وفيه أجلّ المطالب، وأهم المقاصد، التي يتمنّاها كل عبد في دينه، ودنياه، وآخرته، (فَإِذَا أُعْطِيتَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَقَدْ أَفْلَحْتَ)، لذا فقد تعددت وصايا رسولنا الكريم لأصحابه، ولأمته من بعده، بتكرار هذا الدعاء، ففي سنن الترمذي وصححه: (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «الدُّعَاءُ لاَ يُرَدُّ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ». قَالُوا فَمَاذَا نَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «سَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ». وفي صحيح ابن حبان: (عن عبد الله بن عباس أنه قال يا رسول الله ما أسأل الله قال سل الله العفو والعافية ثم قال ما أسأل الله قال سل الله العفو والعافية)، وفي صحيح الأدب للبخاري، وصحيح ابن حبان، وابن ماجه: (أن ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَدَعُ هَؤُلاَءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُمْسِى وَحِينَ يُصْبِحُ «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَتِي»، وفي سنن الترمذي: (أَنَّ مُعَاذَ بْنَ رِفَاعَةَ أَخْبَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَامَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ عَلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ بَكَى فَقَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَامَ الأَوَّلِ عَلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ بَكَى فَقَالَ «سَلُوا اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يُعْطَ بَعْدَ الْيَقِينِ خَيْرًا مِنَ الْعَافِيَةِ»، وفي سنن ابن ماجه: (أن ابْنَ هِشَامٍ سْأَلُ عَطَاءَ بْنَ أَبِى رَبَاحٍ عَنِ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَقَالَ عَطَاءٌ حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «وُكِلَ بِهِ سَبْعُونَ مَلَكًا فَمَنْ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ – قَالُوا آمِينَ».
أيها المسلمون
وهذا الدعاء المبارك علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه الْعَبَّاسِ، (وفي ذلك دلالات عظيمة)، ففي مسند أحمد: (عَنِ الْعَبَّاسِ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي شَيْئاً أَدْعُو بِهِ. فَقَالَ «سَلِ اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ». قَالَ ثُمَّ أَتَيْتُهُ مَرَّةً أُخْرَى فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي شَيْئاً أَدْعُو بِهِ. قَالَ فَقَالَ «يَا عَبَّاسُ يَا عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سَلِ اللَّهَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ»، ففي تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لعمِّه -الذي هو صنو أبيه-، هذا الدعاء، دون غيره من الأدعية، بعد تكريره له، وكذلك خطابه بأداة المناداة (يا عباس)، (يا عم رسول اللَّه)، والتي تفيد التأكيد والتنبيه، فهذا يدل دلالة جليلة على أهمية هذه الدعوة المباركة، وفيه دليل جلي بأن الدعاء بالعفو والعافية لا يساويه شيء من الأدعية، ولا يقوم مقامه شيء من الكلام، الذي يُدعى به ذو الجلال والإكرام، فالدعاء بالعافية أحب إلى اللَّه سبحانه وتعالى من كل دعاء كائناً ما كان، كما يفيده هذا العموم، وتدلّ عليه هذه الكلية، فجمع هذا الدعاء بهذه الكلمة بين ثلاث مزايا: أولها: شموله لخيري الدنيا والآخرة. وثانيها: أنه أفضل الدعاء على الإطلاق. وثالثها: إنه أحب إلى اللَّه سبحانه وتعالى من كل دعاء يدعو به العبد على الإطلاق كائناً ما كان، فينبغي للعبد الصالح ملازمة هذه الدعوات المباركات في الصباح والمساء، اقتداء واستناناً بالنبي صلى الله عليه وسلم في ليله ونهاره، وفي سفره وحضره، وفي سرائه وضرائه، وفي كل أحواله. قال ابن الجزري: فلينظر العاقل مقدار هذه الكلمة التي اختارها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لعمه من دون الكلم، وليؤمن بأنه – صلى الله عليه وسلم – أعطى جوامع الكلم واختصرت له الحكم، فإن من أعطى العافية فاز بما يرجوه ويحبه قلبًا وقالبًا ودينًا ودنيا، ووقي ما يخافه في الدارين علمًا يقينًا.
أيها المسلمون
وكان عبد الأعلى التيمى يقول: “أكثروا من سؤال الله العافية، فإن المبتلى وإن اشتد بلاؤه ليس بأحق بالدعاء من المعافى الذي لا يأمن البلاء, وما المبتلون اليوم إلا من أهل العافية بالأمس, وما المبتلون بعد اليوم إلا من أهل العافية اليوم)، فالصحة والعافية من أجل نعم الله على عبده، وأجزل عطاياه، وأوفر منحه, فحقيق لمن رزق حظا منها مراعاتها وحفظها، وحمايتها عما يضادها، ففي سنن الترمذي: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا»، وروى الامام أحمد في “الزهد”: (عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، رضي الله عنه، قَالَ: “لَأَنْ أُعَافَى فَأَشْكُرَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنِ ابْتَلَى فَأَصْبِرَ”. وروى الترمذي وصححه الألباني: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ بِمَنْزِلَةِ الصَّائِمِ الصَّابِرِ).
فالعافية والسلامة والحفظ مبتغى كل الخلائق، وسؤال اللَّه تبارك وتعالى العفو والعافية، والوقاية من كل الشرور، لهو من خير الدعاء، وفي سنن ابن ماجه: (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَا مِنْ دَعْوَةٍ يَدْعُو بِهَا الْعَبْدُ أَفْضَلَ مِنَ – اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْمُعَافَاةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ». وفي صحيح البخاري: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ»، وسؤال العبد العافية، والنهي عن سؤاله تعجيل العقوبة في الدنيا، لهو مما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح مسلم: (عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَادَ رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ خَفَتَ فَصَارَ مِثْلَ الْفَرْخِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «هَلْ كُنْتَ تَدْعُو بِشَيْءٍ أَوْ تَسْأَلُهُ إِيَّاهُ». قَالَ نَعَمْ كُنْتُ أَقُولُ اللَّهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي بِهِ فِي الآخِرَةِ فَعَجِّلْهُ لِي فِي الدُّنْيَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «سُبْحَانَ اللَّهِ لاَ تُطِيقُهُ – أَوْ لاَ تَسْتَطِيعُهُ – أَفَلاَ قُلْتَ اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ». قَالَ فَدَعَا اللَّهَ لَهُ فَشَفَاهُ).
فبالعافية تندفع عنك الأسقام، ويقيك الله شرها، ويرفعها عنك إن وقعت بك، وبالعافية يقيك الله شر ما لم ينزل من البلاء، وتستشعر نعمة الله عليك، وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء بالعافية عند رؤية المبتلى في دينه أو في بدنه وأهله وماله، ففي سنن الترمذي: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَنْ رَأَى مُبْتَلًى فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى عَافَانِي مِمَّا ابْتَلاَكَ بِهِ وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلاً لَمْ يُصِبْهُ ذَلِكَ الْبَلاَءُ»، وفي صحيح مسلم: (أَخْبَرَ أَبُو مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَقُولُ حِينَ أَسْأَلُ رَبِّي قَالَ «قُلِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَعَافِنِي وَارْزُقْنِي». وَيَجْمَعُ أَصَابِعَهُ إِلاَّ الإِبْهَامَ «فَإِنَّ هَؤُلاَءِ تَجْمَعُ لَكَ دُنْيَاكَ وَآخِرَتَكَ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الْعَفْوُ وَالْعَافِيَةُ)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
فالدعاء بالعافية من الأدعية التي يملأ العبد يديه بها من الخير، ففي سنن أبي داود وغيره: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ إِنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ أَنْ آخُذَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا فَعَلِّمْنِي مَا يُجْزِئُنِي مِنْهُ. قَالَ «قُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمَا لِي قَالَ «قُلِ اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَارْزُقْنِي وَعَافِنِي وَاهْدِنِي». فَلَمَّا قَامَ قَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «أَمَّا هَذَا فَقَدْ مَلأَ يَدَهُ مِنَ الْخَيْرِ».
وللعبد أن يُكثر من سؤال ربه العفو عنه في العشر الأواخر من رمضان متحريًا ليلة القدر، ففي سنن الترمذي وغيره: (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا قَالَ «قُولِي اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي»، وكذا سؤال العافية لأهل القبور من المسلمين، ففي سنن النسائي: (عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا أَتَى عَلَى الْمَقَابِرِ فَقَالَ: «السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاَحِقُونَ أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ وَنَحْنُ لَكُمْ تَبَعٌ أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ لَنَا وَلَكُمْ ». كما جاء الأمر بالدعاء بالمعافاة من شر السمع والبصر واللسان والقلب والمني: ففي سنن النسائي: (عَنْ شُتَيْرِ بْنِ شَكَلِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي دُعَاءً أَنْتَفِعُ بِهِ. قَالَ «قُلِ اللَّهُمَّ عَافِنِي مِنْ شَرِّ سَمْعِي وَبَصَرِي وَلِسَانِي وَقَلْبِي وَشَرِّ مَنِيِّي». يَعْنِى ذَكَرَهُ. ومما جاء في التعوذ بمعافاة الله من عقوبته ومن تحول عافية الله للعبد: ففي صحيح مسلم: (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَيْلَةً مِنَ الْفِرَاشِ فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ يَقُولُ «اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لاَ أُحْصِى ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ». وفيه أيضا: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ».
الدعاء