خطبة عن حديث ( عَبْدِي امْشِ إِلَيَّ أُهَرْوِلْ إِلَيْكَ)
أكتوبر 19, 2022خطبة عن (حِجَاب مِنَ النَّارِ )
أكتوبر 19, 2022الخطبة الأولى (بشرى المؤمن) مختصرة
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى: { أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ) (يونس: 62: 64).
إخوة الإسلام
المؤمنون هم أهل البشرى في الدنيا والأخرى ،وإذا كانت البشرى للمؤمنين في الآخرة هي دخولهم الجنات، فقد ذكر العلماء ما يكون للمؤمنين من البشريات في الحياة الدنيا قبل الآخرة ،فمن بشرى المؤمن في الحياة الدنيا: الرؤيا الصالحة بحسن العاقبة ،ودخول الجنة ،يراها المؤمن أو ترى له، فالرُّؤيا الصَّالحةُ جزءٌ مِن ستَّةٍ وأربَعين جزءًا من النُّبوَّةِ، وقدْ جعَلها اللهُ تعالى بُشْرى لِصاحبِها في الدُّنْيا والآخِرةِ، وهي علامةٌ على صلاحِ العبدِ، وفي الصحيحين: (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إِلاَّ الْمُبَشِّرَاتُ». قَالُوا وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ قَالَ « الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ»، وفي رواية لمسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلاَّ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ)، فالرؤيا الصالحة إلهام من الله للعبد الصالح، تشجعه على سلوك الطريق إلى الله، وتبشره بالقرب من ربه عز وجل، وتريه إشارات الفوز، وتمثل له النجاة من العذاب، والرؤيا الصالحة تشجع فينا خصال الإيمان، وتحفزنا للعمل، وتثبت قلوبنا على الإيمان، ومن أراد أن تصدق رؤياه فعليه بأمور: أن يتحرَّ الصدق ،وأكل الحلال، والمحافظة على الأمر والنهي، ولينم على طهارة كاملة، ومستقبل القبلة، ويذكر الله حتى تغلبه عيناه، فإن رؤياه لا تكذب، ومن بشريات المؤمن في الحياة الدنيا: بشرى الملائكة له عند الموت، قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) (30) :(32) فصلت، وفي الصحيحين: (عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ ». قَالَتْ عَائِشَةُ أَوْ بَعْضُ أَزْوَاجِهِ إِنَّا لَنَكْرَهُ الْمَوْتَ. قَالَ «لَيْسَ ذَاكَ، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ، فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ)، ومن بشريات المؤمن في الحياة الدنيا: ما وعد الله به المؤمنين في كتابه الكريم، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من الثواب الجزيل، قال تعالى :(لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ) الانبياء (103)، فيا بهجة نفوس المؤمنين يوم يُبشّرون بالجنات ،ورضا رب الأرض والسماوات، وفي الصحيحين: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ. ذُخْرًا بَلْهَ مَا أَطْلَعَكُمُ اللَّهُ عَلَيْهِ ». ثُمَّ قَرَأَ (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِىَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) السجدة (17)، ومن البشرى في الحياة الدنيا: أن يعمل المؤمن العمل الصالح مخلصا لله فيه، ففي صحيح مسلم : (قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ مِنَ الْخَيْرِ وَيَحْمَدُهُ النَّاسُ عَلَيْهِ قَالَ « تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ ». ومن البشرى في الحياة الدنيا: وقوع محبة العبد المسلم في قلوب المؤمنين ففي الصحيحين: (عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا ، فَأَحِبَّهُ . فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ، فَيُنَادِى جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا ، فَأَحِبُّوهُ . فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي أَهْلِ الأَرْضِ »،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (بشرى المؤمن)
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن البشرى في الحياة الدنيا: ثناء الناس على المسلم بالخير، فمن شكره الناس فهي شهادة حسنة له، فالناس هم شهداء الله في أرضه، ففي الصحيحين: (مُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرٌ فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ ». وَمُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرٌّ فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ ». قَالَ عُمَرُ فِدًى لَكَ أَبِي وَأُمِّي مُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرًا فَقُلْتَ وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ. وَمُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرٌّ فَقُلْتَ وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَمَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ ». ومن بشرى المؤمن في الحياة الدنيا: أن يوفقه الله للعمل الصالح، لقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين :« اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ» فييسر الله للمؤمن أموره ،ويهيئ له الخير حيث سلك، ويبعد عنه المنغصات والملهيات ، وأن يرزقه الله رزقا حسنا ويبارك له في علمه وعمله وأهله وماله، ومع ما تقدم: فإنه ينبغي لمن رزقه الله حياة القلب ،ونور البصيرة ،ألا يغتر بما قد يحصل له من هذه البشارات ،فيفتر عن السير في طريق العبودية، فعليه أن يجمع مع حسن الرجاء الخوف من سوء الخاتمة، وأن يوقن أنه لا راحة تامة للمؤمن إلا بحسن الخاتمة ودخول الجنة، ففي الصحيحين: (فَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُ النَّارَ» فالمؤمن الذي رزقه الله القلب الحي ،ونور بصيرته ،هو يعيش بين الخوف والرجاء ، فلا نجاة له إلا بأن تجتمع له حقيقة الأمل في ثواب الله والخشية من عقابه.
الدعاء