خطبة عن حديث (الْعُطَاسُ مِنَ اللَّهِ وَالتَّثَاؤُبُ مِنَ الشَّيْطَانِ)
مايو 7, 2022خطبة عن الكلمة الحسنة الطيبة (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا)
مايو 7, 2022الخطبة الأولى ( بَشَريةُ الْمَسِيح عِيسَى ابْن مَرْيَمَ رَسُول اللَّهِ من خلال الأناجيل )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا) (88) :(95) مريم
إخوة الإسلام
يقوم إيمان الإنسان النصراني على الاعتقاد بأن عيسى – عليه السلام – إلهاً أو ابنَ إله، فهو – حسب اعتقادهم – الأقنوم الثاني من الثالوث النصراني، حسبما جاء في قانون الإيمان النصراني الذي أقرته كنيسة روما، بموجب قرار مجمع “نيقية” الذي انعقد سنة 325 للميلاد، الذي جاء فيه: «يسوع المسيح (عيسى عليه السلام) (هو) ابن الله الوحيد، المولود من الآب قبل كل الدهور، نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر، الذي به كان كل شيء، الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا، نزل من السماء و تجسَّد من الروح القدس …» ، فيعتقد معظم النصارى، باستثناء الموحدين منهم، أن الإله واحد ذو أقانيم (مفرد أقنوم أي شخص) ثلاثة؛ أقنوم الآب، الخالق لكل شيء والمالك له، وأقنوم الابن، المولود منه والمساوي له في الجوهر، والأقنوم الثالث أقنوم الروح القدس. وهذه الأقانيم الثلاثة متحدة في الجوهر والإرادة والمشيئة، إلا أنهم لا يشكلون شخصاً واحداً أو ذاتاً واحدة، بل هم أشخاص أو أقانيم ثلاثة، كل واحد منهم إله كامل مستقل بذاته. وفي الوقت نفسه يشكلون إلهاً واحداً، وهو ما يعبرون عنه بـ «سر التثليث»، لأن العقل البشري يظل عاجزاً عن فهمه وإدراكه. ثم يعتقدون أن الابن، هو الذي تجسد وصار إنساناً حقيقياً، وهو المسيح المولود من مريم العذراء، فالمسيح في نظرهم بشر حقيقي، وفي الوقت نفسه إله كامل الألوهية، ويسمون هذا بـ «سر التجسد». فالسيد المسيح (عيسى عليه السلام) عند هؤلاء القوم، شخص ذو طبيعتين، طبيعة بشرية، وطبيعة إلهية. وهي عقيدة الكنيسة الكاثوليكية، والكنسية الأرثوذكسية، وكذلك البروتستانتية التي انبثقت عن الكنيستين السابقتين خلال القرن السادس عشر للميلاد. ويستدل رجال الدين النصارى في إثباتهم ألوهية السيد المسيح، بأدلة من الكتاب المقدس (العهد الجديد والعهد القديم) وهي في الحقيقة لا تعدو أن تكون فهماً خاطئاً، ولَيّاً لنصوص الكتاب المقدس، حتى توافق معتقدَهم في المسيح عليه السلام. ولعل أقوى دليل يستندون إليه في دعواهم؛ هو ميلاد السيد المسيح (عيسى عليه السلام) العجيب والمعجز من مريم العذراء، من غير أن يمسها بشري من قَبْل، فاتخذ رجال الدين منذ تحريفهم للديانة النصرانية هذا الميلاد المعجز دليلاً وبرهاناً على لاهوت المسيح (عيسى عليه السلام)؛ إذ – حسب زعمهم – الشخص الذي يولد على غير المألوف في الطبيعة لا يمكن حسب اعتقاد هم أن يكون إلا شخصاً خرج عن دائرة البشر ، ويستدل القوم كذلك على ألوهية السيد المسيح بالمعجزات والأفعال الخارقة التي قام بها، والتي ترويها أسفار العهد الجديد من قبيل شفاء المرضى؛ فقد أبرأ الأكمه ، وفتح أعين العميان ،وشفى الخرس، والمجانين، وأحيا الموتى ، وتسكين العاصفة ، والمشي على الماء ،وإشباع جمع كبير من الجياع بطعام قليل … فشفاء المرضى وإحياء الموتى من اختصاصات من يتصف بالألوهية والكمال، وليس من اختصاصات البشر، لذا نزل الله حسب زعمهم في صورة البشر إلى الأرض ليَعرض على الناس قدراتِه الإلهية، ويخلصهم من الخطيئة الأصلية، التي ورثوها عن أبيهم آدم.
أيها المسلمون واعتقاد النصارى بألوهية عيسى عليه السلام لا يستند إلى دليل منطقي قوي، ولا إلى نص صحيح صريح؛ وإنما كل ما في الأمر هو مقتضى فهم خاطئ، ناتج عن تأويل فاسد، لأقوال وأفعال النبي عيسى عليه السلام الإعجازية، التي أجريت على يديه.. والكتاب المقدس، رغم تحريفه وتغييره، فإن نصوصه لا زالت تصدح بالحق في النبي عيسى عليه السلام؛ تثبت بشريته وتنفي عنه زعم القوم، بل الأوضح من ذلك: أنه لم يرد نص واحد مرفوع إلى النبي عيسى يخبر فيه قومه أنه ابن الله، بل كان جوابه دوماً على استفزازات قومه بعبارة “أنتم تقولون”، حينما يواجهونه ويتهمونه ببنوته لله… هذا بالإضافة إلى أن علماء الغرب المتخصصين في نقد النصرانية، قد أثبتوا أن بعض العبارات الإنجيلية التي تحمل دلالة بنوَّة المسيح لله، أضيفت لاحقاً إلى النسخة الحالية، التي تعود إلى القرن الرابع الميلادي. إذن؛ فإن ادعاء النصارى أن الميلاد المعجز للنبي عيسى دليل على ألوهيته، لهو دليل واهٍ، واستدلال خاطئ، فلو كان الأمر كما يزعمون لكان آدم أولى بالألوهية من عيسى عليه السلام، لأنه مخلوق من غير أب ولا أم، بخلاف السيد المسيح؛ فالمراحل الطبيعة للنمو لم يعرفها آدم؛ فإنه لم يكن جنيناً، ولم يولد كسائر البشر…وإنما جاء هذا الحدث (ميلاد عيسى عليه السلام) تنبيها لبني آدم، وتذكيراً لهم، على أن الله – سبحانه وتعالى – على كل شيء قدير. أما المعجزات التي أظهرها الله على يدي السيد المسيح، فقد جاء في العهد الجديد (الإنجيل) روايات عدة، تروي لنا أن السيد المسيح عليه السلام ينسبها كلَّها إلى الله سبحانه وتعالى، أو إلى (الآب) حسب تعبير العهد الجديد، فهو عليه السلام لا يعد أن يكون منفذاً لما أُمر به. وقد أثبتت نصوص العهد الجديد، أن عيسى عليه السلام حينما يُقْدِم على قيام بمعجزة أو عمل خارق، يتوجه إلى الله أولاً بالصلاة والدعاء متضرعاً بين يديه، وحين ينتهي يتوجه إليه – سبحانه – بالشكر. هذا، وإذا فتحنا أسفار العهد القديم، أو ما يسمى عند العامة بالتوراة، نجد أن الأنبياء السابقين، اختصوا بالمعجزات والخوارق نفسها التي اختص بها السيد المسيح. فقد روي عن النبي “حزقيال” في السفر (الكتاب) المنسوب إليه، أنه قد أحيا جيشاً، بإرادة الله، بعد أن طال رقاد الجنود، وتحللت أجسادهم (سفر حزقيال 37: 1-10). فقد أحيا بإرادة الله بعض الأموات، بعد تضرعهما لله بالصلاة والدعاء. تماماً كما كان يفعل السيد المسيح عيسى عليه السلام. فلا يحق للنصارى أن يستدلوا بهذه المعجزات على ألوهية المسيح، وإلا لكان هؤلاء الأنبياء وغيرهم أولى بالألوهية من السيد المسيح، وهذا محال. فحتى الإنجيل المتداوَل الآن والمعترف به من قبل الكنائس النصرانية، وكما أشرت سابقاً، تفند زعمهم، وتثبت بشريةَ ونبوةَ السيد المسيح عليه السلام، فهو إنسان ابن إنسان (مرقس 2: 28)، ولد وترعرع ونما (لوقا 2: 4-7)، ويأكل ويشرب (لوقا 7: 34-35)، كسائر البشر، يصلي ويكثر من الدعاء متضرعاً ومناجياً جلَّ الليل والنهار(لوقا 6: 12، ، أرسل نبياً ورسولاً ومعلماً إلى بني إسرائيل (لوقا 4: 42-43،)، ليخبرهم بأن النجاة تكمن في الالتزام بالناموس الإلهي. في هذا الصدد، يقول كلايد تارنز : “إن الاسم الذي أطلقه المسيح على ذاته أكثر من غيره من الأسماء هو (ابن الإنسان)، وكل ما رواه لنا عنه الإنجيل يقدمه كإنسان عاش واتصف بكل صفات الإنسان، كبر، ونما جسدياً (…) كما تألم آلاما جسدية، بكى، ونام، ومات، كل هذه الاختبارات تشهد بكون يسوع إنساناً”
والمعلوم من الكتابات التاريخية، أنها لم تُثبِت عن السيد المسيح عليه السلام قولاً أو فعلاً أو إشارة يدَّعي فيه الألوهية لنفسه أو البنوة لله. فالنتيجة لدراسات الباحثين كما يقول “شارل جنبير”: “هي أن يسوع (عيسى عليه السلام) لم يدَّع قط أنه هو المسيح المنتظر، ولم يقل عن نفسه أنه (ابن الله)، وذلك تعبير لم يكن في الواقع ليمثل – بالنسبة إلى اليهود – سوى خطأ لغوياً فاحشاً وضرباً من ضروب السفَه في الدين، كذلك لا يسمح لنا أي نص من نصوص الأناجيل بإطلاق تعبير (ابن الله) على يسوع (عيسى)، فتلك لغة لم يبدأ في استخدامها سوى النصارى الذين تأثروا بالثقافة اليونانية” ، ولقد اتفق هؤلاء الباحثون والعلماء على أن “بولس” هو أول من دعا إلى تأليه عيسى عليه السلام، وذلك بعد أن ادَّعى أن السيد المسيح قد تراءى له في الطريق أثناء سفره إلى دمشق، وأمره بكف أذيته، والإيمان به واتباعه، ومن ثَم بدأ يبشر بعقيدته بين الأمم، من اليهود اليونانيين والوثنيين، كما أنه خصص لها رسائل بعث بها إلى النصارى الذين آمنوا بدعوته في مختلف المناطق التي بشَّر فيها
أيها المسلمون
وبشرية عيسى- عليه السلام- وعبوديته لله تدلُّ عليها الأناجيل الحالية دلالة بينة حيث جاء في بعضها فيما ينسب إلى عيسى عليه السلام قوله: (ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني، وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله). فعيسى – عليه السلام – وضع نفسه في الموضع اللائق به، وهو أنه إنسان رسول يدعوهم، ويبلغهم بما أوحاه الله إليه، وكفى بذلك دليلاً على بشريته وعبوديته، وأنه ليس بإله حيث أثبت بشريته، وأثبت لنفسه العبودية والخضوع لمن أرسله وهو الله – سبحانه وتعالى – إلهه وإله بني إسرائيل والخلق أجمعين، كما جاء فيما نسب إليه قوله: (إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم). وقوله: (إذهب يا شيطان؛ لأنه مكتوب للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد). وفي الأناجيل ما يدل على عبادة عيسى- عليه السلام- وطاعته لله سبحانه وتعالى حيث صام و(خرَّ على وجهه، وكان يصلي قائلاً: يا أبتاه، إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس، ولكن ليس كما أريد أنا، بل كما تريد أنت). كما أنه (خرج إلى الجبل ليصلي، وقضى الليل كله في الصلاة لله). وقضى الليل كله يصلي لخالقه، وإلهه، وربه، فأنَّى يكون إلها، أو يكون هو الله ؟ تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيراً. فكيف يكون العابد هو عين المعبود ؟ ولاسيما أنه كان (يصلي بأشد لجاجة) لله سبحانه وتعالى. بل جاء – فيما نسب إليه- في الأناجيل أنه قال: (لم يتركني الآب وحدي؛ لأني في كل حين أفعل ما يرضيه). فهو مجتهد في عبادة ربه سبحانه وتعالى، خاضع له ومطيع له في كل وقت وحين. ثم إن نظرة معاصري عيسى- عليه السلام- له لم تكن إلا على أنه إنسان، وليس بإله. من ذلك قوله (أجاب الخدام: لم يتكلم قط إنسان هكذا مثل هذا الإنسان. فأجابهم الفريسيون: ألعلكم أنتم أيضاً قد ضللتم ؟. ألعل ناموسنا يدين إنساناً لم يسمع منه أولاً ؟). وفي نص آخر: (فقالوا له: كيف انفتحت عيناك (لرجل أعمى أبصر بإذن الله على يد عيسى) ؟ أجاب ذاك وقال: إنسان يقال له: يسوع). كما أن نسب عيسى عليه السلام وفق الأناجيل أنه: المسيح عيسى ابن مريم، من نسل داود ومن ذرية إبراهيم – عليهم الصلاة والسلام – خلقه الله من أم بلا أب بقدرته، كما خاطب جبريل مريم – عليهما السلام – حيث قال لها: (لأنه ليس شيء غير ممكن لدى الله). حينما تعجبت واستفهمت من جبريل (. كيف يكون هذا (أي: الحمل بعيسى وولادته) وأنا لست أعرف رجلاً). فأمه مريم، وتزعم الأناجيل أن له إخوة وأخوات ممن ادعت أنه زوج أمه، وهو يوسف النجار، ونسيبة أمه – كما جاء في الأناجيل- هي أليصابات أم يحيى عليه السلام، وهي من بنات هارون، وبذلك يحيى وزكريا من قرابة عيسى.
كذلك من أدلة بشرية – عيسى عليه السلام – كما جاء في الأناجيل: أن أمه حملت به عدة الحمل كاملة، ثم ولدته بعد أن لم يكن شيئاً، وختن بعد أن كان أغلف، واكتهل بعد أن كان صبيًّا، وتعلم القراءة والكتابة. وكتب بإصبعه على الأرض، وجاع، وطعم، بل أكل الفصح مع حواريه، كما شرب الماء، ومشى فتعب وتصبب عرقاً حتى بلغ عرقه الأرض، ثم جلس من التعب، وامتطى الجحش، وتفل على الأرض، وصنع من التفل طيناً، وطلى بالطين عيني الأعمى، وحزن واكتأب ثم بكى، وكان يجثو على ركبتيه، ويخرُّ على وجهه إلى الأرض ساجداً لله سبحانه وتعالى، إلى غير ذلك مما جاء في الأناجيل. كما أن من الأمور التي تجلي عبودية عيسى- عليه السلام- وبشريته سوى ما ذكر هنا ما أثبته عيسى- عليه السلام- من أسماء وصفات لله وحده، نافياً إياها عن نفسه عليه السلام، مثل: أن الله هو القادر وحده، وأنه هو الهادي وحده، وأنه هو علام الغيوب، وأنه العظيم ومالك يوم الدين، وأنه لا يُرى في الدنيا إلى آخر ما مرَّ. وفي إنجيل يوحنا أن المسيح -عليه السلام- قال:”والحياة الأبدية هي أن يعرفوك أنت الإله الحق وحدك، والذي أرسلته يسوع المسيح” (يوحنا 17/3-4) . فهنا ذكر الأمرين مقترنين تماما ، أولا : أن الله هو الإله الحق وحده سبحانه وتعالى لا روح قدس ولا ابن ولا فلان ولا ….ثانيا أنه هو الذي أرسل يسوع المسيح عليه السلام . وهذا كبير أصحاب عيسى الذين أرسلهم لدعوة الناس إلى الله ومقدمهم والمتكلم بلسانهم نيابة عنهم بطرس الرسول الذي وقف مع الاحد عشر ورفع صوته ” ايها الرجال الاسرائيليون اسمعوا هذه الاقوال . يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما انتم ايضا تعلمون ” .أعمال 2 : 14 _ 22 ، فانظر هداك الله كيف قرن وصف عيسى بالرجل مع الرجال الإسرائيليين ونطقهما في وقت واحد ، بما يعني انه بشر مثلهم مثل محمد صلى الله عليه وسلم ، لا يختلف عنهم إلا بالنبوة والرسالة من الله والايمان . وهذا عيسى يعلّم إبليس أنه لا سجود إلا لله الرب وحده سبحانه وتعالى:في إنجيل متى فقرة 4:ثم أخذه إبليس أيضاً إلى قمة جبل عال جداً، وأراه جميع ممالك العالم وعظمتها، وقال له: ”أعطيك هذه كلها إن جثوت وسجدت لي!”فقال له يسوع: ”اذهب يا شيطان! فقد كتب: للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد!”.فتركه إبليس، وإذا بعض الملائكة جاءوا وأخذوا يخدمونه).
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( بَشَريةُ الْمَسِيح عِيسَى ابْن مَرْيَمَ رَسُول اللَّهِ من خلال الأناجيل )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وعيسى يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له فيقول: (ومن يقبلني يقبل الذي أرسلني)-فقد جاء في إنجيل يوحنا 13-21 : أن يسوع قال لتلاميذه عندما أرسلهم لنشرالدعوة: (من يقبل الذي أرسله يقبلني، ومن يقبلني يقبل الذي أرسلني).والشاهد أن عيسى -عليه السلام- قال: (من يقبلني يقبل الذي أرسلني) فيخبر أن الله سبحانه وتعالى هو الذي أرسله إلى بني إسرائيل ، فما هو إلا رسول وفقط ، مثل ما تلميذه هو رسول له .وهذه العبارة كقول الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم: [من أطاع أميري فقد أطاعني، ومن أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصى أميري فقد عصاني، ومن عصاني فقد عصى الله]. لأني لهذا قد أرسلت( ولما طلع النهار خرج، وذهب إلى مكان مقفر، فبحثت الجموع عنه حتى وجدوه، وتمسكوا به لئلا يرحل عنهم، ولكنه قال لهم: ”لا بد لي من أن أبشر المدن الأخرى أيضاً بملكوت الله، لأني لهذا قد أرسلت”. ومضى يبشر في مجامع اليهودية) (لوقا 4/31-44).لأني لهذا أُرسِلْتُ) نص واضح جلي على أنه رسول مرسل من الله سبحانه وتعالى، وأنه لم يأت بنفسه. وها هو عيسى عندما قدم إلى المدينة خرجت الجموع تصرخ قائلة: “مبارك الآتي باسم الرب ..هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الجليل” فهؤلاء معاصروه وأكثر الناس دراية به لم يقولوا عنه أنه إله أو ابن الله بل قالوا (يسوع النبي) وأنت تأتي بعد ألفي سنة لتقول أنه إله . ولما آتاهم عيسى عليه السلام بالأدلة على نبوته ورسالته ” امتلأ جميع من في المجمع غضباً لما سمعوا هذه الأمور، وقاموا يدفعونه إلى خارج المدينة، وساقوه إلى حافة الجبل الذي بنيت عليه مدينتهم ليطرحوه إلى الأسفل، إلا أنه اجتاز من وسطهم، وانصرف) (لوقا 4/14-30). وقال عيسى عليه السلام : ”طوبى لصانعي السلام، فإنهم سيدعون أبناء الله” ، ”طوبى لأنقياء القلب، فإنهم سيرون الله”..هذه نصوص صريحة واضحة أنه ما عنى بأبناء الله إلا بنوة التحنن، والتربية، والرحمة، والرعاية، وليست بنوة النسب، والجزء..وقوله: (طوبى لأنقياء القلب فإنهم سيرون الله) تبشير بأن أهل الإيمان يرون ربهم يوم القيامة، وهو ما جاء به كذلك النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم..ولو كان عيسى -عليه السلام- إلهاً كما يزعم الضالون لما كان لقوله إن أنقياء القلب سيرون الله!! كيف سيرونه وهو معهم يأكل، ويشرب، وينام!!، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. وقول عيسى عليه السلام: (لا تظنوا أني جئت لألغي الشريعة، أو الأنبياء، ما جئت لألغي بل لأكمل).هذا نص جلي واضح لكل ذي عينين أن عيسى -عليه السلام- رسول قد خلت من قبله الرسل، وأنه واحد من صنفهم ، وليس رباً، أو إلهاً لهم، أرسلهم إلى الناس كما يزعمون، وأنه ما جاء عليه السلام إلا ليعمل بالشريعة التي سبقته وهي شريعة موسى -عليه السلام- ويكمل ما بناه الأنبياء قبله، ولفظ البنوة في الكتب المقدسة لدى أهل الكتاب ورد بها على قبيل المجاز ، فإذا كان مضافاً إلى الله أريد به الرجل البار ، وقد أطلق على المسيح وغيره من الأنبياء والاشخاص فمثلاُ :آدم عليه السلام دعته الأناجيل ابن الله :فقد جاء في إنجيل لوقا : في الإصحاح الثالث ، عدد 33-38 ، بشأن نسب المسيح أنه يتصل بشيت ابن آدم الله .أطلقت الاسفار أبناء الله على الشرفاء أو الاقوياء
وماذا عن الحواريين : هل كانوا يعاملون المسيح على أنه إله يمشي على الأرض أم نبي إنسان ومعلم متواضع ولذا سموا تلاميذ؟؟ هل يمكن أن يكون للإله تلاميذ؟؟انظر إلى بطرس في (أعمال 22:2)يقول : ” أيها الرجال الإسرائيليون اسمعوا هذه الأقوال. يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما أنتم أيضا تعلمون” .فهل عرفت أنت عن المسيح ما لم يعرفه الحواريون ؟ايكون المسيح إلـها ولا يستطيع أن يدفع عن نفسه أذى حفنة من اليهود؟ أتقبل أن تعبد إلها ضعيفا؟ وإذا كان المسيح هو الله فهل يمكن أن يموت الإله؟ إن نصوص العهد القديم تنفي ذلك يكل صراحة انظر مثلا في إرمياء 10:10 : (أما الرب فهو الإله الحق، الإله الحي) ، وأخبر في مرقص32:13 أنه لا يعلم وقت يوم القيامة ولكن الله هو الذي يعلمها فهل يكون المسيح هو الله ويجهل ما يعلمه الله؟ أم أن العلم والإرادة والصلاح صفات للجسد وليست صفات للروح؟ ومن الذي كان يصلي له المسيح إن كان هو الإلـه ؟! ألم يذكر العهد الجديد أن المسيح كان يعبد الله؟ أكان المسيح يعبد نفسه؟؟ وهل استعمال المسيح لمصطلح ابن الإنسان عن نفسه تكرارا ومرارا في الإنجيل (ذكرت 81 مرة ) إلا تأكيدا لبشريته وبراءته مما سينسبه الناس إليه؟ بل إن المسيح قال عن نفسه صراحة أنه نبي إنسان ففي يوحنا (8/40) قال ( أنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله ) وفي لوقا 4/25 قال «الحق أقول لكم: ما من نبي يقبل في بلدته. » فهل بعد شهادة المسيح لنفسه شهادة أخرى؟ وفي لوقا 7/17 قال الناس أمامه بعد أن أحيا ميتا بإذن الله «قد قام فينا نبي عظيم » وفي متى (8:9 ) بعد أن رأى الجموع معجزاته “تعجبوا ومجدوا الله الذي أعطى الناس سلطانا مثل هذا” فهل يا ترى كان الجموع يمجدون المسيح أم رب المسيح؟ والخلاصة: أن الإنجيل أو العهد الجديد، ينفي تأليه عيسى عليه السلام، ويثبت بشريته، بالرغم من فقدان النص الأصلي، وبالرغم من تعرضه للتحريف على مر التاريخ، من قبل القيمين الدينيين، والنساخ والمترجمين.
الدعاء