خطبة عن دلائل البعث بعد الموت (أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى)
مايو 7, 2022خطبة عن (ما ينبغي على المؤمن فعله)
مايو 7, 2022الخطبة الأولى ( بَشَريةُ الْمَسِيح عِيسَى ابْن مَرْيَمَ رَسُول اللَّهِ من خلال الدليل العقلي)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى في محكم آياته : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74) مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75) قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76) قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ) (73) :(77) المائدة
إخوة الإسلام
إن اعتقاد بعض أهل الكتاب من النصارى بأن المسيح (عليه السلام) هو الله ، أو هو ابن الله ، أو هو ثالثة ثلاثة هو اعتقاد فاسد ، وضلال مبين ، وقد شهدت ببطلانه الفطرة السوية ، والعقول المستقيمة ،فمن المؤكد والمعلوم لدى الجميع أن عيسى وأمه (كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ) ، وكان عيسى (عليه السلام) كأي إنسان حي ، يتبرز ويتبول ، وكان يتعب ، ويسأم، ويشتم ، ويصخب ، ويلعن ، ويسب ، ويتألم ، ويتوجع ، ويخاف ، ويصرخ ، وقد كان ينفرد فيتعبد ، ويصلي ويدعو الله تعالى ألا يمكن منه اليهود ، إلى غير ذلك من الصفات البشرية ، والانفعالات النفسية ، والإحساسات المختلفة التي يشعر بها الإنسان ،فالبشرية التي كان يضمها جسد المسيح عليه السلام ، هي التي كانت تشعر بالرغبة في الطعام والشراب ، وتحس بالحاجة إلى التبرز والتبول ، وفي أدب جم ، وعفة بالغة ، يذكر القرآن الكريم ذلك في وصف ابن مريم وأمه ، فيقول الحق تبارك وتعالى : ﴿مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ (المائدة:75) . وإننا لا نستطيع مطلقا أن نقول أن المسيح عليه السلام كان يضم جسده الآدمي ( من الروح البشرية ، والذات الإلهية) (تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا) ، فذلك مما لا يقبله العقل الذي عرفنا به الله تعالى ، واهتدينا به إلى إثبات وجوده منزها عما لا يليق به ،وكلنا يعلم أن الله تعالى واجب الوجود ، أي أن وجوده لذاته من حيث هو الله تعالى ، أي أنه قديم باق غير مركب ، ولكننا إذا نظرنا إلى المسيح عليه السلام وجدناه محض إنسان ،تذكر عنه الأناجيل المحرفة التي يؤمن بها نصارى اليوم أنه ولد في بيت لحم من مريم عليها السلام ، أي أنه أوجد كسائر البشر من عدم بقدرة الله تعالى ،الذي لا يحتاج وجوده لموجود غيره ، ثم يقول المسيحيون أنه أعدم بعد ذلك صلبا ، والله تعالى لا يطرأ عليه عدم ، وهو تعالى يصف ذاته العليا بقوله عز من قائل : ﴿هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (الحديد:3) .وقول سبحانه وتعالى : ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (الروم:27) .
ويعترف المسيحيون أن المسيح عليه السلام إنسان كامل ، أي أنه مركب من أعضاء وأنسجة وخلايا بشرية ، والمركب يحتاج إلى تقديم وجود كل جزء من أجزائه على وجود جملته ، وبما أن كل جزء من أجزائه غير ذاته ، فيكون وجود جملته محتاجة إلى وجود غيره ، والواجب الوجود كما قلنا لا يحتاج إلى وجود غيره بل هو واجب لذاته من حيث هي ، أي ليس وجوده موقوفا على الحكم بوجود كل جزء من أجزائه كالمسيح عليه السلام ، وصدق الله العظيم إذ يقول (موجها الحديث إلى أهل الكتاب من اليهود والنصارى الذي انحرفوا عن تعاليم ربهم) : ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ﴾ (المائدة:77) . وقال الشيخ الشعراوي في تفسيره لقوله تعالى : (مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) المائدة (75)، فيقول : الإنسان – كما نعرف – سيد الكون والأدنى منه يخدمه. فالإنسان يحتاج إلى الحيوان من أجل منافعه، وكذلك يحتاج إلى النبات والجماد، هذا السيد – الإنسان – يحتاج إلى الأدنى منه. والحق سبحانه وتعالى أراد أن يرد على تأليه سيدنا عيسى وسيدتنا مريم، فقال: {كَانَا يَأْكُلاَنِ الطعام} [المائدة: 75] . وهذا استدلال من أوضح الأدلة، لا للفيلسوف فحسب ولكن لكل المستويات، فماداما يأكلان الطعام فقد احتاجا إلى الأدنى منهما. والذي يحتاج إلى الأدنى منه لا يكون الأعلى ولا هو الواحد الأحد… والطعام مقوم للحياة ومعطٍ للطاقة في حركة الحياة؛ لأن الإنسان يريد أن يستبقي الحياة ويريد طاقة، والطعام أدنى من الإنسان لأنه في خدمته، فإذا ما كانا يأكلان الطعام فهما في حاجة للأدنى. وإن لم يأكلا فلا بد من الجوع والهزال. ولذلك فهما ليسا آلهة… والمسيح نفسه كان دائماً مع الله خاشعاً عابداً. والذي يعبد إنما يعبد من هو أعلى منه؛ فالإله لا يعبد ذاته) .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( بَشَريةُ الْمَسِيح عِيسَى ابْن مَرْيَمَ رَسُول اللَّهِ من خلال الدليل العقلي)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ويدلل القرآن الكريم بدليل عقلي آخر على بشرية عيسى (عليه السلام) واستحالت ألوهيته ، فقال الله تعالى : (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (101) الأنعام ، وقد أحسن ابن القيم ( رحمه الله) ، إذ يقول في أبيات تثبت بشرية المسيح عليه السلام :
أعباد المسيح لنا سؤال نريد جوابه ممن وعاه
إذا مات الإله بصنع قوم أماتوه فما هذا الإله
وهل أرضاه ما نالوه منه فبشراهم إذا نالوا رضاه
وإن سخط الذي فعلوه فيه فقوتهم إذا أوهت قواه
وهل بقي الوجود بلا إله سميع يستجيب لمن دعاه
وهل خلت الطباق السبع لما ثوى تحت التراب وقد علاه
وهل خلت العوالم من إله يدبرها وقد سمرت يداه
وكيف تخلت الأملاك عنه بنصرهم وقد سمعوا بكاه
وكيف أطاقت الخشبات حمل الإله الحق شد على قفاه
وهل عاد المسيح إلى حياة أم المحيي له رب سواه
ويا عجبا لقبر ضم ربا وأعجب منه بطن قد حواه
أقام هناك تسعا من شهور لدى الظلمات من حيض غذاه
وشق الفرج مولودا صغيرا ضعيفا فاتحا للثدي فاه
ويأكل ثم يشرب ثم يأتي بلازم ذاك هل هذا إله
تعالى الله عن إفك النصارى سيسأل كلهم عما افتراه
الدعاء