خطبة عن (احذروا عقوبات المعاصي والذنوب)
مايو 4, 2024خطبة عن (تأخر الزواج عند الشباب)
مايو 7, 2024الخطبة الأولى (تحذير للمتعاملين بالربا)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ) (278)، (279) البقرة
إخوة الإسلام
إن التعامل بالربا لهو من أكبر الكبائر، فالربا حرام كله، كثيره وقليله، بجميع أشكاله وأنواعه، وصوره ومسمياته، ولم يأذن الله تعالى في كتابه الكريم بحرب إلا للمتعاملين بالربا، فقال تعالى: (فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) (279) البقرة، فكيف يخوض العبد الضعيف حرباً ضروساً مع من له جنود السموات والأرض، إنها حرب غير متكافئة، ومن أقدم عليها من البشر فقد أهلك نفسه، وأذاقها ألم العذاب، ومرارة العقاب، وضنك العيش، في الدنيا والآخرة، فالربا حرام غليظ الحرمة، وقد ثبتت حرمته بالكتاب، والسنة، وإجماع المسلمين، لذا فقد توعد الله تعالى المتعاملين بالربا بالعقوبات العظيمة، فمن عقوبات آكل الربا والمتعاملين به، أولا: أن آكلَ الرِّبا والمتعامل به مُحاربٌ لله تعالى: قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [البقرة:278،279]، قال ابنُ عَبَّاسٍ: (يُقَالُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لآكِلِ الرِّبَا: خُذْ سِلاحَكَ لِلْحَرْبِ) رواه الطبري. ثانيا: أنه ملعونٌ: فعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ»، وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ» رواه مسلم. ثالثا: أنه مُتشبِّهٌ باليهود :قال تعالى: ﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ [النساء:160،161]. رابعا: أنه مُتشبِّهٌ بأهل الجاهلية: قال -صلى الله عليه وسلم-: (وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ) رواه مسلم. خامسا: أنه يعذب في قبره ويسبح في نهرٍ من دمٍ حتى تقوم الساعة: قال صلى الله عليه وسلم: (رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي، فَأَخْرَجَانِي إِلَى أَرْضٍ مُقَدَّسَةٍ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ وَعَلَى وَسَطِ النَّهَرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهَرِ، فَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ، فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى فِي فِيهِ بِحَجَرٍ، فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ، فَقُلْتُ مَا هَذَا؟ فَقَالَ: الَّذِي رَأَيْتَهُ فِي النَّهَرِ آكِلُ الرِّبَا) رواه البخاري. سادسا: أنه يُبعثُ يوم القيامة مجنوناً يُخنق: قال تعالى ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة:275]. سابعا: أن مالَ آكلِ الرِّبا ممحوقٌ: قال تعالى: ﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ﴾ [البقرة: 276]، وقال صلى الله عليه وسلم: (الرِّبَا وَإِنْ كَثُرَ، فَإِنَّ عَاقِبَتَهُ تَصِيرُ إِلَى قُلٍّ) رواه الإمام أحمد وصححه الذهبي، ثامنا: أن الربِّا من المهلكات: قال-صلى الله عليه وسلم-: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: «الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَتِ» رواه البخاري ومسلم. تاسعا: أن الرِّبا أعظَمُ من الزِّنا: قال -صلى الله عليه وسلم-: (الرِّبَا ثَلاثَةٌ وَسَبْعُونَ بَابًا، أَيْسَرُهَا مِثْلُ أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ أُمَّهُ) رواه الحاكم وصحَّحه ووافقه الذهبي، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (دِرْهَمٌ رِبًا يَأْكُلُهُ الرَّجُلُ وَهُوَ يَعْلَمُ، أَشَدُّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلاثِينَ زَنْيَةً) رواه الإمام أحمد وصححه الألباني، عاشرا: أن ظُهورَ الرِّبا من أسباب حلول العذاب: قال صلى الله عليه وسلم: (ما ظَهَرَ فِي قَوْمٍ الزِّنَى وَالرِّبَا إِلا أَحَلُّوا بِأَنْفُسِهِمْ عِقَابَ اللهِ) رواه أبو يعلى وجوَّد إسناده المنذري.
والناظر في شأن الأفراد والدول من المتعاملين بالربا يتبين له مدى الخراب والدمار الذي خلفه التعامل بالربا: (من الإفلاس، والكساد، والركود ، والعجز عن تسديد الديون ،وشلل في الاقتصاد، وارتفاع في نسبة البطالة، وانهيار الكثير من الشركات والمؤسسات، وجعل الأموال الطائلة تتركز في أيدي القلة من الأغنياء، وأصبح كل هم المقترضين كيف يسدد الربا، ولعل ذلك من صور الحرب التي توعد الله بها المتعاملين بالربا،
أيها المسلمون
ولا بد لكل عاقل فطن، أن يعلم أن التعامل بالربا إنما هو دسيسة ومكيدة من أعداء الله اليهود ـ قاتلهم الله ـ وذلك ليبعدوا المسلمين عن دينهم، ومما تأسف له النفوس، أن ثلة من المسلمين لا يهتم بأحكام الإسلام، وإنما يهتمون بما يدر عليهم المال، من أي طريق كان، وما ذاك إلاّ لضعف الإيمان في قلوبهم، وقلة الخوف من الله تعالى، وغلبة حب الدنيا، هذا هو الواقع المؤلم الذي آلت إليه مجتمعات الإسلام، ولنعلم أن هذه الهزائم والخسائر التي مني بها المسلمون، من بين أسبابها التعامل بالربا، وأن هذه البراكين والزلازل، وهذا الهرج والمرج، وكثرة الحوادث والأمراض، كل ذلك بما كسبت أيدي الناس، من التعامل بالربا وغيره. قال صلى الله عليه وسلم: “إذا ظهر الزنا والربا في قرية، فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله” (رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد). وقال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} الروم: (41)، وقال ابن القيم رحمه الله ” إذا ظهر الزنا والربا في قرية أُذن بهلاكها ” فبدأت المحن تتوالى والمصائب تتابع من جرّاء التعامل بالربا.
فيا من تتعامل بالربا: اتق الله، واجعل بينك وبين عذاب الله وقاية، واحذر من مكر الله، قال تعالى: (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) (99) الاعراف، فحكم عقلك ودينك وشرع نبيك، فالله تعالى يقول: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) البقرة (275)، (276) البقرة، فهم يقولون: (إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا)، فاعترضوا على الله في حكمه ورفضوا شرعه، مع علمهم بتفريق الله بين البيع والربا، وهو سبحانه العليم الحكيم، الذي لا معقب لحكمه، ولا يُسأل عمّا يفعل، وهو العالم بحقائق الأمور ومصالحها، وما ينفع عباده وما يضرهم. وفي سنن أبي دود: (عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ يَقُولُ « أَلاَ إِنَّ كُلَّ رِبًا مِنْ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ لَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ)
أيها المسلمون
ومن أهم صور التعامل بالربا، وأكثرها شيوعاً في زماننا هذا: القرض بفائدة، فيقترض شخص من آخر، أو مؤسسة أو بنك مالاً على أن يرده وزيادة، فهذا هو عين الربا الذي أجمعت الأمة على تحريمه، ومن صور الربا المحرمة: بيع العينة، وذلك أن يبيع سلعة بثمن مؤجل على شخص، ثم يشتريها منه بثمن حال أقل من الثمن المؤجل، فهذه معاملة ربوية محرمة، ففي سنن أبي داود: قال صلى الله عليه وسلم: (إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ)، ومن صور الربا المحرمة: ربا الدين، وصورته أن يبيع الرجل على آخر بيعاً إلى أجل مسمى، فإذا جاء الأجل، ولم يكن عند صاحبه قضاء، زاد في الثمن وأخر عنه في الدفع إلى أجل مسمى آخر، ومن صور الربا المحرمة: ربا النسيئة، وله صورة متعددة؛ ومنها: بيع النقود بالنقود، أو النقود بالذهب إلى أجل بزيادة، أو بيع ذلك من غير تقابض في المجلس، ولو لم يكن هناك زيادة، ففي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «لاَ تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ وَلاَ الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلاَّ وَزْنًا بِوَزْنٍ مِثْلاً بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ». ومن صور الربا: أن يُعجل الموظف استلام راتبه قبل نهاية الشهر، مقابل فائدة مالية، يسمونها عمولة البطاقة، ومن صور الربا استبدال الذهب القديم بذهب جديد، ودفع الفرق بينهما، والصحيح أن يبع القديم ويقبض ثمنه، ثم يشتري جديداً. ومن صور الربا أن يشتري ذهباً ديناً أو أقساطاً، ومن صور الربا الإيداع بفائدة، وصورته أن يضع ماله في أحد البنوك الربوية، ويعطيه البنك فائدة جراء الانتفاع بالمبلغ، وهذا حرام، وفيه تعاون على الإثم والعدوان،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (تحذير للمتعاملين بالربا)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أكل أموال الناس بالباطل، بكل الصور والمسميات: ففي صحيح البخاري: (عَنْ خَوْلَةَ الأَنْصَارِيَّةِ – رضى الله عنها – قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ «إِنَّ رِجَالاً يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، فالمال الحرام سبب لدخول النيران، والبعد عن الجنان، ففي سنن الترمذي ومسند أحمد: قال صلى الله عليه وسلم: (يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ إِنَّهُ لاَ يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلاَّ كَانَتِ النَّارُ أَوْلَى بِهِ »، يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ النَّاسُ غَادِيَانِ فَغَادٍ بَائِعٌ نَفْسَهُ وَمُوبِقٌ رَقَبَتَهُ وَغَادٍ مُبْتَاعٌ نَفْسَهُ وَمُعْتِقٌ رَقَبَتَهُ)، وأكل المال الحرام من رباً وغيره من أعظم موانع الدعاء، ألا ترى أن آكل الربا والمتعامل به يدعو الله ليلاً ونهاراً فلا يُستجاب له، ففي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) وَقَالَ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ)». ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِىَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ». فالواجب على المسلم أن يتقي الله، وأن يحاسب نفسه، وأن يحذر جميع أنواع الربا في جميع تصرفاته؛ لأن الربا من أكبر الكبائر، ومن أعظم الجرائم، ومن أقبح الموبقات.
الدعاء