خطبة عن الصحابي (حَاطِبُ بْنُ أَبِى بَلْتَعَةَ)
أكتوبر 7, 2017خطبة عن ( نسألك ربنا رضاك والجنة )
أكتوبر 7, 2017الخطبة الأولى ( تحية الإسلام : مفهومها ، وآدابها )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا) النساء (86) ،وروى في الصحيحين :(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ
« خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا ، ثُمَّ قَالَ اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ ، فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ ، تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ . فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ . فَقَالُوا السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ . فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ . .. » . وروى أحمد في مسنده :(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا انْتَهَى أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَجْلِسِ فَلْيُسَلِّمْ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ فَلْيُسَلِّمْ فَلَيْسَ الأَوَّلُ بِأَحَقَّ مِنَ الآخِرِ ». وفي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ ». قِيلَ مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَسَمِّتْهُ وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ ».
إخوة الاسلام
لقد شرع الله تعالى لنا تحية يحيي بها بعضنا بعضا ، ولتميزنا عن غيرنا، وقد رتب الشرع على فعلها الثواب، وجعلها حقاً من حقوق المسلم على أخيه المسلم ، فتحولت هذه التحية من عادة من العادات المجردة ، إلى عمل يفعله العبد المؤمن تقرباً إلى الله تعالى، واستجابة لأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، وتحية الإسلام هي السلام ، ومعنى السلام : البراءة والخلاص والنجاة من الشر والعيوب ، والسلام أيضا : اسم عظيم من أسماء الله عز وجل ، وعلى هذا ،فإنّ قول السلام عليكم : أي : هو يراقبكم ويطّلع عليكم ، فيكون فيها موعظة ،ويدخل في المعنى كذلك : نزلت عليكم بركة اسمه تعالى وحصلت عليكم . فالسلام أمان الله في الأرض، وهو تحية المؤمنين في الجنة، وتحية أهل الإسلام في الدنيا، والآخرة ، وهو طريق المحبة والتعارف بين المسلمين، ولذلك بين صلى الله عليه وسلم أنه بالسلام يحصل الود المحبة والإخاء ، وروى مسلم في صحيحه (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا. أَوَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ ». ولا يصح أن تبدل هذه التحية المباركة بعبارات أخرى لا تؤدي ما تؤديه تحية الإسلام ، وهي: ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) هذا أكملها، وأقلها: (السلام عليكم ). فهذه التحيّة المتميّزة في ألفاظها ،فهي مأخوذة من اسم الله السلام ، وهي تحية عميقة في مدلولاتها، بما تحمله من معاني الرحمة والمودّة وهي عظيمة في تأثيرها ، فأثرها واضحٌ في توثيق العلاقات ، وصفاء القلوب ، فلا عجب إذن من أن يحسدنا اليهود عليها ، فاليهود يحسُدُون المسلمين على السلام:
فقد روى ابن ماجة عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَا حَسَدَتْكُمُ الْيَهُودُ عَلَى شَىْءٍ مَا حَسَدَتْكُمْ عَلَى السَّلاَمِ وَالتَّأْمِينِ ».صحيح الجامع للألباني ، فالسلام تحية المسلمين، ولا يصح أن نبدلها بغيرها من الألفاظ، مثل: (صباح الخير) أو (نهارك سعيد) ،ففي الصحيحين : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا ، ثُمَّ قَالَ اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ ، فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ ، تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ . فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ . فَقَالُوا السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ . فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ . .. » . والسلام تحية الملائكة للمؤمنين فى الجنة ، قال الله تعالى : { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ{23} سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} الرعد 23 ،24 . والأعظم من هذا أن السلام تحية الله سبحانه وتعالى لأهل الجنة مكافأة لهم على إيمانهم وطاعتهم لله ، قال الله تعالى : {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً } الأحزاب44
أيها المسلمون
وقد أمرنا الله تعالى بإفشاء السلام، فقال سبحانه : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا } [النور: 27]. وقال تعالى:{ فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} [النور: 61]. كما حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على إلقاء السلام فقد روى أحمد في مسنده (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا انْتَهَى أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَجْلِسِ فَلْيُسَلِّمْ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ فَلْيُسَلِّمْ فَلَيْسَ الأَوَّلُ بِأَحَقَّ مِنَ الآخِرِ ». ويجب على من أُلقي عليه السلام أن يرد السلام ، وذلك لأن المسلم قد أعطاك الأمان فواجب عليك إعطاؤه الأمن والسلامة مقابل ذلك وكأنه يقول لك : أعطيك الأمان والسلامة والأمن ، فكان لا بد من إعطائه نفس الأمان والسلامة ،حتى لا يظن ولا يدخل في نفسه أن من سلّم عليه قد يغدر به ،أو أنه هاجر له ،ولذلك فقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن الهجرة بين المتهاجرين يقطعها السلام ، ففي الصحيحين (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِى يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ ». والسلام حق من حقوق المسلم على أخيه المسلم، ففي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ ». قِيلَ مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَسَمِّتْهُ وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ ». وسئل صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قَالَ « تُطْعِمُ الطَّعَامَ ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ » [متفق عليه]. وعلى المسلم أن يرفع صوته بالسلام، ويتلفظ بكلماته ويجوز له أن يشير بيده مع السلام إن كان من يسلم عليه بعيدًا عنه، ولا يسمع صوته. ومن السنة أن يبادر المسلم إخوانه بالتحية والسلام قبل أن يتكلم؛ لأن من يبدأ بالسلام هو الأفضل عند الله، فإن الرجل إذا سلَّم على القوم فردُّوا عليه، كانت له عليهم فضل درجةٍ؛ لأنه ذكَّرهم السلام، وإن لم يُرَدَّ عليه، رد عليه من هو خيرٌ منه وأطيب” (يعنى الملائكة)؛ صحيح الأدب المفرد للألباني . وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ ، وَالْمَارُّ عَلَى الْقَاعِدِ ، وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ » [ رواه البخاري]. وفي سنن الترمذي وغيره (عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ. قَالَ قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « عَشْرٌ ». ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « عِشْرُونَ ». ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « ثَلاَثُونَ ». ومن تمام التحية أن يصافح المسلم أخاه، ففي سنن الترمذي وغيره (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلاَّ غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا ». وإذا أمكن له أن يبتسم في وجهه، فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
« تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ ) [الترمذي]. وقد اعتاد كثيرٌ من المسلمين على إلقاء السلام على المعارف فقط، وهذا مخالفٌ لسنَّة نبينا صلى الله عليه وسلم، الذي حثنا على إلقاء السلام على مَن نعرفه ومَن لا نعرفه مِن المسلمين.
روى الشيخانِ (أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – أَيُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ قَالَ « تُطْعِمُ الطَّعَامَ ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ »
أيها المسلمون
ومِن السنَّة: إلقاء السلام على الأطفال؛ لأن ذلك يغرس في نفوسهم شِعار الإسلام منذ الصغر، فيعتادون على ذلك في باقية حياتهم. وروى مسلم (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَرَّ عَلَى غِلْمَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ). ومِن السنَّة أن يبدأ المسلم بإلقاء السلام قبل أن يستأذن على أخيه المسلم. فعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَتَى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ فِى مَشْرُبَةٍ لَهُ فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَيَدْخُلُ عُمَرُ.) رواه أبو داود ،ومِن السنَّة أن يسلِّم المسلم على الأموات عند زيارة المقابر، ويدعوَ لهم بالرحمة : فقد روى مسلمٌ عن بريدة، قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُعَلِّمُهُمْ إِذَا خَرَجُوا إِلَى الْمَقَابِرِ فَكَانَ قَائِلُهُمْ يَقُولُ – فِى رِوَايَةِ أَبِى بَكْرٍ – السَّلاَمُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ – وَفِى رِوَايَةِ زُهَيْرٍ – السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَلاَحِقُونَ أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ. كما يجوز إلقاء السلام على النساء من غير المحارم، بشرط ألا يترتب على ذلك فتنة، وروى ابن ماجة : (أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ قَالَتْ مَرَّ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِى نِسْوَةٍ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا). كما يُسَنُّ تبليغ السلام للآخرين من المسلمين الغائبين ؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسلِّم بنفسه على من يواجهه، ويحمل السلام لمن يريد أن يسلم عليه من الغائبين.
روى البخاري (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلاَمَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّى ، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ ، لاَ صَخَبَ فِيهِ وَلاَ نَصَبَ ) وروى البخاريُّ : ( إِنَّ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَوْمًا « يَا عَائِشَ ، هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلاَمَ » . فَقُلْتُ وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، تَرَى مَا لاَ أَرَى . تُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – وتجوز التحية على المخالفين في الدين ، ونلقى عليهم السلام فنقول : ( السلام على من اتبع الهدى ) ، ففي رسالته إلى عظيم الروم: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ . سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى) رواه البخاري
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( تحية الإسلام : مفهومها ، وآدابها )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن آداب السلام : عدم تخصيص أحد من الجالسين بالسلام: فإن هذا من شأنه يوغر صدور الجالسين، ويزرع البغض والحقد ،ومن آداب السلام : أن يلقى السلام برفق ولين وخفض صوت على قوم فيهم نيام ،بحيث لا يُقلقهم ولا يوقظهم، وفي هذا أدب نبويٌ رفيع، حيث يُراعى فيه حال النائم فلا يكدر عليه نومه، وفي الوقت نفسه لا تفوته فضيلة السلام ، ومن آداب السلام : استحباب تكرار السلام ثلاثاً، إذا كان الجمع كثيراً، أو شُك في سماع المُسَّلم عليه. فعَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلاَثًا حَتَّى تُفْهَمَ عَنْهُ ، وَإِذَا أَتَى عَلَى قَوْمٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثَلاَثًا ) رواه البخاري . ومن آداب السلام : الجهر بإلقاء السلام وكذلك الرد: لقد كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في السلام أن يرفع صوته بالسلام، وكذلك في الرد، فلا يحصل بالإسرار الأجر؛ إلا ما استثني.
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ { إذَا سَلَّمْت فَأَسْمِعْ فَإِنَّهَا تَحِيَّةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ }
قَالَ النَّوَوِيُّ : أَقَلُّهُ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالسُّنَّةِ فَإِنْ شَكَّ اسْتَظْهَرَ . ومن آداب السلام : استحباب السلام عند دخول البيت. وذلك إذا كان مسكوناً، فإذن كان البيت خالياً، فقد استحب بعض أهل العلم من الصحابة وغيرهم أن يسلم الرجل على نفسه إن كان البيت خالياً. فعَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ إِذَا دُخِلَ الْبَيْتُ غَيْرُ الْمَسْكُونِ يُقَالُ السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ) الموطأ لمالك. ومن آداب السلام :: رد السلام على من حمل إليه السلام والمحمول إليه: ففي مسند أحمد: (سَمِعْتُ غَالِباً الْقَطَّانَ يُحَدِّثُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِى نُمَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ إِنَّ أَبِى يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « عَلَيْكَ وَعَلَى أَبِيكَ السَّلاَمُ » ومن آداب السلام : تقديم تحية المسجد على السلام على من بالمسجد: فالداخل للمسجد يستحب له أن يقدم تحية المسجد قبل تحية أهلها، وفي حديث المسيء في صلاته ما يدل لذلك.
الدعاء