خطبة عن قوله تعالى (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)
أكتوبر 13, 2018خطبة عن (سلامة القلب والصدر) من أخلاق المسلم
أكتوبر 13, 2018الخطبة الأولى ( تدبر القرآن والعمل به )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته :(كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) (29) ص ،وقال الله تعالى 🙁كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (4) وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ) (3): (5) فصلت ، وروى مسلم في صحيحه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ )
إخوة الاسلام
لقد أنزل الله تعالى القرآن شرعًا للعباد، ومنهجًا يحتذون طريقه، ونورًا مبينًا.. والعمل بكتاب الله تعالى هو أصل كلِّ سعادة؛ فلن يسعد الخلق إلاَّ إذا عملوا بكتاب ربهم تبارك وتعالى، كما أنَّ ترك العمل بكتاب الله تعالى أصل كلِّ شقاء ، قال الله تعالى : “قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى” [طه: 123، 126] . ولقد كان العمل بالقرآن هو ديدن السلف الصالح وشعارهم في هذه الدنيا؛ فسعدوا بذلك ، وجعل الله لهم التمكين والثبات في الحياة الدنيا، والفوز والفلاح في الآخرة ،والعمل بالقرآن: هو تصديق أخباره، واتباعِ أحكامه، بفعل جميع ما أمر الله به، وتركِ جميعَ ما نهى الله عنه؛ ولهذا سار السلف الصالح على ذلك رضي الله عنهم، فكانوا يتعلمون القرآن، ويطبقون أحكامه تطبيقًا عن عقيدة راسخةٍ، قال أبو عبدالرحمن السُّلمي رحمه الله حدثنا الذين كانوا يقرؤننا القرآن: عثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وغيرهما رضي الله عنهم: أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يتجاوزوها، حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن، والعلم، والعمل جميعًا، وفي صحيح البخاري : (عن سَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبٍ – رضى الله عنه – قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ لأَصْحَابِهِ « هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رُؤْيَا » . قَالَ فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُصَّ ، وَإِنَّهُ قَالَ ذَاتَ غَدَاةٍ « إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي ، وَإِنَّهُمَا قَالاَ لِي انْطَلِقْ . وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا ، وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِى بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ ، فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ فَيَتَهَدْهَدُ الْحَجَرُ هَا هُنَا ، فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ ، فَلاَ يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى . قَالَ قُلْتُ لَهُمَا سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ قَالَ قَالاَ لِي انْطَلِقْ – ” فذكر الحديث وفيه: (قَالَ قُلْتُ لَهُمَا فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا ، فَمَا هَذَا الَّذِى رَأَيْتُ قَالَ قَالاَ لِي أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ ، أَمَّا الرَّجُلُ الأَوَّلُ الَّذِى أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ…) الحديث ، وروى الطبراني عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: “القرآن شافع مشفّع فمن جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار” والمعنى من عمل بما فيه ساقه إلى الجنة، ومن تركه وغفل عنه وأعرض ساقه إلى النار ،وفي صحيح مسلم قَالَ عُمَرُ أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ قَالَ « إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ ».
أيها المسلمون
إن قيمة القرآن الحقيقية في قدرته على التغيير وهذا بلا شك يستدعي فهم معانيه والتأثر بها والعمل بمقتضاها .. يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ” لا يغرركم من قرأ القرآن إنما هو كلام نتكلم به، ولكن انظروا من يعمل به” .وإذا أردنا مثالًا لطريقة الصحابة في قراءة القرآن فإليك هذا الأثر:فعن أبي ذئب – رحمه الله – عن صالح قال: “كنت جارًا لابن عباس – رضي الله عنهما – وكان يتهجد من الليل فيقرأ الآية ثم يسكت قدر ما حدثتك، وذلك طويل، ثم يقرأ، قلت: لأي شيء فعل ذلك؟ قال: من أجل التأويل، يفكر فيه ” . ويقول عباد بن حمزة: “دخلت على أسماء رضي الله عنها وهي تقرأ : {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} (الطور:27). فوقفت عندها تعيدها وتدعو، فطال علىَّ ذلك فذهبت إلى السوق، فقضيت حاجتي وهي تعيدها وتدعو بها” . إذن فليس معنى الانشغال بالقرآن هو كثرة قراءته باللسان دون تدبر معانيه بالعقل، أو تحريك القلب به، فهذا إن حدث فلن يحقق مقصود القرآن، وما نزل من أجل تحقيقه. قيل للسيدة عائشة – رضي الله عنها – إن أناسًا يقرأ أحدهم القرآن في ليلة مرتين أو ثلاثًا فقالت: (قرءوا ولم يقرءوا، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم ليلة التمام فيقرأ البقرة وسورة آل عمران وسورة النساء، لا يمر بآية فيها استبشار إلا دعا الله تعالى ورغب، ولا يمر بآية فيها خوف إلا دعا واستعاذ” . وعندما قال رجل لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إني لأقرأ المفصَّل في ركعة، فقال عبد الله: ” هذًّا كهذّ الشعر؟ إن أقوامًا يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه، نفع”. ويعلق النووي في شرحه لصحيح مسلم على قول ابن مسعود فيقول: ” معناه أن قومًا ليس حظهم من القرآن إلا مروره على اللسان، فلا يجاوز تراقيهم ليصل إلى قلوبهم، وليس ذلك هو المطلوب، بل المطلوب تعقله وتدبره بوقوعه في القلب” .لقد تعامل الصحابة مع القرآن على حقيقته ككتاب هداية وشفاء وتغيير وتقويم، لذلك لم يكن همُّهم منصبًا على سرعة الحفظ أو قراءة أكبر قدر من آياته ولم يكن من بينهم الكثير من الحفاظ، مع شدة انشغالهم وتفرغهم للقرآن .. لماذا؟ لأن شغلهم الشاغل كان منصبًّا على العمل به والتغيير من خلاله. لقد ذاقوا حلاوة الإيمان من خلال هذا الكتاب، فشغلهم ذلك عن حفظه، مع أهمية الحفظ كوسيلة يتيسر من خلالها تلاوة القرآن في أي وقت. يقول الحسن البصري رضي الله عنه: ” إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تُوفي وما استكمل حفظ القرآن من أصحابه رضوان الله عليهم إلا النفر القليل، استعظامًا له، ومتابعة لأنفسهم بحفظ تأويله والعمل بمحكمه ومتشابهه” ،وفي هذا يقول ابن مسعود: “إنا صعب علينا حفظ ألفاظ القرآن، وسهل علينا العمل به، وإن من بعدنا يسهل عليهم حفظ القرآن، ويعصب عليهم العمل به”. فإن قلت: ولماذا كان يصعب عليهم حفظ القرآن مع أنهم عاصروا نزوله خلال ثلاثة وعشرين عامًا، وهم أهل اللغة العربية وأولى الناس به؟! فالجواب .. نعم، من الطبيعي أن يكونوا أكثر الناس حفظًا للقرآن ولكنهم لم يكونوا كذلك لأن اهتمامهم الأكبر كان منصبًا على العمل بالقرآن، وبخاصة أنهم أدركوا أن أهل القرآن هم أهل اتِّباعه، فإن صاحَبَ ذلك حفظ حروفه فذالك فضل من الله ونعمة قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: “من جمع القرآن فقد حمل أمرًا عظيمًا، فقد أدرجت النبوة بين كتفيه، غير أنه لا يوحى إليه والذي يؤكد على هذا المعنى أن الكثير من أكابر الصحابة قد ماتوا ولم يستكملوا حفظ القرآن .. أخرج ابن سعد في طبقاته عن محمد بن سيرين قال: “قُتل عمر ولم يجمع القرآن” ويقول ابن عمر رضي الله عنهما: ” كان الفاضل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر هذه الأمة لا يحفظ من القرآن إلا سورة أو نحوها، ورزقوا العمل بالقرآن، وإن آخر هذه الأمة يرزقون القرآن، منهم الصبي والأعمى، ولا يرزقون العمل به”
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( تدبر القرآن والعمل به )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ولا ينبغي أن تفهم هذا الكلام على أنه دعوة لإهمال الحفظ، بل المقصد منه أن يراجع كل منا نفسه في طريقة تعامله مع القرآن، وأن يأتي أمره من أوله وليس من آخره، فأول أمر القرآن هو الانتفاع بمعجزته العظمى في الهداية والشفاء والتغيير، وما القراءة أو الحفظ إلا وسائل مساعدة لهذا الانتفاع، ومن الخطأ بمكان أن نجعل الوسائل المساعدة غايات مقصودة فيكون همنا قراءة أكبر قدر من آياته لا نجد فيه أي تغيير إيجابي ينتج من حفظ القرآن أو كثرة قراءته باللسان، فالقرآن ليس شربة ماء نشربها سريعًا لنرتوي، بل قول ثقيل يحتاج إلى روِّية وتأنِّ في تلاوته، وفي حفظه كذلك .. بل أشد، وهذا ما كان عليه الصحابة – رضوان الله عليهم – وهم أهل القرآن الحقيقيون، ومن أَوْلى الناس به ..يقول أبو عبد الرحمن السُلمي أحد تلامذة الصحابة: “إنما أخذنا القرآن من قوم أخبرونا أنهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يجاوزهن إلى العشر الأُخَر حتى يعلموا ما فيهن من العمل، فتعلمنا العلم والعمل جميعًا وإنه سيرث القرآن من بعدنا قوم، يشربونه شرب الماء لا يجاوز هذا وأشار إلى حنكه” وإليك مثالا عجيبًا لذلك: فقد روى الإمام أحمد (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَأُصِيبَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَافِلاً وَجَاءَ زَوْجُهَا وَكَانَ غَائِباً فَحَلَفَ أَنْ لاَ يَنْتَهِىَ حَتَّى يُهَرِيقَ دَماً فِي أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- فَخَرَجَ يَتْبَعُ أَثَرَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَنَزَل النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- مَنْزِلاً فَقَالَ « مَنْ رَجُلٌ يَكْلَؤُنَا لَيْلَتَنَا هَذِهِ ». فَانْتَدَبَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالاَ نَحْنُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « فَكُونُوا بِفَمِ الشِّعْبِ ». قَالَ َكَانُوا نَزَلُوا إِلَى شِعْبٍ مِنَ الْوَادِي فَلَمَّا خَرَجَ الرَّجُلاَنِ إِلَى فَمِ الشِّعْبِ قَالَ الأَنْصَارِيُّ لِلْمُهَاجِرِيِّ أَيُّ اللَّيْلِ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ أَكْفِيَكَهُ أَوَّلَهُ أَوْ آخِرَهُ قَالَ اكْفِنِي أَوَّلَهُ . فَاضْطَجَعَ الْمُهَاجِرِيُّ فَنَامَ وَقَامَ الأَنْصَارِيُّ يُصَلِّى وَأَتَى الرَّجُلُ فَلَمَّا رَأَى شَخْصَ الرَّجُلِ عَرَفَ أَنَّهُ رَبِيئَةُ الْقَوْمِ فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ فَوَضَعَهُ فِيهِ فَنَزَعَهُ فَوَضَعَهُ وَثَبَتَ قَائِماً ثُمَّ رَمَاهُ بِسَهْمٍ آخَرَ فَوَضَعَهُ فِيهِ فَنَزَعَهُ فَوَضَعَهُ وَثَبَتَ قَائِماً ثُمَّ عَادَ لَهُ بِثَالِثٍ فَوَضَعَهُ فِيهِ فَنَزَعَهُ فَوَضَعَهُ ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ ثُمَّ أَهَبَّ صَاحِبَهُ فَقَالَ جْلِسْ فَقَدْ أُوتِيتَ. فَوَثَبَ فَلَمَّا رَآهُمَا الرَّجُلُ عَرَفَ أَنْ قَدْ نَذِرُوا بِهِ فَهَرَبَ فَلَمَّا رَأَى الْمُهَاجِرِيُّ مَا بِالأَنْصَارِيِّ مِنَ الدِّمَاءِ قَالَ سَبْحَانَ اللَّهِ أَلاَ أَهْبَبْتَنِي. قَالَ كُنْتُ فِي سُورَةٍ أَقْرَؤُهَا فَلَمْ أُحِبَّ أَنْ أَقْطَعَهَا حَتَّى أُنْفِذَهَا. فَلَمَّا تَابَعَ عَلَىَّ الرَّمْيَ رَكَعْتُ فَأُرِيتُكَ وَايْمُ اللَّهِ لَوْلاَ أَنْ أُضَيِّعَ ثَغْراً أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِحِفْظِهِ لَقَطَعَ نَفْسِى قَبْلَ أَنْ أَقْطَعَهَا أَوْ أُنْفِذَهَا ). إنها حلاوة الإيمان، وخشوع القلب، ولذة القرب الحقيقي من الله، والشعور بالتغيير الذي يحدث لهم كلما رددوا الآية التي تحركت معها قلوبهم .. فهل من يعيش في هذه الأجواء، ويرى النور بعينه، يعود إلى الوراء، ويستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، فيقرأ القرآن بلسانه وهو غافل عنه؟! من هنا ندرك أهمية القرآن كمنهج أساسي للتغير الذي حدث لجيل الصحابة رضوان الله عليهم
الدعاء