خطبة عن ( كيف نربي أبناءنا على الفطرة الإيمانية السليمة)
يونيو 18, 2017خطبة عن ( من أدب الحديث في الإسلام)
يونيو 18, 2017الخطبة الأولى (أهمية تربية الاولاد في الاسلام )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله هو خير الخلق وحبيب الحق ورحمة الله للخلق أجمعين .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الحق تبارك وتعالى في محكم آياته : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ التحريم (6) ،ويقول سبحانه : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) الاحزاب 72 ،ويقول سبحانه 🙁يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) الانفال 27 ، 28
أيها الموحدون
من الأمانات التي حملنا بها ،وأمرنا بأدائها ،حسن تربية الأولاد ،وتخلقهم بأخلاق الدين ،حتى يسعدوا في دنياهم واخراهم، وحتى نسعد بهم نحن في الدنيا والآخرة يقول سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ) التحريم 6، قيل في تفسيرها :( علموا أهليكم الخير ) و (اوصوا أنفسكم وأهليكم بتقوى الله ،وأدبوهم) ،والأولاد ذكورا كانوا أو إناثا هم فتنة واختبار وامتحان لنا لينظر الله سبحانه وتعالى حفظنا أم ضيعنا ،حققنا الأهداف أم أخفقنا كما قال سبحانه 🙁وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) الانفال 28، فأولادنا فتنة وامتحان لنا ، بسببهم قد ندخل الجنة وبسببهم قد ندخل النار ، ولذا يقول صلى الله عليه وسلم كما في صحيح ابن حبان (عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو ابنتان أو أختان فأحسن صحبتهن واتقى الله فيهن دخل الجنة ) ،وفي رواية 🙁قال صلى الله عليه وسلم من ابتلى بشيء من هذه البنات فأحسن صحبتهن كن له سترا من النار ) ، وفي سنن البيهقي : (وَهْبَ بْنَ جَابِرٍ يَقُولُ : شَهِدْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العاص رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَتَاهُ مَوْلًى لَهُ فَقَالَ : إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُقِيمَ هَذَا الشَّهْرَ هَا هُنَا يَعْنِى رَمَضَانَ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ:هَلْ تَرَكْتَ لأَهْلِكَ مَا يَقُوتُهُمْ؟ فَقَالَ : لاَ. قَالَ : أَمَّا لاَ فَارْجِعْ فَدَعْ لَهُمْ مَا يَقُوتُهُمْ فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ :« كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ »، وفي صحيح مسلم : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ ».وكما يضيع المرء من يعوله بحبس القوت فقد يضيعهم أيضا بعدم التربية أو في العلم أو في الطاعات والعبادات أو في العدل والنصح ، وغيرها ومن ضيع أبناءه أصبح غاشا لهم ومن غش رعيته وأولاده فمصيره إلى النار ،كما في صحيح مسلم :(إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يَسْتَرْعِى اللَّهُ عَبْدًا رَعِيَّةً يَمُوتُ حِينَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لَهَا إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ ».فيا من قصرت في تربية أولادك وبناتك أنت غاش لرعيتك فاحذر من النار ،واحذر من القصاص حين أمام الله كل من ظلمتهم ولو كانوا أولادك ، فيقولون: ( يا ربنا خذ لنا حقنا من هذا الظالم الذي ضيعنا في الحياة الدنيا )
أيها المسلمون
أولادنا هم شباب هذه الأمة الإسلامية ،فاذا قصرنا في تربيتهم ، واهملنا في توجيه سلوكهم ، فقد عرضنا هذه الأمة للذل والهوان ،وكنا سببا في ضياع أمة الاسلام ، بل كنا سببا في أن ينتصر الباطل على الحق ، والكفر على الإيمان ،ويعلو الظلم على العدل ،نعم ، كل ذلك بسبب إهمالنا في تربية أولادنا ، أما إذا أحسنا أدبهم وربيناهم على خلق الاسلام ،كانوا جنودا لله ، وفرسانا للدين ، بهم تحرر المقدسات ،وتسترد الحقوق ،وعلى أيديهم تفتح البلاد ،ويحرر العباد فتنهض الأمة ،وتنتشر رسالة الاسلام ، فأنت أيها الأب المسلم ،وأيتها الأم المسلمة بتربيتك لأولادك اليوم ،تصنع رجال الغد ،وأمهات المستقبل ،وتكون سببا في نصرة هذا الدين ،وأنت تحت التراب دفين ،فتكتب لك الحسنات وتمحى عنك السيئات ،وترفع لك الدرجات ،وأنت في قبرك ، لأنك كنت سببا في تربية هذا الجندي من جنود الاسلام في كل المجالات
أيها الموحدون
الأولاد المؤمنون ، والذرية الصالحة كانت أمنية الرسل جميعا ، ليكونوا جندا من جنود الله في أرض الله ،ويكونوا سببا في إعلاء كلمة ( لا إله إلا الله ) ويكونوا لهم سببا في دخول الجنة يوم نلقى الله، فعلى لسان سيدنا زكريا ،يقول سبحانه : (رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ) آل عمران 38 ،وعلى لسان سيدنا إبراهيم وولده إسماعيل يقول سبحانه :(رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ ) البقرة 128 ،وعلى لسان صفوة عباده الصالحين يقول سبحانه :(رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) الفرقان 74 ، وفي الصحيحين : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ – رضى الله عنهما – أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فَالإِمَامُ رَاعٍ ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهْىَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا ، وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ »قَالَ فَسَمِعْتُ هَؤُلاَءِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – وَأَحْسِبُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « وَالرَّجُلُ فِي مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (أهمية تربية الأولاد في الاسلام)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله هو خير الخلق وحبيب الحق ورحمة الله للخلق أجمعين .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
تربية الأولاد مسئوليتنا جميعا ، الآباء والأمهات والمربون ووسائل الاعلام والعلماء الكل يشارك في التربية ، فالطفل حين يولد من بطن أمه ،يولد على الفطرة ، على فطرة الله التي فطر الناس عليها ،على فطرة الإيمان والطباع السوية ، لكن من الذي يغير هذه الفطرة ؟ ومن الذي يلوث هذا النقاء وهذا الطهر؟ ،فأقول ،نحن البشر نحن الذين نتعامل مع هذا الطفل ، فنحول الإيمان كفرا ، والصدق كذبا ، والعدل ظلما وعدوانا ،والعفة والحياء فحشا وخسرانا ، والدليل على ذلك قوله تعالى (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ) الروم 30 ، أي : لا تبدلوا خلق الله ، ولا تغيروا الناس عن فطرتهم التي فطرهم الله عليها كما في البخاري (فَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – كَانَ يُحَدِّثُ قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ » . ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – ( فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) الآيَةَ)
أيها الموحدون
هكذا يبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أننا نحن جميعا من آباء وأمهات بل والمجتمع كله نحن الذين نشكل شخصية أبنائنا ،ونحن الذين نغرس فيهم القيم والطباع والأخلاق ( طيبة كانت أم خبيثة ) وما أجمل قول من قال
مشى الطاووس يوما باعوجاج فقلد شكل مشيته بنوه
فقال علام تختالون فقالوا بدأت به ونحن مقلدوه
فخالف سيرك المعوج واعدل فإنا إن عدلت معدلوه
أما تدري أبانا كل فرع يجاري بالخطى من أدبوه
وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه
إخوة الإسلام
وإذا كانت تربية الأبناء بهذه الأهمية وتلك الخطورة ، فكيف نربي أبناءنا لنرضي ربنا ؟ ذلك ما سوف نتناوله في اللقاء القادم إن شاء الله
الدعاء